يوسف بوقرة
الحوار المتمدن-العدد: 4787 - 2015 / 4 / 25 - 21:42
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
اتجهت أنظار عائلات شهداء الثورة التونسية وجرحاها يوم الخامس عشر من أفريل نيسان الجاري إلى محكمة التعقيب بالعاصمة التونسية حيث نظرت إحدى دوائرها المختصة في ملف ما أصبح يُـعرف بقضية شهداء وجرحى كل من إقليم تونس الكبرى ومدينتي تالة والقصرين الواقعتين في الوسط الغربي للجمهورية التونسية. انتظر الحاضرون حكما يختلف عن ذلك الصادر عن المحكمة العسكرية إلا أن هيئة المحكمة أرجأت التصريح بالحكم إلى جلسة التاسع والعشرين من هذا الشهر.
لم تنل هذه الجلسة حظها من التغطية الإعلامية ولا عجب في ذلك إذ أنّ لحوم الحمير وجلودها والدراسات الحديثة في عالم الخمريّات بالإضافة إلى تخزين البيض استعدادا لشهر التوبة والغفران هي أمّهات القضايا المطروحة للنقاش والاستهزاء في تونس هذه الأيام.
ومن مفارقات المشهد القضائي التونسي أن يتصدّره قانون آخر بدأ يشق طريقه بثبات إلى هذا البرلمان بعد أن مهّد له الإرهاب والتهريب والترهيب الطريق، وهو قانون الشبهة فيه «سيّدة الأدلة» ويُمنع بموجبه بعض المواطنين من الحصول على جواز سفر لمجرّد شبهة قد تكون لحية لا يهمّ لونها بقدر طولها أو صلاة في وقتها أو وشاية من بعيد أو قريب. أمّا في قضايا الشهداء فلا مكان للشبهة بل لابد من أدلة مادية دُفن معظمها مع أكفان الشهداء.
وجاءت مفارقة أخرى من الجارة الجزائر التي زارها سكرتير الدولة الفرنسي المكلف بشؤون المحاربين القدامى للمشاركة في إحياء الذكرى السبعين لمجزرة مدينة سطيف التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الجزائريين غداة هزيمة الألمان في الحرب العالمية الثانية. وقد أعلن الوزير أن الهدف من هذه الزيارة هو«الاعتراف بالعذابات التي عانى منها الجزائريون خلال تلك الفترة». هناك في الجزائر تُفتح ملفات بعد عشرات السنين أمّا هنا في تونس فإن ملفات الشهداء والجرحى تُطوى الواحد تلو الآخر قبل أن تطفئ ثورة 17ديسمبر2010 شمعتها الخامسة.
سينتظر أفراد عائلات شهداء وجرحى الثورة التونسية عدّة أيام قبل أن يتعرّفوا إلى نتائج هذا المسار القضائي الفريد الذي انتهجته قضيتهم. سيرابطون في بهو المحكمة كالعادة وهم يدركون أن ذويهم في أحسن حال لدى الرفيق الأعلى وهو ما نتمناه للسابقين واللاحقين منهم ولكنهم في مقابل ذلك يخشون من أن تصبح قضيتهم كقضية اغتيال الرئيس الأمريكي السابق جون كينيدي تنتظر فيلما سينمائيا لإعادة البحث فيها.
نقول لذوي شهداء وجرحى ثورتنا: قد لا يُنصفكم القانون ولكنّ التاريخ سيتكفل بذلك فالقانون قابل للتنقيح والإلغاء أمّا التاريخ فلا.
#يوسف_بوقرة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟