محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 4798 - 2015 / 5 / 6 - 12:18
المحور:
الادب والفن
أحلمُ أنني أصعد إلى الحافلة، والحافلة مملوءة بالركاب.
بعض الركاب يعنفون السائق، بسبب كرههم لي، لأنه أوقف حافلته عند المنعطف، وأصعدني إلى داخلها. وبعضهم الآخر ممن يحبونني، تأهبوا للقتال، لقتال الذين يكرهونني. ولولا إشارة من يدي لهم بالتزام الهدوء، لوقعت الحرب.
وأحلم أنني أبحث عن المقعد الشاغر الوحيد في الحافلة.
أبحث عن المقعد حتى أجده، فأجلس بالقرب من فتاة. أرسل نحوها نظرة عابرة، فإذا هي أختي التي ماتت في العشرين من عمرها قبل خمس وثلاثين سنة، إنها أمينة التي ما زالت محتفظة بشبابها، ولم تكبر يوماً واحداً بعد العشرين.
وأحلم أنني أكلمها، فلا تكلمني. أسألها: هل ما زلت غاضبة منا؟ فلا تجيب.
أقول لها: لديّ الآن ابنة في البيت تحمل اسمك. فلا تكترث لما أقول.
وأحلم أنها تضغط على زر كهربائي، تتوقف الحافلة مسافة نصف كيلومتر بعيداً عن المقبرة، تهبط أختي من الحافلة. أهبط خلفها، تمشي وأمشي خلفها، أستحلفها بالله أن تكلمني، فلا تكلمني، وأقول لها: إنك ما زلت الصبية الجميلة الذكية الطيبة التي عرفتها. تقترب من قبرها، يحتويها القبر ثم ينغلق. أصيح فوق قبرها، أستجديها الكلام، فلا تبوح بأي كلام.
وأحلم أنني أظل واقفاً هناك، لعلها تنهض من قبرها، ونحيا معاً من جديد.
#محمود_شقير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟