جاسم العبودي
الحوار المتمدن-العدد: 4800 - 2015 / 5 / 8 - 08:47
المحور:
الادب والفن
جنونٌ أم حبّ ؟
قصة قصيرة للدكتور جاسم العبودي
حدثني قريني مُتْعَب بن تَعْبان: كانَ في بلدة تازه رِيحان، شابة مليحةُ الحسن، عذبةُ منطقٍ فَتّان، جاوزت العشرين بقليل، قد أحبت رجلا بقدر عمرها ثلاث مرات. وكلما سألنها صاحباتها أو عائلتها عن سرّ هيامها بهذا الرجل نقول:
ألم تسمعوا بالمُرقَّش الأكبر ؟! أنه قطع إبهامه بأسنانه، حين بلغ به الوجد بفاطمة بنت المنذر. لِمَ تستكثرون عليَّ عشق رجل، لا ترون فيه ما أرى، وتنشد:
أيا معشر العشاقِ بالله خَبّروا........ إذا حلَ عشقٌ بالفتى كيفَ يصنعُ ؟
وأصبحت قصة عشقها مثل كرة تدور بين حكايات التندر وقصص الغرام. وقد خاف أهلها عليها من وجدها، فقرروا ألا تخرج إلا بحماية، فكانت تنشد:
أكابدُ نفساً قد تولَّى بها الهوى.............وقد مَلَّ إخواني وقد ملَّنِي أهلي
وقد بلغ بها الوجد أنها أقامت أياما لا تتناول طعاما، حتى هزل جسدها.. فكتبت إلى حبيبها:
فلا طابتْ لي الدنيا مذاقاً ...... فبعدكَ لا يطيبُ لي المديدُ
ففهم قصدها من أنها في حالة مزرية، فحمل نفسه على عَجَل، وباعَ كل ما يملك، وقصد بلدَها رغم بعده عنه...وقد كتب لها قبل انطلاقه:
وإني لتعروني لذكراكِ رعدةٌ....... لها بينَ جلدي والعظامِ دبيبُ
وفي ليلة من ليالي شتاء قارص، غائم ممطر، وصل مدينتها، وهذه أول مرة يراها، وكانت عقارب الساعة أقل بقليل من الرابعة فجراً.. فلما وصلَ بابَ بيتها، خابرها قائلا: "أنا في باب بيتكم... لا توقظي أحدا"، وأنشد:
وإني لتعروني لذكراكِ هزةٌ..... كما انتفضُ العصفورُ بللهُ القطرُ
ففهمت كلامه، وقد هبَّت مذعورةً بقميصِ نومها، وفتحتْ له البابَ، وارتمتْ بحضنه، وهو يهتز كسعفة مبللة من شدة المطر..
ثمَّ أدخلته غرفتها وعلى سريرها، وخلعت عنه بعض ملابسه المبللة، حتى بقي شبه عار، واحتضنته بعنف حتى تسري حرارة جسدها إلى جسده..
ولما هدأ بعض شيء.. نهضت تبحث له عن ملبس من ملابسها في خزانتها، وإن كان جميعها لا تصل إلى نصف جسده الضخم..
وفجأة دخلت أمها، حيث سمعت حركة غريبة، ورأت حبيبها في سريرها، وظنت أن ابنتها تبحث عن ملابس مثيرة لتشبع غريزتهما، فقدت أعصابها، بعد أن سيطرت عليها الظنون، فجرتها من شعرها الفاحم الطويل، لكن حبيبها انتفض كأسد هصور وإن كان يجر برجليه، وسحبها منها وأخفاها في حضنه، وسقط على الأرض فوقها، لانه لا يقوى على النهوض لكثرة إعيائه وشدة إرتجافه.
الدكتور جاسم العبودي
3-5-2015 الساعة 12 و 14 دقيقة
#جاسم_العبودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟