أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عادل زكي - مقال: المقريزي، للباحث محمد جابر عامر















المزيد.....

مقال: المقريزي، للباحث محمد جابر عامر


محمد عادل زكي

الحوار المتمدن-العدد: 4796 - 2015 / 5 / 4 - 02:16
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تقى الدين أحمد بن على المقريزى , مؤرخ العصر المملوكى الذى لا يدانيه احد من مؤرخى عصره , له ما يزيد عن ثلاثين مؤلف يعرض فى اهمها تاريخ المجتمعات المصرية المتعاقبة . مؤلفاته العديدة لم تقتصر على علم التاريخ وحسب ,بل احاطت علوم شتى كعلوم الدين والاوزان والمقاييس وعلم الحشرات وتاريخ النقود الاسلامية فى مؤلف صغير بعنوان " شذور العقود فى ذكر النقود" . كما يأتى تفرده بالبحث وتحليل ونقد النواحى الاقتصادية فى عرضه لتاريخ المجاعات التى مرت على مصر حتى كتابته لمؤلف " اغاثة الامة بكشف الغمة " سنة 808 ه .
- يفرد المقريزى مؤلفه هذا فى ذكر حوالى 26 مجاعة, ست منها قبل الاسلام وعشرون بعده حتى عام 808ه. ويتناول فيه المجاعات بالوصف واسبابها بالنقد حتى يخلص فى النهاية الى فكره لانهاء ما شاع فى الناس من ازمات .
- يُرجع تقى الدين الازمات "المجاعات" فى معظمها الى اسباب وكوارث طبيعية وهى " قصور جرى النيل , الافات , الرياح وعدم نزول المطر" . وهى اسباب لازمات حدثت قبل ازمة عامى 796 ه 808 ه وهى الازمة التى عايشها المقريزى وماتت فيها ابنته لانتشار الطاعون .
- يُرجع المقريزى الازمات الى ثلاثة اسباب . الاول والثانى منها يتعلق بالانتاج .
- اولها الفساد فى تولى المناصب بالرشوة , كالوزارة ونيابة الاقليم وولاية الحسبة فيتقلدها كل جاهل بسائر اعمال الناس وسرعان ما يشرع هؤلاء فى الاخذ من انواع المال للترف فيُحتاج الى فرض الضرائب , فتزداد المغارم على اهل الريف -خاصة مع الضرائب المرتفعة التى كان يجرى تحصيلها عينا الامر الذى ادى لاحتكار الدولة للغلال ومنع الوصول لها الا بما احبوا من الاثمان- فيهجروا اراضيهم , مما ادى لنقص الانتاج لقلة ما يُزرع من الارض .
- السبب الثانى هو غلاء الاطيان وفيه زاد خدمة الامراء فى ايجار الاراضى على مستأجريها من الفلاحين حتى بلغ اجر الفدان"ريع الارض" الى عشرة امثال ما كانت عليه قبل ذلك ,وازداد فى مقابل ذلك اجر العمال لحرث وبذر وحصاد الارض . وبالتالى زادت تكاليف الانتاج على الفلاحين .
مع نقص الانتاج"لتعطل معظم الاراضى عن الزراعة" ,وارتفاع تكلفته"لغلو البذر وقلة المزارعين وارتفاع اجرهم ", وفرض الضرائب العينية الهائلة واحتكار الغلال بايدى اهل الدولة, ادى لغلاء عامى 796ه,808ه الذى تشرد فيه الفلاحين ومات فيه ما يزيد عن نصف اهل الاقليم بالجوع.
- السبب الثالث الذى يُرجع المقريزى هذا الغلاء اليه هو رواج ما يسمى "الفلوس" جمعُ الفلس وهى عملة معدنية من النحاس كان لضربها الحاجة الى نقد قيمته اقل من قيمة نقدى الدرهم والدينار للتعامل به فى ما يسمى "محقرات الاعمال" وهى المعاملات التى تقل فى قيمتها عن قيمة الدرهم والدينار وضربت لاول مرة ايام محمد الكامل بن العادل حوالى 596ه , ولتبيان اثر الفلوس على ازمة الغلاء , يسرد المقريزى تاريخ النقود الاسلامية الى ان يخلص ان نقد مصر فى المعاملات كان الذهب فقط وان الفضة كانت للحلى والاوانى, حتى عهد الفاطميين فى سنة 397ه أيام الحاكم بامر الله الذى عرفت الدراهم فى حكمه. واستمر الامر على ذلك حتى صارت عامة قيم الاعمال واثمان المبيعات تنسب الى الدراهم فى بقية دولة بنى ايوب حتى ضرب الفلوس من سنته كما ذكرنا "ولا يكاد يوجد منها الا النذر اليسير" فى كميتها , "ولا يُشترى بها شىء جليل البتة" بالنسبة لقيمتها . فى عام 650ه زاد ارباب الدولة من ضرب الفلوس لما سيعود عليهم من فائدة تحصيل الدراهم الفضية فى مقابل تصريف الفلوس ,حتى زادت كميات ما يضرب منها فى عهد العادل كتبغا 694ه ,والظاهر برقوق 784ه وفى خلال ذلك كانت الدولة تزيد من قيمة الفلوس فى مقابل قيمة نقدى الدرهم والدينار لتزيد فائدتها اكثر فى تحصيل النقدين , حيث بلغت قيمة الدرهم ما يساوى 24 فلس بعد ان كانت قيمته تساوى 48 فلس , وبالتالى انخفضت القوة الشرائية للدرهم لزيادة كمية النقود فى مقابل نقص فى انتاج السلع والمنتجات ,حيث يزكر المقريزى " فأنكاهم ذلك موقعه لما فيه من الخسارة ,لانه صار ما يشترى بدرهم هو ما كان يشترى بنصف درهم من قبل " وهو ما ادى لاضطراب الاسواق " تعذر وجود المطلوبات لاختلاف النقود" اى النقص فى طلب السلع والمنتجات نتيجة الزيادة فى اثمانها واختلاف قيمة الدرهم بالنسبة للفلوس من وقت لاخر . ونيجة للزيادة الشديدة فى ضرب كميات كبيرة من الفلوس بالاضافة للزيادة فى قيمتها ,اصبحت هى النقد الذى تنسب اليه قيم الاعمال واثمان المبيعات فى نهاية حكم الظاهر برقوق, ذلك فى ظل وجود قيمتين للدرهم ,قيمة كنقد وقيمة كمعدن , حيث تزيد قيمتها كمعدن عن قيمتها كنقد فى مقابل نقد الفلوس مما ادى لسبك الدراهم "سبك ما بأيدى الناس منها لاتخاذها حليا منذ تفنن امراء السلطان واتباعهم فى دواعى الترف" لتعود عليهم بمنفعة اكبر من استخدامها كنقد بجانب نقد الفلوس . بعد ان ينتهى المقريزى من هذه الاسباب , نجده يطرح فكره ليخرج المجتمع حينها من ازمته. هذا الفكر لم ينشغل كثيرا بالتركيز على سببى الازمة من حيث الانتاج , انما كان ما يشغله هو الاضطراب الشديد فى المعاملات من حيث قيم النقود. لذا فان المقريزى يقدم طرحه المنهجى لحل الازمة ابتداءً من حل اشكالية هذا الاضطراب , هذا الحل يكمن كما يراه المقريزى فى عودة الامور من حيث التبادل النقدى الى ما كان علية قبل هذه الازمة , اى ان تنسب عامة قيم الاعمال واثمان المبيعات الى نقدى الدرهم والدينار .
ولكى يحدث ذلك يجب ان تزيد قيمة كلا من الدرهم والدينار كنقد عن قيمتيهما كمعدن ,عندها يكف المجتمع عن سبك الفضة والذهب الى حلى ويذهب الى استخدامها فى المعاملات لما سيعود من وراءها بمنفعة اكبر . يضرب المقريزى مثالا لذلك , لنفترض ان سعر الفضة الخالصة التى يمكنها ان تعطى عدد 150 درهم قيمة تساوى 5مثاقيل من الذهب وهى بذلك قيمتها كمعدن قبل ضربها كنقد , عند ضربها سُيدفع فى المقابل ما يعادل ربع دينار "اجر" للصناع لقاء قوة عملهم , فتصبح بهذا العمل الذى اضافه الصناع الى الفضة الخالصة لتحويلها لنقد "قيمة"تضاف الى قيمة المعدن , فتصبح بهاتين القيمتين تعادل 5مثاقيل وربع دينار , ويكون صرف كل مثقال من الذهب 24 درهما من الفضة المعاملة , اما الفلوس فيرى المقريزى ان تثبت صرف الدرهم الفضى ب 140 فلسا , على ان هذه الفلوس يتم المعاملة بها فقط فى محقرات المبيعات. عند هذا تعود اثمان المبيعات وقيم الاعمال الى ما كانت علية قبل تلك المحنة وتنحط الاسعار مرة اخرى ويزيد النفع على الناس .



#محمد_عادل_زكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألفريد مارشال
- جون مينارد كينز
- الخلاصة في الإقطاع شرقاً وغرباً
- منهجية فهم التاريخ الاقتصادي
- التكون التاريخي لتخلف أمريكا اللاتينية
- تاريخ ضائع
- التبادل متكافيء
- أرسطو (المنطق، والقانون، والاقتصاد)
- محاضرات مدرسة الإسكندرية (6)
- محاضرات مدرسة الإسكندرية (5)
- المدرسيون: من الإقطاع إلى الثمن العادل
- من أجل الزيت!
- نهاية الاقتصاد السياسي: من العلم إلى الفن التجريبي
- من الاقتصاد السياسي إلى الاقتصاد
- مدرسة الإسكندرية للاقتصاد السياسي: المحاضرة الأولى
- ماتت شيماء
- جدول محاضرات الدورة العلمية السادسة
- مدرسة الإسكندرية للاقتصاد السياسي
- من ريكاردو إلى ماركس عبر قانون القيمة
- العصور الوسطى: تعليق على المصطلح


المزيد.....




- سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي: ...
- أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال ...
- -أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
- متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
- الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
- الصعود النووي للصين
- الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف ...
- -وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب ...
- تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عادل زكي - مقال: المقريزي، للباحث محمد جابر عامر