|
الحزب الشيوعي العراقي وإحداث كركوك في الوثائق البريطانية
سيف عدنان ارحيم
الحوار المتمدن-العدد: 4808 - 2015 / 5 / 16 - 01:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اختلفت الروايات التاريخية عن الاسباب الواقعية وراء حوادث كركوك التي وقعت في الرابع عشر من تموز 1959 فتبادلات التهم بين اليمين واليسار وبين شركات النفط الاجنبية العاملة في العراق وعن دور للكرد في تلك الحوادث التي جرت فالكثيرون يوعزون التهم للشيوعيين بأنهم وراء تلك الحوادث ومن بينهم رئيس الوزراء والمقرب من الشيوعيين عبدالكريم قاسم . فتشير الوثيقة البريطانية المرقمة(140921/371) الصادرة في 12 آب 1959 الموضوع "الوضع الداخلي قي العراق الاضطرابات في كركوك محضر جلسة الدائرة الشرقية/وزراة الخارجية:تقرير المستر كوبلاند المستشار السياسي في شركة غولف يوريببيا الخليج واروبا"،أشار في تقريره عن تصور ما قبل احداث كركوك ومحاولات الشيوعيين للسيطرة الكاملة على الحكم ولكن بطريقة تدريجية،حيث هناك دلائل تشير الى ان الشيوعيين بدؤوا يؤمنون باحداث تغيير جذري للسيطرة على الحكم. ومن جانب الحكومة العراقية فأنها لا تنظر الى احداث كركوك كمسالة محلية بحته وإنما كاختبار لمجى مقاومة نظام قاسم للتحدي الشيوعي،لأن قاسم اكتشف مؤامرات أخرى في مناطق مختلفة من العراق ذات علاقة بالوضع في كركوك واضطر الى اتخاذ إجراءات وقائية لحماية النظام،ولكن يبدو وجود تحد كبير على الحكم في العراق مصدره ليس الحزب الشيوعي فقط بل أنصاره غير المنتظمين والذين يسميهم التقرير "أشباه الشيوعيين"،لايستطيع الحزب الشيوعي السيطرة عليهم أو الحيلولة دون تورطهم في مواجهات غير حكيمة مع الحكومة كما حدث في كركوك. فيشير التقرير ان الحزب الشيوعي العراقي كانت له اهداف آنية بعيدة عن الصدامات مع هذا الطرف وذاك لكون هدفهم يكمن في: 1- اكمال السيطرة التامة على فصائل المقاومة الشعبية وضبط تصرفات أفرادها ووضع حد لأعمالهم التي أثارت سخط الجماهير ضد الشيوعيين. 2- محاولة فرض السيطرة على أنصار الحزب الشيوعي غير المنظمين"أشباه الشيوعيين"،وذلك من أجل تعبئتهم ليكونوا دعماً لأهداف سياسات الحزب الشيوعي العراقي والحيلولة دون الاقدام على إجراءات عفوية قد تفسد مخططات الحزب الشيوعي في العراق. 3- الاستمرار في سياسة الاحتواء الحالية لنظام قاسم وذلك من خلال التسلل الى المناصب الهامة في الحكومة والجيش خاصة الضباط الصغار في الجيش وتجنب أي مواجهة مع الحكومة قد يؤدي الى وقف هذه العملية. وان حاول الشيوعيين توجيه تحد قوي الى قاسم في كركوك من اجل تحقيق مطالبهم فيشير التقرير "ان قاسم لم يرفض لحد الان أي مطلب جدي للشيوعيين ولم يقدم الشيوعيين أية مطالب جدية الى قاسم ماعدا التي نلحظها في افتتاحيات الجرائد الشيوعية العراقية الداعية الى إشاعة القيم الشيوعية في الحكم والمجتمع،إضافة الى الارتباط القوي بين قاسم والشيوعيين الذين يعملون في ضوء استراتيجية احتواء نظام قاسم وأن وضع السوفيت حلفاء قاسم والشيوعيين في العراق حالياً أحسن من أي وقت مضى. ويشير التقرير انه استقى معلوماته من عدة روايات منها المصادر الغربية والتركية واللبنانية والمصرية والعراقية،حيث يدعي التركمان أنهم قبل عشرة ايام من وقوع الاضطرابات كانوا يشعرون بوجود مؤامرة تحبك في الخفاء ضدهم وأن هذا الادعاء مبني على: 1-قيام رئيس البلدية والمدعو برزنجي بخزن الكثير من العتاد العسكري من ملابس عسكرية وأسلحة. 2-اخبر برزنجي بعض اصدقائه بضرورة مغادرة كركوك قبل 14 تموز وذلك لأن امراً ما سيحدث في ذلك اليوم داخل المدينة. واثناء مسيرة 14 تموز سارت عدة مظاهرات تأييداً للثورة واشترك فيها الكرد والتركمان وكان من بين المتظاهرين عدد كبير من المليشيات عرفوا فيما بعد بكونهم شيوعيين ولكن ليس هناك اثبات يؤكد كونهم أعضاء رسميين في الحزب الشيوعي بالرغم من شعاراتهم الشيوعية. بدأ اول مؤشر للمواجهة في الساعة الرابعة من مساء يوم 14 تموز وبالتحديد حين اقتربت بعض العجلات العسكرية التي كانت تحمل مكبرات الصوت وتبث في الوقت ذاته شعارات مهينة للتركمان،وكان الأفراد داخل هذه العربات ينادون أيضاً بشعارات لصالح الجبهة الوطنية التي طرحت من قبل الشيوعيين،فتشير المصادر التركمانية إن هذه الإهانات أجبرت التركمان على الانسحاب من المسيرة،في حين تشير الأخرى أن الجماهير التركمانية حاولا قلب العجلات التي تحمل مكبرات الصوت المهينة بحقهم،ويؤد مراقبون للإحداث أنه بعد ساعتين توقفت مكبرات الصوت عن بث الشعارات المعادية للتركمان وبدأت تنادي بشعارات تؤكد على كون الجميع أخوة وأن من حق الأقليات ان يكون لهم الدور نفسه في المسيرات والاحتفالات. في حين يشير أخرون ان بداية اطلاق النار قد وقع في الساعة السابعة من مساء اليوم حين حاول مجموعة من الكرد المدنيين وليس هناك دليل قاطع على كونهم ينتمون للحزب الشيوعي العراقي ام لا بالهجوم على عثمان صاحب مقهى 14 تموز وهو من التركمان وطالبوه بإزالة بعض الشعارات التي كانت مرفوعة في المقهى وبعد ان ازال الشعارات عادوا مجدداً وقاموا بقتله وسحلوا جثته. وفي الوقت ذاته بعد تطور الاحداث هاجمت قوات من المقاومة الشعبية مركز شرطة امام قاسم واستولت على العتاد والسلاح الموجودين فيه وانضم جماعة من الكرد الى المهاجمين وشاركوا في سلب ونهب ممتلكات التركمان. واصدر العقيد محمود عبدا لرزاق قائد الفرقة الثانية تعليمات الى القوات العسكرية بفرض الامن والنظام لكن على ما يبدو ان القوة الحقيقية والمهيمنة في كركوك هي للكرد وللمقاومة الشعبية فحالت تلك التعليمات من فرض السيطرة على الوضع. وفي الساعة الحادية عشرة من مساء اليوم ذاته فرضت قوات المقاومة الشعبية والجنود المتمردون من الكرد حظراً للتجوال داخل المدينة والتي انضكت الى الجماعات الكردية التي بدأت تنهب ممتلكات التركمان من المحلات والمتاجر والبيوت في الأحياء التركمانية استمر هذا الحال حتى الساعة الثالثة صباحاً حيث اقتحم بعص المسلحين من أفراد المقاومة الشعبية والشيوعيين بيوت وجعء التركمان من أمثال خيرالله وتم قتل هولاء وسحلهم خلف سيارة جيب عسكرية. ونتيجة تازم الاحداث في كركوك وصلت تعزيزات عسكرية لإعادة الامن والنظام الى كركوك من القوات المرابطة في جلولاء ومعسكر الرشيد ومن معسكر المسيب وقامت هذه القوات بتقييم الوضع حال وصولها في صبيحة 16 تموز حيث اكتشفت ان كثيراً من الجنود والضباط والمراتب خاصة الكرد قد هربوا من وحداتهم لكونهم شاركوا بإعمال الشغب ورغم ان قاسم ادان الاحداث لكنه لم يوجه الانتقاد للشيوعيين بالاسم ولكنه أشار أثناء محادثاته السرية مع الدبلوماسيين العرب بما أسماه بـ"أنصاف الشيوعيين". أما الرواية التي تشير الى دور شركة النفط العراقية-الانكليزية العاملة في كركوك فالتقرير يحاول ان ينأى بأي دور للشركة في تأجيج الوضع في كركوك وأن لحراس الشركة دور في تلك الاحداث فيشير التقرير انه استنادا الى بعضي موظفي شركة النفط الذين كانوا في كركوك أثناء الأحداث إدعاء مبالغ فيه لكون مسؤولي الشركة اكدوا ان حراس الشركة أدوا واجبهم جيداً في حماية منشآن الشركة ولكن حسب أدعاء هولاء المسؤولين أنه اذا سبق أن شار الحراس في مهمات هجومية أثناء الأحداث فيعتبر ذلك تصرفاً فردياً وأن الشركة غير مطلعة على ذلك. في حين أكد التقرير الى تورط أوضح للكرد من الشيوعيين في احداث كركوك لكون القوة المكلفة بإعادة الأمن الى كركوك لم تكن أجرأتها موجهه للشيوعيين وهذا يدل على ان الحزب الشيوعي العراقي لم يكن له دور في تلك الاحداث ولم يصدر تعليمات الى كوادره واعضائه باتخاذ ترتيبات معينة ازاء الاحداث بل الشيوعيين ادانوا هذه الاحداث.
#سيف_عدنان_ارحيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إعلان وصول الرهائن السبعة المفرج عنهم من خان يونس إلى إسرائي
...
-
إصابة شاب برصاص الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين واقتحامات غربي
...
-
ترامب يطرح سؤالا على برج مراقبة مطار ريغان
-
سماعات ذكية لمراقبة صحة القلب
-
جهاز للمساعدة في تحسين النوم والتغلب على الأرق
-
ماذا يعني حظر إسرائيل للأونروا بالنسبة لملايين الفلسطينيين؟
...
-
كيف يفكر دونالد ترامب في إعادة إعمار غزة؟
-
الإمارات تتسلم أول دفعة من مقاتلات -رافال- الفرنسية في صفقة
...
-
ميركل تنتقد زعيم حزبها بسبب تمرير خطة اللجوء بأصوات -البديل-
...
-
الجيش الإسرائيلي يغتال أسيرا محررا في نابلس (صورة)
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|