|
هل الشعب العراقي يؤيد قرار الكونغرس ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4801 - 2015 / 5 / 9 - 14:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما يهم الشعب قبل اي شيء، هو الامان والسلام و عدم سفك دماء ابنائه و توفير الحد الادنى للخدمات ليعيش كباقي الخلق في العالم،و هو عاش عقودا طويلة في الضيم و ملٌ من اي مفهوم سياسي او مبدا يتبجح به السياسيون طوال قهره لمصالح سياسية بحتة دون ان يمس فكر و عقل المواطنن الحقيقي من قريب او بعيد . ما يغطي الساحة العراقية الان هو التمنيات الانسانية فقط، و ابتعد الشعب كثيرا جداعن المثاليات و العقائد نتيجة ما مر به، و سار باتجاه فرض عليه حالا لم يؤمن عما كان يضحي بنفسه من اجله، و حتى العقائد و الالتزامات الدينية اصبحت في غياهب الاعتقادات الحقيقية التي يحملها في كيانه وصبغت بما فرزت من تداعيات التاريخ و ظلم الحكام، و الواقع يدلنا على التخبط و الفوضى في ايمان الفرد العراقي بعد انغماسه في المشاكل و القضايا العامة التي دخلت الى بيته و بالاحرى الى غرفته عنوة دون ان يرتضيها و هي لا تخصها اصلا . منذ العقود و لا تمر سنة الا و يصطدم الشعب بكامل مكوناته بقضية مستجدة بين حين و اخر، و منها حرب طويلة و قصيرة الامد و مشاغلة حزبية و ضغوطات و سيطرة الحزب الواحد و الحصار، و لم يبق امامه ان يفكر بحرية كي يقرر ما بفكره و عقله و ما يمكن ان يؤمن به، اي الفوضوية فرضت نفسها في نفوس الناس بشكل مباشر و دون ان يحس بها المواطن بذاته او يعتقد بها يوما . لقد حُصر الفرد و عُزل في زاوية ضيقة جدا لم يدعه التحرك في اي اتجاه فكرا و واقعا على الارض، انه يريد التحرر و الخلاص باي ثمن كان . اي تجرد المواطن من اي خلفية كان يحملها و تسلخ من شكله و مكنونه بشكل عفوي او نتيجة لمؤثرات لا يد له فيها . من المعلوم ان اي مكون لو ازيل على كاهله من يامره و يفرض عليه ما يؤمن و يريد، لمٌا راينا هذه المجموعات التي تفرض نفسها و ما تريده على الشعب عنوة و اكراها، فان اقتصر الانسان على امنية ضمان الحياة المجردة دون اي طموح اكبر، فانه لا يمكن ان يقبل بما لا يفيده او يؤمن به اصلا . فان الشعب بمكوناته يسير لحد اليوم مؤمنا بما ورثه من الخلفيات و الافكار وا لعقائد دون ان يلتزم بما يعلق عليه عقلانيا او بحرية تامة، فاستورث دينه و مذهبه و عقيدته كما يحمل اسمه دون ارادته، من ابويه و بعيدا عن ارادته الخاصة الحقيقية، و امتد في التزامه نتيجة ما تفرضه مستلزمات العرف الاجتماعي و ما يسمى الاخلاقي و هو بعيد عن الاخلاق و الادب، بل هو نابع عن مؤثرات تاريخية توارثتها الاجيال دون ان يعلموا عن عمقها، و روج لها المصلحيون و السلطات بعيدا عن اهداف و امنيات الشعب . الشيعي ولد و فرض عليه شيعيته و هكذا للسني و الكوردي، و سار بما تلقاه من المعلومات من جانب واحد بعيدا عن ماهية الحياة و ما تتطلبه، و بعيدا عن تعليمات العلمانية الحقيقية، لانعدام المؤسسات التي توضح الامر بشكل علمي و واسع في الوقت الذي نجد مئات الالاف من المساجد التي تروج بعكسها و بتضليل مباشر مستغلين غريزة الانسان و نرجسيته في فرض المثالية الدينية المذهبية و العرقية عليه، دون ارادة حقيقية نابعة من ذاته العاقلة . لم يُدع اي فرد في الشرق و ما نتلكم عنه هو العراق بالخصوص ان يفكر و يلتزم بما يؤمن و يعقتد حرا دون ضغوطات عامة و خاصة من ما موجود في الوضع الاجتماعي و ما فيه و من السلطة و من العائلة ايضا . فلنتكلم بصراحة مؤلمة، اليوم بما نراه من التخبط و التداخل في كل ما يمت بالشعب العراقي، نجد ان المكونات منقسمة على نفسها على ارض الواقع و بما نمتلك من هذه السلطة و العقليات و الظروف الموضوعية التي تفرض نفسها و ما نلمسه من الوعي العام و الثقافة و ما موجود من المنظمات الحزبية و ما تُسمى بالمدنية و هي بعيدة عن المدنية اصلا لانها تعمل وفق ما تفرضه السلطة المنبثقة من ما موجود على الارض دون ان يكون لها اي تاثير للتغيير حتى اليوم و لا ننتظر منهم شيئا لعقود طويلة اخرى . اي ستبقى حال العراق كما هي دون تغييرتقدمي منشود نتيجة ما فيه من الواقع كشعب و السلطة الموجودة و من السمات و الخصائص التي تتخذ من الديموقراطية لاستمرار سيطرتها و ليست كوسيلة للتنمية البشرية و التطور العام الذي يمكن ان يرج الراكن و يهز العقل و يدفع الى التغيير من اجل تحقيق الاهداف الانسانية . مادامت الحال كما هي و لا ننتظر تحولا في ابعد فترة ممكنة بشكل يمكن ان يخرج الشعب من مازقه المتعدد الجوانب، فعلى الجميع التفكير في الخلاص من زاوية يمكن ان يختار اهون الاشرار . فان المكونات التي اسست و توارثت من السمات المختلة عن بعضها يمكن ان تحكم نفسها ان الزمت بقوانين صارمة، و ما يؤمن به المكون يختلف كثيرا جدا عن الاخر، لذلك اصبح الامر بين ان تحكم نفسك بنفسك او تستمر الفوضى دون ان تخرج بحل يقتنع به احد، و ان تقبل بما يمكن ان يقبل به الجميع على مضض و هو الفدرالية الحقيقية للمكونات الثلاث و اتباع اللامركزية في الحكم بما يوفر املا في توفير الارضية للاصلاح و الاقتناع بما يمكن ان تنشغل المكونات بما لها دون اعتراض او صراع مع الاخر، و هو الخلاص المؤقت ، اي الاستناد على التنافس الداخلي، و يمكن ان تطول هذه الحال لحين التاكد من الاحتياج للبعض و المصالح المشتركة التي تبعد الشر و الصراع و يتم التوحيد . و ما اقره ممثلو الشعب العراقي عندما اجتمعوا لبحث رد فعلهم الصحيح ازاء ما اقره اللجنة العسكرية في الكونغرس الامريكي عكَس ما تؤمن به المكونات الثلاث و التفاوت الكبير لما يفكر به كل مكون . فالسني لا يثق و لا يؤمن بالشيعي و يريد ان يحكم نفسه، و ان التزم شفهيا و صرح عن بغضه للتقسيم و انه يعلم هي الفدرالية او الاتحادية و ليس تقسيما، والشيعي الذي يدافع عن ما يسميه وحدة العراق ليس الا لكونه حاكما مطلقا و مسيطرا ولو كان العكس فانه اتخذ الموقف ذاته الذي اتخذه السني بشكل مطلق و هكذا للكورد . اذا، ان الموقف التي صدر من البرلمان العراقي كرد للكونغرس ليس الا انعكاسا حقيقيا لما يؤمن به كل مكون في قرارة نفسه و ان تكلم عكس ذلك على العلن . و عليه توضح ان الشعب العراقي يؤيد القرار الامريكي بنفسه، و من لا يقبله هو السلطة العراقية التي تعمل وفق ما تمليه عليها مصلحتها و موقفها الداخلي و الاقليمي . ان المرحلة الحالية لا تقبل غير الفدرالية الحقيقية التي توفر الحكم الذاتي المطلق دون تدخل اي طرف في شؤن الاخر، و يمكن ان تكون السلطة المركزية مشرفة على ما يكون من الفدراليات الثلاث . اي اننا نستنتج علميا ان الشعب العراقي ايد القرار الامريكي بشكل غير مباشر على الرغم من التصريح بغير ذلك، و اكد الانقسام الموجود بين المكونات على الارض بحقيقته و الوحدة مفروضة فوقيا دون ايمان او اعتقاد الجميع .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا تنتظر سوريا من ايران ؟
-
متى ستنتهي اللعبة ؟
-
اوباما و كوردستان
-
لا يمكن ان يستمر العراق على هذه الحال
-
هل الوقت ملائم لاعلان الدولة الكوردستانية ؟
-
هل يتعذر على العمال تحقيق اهدافهم في العالم اجمع ؟
-
ماذا تقصد امريكا من مشروع قرارها حول تسليح مكونات العراق ؟
-
ايران و السعودية في ازمة حكم كبيرة
-
الصراع بين المثقفين اكبر من الشرائح الاخرى
-
هل تدوم زيادة ثروة الاغنياء طرديا مع زيادة الفقراء و اللاعدا
...
-
المجتمع و تحرر المراة
-
يجب ان يعتذر الكورد من ارمينيا رسميا
-
هل سيُعاد زمن الامبراطوريات في الشرق الاوسط ؟
-
كيف تتدخل امريكا في العالم من خلال التنمية البشرية ؟
-
اردوغان بين نارين
-
هل فوضى فكرية حقا ام غياب دولة في العراق ؟
-
حان الوقت لانبثاق اقليم البصرة ؟
-
ما يقصده العبادي من تصريحاته في امريكا
-
هل تركيا حليف السعودية و الغرب ام ؟
-
عراق الدولة ام المذهب
المزيد.....
-
هل يضغط ترامب على مصر والأردن لتنفيذ خطته بشأن غزة؟ حسام زمل
...
-
نتنياهو يجيب على سؤال -هل وجود الجيش الأمريكي ضروري- لتطبيق
...
-
زملط معلقًا على مقطع لترامب حول ضم الضفة الغربية: يتعين علين
...
-
السجن لجندي إسرائيلي أساء معاملة فلسطينيين في سجن -سدي تيمان
...
-
شاهد.. هدية نتنياهو لترامب تخليدا لذكرى هجوم إسرائيل على لبن
...
-
بعد خطاب ألقته من المنفى.. متظاهرون يهدمون منزل رئيسة وزراء
...
-
-غزة أرضنا ولن نرحل-.. فلسطينيون في دير البلح يحتجون على تص
...
-
ضربة موجعة للصين: بنما تتخلى عن -طريق الحرير- لإرضاء ترامب
-
سلسلة زلازل تضرب جزيرة سانتوريني في بحر إيجة
-
مسؤول عربي كبير يحدد طريقة إفشال مخطط تهجير سكان غزة
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|