|
(6) بطّيخ وبغال وزنى أبوي!!
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 4793 - 2015 / 5 / 1 - 09:37
المحور:
الادب والفن
(6) بطّيخ وبغال وزنى أبوي!!
اصطحبهما شاهل بيل والسيّدة سلمنار إلى مطعم، ظن الأديب لقمان أنّه أرقى مطاعم المدينة وأجملها. كان المطعم يعجّ بالمئات من الإنس وضيوفهم من الجن، الذين كان معظمهم يرقصون رقصات جنونيّة على مسرح المطعم، وبين الموائد والممرات، والظريف أن بعض الطهاة والنُّدل كانوا يرقصون أيضاً حتى وهم يقومون بتقديم الطلبات وتحضير الطّعام. وبدا أن الإنسيات كن مسرورات للغاية ببهلوانيّات الجن وشقلباتهم على المسرح، خاصّة حين يمسك جنّي ما إنسيّة ويقلّبها بين يديه أو يشقلبها رأساً على عقب، أو يمددها على كتفيه ويدور بها، أو يحملها على راحة يده، وهي تستجيب لكل ذلك بمتعة فريدة! رحّب مدير المطعم بهم وأفرد لهم طاولة بعيدة بعض الشيء عن الضجيج والضوضاء. تأمّل الأديب لقمان الراقصين والمبتهجين إنساً وجنّاً، وما لبث أن شرع في التساؤلات كالعادة: «هل يتاح لأي مواطن عندكم أن يتناول طعاماً مجاناً في مطعم كهذا؟» «أنا أختلف معك أيّها الأديب حول كلمة مجّاناً، فهذا المواطن يعمل ويتعب ومن حقّه أن يأكل ويشرب ما يشاء في أي مطعم، مع أنّ مستوى المطاعم لا يختلف عنه من مطعم إلى آخر، فكُلّها درجة أولى إن شئت التصنيف، وكلّها تقدّم الطعام ذاته والمشروبات ذاتها وبالطريقة ذاتها، والسائد أكثر لدينا هو الخدمة الذاتية، لذلك تجد الندل قليلين عندنا!» «لكن!» فقاطعه شاهل بيل قائلاً: «أنسيت أنه جاء دورنا للاستماع إليك؟» «ليكن! لكن سأختصر لأقول، إن المشاكل في كوكبنا أكثر من أن تحصى، وفيما يتعلّق بالمسألة الجنسية، تجد نساء عندنا ورغم القناع الأخلاقي يضاجعن أبناءهن، ورجالاً يضاجعون بناتهم، وثمة من يضاجعون البهائم والحيوانات وحتى الفواكه والخضار، وثمة من يخونون نساءَ هم، وثمة من يخنّ رجالهن، وثمة من يتزوّجون امرأة كل أسبوع على سنّة الله ورسوله، وثمة من لديهم مئات الجواري والغلمان!» «مهلاً، مهلاً أيها الأديب، ماذا تقصد بمضاجعة البهائم والفواكه والخضار؟!» «يا عزيزي.. عندنا في الريف يلجأ أبناء الفلاحين إلى مضاجعة الجحشات والبغلات والأبقار والمعز والنّعاج والخنازير. وفي المدينة، وربّما في الريف أيضاً، تلجأ النسوة إلى الخيار والجزر والموز والكوسا والفقّوس والباذنجان، وحتى الزّجاجات الأسطوانية والصبّار!» «الصبّار؟» «نعم! ذات مرة فعلتها فتاة من قريتنا لم تجد غير الصّبار لأن شوكه يثيرها أفضل من أي فاكهة أُخرى!» «وأنت ماذا أدراك أيها الأديب؟» «هي قالت لي حين رأيت شفريها متورّمين!» وراح السيد شاهل بيل وزوجته يضحكان، فيما الأديب لقمان يتابع: «لكن إن شئتما الأطرف، فهو ما فعله أحد المراهقين في بلدتنا مع البطيخة، حيث ثقب في قشرها دائرة بحجم عضوه، وحفر لها حفرة في الأرض كي تستقر فيها واستلقى فوقها. كان أمتع شيء في هذه المضاجعة، هو إحساسه بتمزّق لُب البطيخة أمام ضغط عضوه، فقد كان يشعر أنّه يفتض بكارة عذراء» كان رجل المعرفة يضحك هو والسيدة سلمنار والأميرة نور السماء والأديب لقمان يتحدّث ببراءة الأطفال: « وذات يوم أمعن هذا المراهق في الخيال، فأحضر بطيخة وبرتقالتين!» فتساءل شاهل بيل: «ولِمَ أحضر البرتقالتين؟» «كي يجعل منهما نهدين يرضعهما وهو يفتض بكارة البطيخة!» «وهل حفر لهما أيضاً؟» «لا، ثقبهما فقط، وأمسكهما بيديه، وراح يمتصّهما واحدة إثر أُخرى وهو يضطجع فوق البطيخة، التي لم يكن يتركها إلا وهي مثقوبة ومُخردقة من كل مكان!» «فعلاً هذه قصص حقيقية ولا يمكن أن تكون من الخيال أيها الأديب لقمان! لكن، ألم يثرك هذا المراهق أو يدفعك لأن تفعل مثله؟!» وراح الأديب لقمان يبتسم، فقد كان يتحدّث عن نفسه، فهو صاحب هذه الأفكار في زمن مراهقته، وخجل من أن يقول ذلك لشاهل بيل، فهتف: «لا عيب! أنا كنت مقتنعاً أن هذا عيبٌ وعار!» وحين أحسّ الأديب لقمان أنه لا يجيد الكذب أضاف بعض الحقيقة من خياله: «وإن شئت الحق أغواني ذات مرة، فقد كان شيطاناً في ابتكار أساليب للمتعة، ففعلتها، لكني لم أكررها حين عجز خيالي عن تمثل عذراء بدلاً من البطيخة! أما هو اللعين! فكان خيالُه خصباً، وكان يخاطب الفتاة المتخيّلة بأقذع الكلمات وأسفلها، وهو يمارس كل العنف مع البطيخة، وكان يتمثّل ردّة فعل الفتاة وهي تتوسّل إليه وإلى إلهه وإلى عضوه ألا يكون معها عنيفاً إلى هذا الحد، ويقلّد ذلك بصوته، ليبدو كممثل يقوم بدورين في آن واحد!!» وفيما كان الجميع يضحكون، هتف شاهل بيل: «لا، هذا مسرح متكامل ولا ينقصه شيء!» وبدت الأميرة نور السماء خجلة بعض الشيء وإن كانت تضحك، أما السيدة سلمنار، فقد كانت تضحك بملء فيها، وكأنها تستمع إلى حكايات من بلاد واق الواق! «أنت جميل أيها الأديب، لا تعرف كم أجد فائدة في قصصك هذه، نحن عندنا نعطي جائزة لكل مراهق يحدثنا عن سلوكه وطباعه بصدق، حتى إذا وضعنا حلولاً راعينا فيها غرائز الإنسان وسلوكه!» «شكراً لهذا الإطراء أيها العالم» «معذرة أيها الأديب لم أقصد» «بل اقصد يا عزيزي، فنحن في كوكب الأرض نموت ونحن في سن المراهقة!!» فتح شاهل بيل فمه دهشة: «ماذا تقصد أيها الأديب؟» «الكبت يلازمنا منذ طفولتنا وحتّى وفاتنا، فلا تستغرب أن يحدث معنا في الكبر ما كان يحدث معنا في الصّغر نظراً لعدم وجود النساء، أو لعدَم توفّر الحرية الجنسية، وكم من النساء والرجال لدينا لا يجدون غير العادة السرّية والبطيخ وما أدراك ما البطيخ؟!!» «إن مجتمعكم لفظيع حقاً!» «حتى في المجتمعات التي فيها حريّة جنسية مطلقة لدينا، تجد معظم النسوة يفضلن ممارسة العادة السرّية على ممارسة الجنس مع أزواجهن على سبيل المثال وهذا ينطبق على نسبة كبيرة من الرجال» «هذا موجود عندنا أيضاً لكن بنسب قليلة جداً، رغم أن الباعث على ذلك ليس الكبت في معظم الحالات، بل الهروب من روتينية الطقس الجنسي، والرغبة في إيجاد ممارسة ليست موجودة في الواقع!» «الأكثرية من المتزوجين عندنا يتمثّلون نساء غير زوجاتهم خلال الممارسة معهن، وهن كذلك أيضاً، أي أنهم يمارسون عادة سرية مع بعضهم البعض، وهذا يساعد على إطالة أمد الزواج الفاشل!» «هذه الحالات شبه معدومة عندنا لأن في مقدورهما كزوجين الانفصال بسهولة، إلا إذا كانا في سن الشيخوخة ولا يحبّذان الانفصال» وسادت لحظات من الصمت. هتف بعدها شاهل بيل: «وماذا عن الممارسات مع الحيوانات؟!» فهتف الأديب لقمان: «لا! هذه مسألة مخجلة، فلا تحرجني!» «أنا لا أرى فيها ما هو مخجل أيها الأديب لقمان، أنت تتحدّث عن مجتمع مكبوت تكبّله الشرائع والقوانين والعادات، ومن الطبيعي أن يبحث الفرد فيه عن متنفّس لغرائزه، وقد مررنا بكل ما تتحدث عنه» «حقاً هل مررتم بذلك؟» «وأسوأ مما تتصوّر» «سأحدّثكم بعض القصص الأخرى لكن باختصار!» «موافقون!» «هذا المراهق اللعين الذي كان صديقي! فاجأني حين قال لي أن البغلة ألذّ من البطيخة والنعجة أيضاً! وراح يحدّثني. قال لي: إن بغلتهم لم تكن مروّضة كما يجب لصغر سنّها، فما أن يقترب منها حتى تضمّ أذنيها إلى رأسها وتكشّر عن أسنانها وتهجم عليه لتعضّه، أما حين كان يقترب منها أبوه أو أخوه، فقد كانت تتملّس بهما وتحك رأسها بأكتافهما! ولم يكن قادراً على اكتشاف هذا السر، إلى أن كان ذات غروب وطلب إليه أبوه أن يصطحب البغلة إلى البئر ليسقيها، لأنها لم تشرب طول النهار. كانت البغلة تمر في فترة سفاد، فلم تضم أُذنيها ولم تكشّر عن أنيابها، ولم تستدر لترفسه بخلفيتيها، فأضمر في نفسه أن يفعلها معها على البئر. أبطأ في الطريق إلى البئر كي يحل الغسق ولا يراه أحد.. وما أن وصل إلى البئر وأسقى البغلة حتى حل الغسق وخفّت الرؤية. راح يداعب البغلة بأن ملس بيديه على رأسها ثم عنقها، فصدرها! فظهرها فبطنها وهي تستجيب، إلى أن بلغ قائمتيها الخلفيتين فأشبعهما ملساً قبل أن ينتقل إلى حيائها، ويلامسه ويداعبه لتستجيب وترتخي وتستسلم كلّية وتشرع في ثني قوائمها، فأشرع هو عضوه و«سفدها»! وبعد ذلك الغسق راحت البغلة تتملّس به كلّما اقترب منها!!» ضحك شاهل بيل إلى أن استلقى على قفاه! وضحكت السيدة سلمنار والأميرة نور السماء، أما الأديب لقمان، فقد شرب كأس بيرة وراح يرقب الضحك!! حين توقفوا عن الضحك، هتف الأديب لقمان: «أظن أن هذا يكفي أيها العالم؟» «واحدة أخرى فقط، أريدها من حياتك أنت وفي الكِبَر!!» «لا! لن أحدثكم عن حماقاتي لا في الصّغر ولا في الكبر، كفانا بطيخاً وبرتقالاً والله أعلم ماذا ارتكبت من حماقات قبل وبعد ذلك، سأحدثكم عن حماقات من عرفتهن من بعض النساء» «على أن تحدّثنا عن حياتك فيما بعد» «حياتي تحتاج إلى مجلّدات، وليس الآن وقتها، لكن لابأس بنتف منها» «ليكن، نحن نقبل بأي شيء منك» «كان لي صديقة شهوانية من بلد متحضر جداً على كوكبنا، وكان أبوها ضابطاً في الجيش يعمل في بلد آخر متخلف يستعمره البلد المتحضّر! قالت لي أنها ذهبت لزيارة أبيها ذات يوم في ذاك البلد، وكان يقيم مع أختها التي تكبرها بعامين، كان عمرها عند الزيارة اثنتي عشرة سنة. فوجئت بأبيها ليلاً يداعبها ويقبّلها بشهوة فيما كانت أختها نائمة، فاستجابت له، فعرّاها وافتضّها، وظل يضاجعها كل يوم، واكتشفت فيما بعد أنه يضاجع أختها أيضاً، وقد افتضها وهي في العاشرة. وثابر على مضاجعة الاثنتين إلى أن تزوّجتا، وقد حملت صديقتي منه قبل زواجها، فأرغمها على الإجهاض. الطريف في الأمر أن هذه الأخيرة «صديقتي» ظلت تشتهي أباها، وكانت تضاجعه كُلما زارته، إلى أن كبر وشاخ. ما أدهشني أنها لم تكن تكرهه، ولم تكن تحقد عليه، بل كانت تحبّه، ولم تناقشه يوماً في ما يجري بينهما أو بينه وبين أختها، ولم تكن غاضبة من نفسها أيضاً، أو تعتبر أنها فعلت منكراً أو ارتكبت إثماً، وكانت ترى في قصة النبي لوط الواردة في كتاب مقدس عندنا، مثالاً يحتذى، وكانت ابنتا هذا النبي قد أسقتاه خمراً وضاجعتاه، وأنجبتا منه نسلاً نُسب إلى ابنيهما منه. وأطرف ما في الأمر، أنها حاولت أن تضاجع أباها حين زارته في أحد أعياد ميلاده وهو في سن الشيخوخة، فلم يحدث معه انتصاب رغم كل محاولاتها لاستثارته. وقد فسّرت لي ذلك، بأنه ربما نوع من الثأر أو الرغبة المكبوتة في الانتقام، ولم أوافقها على ذلك!» «وهل هذه العلاقات استثنائية في مجتمعاتكم أيها الأديب لقمان؟» «هي استثنائية، ربما لأنها تجري بشكل سرّي في المجتمعات المختلفة، لتحريمها من قبل الشرائع والقوانين المدنيّة» «وماذا أيضاً؟» «عرفت امرأة كانت تداعب ابنها منذ الصغر وما أن بلغ سن المراهقة حتى كان أفضل عشيق لها. لكن حين بلغ وكبر وحاول أن يتزوج ويستقل بنفسه، دهمته وهو نائم وقطّعته بالساطور إرباً ووضعته في كيس ودفنته في حديقة المنزل. ارتاب الجيران في أمرها. فاعتقلت واعترفت بجريمتها. حكموا عليها بالإعدام!» «هذه قصة مرعبة أيها الأديب، حدّثنا عن البيئة التي نشأت فيها» «نشأت في بيئة ريفية تغرق في الجهل حتى أُذنيها، فقد كان أجدادنا يلبسون نساءَ هم حزام العفّة حين يذهبون إلى الحج أو يغيبون عن البيت لبضعة أيام، وبعضهم كان يرغم زوجته على ارتدائه حتى لو غاب بضع ساعات فقط. وبعضهم كان يخيط فرج زوجته إلى أن يعود من سفره. غير أن النسوة المحنّكات كنّ يقمن بفك الخيوط ولا يعدنها إلا حين اقتراب عودة الزوج، ويروى عن جدّتي أنها فوجئت بجدّي يعود مبكراً من موسم الحج، فهرعت لاستقباله وهي تزغرد وتصفّق فرحاً وتغني: وتقطّعن قُطبانه!» «من فرحتك يا بو علي
أي أن خيوط فرجها تقطّعت من شدّة الفرح! أما بعض ذوات الحزام. فكنّ يصنعن مفتاحاً سرياً ويقمن بفتح قفل الحزام بمجرّد انطلاق قافلة الحج! وما يزال بعض الرجال عندنا يقفلون أبواب المنازل على زوجاتهم حين الانصراف إلى العمل. تعرّفت على واحدة من هؤلاء، كانت قد عملت نسخة سرية من المفتاح، وكنت أزورها بين فترة وأخرى وزوجها في العمل، إلى أن اكتشفت أنها تضاجع رجالاً كثيرين للانتقام من زوجها الأحمق، فلم أعد أرغب في مواقعتها. وما تزال بعض المجتمعات لدينا تقوم بختان المرأة لتخفيف الشهوة الجنسيّة لديها. فالمفهوم الشائع عند بعض مجتمعاتنا أن طاقة المرأة الجنسية تعادل طاقة عشرات الرجال. ولذلك يلجؤون إلى مختلف الوسائل للحد منها. وهم في الغالب يقضون عليها نهائياً، سواء بهذه الطرق الوحشية أو بالتربية الخاطئة التي تحاصر الطفل من طفولته إلى صباه ثمّ بلوغه. في هذه البيئة التي تشغل فروج النساء حيّزاً كبيراً من تفكيرها، نشأت، ولو تعرف أيها العالم كم من العصي الغليظة تكسّرت على كتفي، وكم من الحبال الرفيعة المفتولة والمدهونة بالزيت نهشت من لحم ظهري، لكفرت بهذا الكوكب الذي ولدت فيه» «ومن كان يضربك بالعصي والحبال؟» «أبي، ومن هناك غير أبي والسُلطة فيما بعد أيها العالم، لا أرتْك الذات الكُلية عصي أبي وحباله المدهونة بالزيت» «ولماذا كان أبوك يدهن الحبال بالزيت؟» «وأرباب كوكبنا كُلّهم أنني أحياناً لم أكن أعرف حتى لماذا يضربني تحديداً! ما أعرفه تماماً أنني كنت متخوّفاً من أن يقتلني كما قتل أحد إخوتي، فقد شكّل لي هذا التخوّف كابوساً ظلّ يلاحقني إلى أن هربت من البيت على إثر ضربة من هراوة فأس أرادها أن تشق رأسي، لكني أملته فكسرت كتفي» «وهل قَتَلَ أخاك حقّاً؟» «أجل. كان أبي يضرب لأتفه سبب، لإخفاقي – من جراء الهواء – في إشعال النار من عود ثقاب واحد على سبيل المثال. أما الضربة الفأسية القاضية التي كان قد جندل أخي بمثيلها، فقد سددها لأنني اختلست من محفظة نقوده خمسة عشر قرشاً كي أذهب إلى «القدس» لأقص شعري وآكل الكنافة!» «وأين تقع القدس هذه أيها الأديب؟» «تقع في موطني، وهي مسقط رأسي!» «ماذا تعني بمسقط رأسك يا مولاي؟» «ماذا أيتها الأميرة، هل بدأت تنسين اللغة العربية؟» «اعذرني يا مولاي، فأنا جنّية ولم أمارس العربية كثيراً!» «اعتبريه مكان ولادتي، مع أن المعنى الحرفي لا يخلو من طرافة» «السيد شاهل بيل يريد أن يعرف المعنى الحرفي!» «المكان الذي لامس فيه رأسي الأرض لأوّل مرة» «ماذا تقصد يا مولاي؟» «أقصد حين نزلت من فرج أمّي!» وراحوا يضحكون فتساءل الأديب لقمان: «هل في هذا ما يُضحك يا جماعة؟» «أنت جميل حقاً أيها الأديب لقمان، لم يخطر هذا على بالنا، فالمولود عندنا ربّما لا يلامس رأسه الأرض حتى بعد سنة من الولادة» «هذا عندكم أما في قريتنا فالأمر مختلف!» «ولماذا كان أبوك يضربكم بهذه القسوة؟» «يبدو لي أنّه كان يكرهنا كرهاً شديداً لشكّه أننا أولاد حرام، ولم يكن ينادي أمي إلا «يا شرموطة» أو «يا عاهرة» وهو يكيل لها فردات الأحذية أو الحجارة إذا كانا في الحقل! أما نحن فكثيراً ما كان ينعتنا «أولاد الشرموطة» والحق إنني في طفولتي المبكّرة، كنت أشاهد أمّي عارية مع رجل قد لا يشبه أبي، وقد انطبعت هذه الصورة الضبابية في ذاكرتي وعاشت زمناً طويلاً! وكانت أمي امرأة طيّبة كثيراً وضعيفة جدّاً، ويستطيع أي رجل بقليل من الإرغام واللطف والخبث أن يضاجعها، وأذكر أنها تعرضت ذات مرة لمحاولة اغتصاب من قبل شاب، وكم توسلت إليّ وهي تبكي وترتجف ألا أُخبر أبي بما حدث، بل أن لا أخبره أن أحداً قد زارنا في البيت، فقد كانت تفضّل أن تستر نفسها وتذعن ولو على مضض لأي متحرّش أو مغتصب، إذا ما تمادى في محاولته، على أن تثير فضيحة قد تؤدي إلى حتفها في مجتمع لا يرحم. ويمكن لمجرّد مشاهدة فتاة فيه تتحدّث إلى شاب على انفراد أن يقيم الدنيا ويقعدها وتسيل له دماء كثيرة بريئة، وقد يؤدّي إلى حرب عشائريّة أو قبليّة. إن الآهة بل «الأنّة» التي لا أنساها في حياتي ولن أنساها هي «أنّة» أمي وهي تغربل الزّبل في مهجع الأغنام، ومخيلتها تستعرض بعض صور حياتها. كانت تتوقف للحظات وتوجم وهي تطلق نظراتها إلى الأرض وكأنها تريد أن تخترقها بها لتعرف ما تحتها، ثمّ تئن من أعماق أعماقها، وتكرر الأنّة ثلاث مرات متتالية، يزداد فيها التفجّع والألم ليبلغ ذروته في الأنّة الثالثة. كُنتُ أحسُّ في هذه الأنّة ما لم أحسّ به في جميع المراثي التي قرأتها في حياتي، يبدو أنها كانت ترثي فيها الحياة برمّتها، وهي تتمثل كل الآلام التي عاشتها. كانت هذه الأنة مزيجاً من التأوّه والأنين ولم أسمع مثيلاً لها في حياتي، لكني سمعت ما يقاربها من فراش الاحتضار حين زرت بعد ثلاثين عاماً صديقة مريضة بالسرطان، وحين شاهدت أمّاً فلسطينية تئن على فقد ابنها في مجزرة «صبرا وشاتيلا»!» وكانت عينا الأديب لقمان قد دمعتا وهو يتذكّر أمّه، فيما خيم الصمت على شاهل بيل والسيدة سلمنار والأميرة نور السماء. مسح الأديب لقمان دموعه وأجاب على استفسار «شاهل بيل» عن مجزرة «صبرا وشاتيلا» ثم عاد ليتابع الحديث عن القرية: «أما ما يجري سراً خلف هذا الستار الواهي والأخلاق الزائفة، فهو لا يصدّق إلى حد يدفع مَن هو مثل أبي إلى التّفاخر – أمامي وأمام أمي وبعض إخوتي فقط – بأنه زنى مع ثمانين امرأة في بلدتنا التي لا يتجاوز عدد سكانها خمسة آلاف نسمة حينئذ. مع أن أبي، كان يصوم ويصلّي ويؤم الناس في الصلاة، خاصة في عيدي «رمضان» و«الأضحى» - وهذان عيدان دينيّان عندنا – فتصوّر؟!» «هربت – إثر فأسيّة أبي – من هذا العالم المُرعب، وتركت قطيعنا الذي كنت أرعاه إلى غير رجعة، والحق أنني هربت إلى عالم أكثر رُعباً، ويمكنك أن تقول أيها العالم أن كتفي الآخر قد كُسر أيضاً، لكثرة ما انهال على جسدي من عصي وهراوات وسياط في السجون الجميلة! مرّت أيام كنت أترحّم فيها على فأسيّة أبي وحباله الزيتية أمام عصيهم وسياطهم وكراسيهم الكهربائية وغير الكهربائية وخوازيقهم ونيران سجائرهم و«بوابيرهم» التي كنت أُرغم على الجلوس عليها لتسلخ مؤخّرتي بنارها!» «ولماذا سجنت أيها الأديب؟» «لأنني أصبحت متمرّداً ومخرّباً ومجرماً!» «ماذا تقصد أيها الأديب لقمان؟» «عملت في السياسة أيها العالم وأصبحت فدائياً!» «وهل هذه مسألة توجب السجن والتعذيب؟» «يا أخي أنت في الكوكب سوهار وتنعم بالمحار ولا تعرف شيئاً عن كوكب الأرض السيّار! نعم يا عزيزي.. ثمة دول لدينا المثل السائد لدى شعوبها والذي تحرص على تحفيظه لأبنائها قبل أن يرفعوا رؤوسهم هو «السياسة تعاسة!» وإن شئت أمثالاً أخرى «امش الحيط الحيط وقول يا رب السّتر!» و«الكف ما بيلاطم مخرز!» و يا ويل من ينسى هذه الأمثال مثلي ويقوده غروره إلى أن يصبح سياسياً!» «وأين سجنت أيها الأديب؟» «لا! كل شيء إلا هذا السؤال. أنت حقاً تبحث عن المحظورات وتدور حول الممنوعات أيها العالم، ونحن نتعب ونشقى وننتحر حتى على الورق ولا نعرف أين ننشر انتحاراتنا، حتى «الناقد» المتبجّحة بـ «إبداع الكاتب وحرّية الكتاب» لا تنشر آهاتنا الملتاعة!!* لنقل في المشتري! سُجنت هناك في المشتري لأنني اشتغلت في التعاسة وكتبت أدباً يزخر بالنّجاسة» «مولاي مولاي! لم أفهم جيّداً وكأنّك تهذي!» «الهذيان ضرورة أيتها الأميرة، فإذا لم نهذِ سنجنّ، وإذا جننا سنطق، وإذا طققنا سننفلق، وإذا انفلقنا سنموت، وإذا مُتنا سيشمت بنا السَّدنة الزّنيمون من كتبة العروش والمعابد، وهنا تكمن الطامّة الكبرى! فهم يغتبطون بتكميم أفواهنا وبالحصار المضروب على حركاتنا وسكناتنا وما يدّعون أنه إفلاسنا وصمت أقلامنا!» «مولاي! إن الكلام يندفع من فيك كالسيل وأنا لم أعد قادرة على متابعة ما تقول، لا تنفعل يا مولاي وأرح نفسك!» «هل نحضر لك طبيباً أيها الأديب لقمان؟» «لا لا، شكراً يا سيّدتي أنا بخير، إنّها مجرّد حالة عارضة من الانفعال تنتابني كلّما فقدت السيطرة على خط استوائي المتأرجح!!» «هل تفضّل الذّهاب إلى بيت الضّيافة؟» «لم نرّ شيئاً من المدينة أيّها العالم» «سترى ما تريد طالما أنت في ضيافتنا» «أريد أن أرى متاحفكم وآثاركم ومعابد أجدادكم أم أنكّم هدمتموها؟» «لا، لم نهدم شيئاً، لكننا لم نبنِ منذ آلاف السنين» «أليس بينكم من ينظر إلى الذات الكلّية نظرة لاهوتية؟!» «كان هذا قبل تعميق الفكر واستيعابه، أما الآن فلا» «وهل يشعر الإنسان بامتلاء روحي ولا يحسّ بخواء ما في نفسه؟» «الذات الكليّة عندنا هي الروح وكلّما اتحد الإنسان بها كلّما ازداد إحساسه بالإشباع الروحي، غير أن هذا الاتحاد لا يتم عن طريق شعائر دينية أو سلوك معيّن، لأن العمل ومحبّة الآخر والتّفاني والسّعي إلى ما هو أجمل وأسمى، أصبح بحد ذاته شعائر دينيّة أو بديلاً لها، وأصبح الوجود برمّته هو المعبد أو بديلاً له!» «وهل يمكن القول ولو مجازاً أنّ الحالة الأرقى والأسمى عندكم لاتحاد الذات الفرديّة بالذات الجمعيّة بالذات الكليّة، هي اتحاد العبد بالمعبود بالمعبد بالعمل؟» «لكن دون إسباغ المعنى اللاهوتي عليها» «ألا يتيح ذلك لبعض الدجّالين أن يدّعوا اتّحادهم بالذات الكليّة، مما قد يدفع بعض الناس إلى تقديسهم؟» «حدث مثل هذا من قبل أما الآن فهو شبه مستحيل» «لماذا؟» «لأن فهم فلسفتنا تعمّق عند الناس، إلى حد عدم فصل الذات الفرديّة عن الذات الكلّية، فهي ذات واحدة ونحن نجازف – إذا جاز التعبير – بتجزيئها، حين نؤكد أن الذات الفردية تتحد أو تبتعد عن الذات الكليّة بالقدر الذي تقترب فيه هذه الذات منها أو تبتعد عنها بعملها، والناس عندنا يعرفون أن هذا فكرنا وفكر أجدادنا نحن ولم ينزله علينا أي إله، وهو نتاج لتطوّر معرفي بدأ منذ آلاف السّنين، ثم إنه ينبغي على من يريد أن يدّعي ذلك الاتحاد أن يقوم بأعمال جبّارة ملموسة ومحسوسة، بدءاً من أعظم الإنجازات العلمية أو الفنيّة أو الأدبية، وانتهاءً بالتّفاني في خدمة الناس ومحبّتهم» «هل لك أن تضرب لي بعض الأمثلة على ذلك، ولتكن من حياة الراعي الأكبر عندكم؟» «الراعي الأكبر عندنا لم يقل يوماً أنه اتّحد بالذات الكليّة، رغم أنّه عمّق فكرة عدم انفصال الذات الفردية عن الذات الكليّة الكونية الكبرى، واعتبرهما واحدة، لكن التصرّفات السيّئة للفرد تقوده إلى أن يبتعد بذاته عن هذه الذات، وإذا ما ساءت أعماله كثيراً فإنها تؤدي إلى انفصال ذاته عنها، لكن دون العزل التام أو الانفصال المطلق، وبهذا المعنى يُصبح كل فرد متّحداً بالذات الكليّة. والراعي الأكبر عندنا يحمل أعلى شهادتين في الطب الدماغي والجهاز العصبي، وقد طوّر خلايا الجهاز المناعي النفسي، وخلايا الجهاز المناعي الفيزيولوجي في جسم الإنسان، وطوّر الخلايا الإبداعية في الدّماغ!» «يبدو لي أنني لن أخـرج مـن كوكبكم إلا مجنوناً أيـها العالم شاهـل، عـن ماذا تتحدث أنت؟» «هل كلامي غير مفهوم أيها الأديب؟» «هل يعني كلامك أنكم اكتشفتم من قبل جهازاً للمناعة النفسية في جسم الإنسان، وأنّكم استطعتم فرز خلايا الدّماغ أيضاً من قبل، وأنّكم تعملون على تطويرها، أكثر مما طوّرتموها؟!» «نعم أيها الأديب فكلامي واضح جدّاً» «في الحقيقة هو واضح إلى حد يدفعني إلى عدم التصديق، فنحن حتى الآن لا نعرف أنه يوجد جهاز مناعي نفسي في الجسم، وبالتأكيد لم ولن نستطيع فرز خلايا الدّماغ لمعرفة الخلايا المختصّة بالإبداع ونُقدم على تطويرها، يكفي أننا اكتشفنا كريات الدم البيض، وقد نقوم بتطويرها بعد ألف عام إن شاءت البساطير العظيمة التي لعنت ربّنا ورب آبائنا! آخ لو أن الذات الكُلية تبعث إليكم ببسطار عظيم من عندنا لتعرفوا قيمة الحضارة البُسطارية!» «أنا في الحقيقة لم أعد أفهم ما تقصد أيها الأديب؟!» «وهل من الضروري أن تفهموا كل شيء عندنا، نحن أيضاً نتجاوزكم بآلاف الأعوام من الحضارة البُسطارية!!» «مولاي أنا لم أفهم أيضاً ماذا تعني بالحضارة البُسطاريّة؟!» «لا! أنتم ستفهمون أيتها الأميرة، طالما توّجني ملك الملوك ملكاً عليكم، ستفهمون حتماً يا معشر الجن!» كان شاهل بيل والسيدة سلمنار يضحكان دون أن يفهما جيداً، هتفت السيدة سلمنار لتشير إلى أنها قد فهمت: «لقد مرّ كوكبنا بتخلّف أكثر من التخلّف الذي يعيشه كوكبكم الآن أيها الأديب لقمان!» وهنا أراد الأديب لقمان أن يقلب لها دماغها! فهو لم يخرج من حالته الانفعاليـة التي تأتـيـه كنوبات بين يـوم وآخـر وأحياناً بين سـاعـة وأخـرى، ليفقد السيطرة على توازن ما يُسمّيه خطّه الاستوائي المتأرجح! «أنا كنت أكذب عليكم أيتها السيدة سلمنار، كي لا تكتشفوا سر المعجزات الحضارية التي وصل إليها كوكبنا، والدّليل على ذلك وجودي معكم، وتحليق الجن في السماء، ودعوة ملك الملوك لبعض فتياتكم وشبابكم إلى غداء على المرّيخ، وإذا تشائين الآن أن تتناولي طعام الغداء على كوكب يبعد عن كوكبكم مليون سنة ضوئية ونعود قبل المساء فتفضّلي، أنتِ والسيد شاهل بيل كي تعرفا شيئاً يسيراً من معجزات الحضارة البُسطاريّة!!» «وانقلب رأس السيدة سلمنار حقاً، فراحت تحاور الأديب لقمان بجديّة وإن أحسّت أنه من غير اللائق أن يكذب عليهم ويدّعي أن كوكب الأرض متخلّف! «الحقيقة أيها الأديب لقمان أنني كنت أظن أن كوكبكم متقدّم علينا، خاصة بعد زيارتكم لنا، وتمكنكم من فك رموز لغتنا والتحدّث بها، نحن فعلاً لم نرقَ إلى هذا المستوى من الحضارة. ففي مجال الفضاء لم تستطع مراصدنا إلا رؤية الكواكب والسّدائم الواقعة على بعد ألف مليون سنة ضوئية!!!» أحسّ الأديب لقمان أنه ارتكب حماقة فظيعة، فقد بدا شاهل بيل في حالة من الذهول، وبدلاً من التوقّف عن هذه الحماقات، راح الأديب لقمان يغرق فيها أكثر: «فقط؟ ألف مليون سنة ضوئية فقط يا سيدتي، مراصدنا نحن أحصت حبّات الرمال الموجودة على كوكب يبعد عشرة آلاف مليون سنة ضوئية يا سيدتي، نعم عشرة آلاف مليون سنة عداً وهدراً، وعرفنا أن ثمة كواكب تضجّ بالحياة على بعد خمسمائة ألف مليون سنة ضوئية، وأنا في طريقي إليها فور انتهاء زيارتي لكوكبكم، وسأقيم على واحد منها، وأدعوكم لزيارتي أيضاً!!!» «لكن هذه إعجازات علمية أكبر من أن يتصوّرها العقل أيها الأديب لقمان!» «إنه إعجاز خُرافة الحضارة البُسطاريّة يا سيدتي، وهو حقاً أعظم وأعقد وأكبر من أن يستوعبه عقل بشري، أو يصدّقه، عفواً مع احترامي الشديد لعقولكم، وما بلغتموه من تقدّم لابأس به في مضمار الحضارة!!» بدت الدهشة الشديدة والذهول وهما يكتسحان وجهي شاهل بيل والسيدة سلمنار، إلى حد أدرك فيه الأديب لقمان أنهما انزعجا، وأن الجو قد ينقلب رأساً على عقب بين لحظة وأخرى: «قولي لي يا سيدتي، أنتم لا تعرفون الكذب؟!» «نعرفه لكننا لا نمارسه ولم نعتد على سماعه، حتى أن الكلمة تكاد تُلغى من قواميسنا!» «والمُزاح ألا تعرفونه أيضاً؟» «إذا كنت تقصد الكلام الطّريف فنحن نعرفه!» «لا، ليس الكلام الطّريف فحسب، يبدو أنكم لا تعرفونه أيضاً! هل تسمحين لي بتقبيل يدك؟» «لماذا؟» «لكي أعتذر!» «تعتذر عن ماذا أيها الأديب؟» «سأقول لك بعد أن أقبّل يدك!» ومدّت السيدة سلمنار يدها، نهض الأديب لقمان وانحنى، وأخذ يدها وقبلها: «أعتذر بشدة أيتها السيدة. فقد كنت أكذب عليكما وأمزح معكما، من شدة غيظي وقهري!» راح شاهل بيل يضحك، فيما هي فتحت فاها تعجّباً من هذا الكذب الموغل في الخيال، وظلّت على هذه الحال للحظات إلى أن هتفت: «لكن اسمح لي أيها الأديب لقمان فوجودك معنا يثبت أنكم متقدّمون علينا فعلاً لا قولاً في مجال الفضاء!» «لا يا ستّي، فأنتم أرسلتم مركبات إلى كوكبنا أيضاً لكنكم لم تتمكنوا من التّواصل معنا والتحدث إلينا، ثم إن طاقم مركبتنا جنّي وليس إنسيّاً!» «حتى تمكنكم من تسخير الجن مسألة ليست سهلة وفي غاية التعقيد، فنحن كدنا أن ننسى الجن!» «أتوسل إليك أن تظلّوا ناسيين، فهذه مسألة لها عُلاقة بالأساطير والخرافات أكثر مما لها عُلاقة بالعلم!» «وما أدراك. فقد تكون الخرافة حقيقة وقد تكون علماً صرفاً؟!» «يبدو أننا سنبدأ ثانية من حيث انتهيت في حواري مع السيد شاهل، لذا سأختصر لأقول، يمكنك أن تعتبري ذلك علماً وحقيقة، لكني أنا شخصياً عاجز عن إدراك حقيقتها وقوانينها العلميّة، ودعينا نكمل حوارنا حول تقدّمكم أنتم!!» «ليكن أيها الأديب لقمان، لكن اسمح لي أن أقول، أنني لو لم أكن أعلم أن المعرفة هي أكبر من طاقتنا كبشر على إدراك أبعادها المطلقة لأثار حوارك معي، ووجودك ووجود أعوانك معنا، فيّ الجنون بالتأكيد!!» «أحمد ذاتكم الكُلّية لتفهمك معجزاتنا! هل في مقدوري متابعة حواري مع السيد شاهل بيل؟» «بالتأكيد أيها الأديب لقمان» ارتفعت موسيقى صاخبة في المطعم وجنّ الراقصون من الإنس والجن، فعلّق الأديب لقمان: «بالمناسبة، موسيقاكم ورقصكم هذا يذكرانني بموسيقانا الصاخبة ورقصنا الجنوني على كوكب الأرض، يبدو لي أنكم في هذا المضمار لم تتجاوزونا أبداً» «هذه موسيقى للشباب والمراهقين أيها الأديب وليست لي ولك!» «حتى لو كانت للأطفال فأنا لا أحبّها، بل أشعر أنها تزعجني وتثير أعصابي» «هل أطلب إليهم أن يغيّروها؟» «لا، دعهم يمرحون فلن نفرض مزاجنا عليهم، ثمّ يبدو أن الجن منشرحون لها أكثر منكم. عن ماذا كنا نتحدّث سابقاً؟!» «عن تطوّرنا في علم الطب والجسد» «آه نعم! ماذا كنت سأسأل؟ أجل! هل يعني تطوّركم هذا أيها العالم أنه في مقدوركم أن تنجبوا العلماء والأدباء والمبدعين متى شئتم؟!» «إلى حد ما نعم! نحن في طريقنا إلى تحقيق ذلك تماماً!» «لو لم أحمل مسؤولية هذا الكوكب البائس، لطلبت اللجوء الإنساني على كوكبكم، وأرحت نفسي مِن كلّ هذا العناء!» «نحن نرحّب بك في أي وقت!» «إذا ما فشلت في تحقيق أحلامي سأعود لأعيش بينكم أيها العالم» «أهلاً بك متى شئت» «أكمل لي حديثك عن الراعي الأكبر أيها العالم، اضرب لي مثلاً ملموساً عن فهمه وتطبيقه للعدالة، وتفانيه في محبة الناس» «ثمّة نوع من السّمك لا يأكل منه الراعي الأكبر حتى الآن لأن أبناء الكوكب لم يأكلوا منه جميعاً لندرة وجوده، ونعمل الآن على الإكثار منه بعد أن وجدنا المناخ الملائم لذلك!» «غير معقول!» «ولماذا غير معقول أيها الأديب، يبدو أنكم لا تدركون على كوكبكم ما معنى أن يكون الإنسان راعياً أو زعيماً لأمة، فلو كنت مع أسرتك وأرسل لكم الجيران طبقاً صغيراً من الطّهي ألا تفضل أولادك على نفسك، وتترك حصتك الصغيرة لهم؟!» «ربما ممكن!» «ربّما؟! أنتم حقّاً لا تدركون معنى المسؤولية!» «نحن لا ندرك؟ سامحتك الذات الكونية، فأولاد بعض زعمائنا مثلاً، حسابهم في البنوك الخارجية أكثر من حساب آبائهم، انطلاقاً من المسؤولية التي يتحمّلها الآباء في تفضيل الأبناء وأفراد الشعب على أنفسهم! وقد لا تصدّق إذا ما قلت لك أن بعض زعمائنا لا ينامون الليل من كثرة التفكير في مصير الشعوب، فمثلاً تقتضي الحرية أن يكون عدد السجّون عندنا أكثر من عدد الحدائق، وإلا لن يعرف المواطن معنى الحرية، ويقتضي ضبط سلوك الفرد في معظم أوطاننا أن يكون هناك رجل مخابرات لكل خمسة مواطنين على الأكثر وإلا لن يكون منضبطاً! يحق لك أن تضحك، لكن لابدّ أن نلحق بكم، بل وسنتجاوزكم، وربما نستعمر كوكبكم، فأنتم لا تمتلكون قوى خارقة خرافيّة مثلنا، تصوّر أن أوّل عمل صغير قمت به، هو أنني جمعت الأسلحة كلّها ووضعتها على القمر خلال دقائق، وأمطرت على الكوكب ذهباً وماساً خلال دقائق، وصعدت إليكم خلال دقائق، وذات دقائق سأنفخ في روح البشريّة على كوكبنا لتقفز مائة ألف عام إلى الأمام، وفي هذه الحال سنتقدّم عليكم آلاف آلاف الأعوام!» «آمل ذلك أيها الأديب، لكن إياكم أن تفكّروا في استعمارنا، فقد استعمرنا بعضنا ما فيه الكفاية، وإذا ما فكّرتم بذلك، فلن نفهمه إلا إغراقاً في تخلّفكم!» «عفواً أنت محِق! إذ لا يعقل أن نكون حينئذ متقدّمين عليكم وتراودنا فكرة الاستعمار، سنتّحد معكم، وبما أنني أنا من حقّق هذه المعجزات الخارقة، يحقُّ لي أن أرشّح نفسي لمنصب الراعي الأكبر في الكوكبين وربما في الكواكب التي لا تعد التي سنوحّدها!» «أنا سأعطيك صوتي حينئذ أيها الأديب لقمان» «أشكرك. آخ! يبدو أنني لن أذهب لأنال قسطاً من الراحة أيها العالم، أريد أن أعرف كل شيء. وأن أرى كل شيء ويبدو أنني سأمكث عندكم أكثر مما توقّعت إذا لم أغيّر رأيي وأتابع رحلتي. قل لي هل تحترمون المفكّرين من أجدادكم الأوائل، وأنبياءكم ودياناتكم القديمة؟» «طبعاً هذا شيء عادي، لكننا لا نقدّسهم، نجلُّ العظماء منهم ونحترمهم، وخاصة من رقوا منهم بالفكر الديني إلى ذرى المُطلق بحيث جعلوه يقترب من فكرنا الحالي، إننا ننظر إليهم نظرتنا الآن إلى الراعي الأكبر الذي لا يحتل مرتبة قدسيّة رغم ما حققه من منجزات عظيمة، ورغم سلوكه الراقي في المجالات المختلفة. مثلاً هو الوحيد بين زعماء كوكبنا الذي أمضى عمره مع زوجة واحدة، مع أنه خلص في بعض أبحاثه إلى أن من مارسوا الحُب مع نساء أكثر أو العكس عاشوا زمناً أطول، ومع ذلك لا يرى أحد منّا أنّه يجب أن نفضّله على الآخرين ممن سبقوه وكانوا مولعين بالنّساء» «لكن الجميع يحبّونه ويحترمونه» «لا، ثمة من لا يحبّه ولا يحترمه إلاّ بقدر ارتباطه معه بالذات الجمعيّة والذات الكونيّة، ومدى إحساسه بهذا الارتباط!» «هل يُعاد تجديد انتخابه بعد الفترة الأولى؟» «لا، هذا غير وارد في دستورنا، هي فترة واحدة غير قابلة للتجديد» «حتّى لو أصّر الشعب على بقائه في سدّة الحكم؟» «حتّى الآن لم يصر الشعب عندنا على بقاء زعيم في سدّة الحكم، خلافاً للدستور» «ربّما لأن الشعب يخاف عودة الدكتاتوريّة!» «لا، هذا غير وارد، الشعب يريد التجديد الدائم، والبحث عمّا هو أسمى وأجمل وأرقى!» «وماذا عن حدود الديمقراطيّة، هل لديكم صحف معارضة مثلاً؟» «بل لا يوجد لدينا إلاّ صحف المعارضة، إذ ليس ثمّة صحيفة خاصّة بمجلس الرّعاية، فهو يعرف أنه سينتهي بعد خمس سنوات ولن يعود ثانية إلى السلطة!» «فعلاً، إن نظامكم حيّرني، وبماذا تعارض هذه الصحف؟» «كُلَها تقدّم رؤى جديدة لتطوير العلوم والآداب والفنون وأجهزة إدارة الحكم» «أكثرها معارضة ماذا تريد؟» «إلغاء مجلس الرّعاية وإلغاء منصب الراعي الأكبر» «وما البديل الذي تطرحه؟» «اللا نظام والحريّة المطلقة» «كيف اللا نظام؟ وما هي حدود الحريّة المطلقة؟» «إن شئت رأيي، لا يوجد حياة خارج النّظام، ولا يوجد حريّة مُطلقة» «ومع ذلك أرى أنّكم قطعتم شوطاً كبيراً في هذا المجال، بحيث قد يستحيل أن يأتي نظام موغل في المطلق أكثر منه» «إنهم يريدون إلغاء المسؤولية، وأن يفعل المرء ما يُريده» «حتى في أن يقتل؟» «لا طبعاً» «ماذا إذن؟» «مطالِب يتعلّق معظمها بالمتعة الجنسية وإشباع الرّغبات وما إلى ذلك» «لكن كل هذه المسائل متحققة في كوكبكم» «ثمة من يطالب بإلغاء الحياة المشتركة المحددة بين الرّجل والمرأة، إذ يعتبر هذا نوعاً من الزواج، والزواج في نظر هؤلاء مؤسسة فاشلة لابُد من سحقها، وجعل الرجل يتمتّع بجسد أي امرأة يريدها وفي أي وقت، وهذا ينطبق على النّساء أيضاً، وثمة من يطالب بمداعبة الصغيرات والصغار وما إلى ذلك حتّى لو كانوا دون سن الرشد! والافتضاض بدءاً من سن الثانية عشرة!» «قطعاً، لابّد أن يكون لهؤلاء جذور كوكبيّة أرضية. هل هُناك من يؤيدهم؟» «أقليّة لا تذكر» «لكن، ألا يشكّل هؤلاء نوعاً من التحزُّب؟» «لا!» «ومحطّات التلفاز والإذاعات من يسيطر عليها؟» «عاملون من مختلف الأطراف، وهي مفتوحة للجميع، وأقل المتحدّثين فيها، هم مجلس الرّعاية والراعي الأكبر!» «وإذا ما انتقد أو شتم أحدهم الراعي الأكبر أو مجلس الرّعاية عبر الإذاعة أو التلفاز أو الصحافة، ماذا تفعلون له؟» «لا شيء. فهذا من حقّه، لكن لغتنا شذّبت منذ زمن، ولم يعد فيها كلمات نابية كثيرة، ثمّ إن فلسفتنا تحطّ من مكانة الإنسان كلّما تدنّى في لغته وسلوكه ووعيه، وترفع من مكانته، كُلّما ارتقى، على أية حال نحن نخطط لكي لا يكون لدينا خلال فترة قريبة إلا الإنسان الكامل، بعد أن أصبحنا نتحكّم بمعظم الجينات الوراثية والمورّثات الأخرى، ومعظم خلايا الدّماغ والأعصاب وما إلى ذلك» ونهض الأديب لقمان وهو يهتف: «سأذهب لأرتاح وإلاّ سأجن بما حققتموه من منجزات، لكن قل لي، ما الذي تستطيعون الآن زراعته في جسم الإنسان من أعضاء؟» «كل شيء تقريباً!» «تقول كل شيء؟» «تقريباً! حتى الدّماغ والخصيتين!» «هل هذا يعني أنّ المجانين عندكم قد يزرع لهم أدمغة جديدة إذا ما فشلتم في علاجهم؟» «بالتأكيد» «لم يبق إلاّ أن تقول لي أنّكم تصنعون الأدمغة؟» «طبعاً، لقد أخبرتك قبل قليل أننا تدخلنا كثيراً في شؤون تطوير الدماغ، وفي المستقبل القريب لن يكون لدينا إلا الدماغ الذي نريد» «ولن يبقى أمامكم إلا التحكم التام في خلق البشر!!» «هذا ما سنحققه ذات زمن!» «قومي أيتها الأميرة يجب أن نرتاح، فأنت تعبتِ، وأنا أشعر أنّ دماغي لم يعد يحتمل، وكي أحتمل فيما بعد، ينبغي أن أبقى مدركاً أنني أعيش في خيال، على أيّة حال، لم تعد هُناك قوة قادرة على إقناعي أن هذا واقع!» «أنتَ هكذا تنسف كل ما توصّلنا إليه أيها الأديب لقمان!» «أنا لم أنسف أيها العالم، أنت أوغلت في الخيال، حتّى أكثر مما يقتضيه التوحّد مع الذات الكلّية!!» «ستعرف أنني لم أوغل حين تدرك أن النفس الإنسانية تتوق دوماً إلى الكمال، إلى ما هو أجمل وأرقى وأسمى، وكُلّما قطعت شوطاً في المعرفة تجاوزته إلى شوط آخر، وكُلّما عاشت لحظة سعادة دمّرتها لتبحث عمّا هو أجمل وأكثر سعادة منها، إنه سر هذه الصيرورة المعقّدة بين الذات والطبيعة، أو بين الذات الإنسانية والذات الكونية، يمكنك أن تنصرف أيها الأديب!» وعاد الأديب لقمان ليجلس! «ماذا أراك جلست؟» «كم بودّي أن أنصرف، لو لم أجد نفسي مشدوداً إليك بألف حبل!» «سأقطعها لك أيها الأديب!» «لا أظن أن في مقدورك أن تفعل ذلك أيها العالم، فهي حبال مسحورة! هل تريد أن تقول لي أن السّعي الدائم إلى ما هو أجمل هو دأب الإنسان عندكم؟» «نعم هذا صحيح وأظن أننا تطرّقنا إليه أيها الأديب لقمان: «وما هو الأجمل في نظرك، أقصد متى يبلغ الإنسان ذروة الجمال والكمال؟» «حين يحقق انسجامه الكامل مع الوجود!» «هل تقصد اتّحاده بالذات الكليّة؟» «بل ذروة الكيفيّة التي توحّده بالذات الكليّة، نحن نرى، أنّ هذا الكون مسيّر حسب نظام غاية في الدقّة، ولولا ذلك لاصطدمت ملايين الكواكب والنجوم واحدها بالآخر، ودمّر الكون وانتهت الحياة، وكل ما في هذا الكون من كائنات عدا الإنسان، حقق انسجامه الكامل مع هذا النظام، ولم يشذ عنه إلا الإنسان، الذي ما يزال يسعى لتحقيق هذا الانسجام!» «ولِمَ شذّ عنه الإنسان دون باقي الكائنات؟» «لأنه لم يقبل بواقعه كما هُو، أراد أن يحقق انسجاماً أرقى، أو توازناً متكافئاً مع هذا النظام، فارتكب من الحماقات ما لا يُحصى!» «ومتى سيحقق الإنسان ذلك الانسجام حسب رأيك؟» «ربّما خلال آلاف السّنين، وربّما خلال مئات الآلاف، وربّما خلال ملايين، وربّما يدمّر نفسه ويدمّر الكون المحيط به دون أن يبلغ هذا الكمال من الانسجام» «أشكرك أيّها العالم، يبدو أنني سأنصرف، لأنال قسطاً من الراحة رغم الأسئلة الكثيرة التي تلحّ عليّ. ثمة سؤال أخير يتعلّق بالغاية التي تنشؤون عليها أجيالكم، فهل ينشأ الإنسان عندكم على أن غايته في الحياة هي البحث عن الكمال، أو لنقل البحث عن الأسمى والأجمل والأكثر تكاملاً، للوصول ذات يوم إلى أقرب حدود الكمال المطلق؟!» «بالتأكيد أيها الأديب، وأظن أننا تطرّقنا إلى ذلك أيضاً، إنما بشكل آخر، والإنسان عندنا دون هذه الغاية لن يكون إنساناً! لا مجال بيننا للإنسان الكسول الخمول المستكين إلى الماضي والسَّلَف!» «وماذا عن متطلّبات الحياة، كالطعام والشّراب والسّكن والعمل والجنس وما إلى ذلك؟» «كل هذه المسائل حق طبيعي له وليست غاية، لا يوجد عندنا إنسان غايته أن يعمل ويأكل ويشرب ويتزوّج وينجب أولاداً ويتعبّد لمعبود ما، لقد مررنا بهذه الحقبة منذ آلاف الأعوام، وقد تجد الإنسان عندنا يعمل في مهنة لا تحتاج إلى إبداع أو معرفة، لكنك إذا ما دخلت إلى بيته ستجد فيه مكتبة قد لا تقل عن مكتبتي، وقد يفهم في مختلف مجالات المعرفة بقدر ما أفهم أو أكثر!» «بالمناسبة هل تحددون النسل عندكم؟» «نعم، لا يُسمح بإنجاب أكثر من طفلين عندنا، ومعظم الأمهات لا ينجبن أكثر من طفل» «لماذا تقول الأمهات وليس الآباء والأمهات؟» «لأن دور الآباء عندنا ثانوي، إذ ثمة نساء ينجبن دون زواج أو من مضاجعة عابرة، أو يلقحن أنفسهن في المختبرات» «وهؤلاء الأطفال إلى من ينسبون؟» «إلى أمّهاتهم في الغالب» «قل لي، هل تحمل المرأة عندكم تسعة أشهر؟» «لا، كانت كذلك، لكننا عملناها ثمانية والآن نحاول أن نعملها سبعة، وفي المستقبل لن تكون أكثر من ثلاثة أشهر وكلما قصرت فترة الحمل كلّما زاد عمر الإنسان!!!» بدا الأديب لقمان وكأنّه سيجن حقاً. ألقى نظرة على الأميرة نور السماء وسألها: «نساء الجن أيّتها الأميرة كم شهراً يحملن؟!» «تسعة يا مولاي» ونظر إلى رجل المعرفة وخاطبه بتوسّل: «يا رجل حتّى نساء الجن يحملن تسعة أشهر، أرجوك، أستحلفك بذاتك الكونيّة أو الكليّة، أن تكون واقعياً بعض الشيء، وأن لا تحدّثني بما لا يحتمله عقلي الصغير، وألا تغرقني في الخيال أكثر مما أنا غارق فيه، بل أكثر مما يغرق فيه المجانين من بعض المؤلّفين!!» «المشكلة أيها الأديب أنّك ترى الحقيقة خيالاً ولا تريد أن ترى الخيال حقيقة، وآمل ألا يضيع عقلك بينهما!» «أنت تحيّرني حقاً، لِمَ تساءلت بالأمس عن الحقيقة والخيال حين تساءلت عن حقيقتنا كجن وإنس على كوكبكم، ولِمَ أجبتنا بما أجابتك به الأميرة نور السماء حين تساءَلنا نحن فيما بعد عن حقيقة أو خيال ما يجري على كوكبكم؟» «في المرّة الأولى كنت أختبر مدى معرفتكم، وفي الثانية، أجبتكم على قدر فهمكم!!» «والآن أيها العالم؟» «الآن أجيبكم حسب معرفتي أنا، لذلك يصعب عليكم تصديقي!» «وهل نحن الآن حقيقة في نظرك؟» «نعم، لكن بقدر ما أنتم خيال!» «لا! غير معقول! هيّا أيتها الأميرة، دعينا نذهب، أعاهدك أيّها العالم أنني لن أطرق حديث الحقيقة والخيال ثانية، وسأبذل كل جهدي لتصديق ما سأسمعه منك!»
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسفار التوراة : قراءة نقد وتعليق . (3) قضاة . راعوث. صموئيل
...
-
ملحمة الملك لقمان.(5) حقيقة وخيال وجن وخوازيق!
-
أسفار التوراة . قراءة، نقد وتعليق .(2) خروج . لاويين . عدد.
...
-
شاهينيات (107) ايليا يصعد إلى السماء قبل قدوم المسيح!
-
ألملك لقمان . ملحمة روائية . الجزء الأول . (4) ليلة راقصة عل
...
-
ألملك لقمان . ملحمة روائية . الجزء الأول . (3) صعود إلى الفض
...
-
ألملك لقمان . ملحمة روائية . الجزء الأول . (2) رؤيا شيطانية!
-
قصة الخلق التوراتية . طوفان نوح . دخول اليهود إلى مصر وخروجه
...
-
لملك لقمان . ملحمة روائية . الجزء الأول . (1) محاولة انتحار
-
باقون في رنّة الخلخال ! وذاهبون أنتم في المحال !
-
شاهينيات (106) حروب متخيلة وارتداد عن عبادة يهوة كالعادة .
-
شاهينيات (105) إيليا يذبح أربعمائة وخمسين نبيا من أنبياء الإ
...
-
شاهينيات (104) سليمان يغرق في حب نساء الشعوب فيتزوج 700 امرأ
...
-
شاهينيات (10) سليمان يبني بيتين اسطوريين له وللرب يهوه !
-
شاهينيات (102) موت داود وتملك سليمان . * (1048) سليمان يصفي
...
-
شوربة عدس سبع نجوم !
-
بمناسبة الإحتفال باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف: أهلا يا
...
-
آخ يا ظهري وقعت أسير- ترانيم الغواية -!!
-
شاهينيات (101) حروب بلا نهاية يخوضها داود مع الفلسطينيين! (1
...
-
حزب الشعب الفلسطيني ينعى أب الماركسيين العرب يعقوب زيادين .
المزيد.....
-
“بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا
...
-
المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
-
رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل
...
-
-هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ
...
-
-جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
-
-هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|