|
شعوب أصبحت لا تقرأ مثلنا !!
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4792 - 2015 / 4 / 30 - 00:32
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
شعوب أصبحت لا تقرأ مثلنا !! لاشك أن الزائر لمدينة النور وعاصمة الثقافة والموضة والجمال والفن والحلم والرومانسية "باريس " سيصاب لامحالة بمثل ما أصبت من من استغراب من حجم التغييرات السلوكية التي طرأت على مواطنيها خلال فترة زمنية قصيرة جدا ، وربما سيزعجه ويؤلمه ، كما أزعجني وآلمني ذاك التغير الخطير الذي مس سلوكيات الكثير من الباريسيين وعامة الفرنسيين خاصة المتعلقة بالقراءة ، التي كانت من طبيعتهم ، والتي ما كان الزائر منا ، أن يشاهد الواحد منهم ، من كل المراحل العمرية ، ومن كل الأجناس ، سواء داخل القطارات أو في محطاتها أو أماكن الانتظار بها ، إلا وبيده كتاب أو مجلة أو نشرة أو جريدة من تلك المجلات والجرائد المجانية والتي كانت ولازالت توزع بالمجان عند بوابات ومداخل المتروهات ، وذلك تقديرا منهم لقيمة الوقت ، واستثمارا له في القراءة ، الشيء الذي ضعف ، مع الأسف ، بصفة فظيعة جدا ، حيث غدا من السهل ملاحظ وبجلاء ، عند ركوب أي وسيلة من وسائل النقل الفرنسية العامة ، من حافلات ومتروات وقطارات الأنفاق الباريسية وغيرها من القطارات RER وTGV السريعة الرابطة بين المدن ، ندرة الركاب الذين يقرؤون كتابا أو جريدة أو مجلة ، وغالبا ما تكون تلك القلة القليلة التي تقرأ من كبار السن ، أما غيرهم ، و خاصة صغار السن والشباب ، فتراهم ، وقد أمسكت الأغلبية العظمى منهم بهواتف ذكية ، متنوعة الأحجام والأشكال ، وتغرق في كومبيوترات ولوحات أذكى ، من "الآي باد" و"الآي فون" ، وكل ما أنتجته عوالم التقنية الرقمية من آلات وأجهزة الكترونية الحديثة ، يشاهدون من خلالها الأفلام ، أو يتلهون بالألعاب المسلية ، أو يستمعون للموسيقى ، لكن في انضباط بقواعد تحترم القوانين وسلوكيات تحمي من الإزعاج غيرهم من الركاب ، الذين ربما لا يقرؤون ولا يستعملون تلك الآلات التي عوضت الكتاب والمجلة والجريدة في عالم كانت فيه القراءة وسيلة فعالة في التثقيف واكتساب المعارف والمعلومات ، والتي بلغت حصيلتها عند الفرد الأوروبي الواحد ، -قبل اليوم وإبان هوس الأوربيين بالقراءة - ما يعادل ثقافة ٢-;-٨-;-٠-;-٠-;- شخص عربي ، حيث كان الفرد الإنجليزي مثلاً يقرأ ٣-;-٥-;- كتاباً في العام ، حسب إحصاءات مؤسسة الفكر العربي التي تقول أن معدل القراءة عند العرب هو ٤-;- في المائة من قراءة الأوروبي ، وأم كل ٨-;-٠-;- شخصاً في البلاد العربية لا يقرأ سوى كتابا واحدا في العام لاعتماد الغالبية العظمى منهم في اكتساب معارفهم على السماع والمشافهة ، دون الوقوف طويلاً بعهد الكتاب ، ذاك العهد الذي لم يتوقفوا عنده قط ، لا طويلاً ولا قصيراً ، وانتقلوا مباشرة من عصر الثقافة السمعية التقليدية ، التي اعتمدها فيها على المشافهة واستماع القصص عبر الراوي أو الحاكي ،العيار عند المغاربة ، إلى عصر معرفة الحدث عن طريق الصوت والصورة ، والتي يكون العقل فيها ساكناً يملى عليه ما يسمع و يشاهد ، المناسبة للعقل العربي الذي في الغالب هو عقل بدوي بدائي ، يتعلم بالتقليد والمحاكاة والتكرار ، يحفظ ولا يدرس ، يتلو أقوال وأشعار الغير، ولا يستوعب المعادلات الرياضية أو التفاعلات الكيميائية أو منطق عمل عناصر الحياة ، ولا يعترف بمنطق أو فلسفة ، عكس القراءة التي تحرك العقل وترجه وتحثه على التفكير والاستنتاج ، وتترك له مساحة من الفهم تخصه وحده. وأختم بالقول بأن قضيّة التمدن والتحضر، أو البداوة والتخلف ، ليست مرتبطة بالضرورة بمستوى استعمال التكنلوجيا الالكترونية الحديثة. وإنما بالمبادئ الروحيّة والعقليّة والامتثال للضوابط القانونية والأخلاقية في مجتمع حضاري أو بدائيّ
حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المكتبات المدرسة
-
تنقية الدين
-
دنيا الاحفاد ..
-
وداعا -إزم-
-
التحدي المصري الجديد !!
-
من ذكريات الطفولة
-
الرجل المناسب في المكان المناسب
-
عيد المرأة بنكهة جديدة
-
أتهنئة أقدم للمرأة في يومها العالمي ، أم تعزية ؟؟؟
-
التغيير ضرورة وليست ترفا ..
-
يوم عالمي جديد للمرأة
-
ضرورة تغيير آليات التحاور؟؟
-
التطرف يفسد العلاقة بين الناس
-
الخطاب السياسي المستحدث ..
-
عيد الحب .
-
الخطاب السياسي لرجال الدولة !!
-
عبارات حمالة للأوجه والمعاني
-
-اعطيني صاكي- ، والرأي العام !!
-
نعم نحن مع بناء مؤسسة برلمانية قوية ، ولكن !!
-
وبينما المتقاعدون منغمسون في أحلامهم المؤجلة ؟؟
المزيد.....
-
زاخاروفا: محاولة اغتيال ترامب مظهر ديمقراطي حسب منطق الخارجي
...
-
مدفيديف: روسيا أصبحت أكثر استعدادا للصراع مع الغرب مما كانت
...
-
ليبيا ترفع القيد الإجرائي عن 13 متهما في محاولة اغتيال مستشا
...
-
ترامب لا يستبعد رفع العقوبات عن روسيا ضمن صفقة حول أوكرانيا
...
-
لافروف يجتمع بنظيره السويسري في نيويورك
-
مدفيديف: أي محاولات من قبل الناتو لتهديد حدودنا ستواجه ردا ح
...
-
بعد أشهر من توقف الهجمات... مسيرتان تستهدفان -عين الأسد- بال
...
-
بايدن يتعهد بمواصلة السباق الرئاسي ويهاجم ترامب
-
داعش يعلن مسؤوليته عن هجوم على مسجد للشيعة في عمان
-
بايدن يتعهد بمواصلة السباق الرئاسي وينتقد سياسات ترامب
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|