ثائر ابو رغيف
كاتب وشاعر
الحوار المتمدن-العدد: 4791 - 2015 / 4 / 29 - 11:46
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
رغم ان شريحة كبيرة من مواطني الولايات المتحدة, كندا, استراليا, نيوزيلند وبالطبع المملكة المتحدة من اصول انكلو ساكسونية الا انهم لم يرفعوا شعارات مثل امة انگليزية واحدة ذات رسالة خالدة ولم يصنعوا اصناماً قومية كالقائد الضرورة العراقي وخالد الذكر المصري , ورغم ان عددا لابأس به من الدول تتكلم الاسبانية الا ان لم ينبس احدهم ببنت شفة لادانة عدوان المملكة المتحدة على الارجنتين عام 1982 المتعلق بجزر الفوكلاند الارجنتينية المحتلة من قبل المملكة المتحدة . لا انكر هنا ان الكثير من الدول التي تجمعها لغة موحدة اسست مايشبه بالجمعيات والنوادي الثقافية مثل الفرانكوفونية للدول الناطقة بالفرنسية او اللأتينية للناطقين بالأسبانية وغيرهم الا انها بقيت جمعيات ثقافية وخيرية لا اكثر, لا علاقة لها بالفكر القومي الذي دأب الكثير من منظري الحركات القومية في القرن العشرين او ممن يحلو للبعض تسميتهم قومجيون ان يحاولوا وشمه على مؤخرة ذاكرتنا الجماعية كما يوشم رعاة البقر ابقارهم وعلى ان يعّرِفوا القومية العربية على انها مجموعة الصفات والمميزات والخصائص والإرادات التي الفت ما بين "العرب" وكونت منهم أمة و كوحدة الموطن واللغة والثقافة والتاريخ والمطامح والمصلحة المشتركة. هذا التعريف وللانصاف به نوع من الصحة ولكن من أتوا به لن يستطيعوا تعميمه مهما فعلوا فعلى سبيل المثال عندما تسأل كندياً عن قوميته ستكون اجابته كندي (انتماء لدولة او كيان) وليس لعرقه الذي قد يكون انكلو ساكسوني او دينه او لغته انجليزية كانت او فرنسية اولثقافته وتاريخه ذو الجذور الرومانية وربما لو حاول احدا ما ان يأتي باقرب رديف للقومية حسب المعنى المقصود من قبل العروبيون اعلاه في اللغة الانجليزية سيكون هذا الرديف كلمة تعني العِرق وهو شبيه لحد ما للمعنى القومي الذي تبنته الحركة النازية والذي يضع مكون العرق الآري في مكانة متقدمة ضمن الشروط اللازم توافرها للبنية القومية.
القوميون العرب وحدهم خلطوا هذه الوصفة المتشعبة ليصفوا بها القومية بل وليحولوا مضمون القومية من معنى وصفي الى منهج ايديولوجي, ربما سبب الأسهاب في الوصف ناجم عن الحاجة لتبرير انتحال العرب الاوائل من عرب عاربة وبائدة ومستعربة لاراضي وثقافات شعوب المنطقة وفرض العربية على هؤلاء, نعرف من استقراء التاريخ القديم ان الهلال الخصيب كان يقطنه السومريون (اسلاف المندائيين/خزعل الماجدي " جذور الديانة المندائية " ) , الكلدانيون والاشوريون ولتاريخ احدث الاكراد او الكورد ومعظمهم لاينطق العربية او يكتب باستخدام حروفها, ولو ادرنا البوصلة جهة الغرب نجد ان مصر القبطية التي كانت لغتها مزيج من القبطية / الهيروغليفية والاغريقية لحد بدايات القرن الثامن حين قرر الخليفة عبد الملك بن مروان استخدام العربية بدلا من اللغة الاغريقية والقبطية, قاربت اللغة القبطية على الاندثار الا ان وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر استطاع البابا كيرلس الرابع من القيام بحملة لاحياء اللغة القبطية ومازالت الحملة مستمرة . في الغرب ايضا نجد الامازيغ الذين مافتأوا يناضلون من اجل هويتهم وممن يرفضون جمعهم ببوتقة القومية العربية.
القوميون وحدهم من صاغوا مفهوم "النظرة القطرية الضيقة" الذي يستحيل تطبيقه على اي دولة في العالم خارج الحدود المفترضة لوطنهم العربي والا كيف سيكون لحكومة الاوراغواي مثلا نظرة قطرية ضيقة عندما تنظر امصلحة شعبها بدون الاخذ بالحسبان رأي اسبانيا, البرازيل او اي بلد لاتيني. وغالبا مايستخدم هذا المفهوم للنيل ممن يخالفونهم عقائدياً كما استخدموا مفهوم الشعوبية (الشعوبي هو الذي يسوي بين العربي وغيره او من يفضل غير العربي على العربي) بكثرة خصوصا اثناء الحرب العراقية الايرانية.
يبدو ان اساطير العرب الاولين عن كون قبيلة جُرهم اليمانية (التي نزحت الى مكة وآوت أسماعيل وامه بعد ان تخلى عنهما ابراهيم ارضاء لزوجته الاولى سارة) من امهات العرب وان نسبة العرب الى يعرب لها نوع من الصحة فالتعريف القومي اعلاه يتجلى فقط في عربان الجزيرة من حيث الموطن, اللغة, الثقافة , التأريخ والمصلحة المشتركة (اذ ان كل الدول الباقية تتكون من ثقافات ولغات, تواريخ ومصالح يفرقها اكثر مما يجمعها), استثني اليمن والبحرين فاليمن لامصالح مشتركة تربطها بممالك النفط لشحة ثرواتها النفطية اما البحرين رغم انتمائها لمجلس التعاون الخليجي فنسبة كبيرة من مواطنيه تتبع المذهب الشيعي الذي تتهمه ممالك النفط ولو بشكل باطني بمرجعيته لايران الفارسية.
الغريب في الامر ان امارات وممالك البترودولار الضاربة اصولها في عمق العروبة لاتولي مسألة القومية اهتمام جدي أذ ربما تاتي مصلحة وامن ناديهم في المرحلة الاولى من اهتماماتها وبعد ذلك مباشرة يأتي التحشيد الطائفي وفي حال ان استخدمت القومية فستستخدم في اطار العرب السنة ضد الفرس والشيعة بشكل خاص فاسرائيل مثلا لاتعني هذه الانظمة قوميا. ربما الدليل على ما ذكرت ماحصل مؤخرا في العدوان السعودي على اليمن وطلب مملكة البترودولار مساعدة باكستان الأجنبية لضرب قطر عربي وما يحصل من دعم نادي البترودولار المادي والمعنوي لسرطانات الارهاب في قطرين "عربيين" لان هذه السرطانات تتبع تعاليم مذاهب هذه الممالك التكفيرية.
ألجامعة العربية باتت كيانا مهترء يتكون غالبا من متسولي الدول الفقيرة واثرياء الدول المانحة والتي باتت تقرر اتجاه القرارات لهذه الجامعة لذا بات واجبا على الدول الاعضاء الغير مستفيدين من هذه الجامعة ان يعيدوا النظر بموضوع عضويتهم التي قد تجلب عدوان مماثل لما حصل في اليمن, فقد اكتفت السعودية وممن شارك معها في العدوان بالحصول على موافقة الجامعة ليبدأوا بعدوانهم ولا اعتقد ان غطاء الجامعة سينفع اذا قررت السعودية وحلفاؤها مهاجمة النيجر مثلا اذ سيتطلب الامر موافقة الامم المتحدة. حان الوقت للخروج من هذا الكيان الذي لم يقدم اي خدمة ايجابية تذكر لاعضاؤه خصوصا وان هذه الجامعة تم تأسيسها عل اساس مقترح المملكة المتحدة عام 1942 ؛ لهزيمة ألمانيا النازية في مسرح عمليات الشرق الأوسط في الحرب العالمية الثانية. .
#ثائر_ابو_رغيف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟