|
ثنائية العامل والموظف في العراق
جاسم محمد كاظم
الحوار المتمدن-العدد: 4803 - 2015 / 5 / 11 - 22:06
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
يبدوا إن كلمة العامل قد ألغيت من قاموس العمل وحلت محلها كلمة أكثر تهذيبا تسمى ..الموظف .. والموظف يختلف عن العامل لان من المعروف سابقا في الاقتصاد الكلاسيكي بان العامل هو الأجير الذي يعمل عند الرأسماليين في الإنتاج البضاعي ولا يملك هذا العامل غير قوة عملة ولا يشمل بمخصصات الضمان أو أخطار العمل ويكون عرضة للطرد في أي وقت .
تطور الأمر بعد الحرب العالمية الثانية وظهور المجتمع الاستهلاكي وحلول الدولة والطبقة البرجوازية في الحكم محل الرأسماليين يقول فيها بعض الاقتصاديين البرجوازيين بان الدولة هي الوريثة الحقيقية للرأسمال بعد ظهور الحق والواجب للطبقة العاملة وحقوق الضمان الاجتماعي وتأميم أكثر المرافق الحيوية لصالح الدولة من المحطات النووية .المطارات .مؤسسات الاتصال .المؤسسات العسكرية .مؤسسات النقل . لكن التحليل الصحيح في تطور مستوى وأوضاع الطبقة العمالية في أوربا هو ظهور الاتحاد السوفيتي كقوة عظمى وحدوث ثورات التحرر الوطني الأمر الذي أدى إلى تطوير عاجل في بنية الرأسمالية لمواجهة هذا التحدي الذي انتشر في عالم ما بعد الحرب الكونية الثانية .
أعطت ثورات التحرر الوطني قفزات سريعة لتطوير مستوى الطبقة العاملة وخاصة في العراق بعد انتصار ال14 من تموز الظافر وتأميم القطاعات الحيوية للدولة من النفط والصناعة المحلية واستقلال العملة الوطنية ومكننة الزراعة وتصنيعها .
ظهرت طبقة عمالية كبيرة في العراق استمرت على طول حقبة الستينات والسبعينات وقفزت الصناعة العراقية قفزات كبيرة بحيث غطى المنتج العراقي محلات التجزئة في أكثر الصناعة الاستهلاكية الغذائية منها والكهربائية بطريقة التجميع أولا أو التقليد ثانيا .
ونظرا للطفرة العلمية الهائلة في الميدان الصناعي وظهور الأتمتة في كل الصناعات تطلب الأمر تطوير المستوى التقني للعامل وبدل أن يكون العامل شخصا بلا مؤهل علمي يؤدي حركة مراوحة واحدة وراء الآلة ظهر العامل الماهر والفني والتقني والمهندس والمهندس الاختصاص كل منهم يؤدي عدة ادوار في المؤسسة الصناعية . وألغيت التصنيفات القديمة للعمل بعد ربط العملية التعليمية بالعملية الإنتاجية فظهر التصنيف الوظيفي الجديد ملغيا كلمة العامل المجردة وظهر بدل عنها مسميات وظيفية فبدل عامل الخراطة أصبح خراط فني . وبدل عامل الماكنة أصبح مشغل ماكنة . أو تقني مكائن .. وأصبح هذا العامل – الموظف يرتقي في سجل التعيين والترقية فقد يصبح رئيس خراطين أو رئيس تقنيين . وشمل هذا التصنيف حتى الخدميين الفراشين .السواق .عمال الخدمة والنظافة .المعينين أصبحوا موظفين دائمين بتصنيف مضمونة موظف لا يحمل شهادة ابتدائية أو موظف يقرا ويكتب فقط يستلمون مخصصات الخطورة والزوجية أسوة بحملة الشهادات العليا .
تحول كل العمال إلى موظفين في العراق مطلع الثمانينات بمرسوم جمهوري وأصبح كل الموظفين طبقة داعمة لنظام الحكم وحل الحزب الحاكم محل الإدارة وانفصلت الإدارة عن العمل الفني واحتوت الإدارات في دواخلها مضمون العمل الفني سواء أكان بضاعيا أم خدميا ولم تعد هذه الطبقة تؤثر في المسار السياسي على مسيرة الدولة التي أصبحت هي الموجة الأساسي لكل شي بشخص الحزب الحاكم من خارج العملية الإنتاجية . توجد اختلافات كثيرة مابين العامل والموظف أهمها :- يترقى الموظف في السلم الوظيفي من خلال الترفيع والعلاوة بينما يبقى اجر العامل ثابتا . يتمتع الموظف بمخصصات الخطورة . يترقى الموظف في السلم الوظيفي والإدارة لاستلام المسؤوليات . في الدول ذات الحزب الواحد والايدولوجيا المقررة سلفا كالعراق يتجرد العمل من كل معنى وتفرض قيود وضوابط الحزب على الإدارة وينفصل العمل الفني عن الإداري ويصبح العمل الإداري هو الطاغي والظاهر على الشاشة مع تغييب تام للعمل الفني وتتحكم الإدارة الدكتاتورية العليا بكل شي في سلم العلاوات الترفيع .النقل .التعيين والمناصب وتفرض سياسة الإدارة العليا بشخص الحزب على الإدارة المتوسطة والإدارة التشغيلية ويخرج العمل من سلم السياسة والقرار ويصبح عمل مجردا وروتين يومي لا غير . يختلف شكل العمل في الأنظمة الاشتراكية المؤمنة بالعمل حيث تكون الإدارة والتنظيم على شكل مجالس عمالية تدير المؤسسة باتخاذ القرار ولا يملك المدير صلاحيات دكتاتورية تخوله العقوبة .الترفيع. النقل للكادر الوظيفي .
وأخيرا يتبقى لكلمة العامل مدلولها البسيط وتطلق على كل العمال غير المرتبطين بالدولة والذين يمارسون أعمال البناء من عملة المساطر وعمال اللحيم في الورشات الأهلية وممن يعمل في ورشات هندسية لصيانة وشد خدمات التبريد والتدفئة وعمال الأفران والمخابز .
ظهر في الفترة الأخيرة في العراق موظفو العقود من الذين يعملون بعقود وأجور يومية ليس على الملاك الدائم وهؤلاء ينتظرون فرصة التثبيت في المؤسسات الخدمية كالصحة والتعليم والاتصالات ووزارة الداخلية والبلديات وأكثرهم من حملة شهادات الكليات والمعاهد . ينتمي أكثر الموظفين لأحزاب السلطة من اجل حماية أنفسهم من العقوبات والنقل لتكون لهم ضمانا بوجه بعض الإدارات العليا ولذلك فهم يمارسون أكثر من عمل بتأييد سياسيات الأحزاب الحاكمة والمتنفذة حتى ولو اضطر لحمل السلاح وتكوين المليشيات المسلحة . وأخيرا فكلمة العامل على ما يبدوا قد لفظها القاموس الاقتصادي من أوراقة وأصبحت قديمة جدا وحتى الأحزاب الشيوعية التي تدعي نصرة العامل لا يوجد في لجانها المحلية والمركزية ومكاتبها السياسية شخص هذا العامل بل طبقة برجوازية تمارس أعمالا كمالية وكلامية فقط .
#جاسم_محمد_كاظم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطبقة العاملة والحزب الشيوعي ... في العراق
-
ما كتبته عن فالح عبد الجبار قبل خمس سنوات
-
اليمين واليسار في حزب البعث وقصة كامل فليفل
-
ومع عاصفة الحزم استذكرنا -لواء العقيدة اليمني-
-
هكذا يجب أن يكون التنظيم الماركسي في البلدان الريعية
-
العمل غير مدفوع الأجر في العراق
-
متى ينتصف النصف الآخر لنفسه في العراق ؟
-
اشتراكية .نجدي فتحي صفوة ..من نقد لينين إلى تمجيد فخري قدوري
-
ماذا سيفعل أصحاب العقل الريعي في ظل انخفاض سعر البترول ؟
-
وما قتلوك يقينا .... يا عبد الكريم قاسم... حكايات عن الزعيم
...
-
تقسيم البرجوازية العراقية وفئاتها
-
البرجوازية العراقية مابين الرفيق النمري والدكتور حسين علوان
...
-
الأعلى والأدنى في راتب الموظف والسلطوي العراقي
-
هل كان ال6 من كانون الثاني تاريخا حقيقيا لتأسيس الجيش العراق
...
-
الذين يريدون الضحك على العراب الأميركي
-
العراق .. دخول الثقب الأسود وتحقيق نبوءة اينشتاين
-
لو كنت القائد العام للقوات المسلحة ؟
-
السيرة.. كما يرويها جدي ..وجدتي
-
ومازلنا نغني تحت الصفصافة 1.. يا سعدي يوسف
-
الدكتور كامل النجار ..هكذا ينظر علماء الإسلام للإعجاز الرقمي
...
المزيد.....
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|