|
عزة تحترق ......... بغداد تحترق .
أحمد الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 1332 - 2005 / 9 / 29 - 11:23
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
تمر هذه الأيام الذكرى السادسة لإنتفاضة الشعب الفلسطيني الجديدة لكن المستمرة منذ بداية المشروع الصهيوني الغريب على أرض فلسطين ، ويستمر شعبنا الفلسطيني في مواجهة سياسات شارون الفاشية العنصرية وأسلافه ، بأيدي عارية إلا من الإرادة والحلم ، ذلك السلاح الأبدي الذي لا يمكن نزعه من أيدي الشعوب مهما فعل المحتل ، بينما يطور وينوع الشعب الفلسطيني أساليبه وعملة وفق الإمكانيات الشحيحة والمحدودة والظروف المحددة التي تواجهه ، وسط العزل العربي الرسمي التام ، والعجز والتلكؤ عن توفير الدعم البسيط بكافة أشكاله ومستوياته ، والتراجع الدراماتيكي العام الذي بدأ منذ هزيمة ونكسة حزيران عام 67 ، والدعم الخارجي الواسع والمفتوح و( خاصة الأمريكي ) للمشروع الصهيوني . لقد صمد الشعب الفلسطيني من جديد ، وتجاوز المحنة العسيرة ، وأسقط تعهدات ومراهنات المجرم العنصري شارون السفاح في سحق وإيقاف الإنتفاضة خلال مئة يوم فقط ، وقام العدو بجريمة إحتياح وتدمير جنين ، ومحاصرة وتقطيع أوصال قطاع غزة ، ومحاصرة ياسر عرفات في المقاطعة حتى موته الغامض مغدوراً ومسموماً ، وإعتقال أكثر من عشرة آلاف فلسطيني ، وقتل القادة والكوادر السياسية والعسكرية الأساسية للمقاومة الفلسطينية ، لكن الشعب الفلسطيني أستمر في مقاومته المنظمة والمتصاعدة رغم كل طوق العزل التام ، ورغم إنه يقاتل بأيديه العارية وبدمة ولحمه فقط ، وهاهي الآلة العسكرية الهمجية تنطلق من جديد ، وبوحشية عنصرية منفلتة ، لتدك بيوت الصفيح والمدارس والمقار في مدن ومخيمات غزة ، وتعتقل العشرات في الضفة الغربية ، لتنفيذ صفحة جديدة من المشروع الأصلي المستمر منذ أكثر من قرن ، ورغم الهزيمة المحسوبة للعدو في غزة ، والتي ربما تجري إستحقاقاتها وتفاعلاتها المريرة في الضفة الغربية والقدس العربية ........ العجيب في الأمر ( ربما لم يعد عجيباً ) هو الصمت العربي الرسمي ( المتصاعد ) ، والذي هو أبلغ وأشد من صمت القبور ، لكن الأعجب إن بعض العراقيين من جماعة ( العراق الأمريكي الجديد ) أو ( العراق للعراقيين فقط ) يعتقدون أن الدكتاتور صدام كان يدعم نضال الشعب الفلسطيني ، وكان يهدر الأموال العراقية عليهم ، وهذا مديح صريح لا يستحقة الدكتاتور ، فهو الذي ساهم بقوة في تخريب وتشوية عمل الشعب الفلسطيني ، وكل قضايا الشعوب العربية العادلة ، ولايمكن الخلط والجمع بين الدكتاتوريين والحركات السياسية المعينة ، وقضايا وحقوق الشعوب العادلة والثابتة . والشعب الفلسطيني في كل الأحوال ومهما كانت الأسباب المعروضة ، لا يستحق أن يحاسب أو يعاقب أو يشتم ، مهما كانت النوايا أو العواطف أو الأغراض ، وهاهو يستمر في مقاومته ووجودة رغم غياب عبد الناصر ، ورغم موت عرفات ، ورغم سقوط النظام العربي الرسمي وتفسخه منذ زمن تحت أقدام التاريخ بسبب أخطاءه المعروفة وتخلفة البالغ ، ورغم سقوط الدكتاتور تحت آثامه وجرائمة بحق الشعب العراقي والشعب الفلسطيني وكل الشعوب العربية المضطهدة . والشعب الفلسطيني يؤكد درس التاريخ الثابت والبسيط ، من أن الشعوب الحية لاتموت أو لاتموت بسهولة أو تنتهي و تخرج من ميدان التاريخ والحياة حسب مواعيد وأجندة أعدائه . إن تطوير العمل الوطني التحرري الفلسطيني ، من خلال التمسك بالوحدة الفلسطينية ، والتمسك بالحقوق الطبيعية المشروعة ، والبرنامج الوطني العام ، عبر النقد والمراجعة وتصحيح الأخطاء ذاتياً والتخلص منها بشجاعة وعلنية ، وتبديل وتحديث الأساليب حسب المرحلة المحددة التي يواجهها العمل الفلسطيني ، هو الطريق السليم نحو التحرر والإستقلال الوطني الناجز . بالإنتقال من بقايا الأرض الفلسطينة المحترقة بنيران المشروع الصهيوني العنصري الفاشي الى بغداد الأرض العربية الأخرى التي تحترق بنيران الإحتلال الإستعماري الأمريكي والإرهاب الأسود ، نمسك بالصلة والخيط الواضح الذي يربط بين الضفتين وبين المشروعيين ، وهو ربط ومقاربة حقيقية وهامة ، وغير مفتعلة ، وليست أرادوية ، أو كلاسيكية عفى عنها الزمن كما يدعي البعض ، إنما قراءة واقعية لما يجري وينفذ في عموم المنطقة . خبران مرا مر السحاب الصيفي فوق سماءنا الملبدة بدخان حرائق العمليات العسكرية الواسعة والإرهاب المنظم ، وهما خبر إلقاء القبض على الجنديين البرطانيين في البصرة ، وخبر الكشف عن قافلة أسلحة وعتاد ومتفجرات متجة الى جهه مجهولة أو غير رسمية ، وانا لا أريد ولا أقصد من خلال هذه الأخبار أو غيرها ، أن أوحي أو أشير الى مسؤولية هذه الجهات عن الأرهاب الأسود الذي يعصف ببلدنا . لكن السؤال الذي يفرض نفسة بقوة ، هو لماذا لم يجر التحقيق بهذه القضايا ؟؟ ولماذا لم يجر كشف الحقائق للناس ولو في قضية واحدة كبيرة أو صغيرة حدثت في بلادنا منذ قيام الإحتلال ؟؟ وهل يتقبل الناس الطريقة المشينة التي عالج بها الجعفري مشكلة البصرة ؟؟ ولماذا كل هذا الخضوع والتنازل والركاكة أمام وزير الدفاع البريطاني ؟؟ ولماذا هذه التناقضات المتواترة بين البصرة وبغداد ولندن ؟؟ وهل تعالج المشاكل باللفلفة والطمطمة والضحك على الناس أمام عدسات الكاميرات المشعة ؟؟ ومن الأمور الأخرى التي تدار بها السياسة الهابطة في بغداد هذه الأيام ، طريقة أو مبدأ الحق الذي يراد به شيء آخر ، فقد أعلنت الأدارة المحلية عن موعد محدد لمحاكمة الدكتاتور المجرم صدام حسين ، وعلى لسان الناطق الرسمي بإسمها ليث كبه ، والذي تحول من متعاقل يدعي الرصانه ، وصاحب مشروع وطني ، الى شخص فاقد للوزن وللمنطق دفعة واحدة ، ومن دون مقدمات أو تدرج علني على الأقل ، ولقد ذكروا في حيثيات الخبر ، من أن المحاكمة سوف تتم على أساس تهمة واحدة ، وهي أحداث الدجيل الشهيرة ، والتي ستكون كافية لوحدها لإدانة الدكتاتور والتخلص منه حسب الأوساط الحكومية وتسريباتها ، مع الإعتراف بأن القضايا الرئيسية الأخرى لم يتم الإنتهاء من التحقيق فيها لحد الآن . لقد كنا نطالب منذ زمن بعيد وننتظر محكمة وطنية حقيقة لكل الحقبة الفاشية ورموزها وفي مقدمتهم الدكتاتور المجرم صدام حسين ، محاكمة فكرية وسياسية وعسكرية وأخلاقية وجنائية لكل ماجرى وعلى جميع الجرائم والكوارث الداخلية والخارجية وكشف ظروفها وملابساتها ، محاكمة تكون بمثابة محاكمة القرن الجديد ، لمنع قيام دكتاتوريات جديدة ، مهما كان نوعها أو إسمها السري أو العلني . وما ذنب ضحايا الجرائم الكبيرة الأخرى ؟؟ وهل هناك ربط وإستغلال لموعد المحاكمة مع موعد الإستفتاء على الدستور ؟؟ ولماذا هذا الإستغلال الساذج والرخيض لعذابات وأحزان الناس لأغراض سياسية مؤقتة ؟؟ إن محاكمة الدكتاتور قضية وطنية عامة لايجوز التلاعب بها ، وإستغلالها للعمل الحزبي أو السياسي أو الإستفتائي الضيق والرخيص . القضية الأخرى التي يختلط بها خيط الحق الأبيض البين مع سواد الباطل ، هي الحملة المتأخرة والمقصودة للهجوم على العميل القديم أياد علاوي ووزارته السابقة وشلة وزراءه وخاصة - المعجزة حازم الشعلان ، الشرطي السابق في ما يسمى مجلس صدام الوطني ، وعضو المخابرات العراقية قسم الخارج ، صاحب البالونات الفارغة ، لكشف الفساد المريع والسرقات الكونية التي تمت بالتنسيق مع المحتل وبإشرافه وعلمه ، لإخضاع هذه العناصر الفاسدة أو المفسدة أكثر ، وهي طريقة شائعة لدى المخابرات العالمية وحكام العالم الثالث المتخلف عامة . وقد بدأت الحملة مع تحرك علاوي الواسع والمدعوم بالأموال الحرام، بين لندن وعمان وبغداد وشاركت فيه قوى تقليدية عديدة ، لتشكيل تحالف سياسي واسع لمواجهة التكتلات الحاكمة ، ولتحقيق نتائج جديدة في الإستفتاء أو ( الإنتخابات ) القادمة . لكن لماذا جرى التركيز على حازم الشعلان ، وترك وزير النفط بحر العلوم المتهم الأخطر في قضايا الفساد ، رغم إستمراره يفسد في الحكومتيين ؟؟ و متى يتم الكشف عن الفساد الكوني الذي تمارسة حكومة الجعفري ؟؟ هل لأن تقرير فسادها سوف يصدر في 2006 وليس قبل الإنتخابات المزعومة ؟؟ إنها مهزلة العمل السياسي الهابط والساذج الجاري في بلادنا ، رغم المحنة والخراب وضياع الأفق والمستقبل . المشكلات في بلادنا لاتعد ولا تحصى ، ولايوجد من يستطيع إيقافها أو حلها ، لكن يمكن للعمل الوطني الرصين والطويل النفس أن يساهم في إنقاذ ما يمكن إنقاذه .
#أحمد_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة من بعيد الى شهيد جميل آخر
-
كلمة : الأربعاء الدامي ، ما قيمة الكلمات والحبر أمام الدم ال
...
-
تعليقات سريعة حول بعض الأحداث الجارية اليوم
-
الدستور بإعتباره عملية إجتماعية قانونية سياسية وطنية ، والول
...
-
ماذا تبقى لنا ؟؟ قراءة للمشهد العراقي ولبعض التغيرات الدراما
...
-
تعليق : بوش الثاني وتخريجاته الهزيلة عن العراق
-
قراءة سريعة للوضع العام في ضوء النتائج والتطورات الأخيرة
-
كلمة : جورج حاوي بين الشهداء والصديقين ، وفي موضع القديسين
-
كربلاء جديدة في الكرابلة ، وتصريحات خرقاء لجورج بوش الثاني .
-
حول المبادرة الثقافية للشاعر سعدي يوسف
-
رسالة أطالب بإيصالها الى صديقي القاص المبدع محسن الخفاجي
-
مساهمة في الحوارات اليسارية
-
رسالة في الغربة والأغتراب لأبي حيان التوحيدي
-
أسئلة الماركسية الرئيسية ؟؟
-
الطائفية السياسية تحركها ومخاطرها
-
في الذكرى السنوية لمجزرة بشتآشان
-
الصراع الطبقي ومفاهيم الحداثة
-
رحيل يوسف عبد الكريم البيض ( عبدول ) في مدينة هورن الهولندية
-
حول تأسيس الحركة الشيوعية العراقية / ملاحظات نقدية
-
عرض لبيان المبادرة الديمقراطية العراقية
المزيد.....
-
مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
-
السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون-
...
-
مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله
...
-
اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب
...
-
محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
-
مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
-
من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
-
خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال
...
-
هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
-
قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|