|
من ذاكرة التاريخ : صدام يزج العراق في الحرب ضد إيران - الحلقة الثالثة 3/3
حامد الحمداني
الحوار المتمدن-العدد: 4799 - 2015 / 5 / 7 - 13:47
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
من ذاكرة التاريخ صدام يزج العراق في الحرب ضد إيران الحلقة الثالثة 3/3 حامد الحمداني 7/5/2015 حرب الناقلات وتأثيرها على إمدادات النفط عمل الطرفان المتحاربان على منع كل طرف للطرف الآخر من تصدير نفطه بالنظر إلى اعتماد كلا البلدين على واردات النفط لتمويل الحرب، ولكون اقتصاد البلدين يعتمد اعتمادا كلياً على تلك الواردات، ولذلك وجدنا قوات البلدين تقوم بقصف المنشآت النفطية لكل منهما، واستمر القصف طيلة الحرب.
كما قامت القوات الإيرانية بلغم رأس الخليج لمنع الناقلات من الوصول إلى ميناء البكر النفطي ، مما اضطر العراق كما أسلفنا إلى مد أنابيب لنقل النفط عبر الأراضي التركية والسعودية، فيما كانت سوريا قد أوقفت مرور النفط العراقي في الخط المار عبر أراضيها إلى ميناء بانياس، وميناء طرابلس اللبناني منذُ نشوب الحرب.
أما حكام العراق فقد سعوا أيضاً إلى منع إيران من تصدير نفطها، وقامت طائرات من طراز [سوخوي 23] وطائرات من طراز[ميراج] الفرنسية التي استأجرها العراق، والمحملة بصواريخ [أكزوزسيت ] والتي استطاع بواسطتها من الوصول إلى ابعد نقطة في الخليج لملاحقة الناقلات التي تنقل النفط الإيراني، وتدمير المرافئ التي تستخدمها إيران لتصدير النفط ، وهكذا اشتعلت حرب الناقلات بين البلدين المتحاربين وأصبحت عملية نقل النفط خطيرة وصعبة، ورفعت شركات التأمين رسومها على الناقلات إلى مستوى عالٍ جداً مما سبب في رفع أسعار النفط في الأسواق العالمية.
استمرت حرب الناقلات، بل وتصاعدت في السنوات الأخيرة من الحرب، وأصبحت تمثل خطراً حقيقياً على تدفق النفط الذي من أجله أٌشعلت نيران الحرب، وأصبح الخليج مملوء بالألغام، وأصبح استمرار الحرب يعطي نتائج عكسية، مما دفع الولايات المتحدة وحلفائها إلى التحرك لإنهائها بعد تلك السنين الطويلة من الدماء والدموع والخراب والدمار الذي عم البلدين، وكان إنهاءها يتطلب دعماً كبيراً للعراق لأخذ المبادرة وقلب موازين القوى لصالح العراق، وطرد القوات الإيرانية من الأراضي العراقية، وتوجيه الضربات الموجعة لإيران لتركيعها وإجبارها على القبول بوقف الحرب. وقد جرى ذلك الدعم بمختلف السبل من تقديم المعلومات العسكرية إلى تقديم شتى أنواع الأسلحة، وتقديم الخبرات، ومشاركة ضباط مصريين كبار، بالإضافة إلى القوات المصرية والأردنية واليمانية، وغيرها من السبل والوسائل، وبدأ العراق يعد العدة لشن الهجوم تلو الهجوم لطرد القوات الإيرانية من أراضيه. وهكذا تحول ميزان القوى في عام 1988 العام الأخير للحرب مرة أخرى لصالح العراق، وبدأ النظام العراقي يعد العدة لتحرير أراضيه من الاحتلال الإيراني، وكان في مقدمة أهدافه تحرير الفاو، التي مضى على احتلالها 21 شهراً.
حشد النظام العراقي قوات كبيرة من الحرس الجمهوري ومعدات لا حصر لها، كان من بينها 2000 مدفع، ومئات الدبابات والمدرعات، وبدأ الهجوم يوم 17 نيسان 988 واستطاعت القوات العراقية تحقيق انتصار ساحق على القوات الإيرانية بعد أن حولت المنطقة إلى كتلة من لهيب ودفع العراق حياة خمسين ألفا من أبنائه ثمناً لتحرير الفاو.
كان الهدف الثاني للنظام العراقي هو تحرير المناطق المحيطة بمدينة البصرة، وإبعاد القوات الإيرانية عن المدينة التي كانت طيلة الحرب هدفاً لقصف المدفعية الإيرانية، والهجمات المتتالية عليها بغية احتلالها، ولذلك فقد ركز النظام العراقي جهد قواته إلى تلك المنطقة، وخاض مع القوات الإيرانية معارك شرسة دامت ثلاثة أسابيع، وتمكنت القوات العراقية بعدها من تحرير كافة المناطق المحيطة بالبصرة بعد أن قدم التضحيات الجسام .
بعد أن فرغت القوات العراقية من تحرير الفاو كان أمامها الهدف الثالث الذي لا يقل أهمية عن الهدفين الأولين ،جزر مجنون، التي تعتبر من أغنى المناطق التي تحتوي على احتياطات نفطية هائلة، وقد تمكنت القوات العراقية بعد معارك عنيفة من تحريرها من أيدي الإيرانيين، وإلحاق الهزيمة بالجيش الإيراني.
انتقلت القوات العراقية بعد تحرير جزر مجنون إلى ملاحقة القوات الإيرانية التي كانت قد احتلت فيما مضى مناطق على طول الحدود الممتدة بين البصرة في الجنوب ومندلي في القاطع الأوسط، واستمرت في توجيه الضربات للقوات الإيرانية التي أخذت معنوياتها تتراجع يوماً بعد يوم واستطاعت القوات العراقية طردها من تلك المناطق ودفعها إلى داخل الحدود الإيرانية.
لم تكتفِ القوات العراقية من إزاحة القوات الإيرانية من الأراضي العراقية، وإنما طورت هجماتها وأخذت تلاحق القوات الإيرانية إلى داخل الحدود، واستمر تقدم القوات العراقية في العمق الإيراني إلى مسافة 60 كم مما جعل القوات الإيرانية في موقف صعب للغاية، وتنفس النظام العراقي الصعداء، واستمر في ضغطه على القوات الإيرانية لإجبارها على القبول بوقف الحرب التي عجزت كل الوساطات عن إقناع حكام إيران بوقفها.
أخذ النظام العراقي يصعد ضغطه على حكام إيران من أجل القبول بوقف الحرب، وذلك عن طريق تكثيف حرب الصواريخ لإحداث حالة من الانهيار النفسي لدى الشعب الإيراني، فقد كانت الصواريخ تنهال على طهران والمدن الإيرانية الأخرى بشكل متواصل محدثة خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات، وخلقت حالة من الهلع لدى الشعب الإيراني . وفي ظل تلك الظروف صدر قرار مجلس الأمن رقم 579، والذي دعا إلى وقف القتال بين الطرفين وانسحاب القوات العسكرية إلى داخل حدودها الوطنية، ووجد حكام إيران أنهم قد أصبحوا عاجزين عن مواصلة الحرب، واضطر الزعيم الديني الخميني إلى إصدار أوامره بوقف الحرب في 18 تموز 1988 والقبول بقرار مجلس الأمن على مضض حيث أعلن الخميني موافقته على القرار ووقف الحرب.
#حامد_الحمداني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من ذاكرة التاريخ : صدام يزج العراق بالحرب ضد إيران/ 2/3
-
صدام يزج العراق بحرب ضد إيران 1/3
-
من ذاكرة التاريخ : صدام يزيح البكر ويستولي على السلطة
-
من ذاكرة التاريخ : البعثيون والشيوعيون والجبهة الوطنية
-
من ذاكرة التاريخ : البعثيون والحركة الكردية
-
من ذاكرة التاريخ: عودة البعثيين للحكم من جديد!
-
من ذاكرة التاريخ: عبد السلام عارف يقود انقلابا عسكريا ويسقط
...
-
من ذاكرة التاريخ: بعد نجاح انقلاب 8 شباط 63 القضية الكردية ر
...
-
هذا ما كتبته قبيل الغزو الأمريكي للعراق
-
هكذا نجح انقلاب 8 شباط الفاشي في اغتيال ثورة 14 تموز
-
أحداث في ذاكرتي / الحلقة السابعة
-
أحداث في ذاكرتي/ الحلقة السادسة
-
أحداث في ذاكرتي / الحلقة الخامسة
-
أحداث في ذاكرتي / الحلقة الرابعة
-
أحداث في ذاكرتي / الحلقة الثالثة
-
أحداث في ذاكرتي / الحلقة الثانية
-
احداث في ذاكرتي / الحلقة الأولى
-
رسالة إلى قارئاتني وقرائي الاعزاء كافة
-
داعش، وما أدراك ما داعش؟
-
معالجة محنة المواطنين المسيحيين في الموصل مهمة وطنية ودولية
...
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|