|
ما أبشع الديمقراطية الحديثة
فوزي بن يونس بن حديد
الحوار المتمدن-العدد: 4790 - 2015 / 4 / 28 - 11:25
المحور:
كتابات ساخرة
ما أبشع طعم الديمقراطية في الدول العربية، هل لأنها صنعتها دول أجنبية أو لأنها جاءت إلينا في غلاف مزيّن ومزركش كهدية، ظنناها المخرج من أزماتنا فإذا بها توقعنا في أزمات أشد وقعا على النفس من الأولى، إنها الديمقراطية التي تختفي وراء سراب، كلما حاولنا الإمساك بها أفلتت وصدّرت لنا ظلّها البشع الذي تمسك به الملثمون الداعشيون والسلفيون الماقتون، ويبدو أن العرب لم يفهموا معنى الديمقراطية لأنهم لم يعيشوها يوما في حياتهم، أو لأنهم همج رعاع لا يستقيم حالهم إلا بالعصا، ويبدو هذه العصا خشنة لا تعرف إلا العنف والقتل والذبح بالسكين، ماذا يحصل في عالمنا العربي، ماذا الذي حدث، توهم العربي أن الحرية قد أتت ولا مجال للاستبداد والظلم والدكتاتورية وإذا به يفاجأ بجماعات لا ترحم، تذبح من الوريد إلى الوريد ، جماعات تنادي باسم الإسلام وتذبح باسم الإسلام، وتفجر العمران وتقضي على كل جميلباسم الإسلام، وتهلك الحرث والنسل باسم الإسلام، جماعات ملثمة فارهة البنيان مدججة بالسلاح لا تعرف إلا الموت في قاموسها، وقاموسها لا يعرف إلا الموت على الطريقة التي تريدها وأمام وسائل الإعلام التي تنقل الخبر وكأنه مقدس. داعش ذلك العنكبوت المخيف الذي يعضّ الناس فيهابونه، صار اليوم على ألسنة الناس شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، من صنعه؟ ومن يدعمه ؟ سلاحه لا ينفد بينما الجيش النظامي تنفذ ذخيرته بسرعة، هل تحارب معه الملائكة أم أن الجن سخّر نفسه للجهاد معه على أرض المعركة، كيف يحصل هذا في عالم العرب، ألا توجد عاصفة حزم أخرى تهبّ عليه فتسحقه وتريحنا منه وتريح أعصابنا؟ هل الدنيا صارت في مهب الريح ولم يعد أي شيء في مكانه الصحيح أم أن العالم قد تغير وفق الرؤية الأمريكية والشرق الأوسط الجديد؟. أشك أن داعش إسلامية مائة بالمائة، أشك أن هذه الرؤوس، رؤوس إسلامية، ما هي إلا مافيا تعمل لحساب أجندات خارجية ودراسات سابقة خطط لها المستشارون والخبراء بعد أن رأوا الإرهاب سيضرب أراضيهم ويفجّر معادنهم، رأوا أنه لا بد من تغيير قواعد اللعبة وتصدير الإرهاب لمن كانوا يرهبونهم، ورأو ان المسلمين من السهل اللعب بعقولهم في هذا الزمن، فضربوا على وتر الطائفية حينا وعلى وتر الديمقراطية أحيانا أخرى، حسب موقع الدولة وشرائح المجتمع، فسخنت الساحة العراقية ومن بعدها ليبيا ثم سوريا والآن اليمن والله أعلم بمن بعدها، لم يكن المسلمون يتوقعون هذا البأس من وراء الديمقراطية والحرية، هم جرّبوا ووقعوا في الفخّ، ولم ينجحوا، لأنهم اعتمدوا على قواعد غربية هاوية، ظنوا أن الغرب سيكون معهم بينما الغرب لا تهمّه إلا مصالحه، فالعلاقات العربية الغربية اليوم مبنية على هذه المصالح الآنية، كلما انقطعت المصلحة تحول الصديق إلى مارد وعدو لدود يتربص بحليفه السابق، وهكذا الحلبة تدورفلا توجد علاقات مبنية على الأخوة الصادقة والمصالح والاحترام المتبادل. ماذا يجري في عالمنا؟، داعش صمّت آذاننا بأخبارها اليومية التي تكتسح الشاشات التلفزيونية، بفيديوهات وتهديدات لجميع السكان، إرهاب من طراز رفيع وراءه دول تعمل على تعزيزه وتجذيره لتدمير الدول العربية من الداخل، دولة دولة، ولن تسلم دولة من لهيبه وعاره، إنه لهيب الدخان الأسود، الذي دبر له الغرب بإتقان وها هو اليوم يشاهد من بعيد كيف يدمر الإخوة الأشقاء بيوتهم بأيديهم، الأيدي التي بنتها وشقت من أجل أن تعيش فيها بسلام. أما دعاوى المنظمات المشبوهة أنها تحافظ على حقوق الإنسان بكل أنواعها الإقليمية والدولية فهي كالكلب ان تحمل عليها تلهث وإن تتركها تلهث، لا حراك لها ولا مساس، بل وجودها كعدمها، لا تفعل شيئا إزاء أي شيء، ولا تكون لها الكلمة العليا، بل إنها تعيش في الحضيض، وفي قمة القمامة، منظمات صنعها البيروقراطيون في العالم، هدفها الاستمتاع بترويع الآمنين لا سيما المسلمين، وحتى منظمة التعاون الإسلامي التي كنا نأمل بها خيرا تحولت فجأة إلى عميلة هي الأخرى، لا يهمها ما يحدث في عالمنا الإسلامي من شقاء وصل حده الأدنى ولم نعد نتحمل ما يحدث لنا. يجب على العلماء المخلصين من هذه الأمة أن يعلنوا ولاءهم للإسلام، ويظهروا في وسائل الإعلام متحدين تجمعهم راية الإسلام، يعلنون أن العدو واحد وهو اسرائيل، وما عدا ذلك يجب أن ينتهي، يجب أن نضع حدا للمسلحين في أي بلد، وأن نغلق القنوات التي تؤجج الصراعات في البلدان، ونشكّل وحدة قومية إسلامية لمجابهة الصعاب، فإعادة البناء من أصعب المهمات، وما صرنا إلى هذا الوضع إلا لاننا لم نفهم حقيقة هذا الدين بعد، لأن الإسلام دين العزة والقوة والمنعة لا دين الخذلان والإذلال، وهذا هو ما حذرنا منه نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم ولكن المسلمين في سبات عميق كما يبدو لم يستيقظوا رغم الصعقات القوية التي تهز كيانهم وما كان ذلك ليحصل لو فهم أبناء الإسلام حقيقة دينهم استمرأوا الحرام وباتوا يغوصون فيه بأموالهم دون رجوع وتوبة واستغفار والتزام بمبادئ الإسلام السمحة بل إن ذلك ربما يعزز مكانتنا ويوحد صفنا.
#فوزي_بن_يونس_بن_حديد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العرب على كرسي الإعاقة
-
العالم ينتقم من المرأة
-
أين الدكتور القرضاوي؟
-
العالم يعيش نكبة تاريخية
-
الإرهاب يضرب في الأعماق
-
أنا إنسان
-
واجتمع الإرهابيون في باريس
-
لماذا تعارض المرأة التعدد رغم أنه الحل
-
المرأة تعيش البؤس في العام الذي مضى
-
المرأة العربية تعيش بين الوحوش
-
العام الجديد كيف نستقبله؟
-
صدمة الانتخابات في تونس
-
الألم سر الحياة
-
اللجوء قسوة لا تنتهي
-
أيها التونسيون ... أليس منكم رجل رشيد؟
-
تركيا وسط النار
-
المرأة ستظل مستعبدة مالم
-
هل يفعلها السبسي مرة أخرى في الرئاسة؟
-
إنه الانتصار لتونس الشعب
-
الغنوشي يستحقها
المزيد.....
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|