أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - شادي كسحو - لعنة الإصلاح














المزيد.....


لعنة الإصلاح


شادي كسحو

الحوار المتمدن-العدد: 4804 - 2015 / 5 / 12 - 21:24
المحور: كتابات ساخرة
    



قلّب ناظريك في هذه الأمة كيفما شئت، فلن تجد إلا المصلحين، في الشارع والمشفى والمدرسة والجامعة وشاشات التلفزة وحتى في بيوت الدعارة. الكل يريد إصلاح الكل. هذا يريد إصلاح العقل وذاك يريد إصلاح الدولة وتلك تريد إصلاح المجتمع وأولئك يريدون إصلاح الأمة وهلم جرا. الكل في هذه الرقعة الجغرافية الآيلة للانقراض، يدعي الإصلاح أو يمارسه، أو في أحسن الأحوال يتحدث أو يكتب عنه. هذه الحاجة إلى الإصلاح غزت العقل العربي إلى الأبد، فالتوق إلى أن تكون نبياً أو مصلحاً هو أشبه ما يكون بلوثة أولعنة أصابت العقل العربي منذ أعلنت النبوة قبل 1500 عام.
كم كان الكاتب الفرنسي ايميل سيوران موفقاً عندما قال: داخل كل إنسان يرقد نبي... لو علم سيوران أنه في اليوم التالي لوفاة النبي محمد بن عبد الله سيدعي أكثر من ثلاثمئة شخص النبوة وعلى رأسهم السيدة سجاح بنت الحارث، لقال: داخل كل إنسان يرقد نبي وداخل كل عربي يرقد جميع الأنبياء والمصلحين في العالم.
أذكر أنه عندما قام الرئيس شكري القوتلي بالتخلي عن السلطة لجمال عبد الناصر إبان الوحدة السورية مع مصر قال له: ها أنا أسلمك بلداً يظن غالبية شعبه أنهم رؤساء ويعتقد ما تبقى منهم أنهم أنبياء.
ما من مصلح أو داعية إلا ويعتقد أن نظريته هي الوحيدة الصالحة والممكنة في كل زمان ومكان، وأن علينا أن نقتنع بها أو تفرض علينا فرضاً. إن المصلح لا يرى فينا أكثر من كائنات بلهاء، ليس في وجوهنا قطرة دم، ولا معرفة لنا بالمنطق أو الحياة ، وأننا متلهفون لقدوم هذا المصلح الذي سينقلنا من غياهب الجهل إلى دياجيير العلم والنور.
طمس الذات، محو الفردانية، التغلغل في العقل والذهاب إلى سلبه أغلى ما يملك وهي التفرّد والفذوذية. أي قوة تجرأ على مثل هذه الأهداف غير ايديلوجيا الإصلاح أو نذر السماء الموحى إليها؟.
إن أمة استهلت مشوارها الحضاري بمصلح وهي تنتظر مصلحاً آخر سيهبط عليها من السماء على حين غرة، لهي أمة تستحق الرثاء والنحيب وربما العويل أيضا.
انظروا إلى التاريخ. ما من أمة سلمت زمام نفسها إلى رجال السماء أو المصلحين، إلا وغاصت في الدماء حتى الأذنين، صحّ هذا في الماضي ويصح الآن كما سيصح في المستقبل.
بالنسبة إلي، إنه كاف أن أسمع أحدهم يتحدث بعفوية عن تجاربه الجنسية، أو عن أحلامه وكوابيسه، من أن أسمعه يتحدث عن إصلاح المجتمع؛ بل إن شخصاً، يتحدث بثقة عن رغبته في إصلاح المجتمع، كاف لأعتبره نذيراً بايديلوجيا قادمة، أو لأرى فيه دكتاتوراً صغيراً أو مشروع جلاد.
لا تجادل شخصاً يدعي الإصلاح أو ينصب نفسه مرشداً أعلى للحداثة والتنوير. فأنت، بالنسبة له، لا يمكن أن تكون إلا تابعاً أو عدواً؛ تلميذاً نجيباً أو خصماً تافهاً. وما من تفسير لهذا التوجه سوى أن كل نزعة إصلاحية، إنما هي في العمق رغبة في امتلاك الحقيقة، كل الحقيقة؛ بل ويمكنني القول بأنه ما من شخص أو كتاب ذو نزعة إصلاحية إلا وهو كتاب تحريضي على الإقصاء والنفي سابقا ثم على القتل والذبح لاحقاً . وهذا ما يفسر القول الشهير: إنه لا توجد حروب طاحنة إلا ووراءها كتاب مقدس.
أأقول لكم؟ مسكينة تلك الأمة التي مازالت بحاجة إلى أنبياء ومصلحين.



#شادي_كسحو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مثالب الفلاسفة
- هذيان متماسك (شذرات)
- في اللامكان قراءة في شخصية السندباد
- عذراء الكلمات تأملات في الشذرة والكتابة الشذرية


المزيد.....




- -بندقية أبي-.. نضال وهوية عبر أجيال
- سربند حبيب حين ينهل من الطفولة وحكايات الجدة والمخيلة الكردي ...
- لِمَن تحت قدَميها جنان الرؤوف الرحيم
- مسيرة حافلة بالعطاء الفكري والثقافي.. رحيل المفكر البحريني م ...
- رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري
- وفاة الممثل الأميركي هدسون جوزيف ميك عن عمر 16 عاما إثر حادث ...
- وفاة ريتشارد بيري منتج العديد من الأغاني الناجحة عن عمر يناه ...
- تعليقات جارحة وقبلة حميمة تجاوزت النص.. لهذه الأسباب رفعت بل ...
- تنبؤات بابا فانغا: صراع مدمر وكوارث تهدد البشرية.. فهل يكون ...
- محكمة الرباط تقضي بعدم الاختصاص في دعوى إيقاف مؤتمر -كُتاب ا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - شادي كسحو - لعنة الإصلاح