|
لملك لقمان . ملحمة روائية . الجزء الأول . (1) محاولة انتحار
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 4787 - 2015 / 4 / 25 - 19:54
المحور:
الادب والفن
ألملك لقمان . ملحمة روائية . الجزء الأول . (1) محاولة انتحار
حين عزم الأديب لقمان على الإنتحار – قبل أن يغدو ملكاً – لم يخبر أحداً بنيّته. ألقى نظرة عابرة على أفراد أسرته، وحيّاهم بحركة بطيئة من يده، وخرج دون أن يتفوّه بكلمة. ظنّت ابنته أنه يحاول الخروج من العزلة التي فرضها على نفسه منذ أعوام، وظنّ ابنه أنّه يزداد إمعاناً في عزلته، وما خروجه إلا للسير وحيداً بُعيد الأصيل كي يحرّك ساقيه، وربما يستقبل غروب الشمس. زوجته لم تفكّر في شيء، فهي لم تكن يوماً قادرة على أن تفهم ما يدور في خلده، وكُلّما ظنّت شيئاً فعل نقيضه. يمّم وجهه شطر الصحراء حيث عاش طفولته في مكان مشابه. أحسّ بها تشدّه إليها بقوة. كانت الشمس قد أخذت تجنح إلى الغروب، وخيوط أشعتها تتكسّر على ظهره. أدرك أنها غابت حين توقفت أشعتها عن سلق ظهره بحرارتها، وحين رأى بعد قليل عتمة الغسق تحلّ شيئاً فشيئاً. ظلّ يسير طوال الليل مجتازاً بعض الحقول والبساتين والأراضي غير المزروعة. بُعيد الفجر، استقبلته الصحراء فاتحة ذراعيها. توقّف للحظات متنفساً بعمق، وتابع سيره المتهالك إلى أن أخذ الظّلام يتبدد من حوله. جلس على كثيب من الرّمل وفكّر لبرهة في الطريقة التي سينتحر بها. سيحفر لنفسه قبراً ويستلقي فيه، ويطلق النار على رأسه من المسدّس الصغير الذي يحمله. ولا شك أنّ الريح والعواصف ستذرو الرّمال عليه لتدفنه خلال بضعة أيام، إذا لم تنهش الوحوش جسده، وإذا حالفه الحظ ستهب ريح قوية قد تدفنه خلال بضع ساعات. «لم تكن الفكرة حسنة، لكنها قد تكون أفضل من حالة اليأس والإحباط التي وصل إليها!» وابتسم ساخراً من نفسه، لهذا الحرص الذي لا معنى له بعد الانتحار، فإن دُفن أو لم يدفن، إن نهشت الطيور لحمه أو افترسته الوحوش فالأمر سيّان، لاسيما وأن في مقدور الوحوش أن تخرج جثته من تحت الرمال. أقلع عن التفكير في العواقب وشرع في حفر الرّمل بيديه. لم تكن المهمّة شاقّة. وحين باغتته أشعة الشمس وهي تطلّ من خلف الجبال الشرقية البعيدة، كان قد حفر نصف القبر. أخذت الأرض تقسو قليلاً، فاستعان بخنجره الذي رافقه منذ أكثر من ثلاثين عاماً، منذ كان صبياً يعدو خلف القطيع في جبال القدس. نشب الخنجر بشيء ما، شدّه بقوة وإذا بجمجمة تتدحرج بين قدميه. ارتعد جسده للحظات، تمالك أعصابه وهو يرفعها بيديه ويتأملها، «أي قدر هذا الذي ساقه إلى هذا المكان بالذات، وما الذي كان عليه صاحب هذه الجمجمة؟». شعر أنه سيسترسل في تساؤلات كثيرة، فألقى الجمجمة على مقربة منه واستأنف الحفر. أخرج بقايا عظام. «لاشك أنها للجسد ذاته!». أحسّ بالخنجر يصطدم بجسم صلب. حفر من حوله وأبعد التراب ليجد نفسه أمام قمقم من نحاس. رفعه برفق، كان محكم الإغلاق. عالج التراب المتحجّر حول الغطاء برأس الخنجر إلى أن حرَّره. أداره بقوة وببطء لتخوّفه من أن يندفع من القمقم جنيّ ما، لكثرة ما قرأ عن الجن السجناء والقماقم المرصودة في كتب التراث العربي. وحقاً كان تخوّفه في محلّه، فما أن رفع الغطاء حتى انبعث من القمقم دخان هائل طاول عنان السماء. انطرح الأديب لقمان على ظهره من هول الرعب الذي انتابه. لم تمر سوى لحظات حتى انجلى الدُّخان عن جنّي عملاق، قدماه تنغرسان في الأرض ورأسه يتسامق عالياً في السماء، وراح يهتف بصوت هائل: «ها! أمر مولاي العظيم لقمان محرر أرواح الجان! عبدك المُطيع ودرعك المنيع «شمنهور الجبّار» ملك ملوك الجن الحُمر في سائر الأكوان والأمصار!!». ولم يكد يفرغ من كلامه إلا وأصوات هائلة تتردد من كافة أرجاء الكون، هاتفة بصوت واحد ثلاث مرات «ها.. ها.. ها..!». تمالك الأديب لقمان نفسه وجلس. تساءل وهو ما يزال تحت وطأة الدهشة: «ما هذه الأصوات يا ملك الملوك؟» «هذه أصوات أتباعي وأتباع أتباعي من ملوك الجن يجددون ولاءَ هم لي، ويبتهجون بتحريري من السجن بعد أن أعلمتهم بذلك يا مولاي» «الحمد لله على سلامتك» «سلّم الله مولاي العظيم» «أنا لست عظيماً أيها الملك» «إن من يحرر ملك ملوك الجان من سجنه لن يكون إلاّ عظيماً يا مولاي» «والله إنّي أشك في ذلك أيها الملك. لكن كيف عرفت اسمي؟» «حين حكم عليّ الملك سليمان بالسجن أبلغني أنّه لن يُفرج عني قبل ثلاثة آلاف عام على يديّ أديب فلسطيني يُدعى لقمان!» «ثلاثة آلاف عام وأنت تقبع في هذا القمقم؟» «نعم يا مولاي» «ولماذا سجنك سليمان؟» وطأطأ ملك الملوك رأسه خجلاً وما لبث أن تكلّم: «وقعت في غرام بعض نسائه يا مولاي!» «لست قليلاً أيها الملك، وهل كُنّ مغرمات بك أيضاً؟» «نعم يا مولاي» «من منهن؟ ابنة الفرعون أم بلقيس ملكة سبأ؟» «هاتان كانتا منهن يا مولاي. لكني أغرمت بالفلسطينية عستارت أكثر من الجميع، وهي التي كُشِفت علاقتي معها» «عستارت؟ هذا الاسم يكاد يكون اسم آلهة فلسطينية أيها الملك» «نعم، كان اسمها مشتقاً من اسم الآلهة يا مولاي» «وماذا فعل بها هي؟» «قطع رأسها أمامي يا مولاي وقال أنه سيدفنها معي، والحق إنني لا أعرف فيما إذا فعل ذلك بعد أن سجنني في القمقم» «لقد عثرت على جمجمة وبقايا رُفات قبل أن أعثر على قمقمك، لعلّها لها؟» «أين الجمجمة يا مولاي؟» «ها هي أيها الملك» رفع الأديب لقمان الجمجمة بيديه ونهض ليعطيها له. فوجئ به يتضاءل إلى أن أصبح بحجم إنسان وبهيئة ملاك. مدّ يدين مرتعشتين وأخذ الجمجمة برفق وعيناه تذرفان الدّموع. وقف الأديب لقمان صامتاً محتاراً، فيما راح الملك شمنهور يرثي محبوبته ببضع كلمات: «الحبيبة الغالية عستارت، سيّدة السواحل والجبال، عروس البوادي والأنهار، فاتنة مدينة السّلام، هل غدا رأسك الجميل رفاتاً وجسدك المعطاء رميماً؟!» ورفع الملك شمنهور يده وإذا بتابوت من الذهب الخالص يتموضع إلى جانبه. ألقى نظرة نحو الأديب لقمان وهتف متوسّلاً: «هل يأذن لي مولاي العظيم بدفن رُفات محبوبتي؟» «أنت حر فيما تفعل أيها الملك» وفتح الملك شمنهور التابوت وإذا به يتلألأ بالجواهر وقد فرش بالحرير الأخضر. جمع الأديب لقمان الرّفات مع الملك ووضعاه في التابوت، ثم أغلقاه بإحكام. أشار الملك بحركة من يده وإذا بالقبر ينفتح والتابوت يرتفع برفق ليأخذ مكانه فيه. وبحركة ثانية أُهيل التراب في القبر، وبثالثة انتصب فوقه ضريح من حجر المرمر، وبرابعة شيّدت فوقه قبّة هائلة خضراء مرصّعة بالياقوت والزمرّد يعلوها هلال من الذهب تتوسطه نجمة سداسية الشكل، ويرتكز على شمعدان من الذهب بطول ثلاثة أذرع. كان الأديب لقمان واقفاً في دهشة وذهول لما شاهده من قدرات الملك شمنهور الخارقة، ولم يعد يعرف فيما إذا كان في حُلم أم يقظة. أخذ الملك شمنهور القمقم وأخرج منه خاتماً قدّمه للأديب لقمان. «ما هذا أيها الملك؟» «هذا الخاتم الذي نقشت عليه كل الطّلاسم التي تتحكّم بحريّتي، مَن ملكه امتلكني ومن فقده فقدني!» أطرق الأديب لقمان للحظة متفكّراً. «قل لي أيها الملك؟» «أمر مولاي العظيم» «هل أنت حقيقة أم خيال، وهل أنا في حُلم أم يقظة؟» «عفواً مولاي، أنت بكامل يقظتك وأنا حقيقة كما ترى!» «المشكلة أنني لا أقتنع بوجود الجن والشياطين وحتى الآلهة نفسها، وما جئت إلى هنا إلا لأنتحر بعد أن غدت حياتي لا تطاق!» «ولماذا يا مولاي أصبحت حياتك لا تطاق؟» «لأنهم أفقدوني حقي فيها أيها الملك، بل أفقدوني مبررات وجودي نفسها. حتى الفقراء الذين بددت مالي عليهم أو أدنته لهم اختفوا من وجودي، الأصدقاء منهم وغير الأصدقاء، كلّهم تبخّروا في الهواء! وحتى الصّدور الكاعبة الدافئة الحنونة التي كانت تبثُّ إكسير الحياة في روحي ذبلت وذوت أو اختفت. لم يعد ثمة شيء يشدّني إلى هذه الحياة الخاوية أيها الملك!» «مولاي العظيم، سأحضر لك من المال ما تعجز السُّفن عن حمله، وسأضع بين يديك من النساء ما تعجز اللغة عن وصف جمالهن، وسأوجد لك من الأصدقاء من تأنس بحضوره، ويأسرك بحسن معشره، ويأخذك بشموليّة معرفته» «آه أيها الملك، ليست المشكلة في المال والنساء، والأصدقاء فحسب، فهؤلاء لم يكونوا غايتي ذات يوم، ربّما كانوا ضرورة من ضرورات الحياة، أما الغاية فقد كانت أسمى، وكان تحقيقها صعباً إلى حد يدفع الطّموحين من أمثالي إلى الانتحار!» «وماذا كان طموح مولاي لعلّني أقدر على تحقيقه؟» «إنه طموح بسيط ومشروع أيها الملك: أن نحبّ بعضنا نحن معشر البشر، وأن نحب لغيرنا ما نحبّه لأنفسنا، وأن نعمل من أجل الآخرين بالقدر الذي يعمل به الآخرون من أجلنا، وأن ننبذ الشر من بيننا، ونصلح ما أفسد أرواحنا، وشوّه جمال إنسانيتنا، أن نتّحد في مواجهة الأخطار المحيقة بكوكبنا، أن نمنح الإنسان حريته، أن نسخّر العلم والمعرفة لخدمة البشرية وإطالة عمر الإنسان، لا لتدميرها وقتل الإنسان، أن نوجد نظاماً عصرياً يسمو بالبشرية من حضيضها، أن ننقذ ملايين الجوعى في العالم. لقد أخفقت في تحقيق شيء أيها الملك، حتى طموحاتي الأقل شأناً كأن أرى بلدي محرراً من المحتلّين، أخفق جميع العرب والمسلمون والقوى المحبة للسلام والحرية في تحقيقه، أو حتى أن أعيش ضمن الحد الأدنى من الحُرّيّة الذي يتيح لي نشر كتبي وأفكاري وإبداء رأيي وممارسة الحب مع من تحبّني! لم يتحقق لي أي شيء من كل هذا وذاك أيها الملك، أي شيء على الإطلاق، ولم يعد هناك أي معنى لهذه الحياة، ولو في نظري. والحق أنني أشكّ في أنك قادر على تحقيق أحلامي هذه، رغم قناعتي أنك قادر على فعل المعجزات. لذلك أرجوك أن تأخذ خاتمك هذا وتنصرف إلى حيث تريد، وتعيش حياتك بحرية خارج الأسر. وتدعني أنتحر بسلام، وكم أنا سعيد بتحريري لك،بعد ثلاثة آلاف عام من القهر. لا أظن أنني فعلت ما هو أجمل من هذا في حياتي، وإن حدث ذلك بمحض الصدفة. ولا أظن أن ثمة بطولة في المسألة» «مولاي. مولاي العظيم!» «أرجوك أيها الملك ألا تخاطبني مولاي، لأنني أكره أن أكون سيداً لأحد، ولا تعظمني لأنني لم أمقت في حياتي أحداً أكثر من المعظّمين دون أن يكونوا عظماء. ثم إنني وبالتأكيد،لست عظيماً ولست بطلاً ولست نابغة، إنني إنسان متنوّر بعض الشيء، حاول أن يلِمّ بثقافة البشرية بالقدر الذي أتاحه له وقته». «مولاي!» «أرجوك» «لقد اعتدت تعظيم من يتحكّمون بطلسمي أيها الأديب لقمان، ومع ذلك سأحاول إن استطعت!» «أشكرك أيها الملك، لتحاول، لن يكون الأمر صعباً كما أظن، لقد فعلت ذلك الآن» «حسناً أيها الأديب! ما أودُّ قوله فيما يتعلّق بخيبة أملك، وتبديد طموحاتك، وسعيك إلى الانتحار، هو أن الشر أزلي فلقد خلق الله الإنسان وخلق الشيطان، خلق حوّاء وخلق الأفعى، خلق «قابيل» وخلق «هابيل» من ضمن ما خلق، إنّه سرّه وإحدى معجزاته يا مولاي، عفواً أيها الأديب لقمان!» «أي سرٍ هذا وأية معجزة أيها الملك؟ إذا كان الله يعرف أن الشيطان سيضلل الإنسان، فلماذا خلقه؟ وإذا خلقه دون أن يعرف ما الذي سيفعله، فلماذا جعله يقوم بأفعاله البغيضة؟ لماذا لم يردعه؟ لماذا لم يقتله بعد فعلته الأولى؟ وإذا كان يعرف أن «قابيل» سيقتل «هابيل» فلماذا خلقه أيضاً، وإذا لم يكن يعرف حين خلقه، فلماذا أتاح له أن يقتل أخاه؟! قل لي أيها الملك؟» «إنه سرّه. سرّه أيها الأديب لقمان». «سرّه أن يكون خيراً وشراً في آن واحد؟ ما هي الحكمة في ذلك؟ سرّه أيضاً أن ينزل كلَّ هذا العذاب بأيوب لمجرّد أن يختبر إيمانه، وليقنع الشيطان بهذا الإيمان؟! هل أغواه الشيطان هو أيضاً حتى أتاح له أن ينزل كل هذا العذاب الفظيع بأيّوب؟ أي إله هذا الذي لا يعرف مدى إيمان إنسان خلقه إلاّ بهذه الطريقة البشعة؟! من الأفضل لك أيها الملك أن تعرف أنه سرّنا نحن معشر الإنس، وإن شئت الإنس والجن، الذين أوجدوا الله والشيطان، قابيل وهابيل، آدم والأفعى، الخير والشر!» «مولاي أرجوك!» «ها أنت تعود لمخاطبتي «مولاي» أيها الملك» «إن من يجرؤ على طرح هذه التساؤلات الكبيرة والإجابات الخطيرة لا يكون إلا إلهاً أو نبياً يا مولاي!» «ولماذا لا يكون أديباً أو عالماً أو فيلسوفاً أيها الملك؟» «لأن هؤلاء لا يرقون إلى مرتبة الآلهة والأنبياء يا مولاي» «ولماذا لا يرقون؟» «هذا ما عرفته في عهد ما قبل سجني يا مولاي» «عهد ما قبل سجنك؟ لعلّك تتحدث عن آلهة ما قبل سجنك؟ ولعلّك كنت تعبد الآلهة عشتاروت أو عِناة أو بعل أو إيل؟» «أجل، لقد عبدت هؤلاء جميعاً وعبدت غيرهم يا مولاي» «من عبدت أيها الملك؟» «عبدت الشمس والقمر والزهرة يا مولاي، وعبدت الإله «آبسو» قبل أن يقتله أولاده، وعبدت «تيامه» ومردوخ وعشتار، وآنو وإنانا وإنليل، وجلجامش ورع وأوزيريس وإيزيس وحورس، وعبدت كثيرين غيرهم يا مولاي، إلى أن جاء سُليمان وجعلني أترك الجميع حتى «إيل»، وأتبع «يهوه» إلى أن ترك هو عبادته ولم يعد يسأل عن معبودي!» «حتى يهوه عبدته أيها الملك؟» «أجل يا مولاي» «وهل ترك سليمان عبادة يهوه حقاً أيها الملك؟» «أجل يا مولاي. لقد انحاز إلى عبادة البعل والعشتاروت وإيل وغيرهم من آلهة الفلسطينيين والصيدونيين والسبأيين والمصريين والبابليين» «عجيب أمرك أنت وسليمان أيها الملك، فأنتما كأجدادنا كُلّما أتاهم أحد بإله جديد آمنوا به. ما رأيك أننا الآن في كوكب الأرض نكفر بكل هؤلاء الآلهة، الذين جاؤوا في ذلك الزمن، ولا نؤمن بأي منهم، ما عدا «يهوه» فهناك بعض من يؤمنون به!» «هل أصبحتم جميعاً غير مؤمنين يا مولاي؟» «بالعكس إن آلاف الملايين منا ما يزالون مؤمنين» «بمن يا مولاي؟» «ببعض الآلهة والأنبياء الذين جاءوا بعد زمنك أيها الملك أو ببعض الأديان والفلسفات» «وهل جاء آلهة وديانات أخرى يا مولاي؟» «أكثر مما تتخيل من الآلهة والأنبياء والفلاسفة الدينيون والطّوائف، وما إلى ذلك، ففي الهند مثلاً جاء الهندوس بـ «براهما» و«فشنو» و«شيفا» والبوذيون بـ «سد هارتا جوتاما الملقب بوذا» والجينيّون بـ «مهاويرا» وفي الصين جاء الطاويّون بـ «لوتس» و«كونفوشيوس» و«شوانغ تسو» وفي بلاد الفرس جاء الزرادشتيون بـ «زرادشت» وفي اليونان جاؤوا بآلهة أكثر من أعدها لك، منها «أورانوس، غايا، زيوس، كرونوس، هيرا، هادس، ديمتر، وأفروديت» والرومان كذلك والعديد من شعوب العالم، جاؤوا بآلهة كثيرة. أما عندنا، فجاء الصابئة المندائيّون واللات والعزّى وهُبل ومناة وإساف ونائلة والعشرات غيرهم، وجاء يسوع المسيح، والمانويّون والأحناف، ثم جاء النبي محمد الذي أتى بالدين الإسلامي، وتوقّف ظهور الديانات أو قلّ منذ ذلك الزمن، فقد تعددت الطوائف والمذاهب والأديان، حتى تحوّل بعضنا إلى تقديس الشيطان نفسه واعتبروه صنواً للإله، بل وادّعوا أنه هو من خلق الإنسان وليس الله!» «ولماذا توقف أو قلَّ ظهور الآلهة والأنبياء يا مولاي؟» «لأن محمد كان من الذكاء والعبقرية بحيث سما بالدين الإسلامي إلى مكانة يستحيل أن يرقى إليها أي دين آخر سماوي. لقد جرّد مفهوم الإله إلى أبعد حدود المطلق، حين جعله موجوداً في كل زمان ومكان. «أنا لا أفهم في المُطلق يا مولاي! لكني أفهم معنى أن يكون هذا الإله موجوداً في كل زمان ومكان، لهذا هو عظيم. الآلهة الذين عرفتهم لم يكونوا بعظمته. لكن ماذا يعبد العالم اليوم يا مولاي؟». «هناك ديانات كثيرة أيها الملك، لكن أشهرها وأكثرها انتشاراً، المسيحية والإسلام والبوذية والهندوسية والطاويّة والكونفوشيوسيّة. وثمة ملايين وربما عشرات أو مئات الآلاف فقط من العلمانيين أو المتنورين بعض الشيء أمثالي. لا يؤمنون بأي من هذه الديانات، إلا بقدر ما هي تصوّرات للبشر أنفسهم عن الوجود، ويعتبرون في نظر المتديّنين زنادقة وملحدين!» «وأنا يا مولاي، ما وضعي الآن بين هذه الديانات كُلّها وبين المتنورين؟» «سؤالك وجيه أيها الملك، لكن الشمس حميت، وأنا عطشت وجعت وشوّبت، وأريد أن أنتحر، والقبر الذي حفرته لنفسي بنيت عليه ضريحاً وقبّة لمحبوبتك، لذلك سأطلب إليك أن تحفر لي قبراً بدلاً منه» «مولاي! سأفعل لك ما لم يفعله ملائكي أو جنيٌّ وربما إله لبشر، ولن أدعك تنتحر حتى لو اضطررت للعودة إلى سجني!» وحرك ملك الملوك شمنهور الجبّار يده في الهواء وإذا بالمكان يتحوّل إلى روضة من الجنان، انبثقت منها مئات الأشجار المثمرة والنباتات المختلفة، والورود والزهور الجميلة. وتخللتها ينابيع، يجري فيها ماء كالسلسبيل، وعمت أرجاءها نوافير من الذّهب، ترشّ الماء رذاذاً في الاتجاهات كُلّها، وعرّشت فوقها أقواس قزح، وظللتها غيمة زرقاء نديّة، وفرشت ممراتها بالسجاد والديباج، وأفردت فيها أرائك مجللة بالحرير الموشّى بخيوط الذهب، وامتدت في منتصفها مائدة بأطيب المأكولات، في أوانٍ من الذهب الخالص، كان بينها ظباء محمّرة وفراخ بط مقمّرة وخراف مشويّة وجديان مقليّة، وفروّج محشو بالأرز والصنوبر واللوز، وطيور حجل، وفراخ حمام، وسمك وإقريدس وسلطات من كل أنواع الخضار، وفواكه لا يوجد مثلها إلا في الجنان العادنة، وخمور لذيذة معتّقة من زمن سليمان. وقد أحاطت المائدة عشر فتيات حوريّات من بنات ملوك الجان، كأنّهن ملائكيّات أو من حور العين, يرتدين ثياباً من الحرير الأحمر الشّفاف، ويتزينّ بأجمل الجواهر، وقد أطلقن شعورهن على ظهورهن، وكنّ دارعات الصّدور، ضامرات الخصور، ممتلئات الأرداف، ممتشقات القوام، منتصبات السيقان، بعيون سود وخضر وزرق مكحّلة، بأجمل الألوان مشكّلة، خدودهن مورّدة، وأنوفهن من أجمل ما أبدع الخالق منضّدة. وشفاههن حمر كشقائق النّعمان، وأعناقهن كرقاب الغزلان، ونهودهن جامحة كذكور اليمام، وأصابع أيديهن كأعواد الغيصلان أو قضبان الخيزران، وأظفارهن تُبرق كاللؤلؤ مخضّبة بالمرجان، سبحان الخالق الديّان، وقد تضوّعت منهن رائحة العطور النّفاذة بالعنبر، من عبقت في أنفه قال الله أكبر! فيا سعد من حواهن، وإلى صدره ضمّهن وألقاهن. ينسى أمه وأباه، وأيّام شقاه، والبيت الذي ربّاه، والبلد الذي حواه، وحتّى من خلقه وسوّاه!. بدا الأديب لقمان كأنه في حلم، إذ ليس من المعقول أن تأتي الجنة إليه بهذه السهولة. كان يقف في غاية الدهشة حين خاطبه ملك الملوك: «تفضل يا مولاي، يسرّني أن تكون ضيفاً على أوّل مائدة لي بعد ثلاثة آلاف عام من السجن. آخر مائدة لي كانت مع الغالية عستارت، وهي المائدة التي أودت بي إلى السجن وبعستارت إلى الموت، فقد كان جواسيس سُليمان لنا بالمرصاد» «هل تحاول إغوائي كي أكفّ عن الانتحار أيها الملك؟» «أظنّ أن محاولة إغوائك ستكون أكبر من أن تتخيّلها يا مولاي فيما لو أردت ذلك!» «وهل ثمة ما هو مُغوٍ أكثر مما أرى؟» «هذا لا شيء يا مولاي!» وتقدّمت فتاتان يخلب جمالهما العقول. فقدّمهما ملك الملوك للأديب لقمان: «الأميرة الحورية «نور السماء» أجمل جميلات الجن من بين الحوريّات، وابنة أكبر ملوك الجن من بعدي الملك «حامينار» العظيم» وأشار إلى الفتاة الثانية وتابع: .. والأميرة «ظل القمر» ابنة ثاني أكبر ملوك الجن، يمكن أن تعتبرهما خليلتيك وتفعل بهما ما تشاء يا مولاي، فهما في خدمتك وتحت أمرك، وإن شئت غيرهما من هؤلاء أو من غيرهن جلبت لك» «أشكرك، تكفيني الأميرة «نور السماء» وحدها، فمن يحوز على هذا الجمال الخارق قد يستحيل عليه أن يفكر في غيره، وإن كنت أرى فيه ما يمكن أن يغويني ويثنيني عن الانتحار!» «آمل ذلك يا مولاي» وهتفت الأميرة نور السماء: «شكراً لمولاي لهذا الإطراء الذي لم أسمع أجمل منه وآمل أن يتوّج بثني مولاي عن الانتحار» «حتى لو انتحرت أيّتها الأميرة، سأنتحر سعيداً لأنني حظيت بمشاهدة جمال مثل جمالك قبل انتحاري» فقاطعهما ملك الملوك طالباً إليهما الجلوس واستئناف الحديث. أخذ الأديب لقمان والأميرة «نور السماء» مجلسيهما إلى المائدة، فيما جلس الملك شمنهور والأميرة «ظل القمر» في مواجهتهما. كانت فتاتان تقفان خلف كل اثنين للخدمة فيما توزّعت باقي الفتيات على المائدة. مالت الأميرة نور السماء برأسها نحو الأديب لقمان وهمست بصوت عذب، أحس به يدغدغ مسامات جسده: «ماذا يرغب مولاي؟» التفت الأديب لقمان إليها فغدا وجهه قريباً من وجهها، وشعر بالحياة تدعوه إليها بكل جبروتها، همس بصوت خفيف: «أرغب أن تكوني مليكة قلبي، بل وملكة الأرض كُلها، وأكون أنا حارسك!» ندّت شفتاها عن ابتسامة لم ير الأديب لقمان أجمل منها في حياته: «شكراً للطفك يا مولاي. هل تفضل الخمر أم عصير الفواكه أم حليب الظّباء، قبل تناول الطعام؟» «هل قلتِ حليب الظباء؟» «أجل يا مولاي» «أنا لم أذقه في حياتي، ومع ذلك سأجرّب، ولا مانع بكأس من عصير البرتقال أيضاً» «أمر مولاي» مدّت الأميرة نور السماء يدها إلى إبريق ذهبي، غير أن إحدى الفتاتين الواقفتين سارعت إلى أخذ الإبريق فيما راحت الأخرى تقدّم عصير البرتقال. تـذوّق الأديـب لقمان الحليب بتناول رشـفة صغـيرة، وحين وجـد أنـه أطيب مـن أي خمر، رفع الكأس إلى فمه وراح يتجرعها إلى أن أنهاها. أحسّ بحاجة ماسّة إلى سيجارة. التفت إلى نور السماء ليجد أنها تنتظر أوامره: «نفذت سجائري منذ الصّباح، هل لي بسيجارة أيتها الأميرة؟» «أي نوع تفضّل يا مولاي؟» «ماذا لديك؟» «كل أنواع السّجاير والسيجار يا مولاي» «هل لديك سيجار «هافانا» مثلاً؟» وقامت الأميرة بحركة من يدها لتتموضع أمامه علبة مفتوحة من السيجار لم يعرف كيف ظهرت على الطاولة! ولم يعد قادراً على تصديق ما يجري، إذ لم يبق إلا أن يطلب إحضار فيدل كاسترو نفسه ليتناول معه الفطور فيما لو أراد. وشرع يتساءل في سريرته: «لا يُعقل أن تحدث كل هذه المعجزات في الواقع. على أية حال إذا كان كل هذا حُلماً فلا بُدّ له من نهاية، ويا ليته جاء من قبل لينتحر في هذه الصحراء! لكن لعلّ الحلم ابتدأ من البيت، وهو الآن هُناك في السّرير ويغطّ في نومٍ عميق! مستحيل أن يكون عبور الصحراء حلماً، لقد سار طوال الليل، وتورّمت قدماه. إذا كان هناك حلم ما، فلم يبدأ إلا بعد فتح القمقم!» ألقى نظرة نحو ملك الملوك، كان يلتهم الطعام بشراهة فظيعة ويشرب الخمر من الأباريق ومعظم الفتيات يقمن بخدمته. أحسَّ ملك الملوك به ينظر نحوه، فهتف وفمه يمتلئ بالطعام: «عفواً يا مولاي، أنا لم آكل منذ ثلاثة آلاف عام» «صحّة وعافية» «لماذا لا تأكل يا مولاي؟» «سآكل» وأشار إلى فتاة تقف على مقربة منه أن تقدم له شريحة من لحم الغزال وبعض شرائح الخيار والبندورة والفلفل الأخضر. لم يذق في حياته أطيب وأشهى من هذا الطعام، وعبثاً حاول أن يطرح التساؤلات الجنونية التي راحت تنهال على دماغه: «إذا كان ما يجري ليس حلماً، فهذا يعني أن الجن حقيقة وليسوا وهماً، وأن الشيطان والملائكة والمردة حقيقة أيضاً، وأن هؤلاء يتمتّعون بقدرات خارقة ويحيون في نعيم أين منه نحن معشر الإنس، دون أي رقيب أو حسيب! وإذا كان خلف هؤلاء قوة خالقة فلماذا فضّلهم الله علينا نحن البشر؟!» قطع تساؤلاته ملك الملوك حين سأل: «ألن تجيبني عن سؤالي حول وضعي الآن يا مولاي؟» «سأجيبك أيها الملك: أنت في نظر المسلمين كافر ما لم تسلم. وفي نظر المسيحيين جاهل ومُضلّل ما لم تؤمن بالأب والابن والروح القدس، وفي نظر البوذيين روح يتنازعها الشر وتسعى إلى ملذاتها ولا سبيل إلى هدايتك ما لم تنبذ مسراتك وعالم ملذّاتك وتدخل عالم الزهد والتقشف إلى حد مغرق في الفقر وقتل الغرائز، كأن تتخلى حتى عن ملابسك وتنام على الأرصفة وتحت الأشجار ولا تمارس الجنس، وتتوحّد بروحك وجسدك مع بوذا!» «أرجوك يا مولاي أفضّل العودة إلى قمقمي أو أبقى كما أنا على أن أتبع هذا الدين» «الأمر لا يختلف كثيراً في الأديان الثلاث الأخرى، أقصد الهندوسيّة والطاوية والكونفوشيوسيّة، إذ عليك أن تتخلى عن الكثير من مكتسباتك الدنيوية أو عن بعضها في أحسن الأحوال» «أنا لن أتخلّى عن شيء يا مولاي، فكل مكتسباتي وإمكانياتي حق لي!» «هذا غير ممكن ولا في أي دين أيها الملك، ربمـا يقبل بـك عبدة الـشيطان!» «أعبد الشيطان يا مولاي؟ مستحيل! أنا لا أكره أحداً أكثر مما أكرهه!» «إذن ابق كما أنت الآن بلا دين، أو عُد لعبادة يهوه وإيل وعشتاروت وغيرهم، طالما أنّك كنت تعبدهم» «يا مولاي، أنتم معشر البشر تخلّيتم عنهم، وتريدني أنا وأتباعي أن نعود إلى عبادتهم بعد ثلاثة آلاف عام؟! هذه ليست عدالة يا مولاي! ماذا عنكم أنتم، أقصد المتنوّرين ألا تضمّني إليكم إذا أردت؟» وراح الأديب لقمان يضحك. «لماذا تضحك يا مولاي؟» «لأنك في نظرنا مجرد وهم أيها الملك!» «وهم يا مولاي؟ ألا تراني أمامك؟» «لكن الآخرين لم يروك، وحتى لو كنت حقيقة، فنحن لا نشكّل طائفة أو ديناً أو حزباً، يمكن أن تطلق علينا جزافاً «تياراً» وإذا شئت الانضمام إلى هذا التيار، يتوجب عليك قراءة ألف كتاب على الأقل من الكتب المختارة في الفلسفة والدّيانات والأساطير وعلم الاجتماع وعلم النفس والأدب والتاريخ وغير ذلك» «ألف كتاب يا مولاي، هذه لن أقرأها في قرن» «إذن تنضم إلينا بعد قرن، وإن كان في تأخير انضمامك إلينا خسارة كبيرة لنا لا يمكن تعويضها، فإذا ما تبيّن أنك حقيقة، فقد تساعدنا بقواك الخارقة وعقلك الذي ستصير عليه على تغيير مجرى الحياة على كوكب الأرض» «بماذا تنصحني يا مولاي؟» «أي دين تختار؟» «أجل يا مولاي» «لماذا تصر على أن تتبع ديناً ما؟» «لأنني اعتدت على أن أتبع ديناً ما يا مولاي!» «حسناً، إن شئت رأيي فأنا شخصياً ورغم إلحادي، أحب يسوع المسيح ومريم العذراء، وأجلُّ محمداً وأفتخر به، وأحترم بوذا ومهاويرا وبراهما ولوتس وكونفوشيوس وشوانغ تسو وزرادشت!» أطرق ملك الملوك لبرهة ثم هتف: «سأدخل الإسلام يا مولاي» «لِمَ اخترت الإسلام دون غيره أيها الملك؟» «لإحساسي أنه دين حق. ولأنني وجدت في كلامك ما يدفعني إليه أكثر مما يدفعني إلى الديانات الأخرى!» «حقاً هل بدا كلامي كذلك؟» «هذا ما بدا لي يا مولاي» «حسناً أيها الملك، إذا رأيت ذلك فليكن» «ماذا يتوجب علي أن أفعل يا مولاي؟» «عليك أن تفعل الكثير أيها الملك، لكن الآن وعلى الفور يتوجّب عليك أن تنهض وترفع سُبّابتيك وتردد بعدي: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله» ونهض ملك الملوك، وفوجئ الأديب لقمان بالأميرة نور السماء والأميرة ظل القمر والفتيات الأخريات يقفن في خشوع ويهتفن مع ملك الملوك وهن يرفعن سُبّاباتهن: «أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله» وحين انتهوا كان ثمة أصوات هائلة تتردد في الصحراء والسماء والأرض ومن كافة الأرجاء: «أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله» تساءل الأديب لقمان بدهشة: «ما هذه الأصوات التي يضجّ بها الكون أيها الملك مُعلنة إسلامها؟» «إنها أصوات أتباعي وأتباع أتباعي من الجن وقد دخلوا الإسلام معي يا مولاي» «وهل جميع الجن أتباعك؟» «لا يا مولاي فأتباعي من الجان الحُمر فقط» «وهل هناك جان غير حمر؟» «هناك جان سود، وجان صُفر، وجان خضر، وجان زرق يا مولاي» «ما شاء الله! وكم عدد أتباعك أيها الملك شمنهور؟» «أنا يا مولاي أحكم على مائة ألف ملك جبّار، وكل ملك منهم يحكم مائة ألف جنّي مغوار، وكل مغوار من هؤلاء جميعاً تتبعه حاشية كبيرة من الرجال والنساء والبنين والبنات والأحفاد والأقارب والخدم والأعوان والجواري والغلمان!» «يا للهول! كل هذا الجمع الهائل من أتباعك أيها الملك؟» «نعم يا مولاي» «يبدو أنني أدخلت إلى الإسلام هذا اليوم أكثر مما أدخل المسلمون إليه في ألف وأربعمائة عام» «هذا سيكسبك رضا الله يا مولاي العظيم» «العظيم أيضاً، ألا يكفيك أن تخاطبني مولاي، في الإسلام ليس ثمة عظيم ومولىً إلا الله، وإن غدا كل ضباط الجيش والشرطة في عصرنا مهما صغروا أسياداً، وكل الزُّعماء - والمسلمين منهم بشكل خاص – مهما جهلوا عُظماء. ماعدا ملكاً واحداً أطلق على نفسه «خادم الحرمين!» ثم كفاك شرب خمر، فهو في نظر المسلمين «رجس من عمل الشيطان» «رجس يا مولاي» «أجل رجس أيها الملك!» «وماذا عن أرجاسي التي اقترفتها قبل الإسلام يا مولاي؟» «الإسلام يجبُّ ما قبله» حسب قول رسول الله، أما ما بعده فعليك أن تلتزم بأركانه الخمسة، وثمة سنن وشرائع ينبغي عليك التقيّد بها وإلا لن تكون مسلماً حقاً!» «ومتى ستطلعني على كل ذلك يا مولاي؟» «إذا لم أنتحر، أو إذا أجّلت انتحاري أو تخليت عنه، سأطلعك» «هل هذا يعني أنك بدأت التفكير في العدول عن الانتحار يا مولاي؟» «وما زلت أفكر فيه أيضاً أيها الملك» وقطعت حوارهما الأميرة نور السماء: «أنت لم تأكل يا مولاي» «بل أكلت كثيراً، أنا في العادة لا آكل في الصباح، لكني سرت طول الليل، لذلك شعرت بالجوع» «ما رأيك بتفاحة؟» «طالما أنها من يدك ممكن، ثم إنني أريد شراباً ساخناً. شاي إذا وجد» «أمر مولاي» «لم أخبرك أن اسمك جميل حقاً» «هذا من جمال لطف مولاي!» «أين تسكنين أيتها الأميرة؟» «في العالم السُّفلي يا مولاي!» «السّفلي؟ مع الموتى؟» «بل مع الجن يا مولاي» «لكن أين، تحت الأرض، وعلينا أن نجتاز بوابات ضخمة، ونتلو تعاويذ وكلمات سحرية كي تفتح لنا هذه الأبواب، إذا ما أردنا زيارتكم؟!» «لا يـا مولاي، سـتجد نفـسك وكأنـك عـلى كـوكـب آخر والأرض تعلـوك!» «وهل جميع الجن يقيمون في العالم الأسفل؟» «لا يا مولاي، ثمة من يعيشون في السموات وفي الكواكب الأخرى وعوالمها السُّفلى، إنهم موجودون في كل مكان تقريباً، لكنهم لا يظهرون على معشر الإنس إلا بإرادتهم، أو باستحضار الطّلاسم والأرواح!» سكر ملك الملوك، ولم ينتبه له الأديب لقمان إلا وهو يُجلس الأميرة «ظل القمر» في حُضنه ويُعرّي فخذيها وصدرها، هتف له: «مهلك، ربما هذا حرام في الإسلام يا ملك الملوك» ويبدو أن الأمر لم يرق له، فقد هتف منفعلاً: «أُف ما هذا، هل كل شيء في الإسلام رجس وحرام، كان عند سيّدي سليمان سبعمائة امرأة وثلاثمائة سريّة!» «ذاك قبل الإسلام، أما اليوم وحسب الشريعة الإسلامية لا يحق لك من الزوجات إلاّ مثنى وثلاث ورباع، على أن تعدل فيما بينهن!» «أربع؟ أربع فقط يا مولاي، لعلّك تقصد في اليوم؟» «في اليوم أيها الملك؟! في العمر كُلّه. ويمكنك أن تستبدلهن إذا شئت، لكن يجب أن يتم الأمر حسب سنّة الله ورسوله! ويُقال أن النبي «محمد» أحلَّ متعتين، هما متعة الحج وزواج المتعة، غير أن الخليفة عمر بن الخطاب منعهما فيما بعد، والحج هو أحد أركان الإسلام الخمسة، سأعلّمك إيّاه فيما بعد، إذا لم أنتحر طبعاً!» «وما المقصود بهما يا مولاي؟» «أن تتزوج امرأة لتتمتع بجمالها لبعض الوقت، وثمة بعض الطّوائف الإسلامية التي تبيح هذا الزواج، أما عن متعة الحج، فهي وكما أعرف، أن تمارس الجنس خلال موسم الحج، ويقال أن النبي في حجة الوداع قد قال: «ابدأوا بما بدأ الله عز وجل به»، فأتى الصفا فبدأ به، ثم طاف بين الصفا والمروة سبعاً، فلما قضى طوافه عند المروة، قـام فخطب في أصحابه وأمرهـم أن يحلّوا ويجعلوها عمرة، وليتمتّعوا بالحج. الحديث في هذه المسائل يطول أيها الملك، وآمل أن يُتاح لي أن أُحدّثك عن ذلك ذات يوم إذا لم أنتحر!» «أرجو ألا تنتحر يا مولاي قبل أن تعلّمني الإسلام» «آمل ذلك أيها الملك» «وماذا عن السّراري يا مولاي، ألا يحقُّ لي أن أقتني من السّراري ما أريد وأفعل بهنّ ما أشاء؟» «إن شئت الحق، ثمة ما يُشير في كتاب الله إلى ما تملكه أيمان المسلمين، وقد فسّر بعضهم ذلك حسب أهوائهم وطبّقوه، فالخليفة هارون الرشيد كان لديه أجمل السّراري وبعدد أيام السنة» «هذا ما أبحث عنه يا مولاي فهؤلاء الحوريات من الجواري!» «إذن يمكنك أن تفعل ما بدا لك أيها الملك!» «آه يا مولاي، ثلاثة آلاف عام وأنا محروم من متعة النساء» «الحق معك، يجب أن تعوّض!» ونهض ملك الملوك حاملاً الأميرة «ظل القمر» يبن يديه وهو يعضوضها، طرحها فوق فراش وثير من الديباج على مقربة من الأديب لقمان، فصرخ الآخر به: «ليس هُنا يا ملك الملوك» «أين إذن يا مولاي، كُنا نفعل ذلك معاً بالآلاف في معبد الشمس في سبأ وفي معبد عشتار في بابل وأمام هيكل البعل وعشتروت حتّى أمام خيمة تابوب يهوه» «أنت الآن في محراب الإسلام ولست في أي من معابد الجنس المقدس هذه، ينبغي أن تستتر عن أعين الآخرين!» «أستتر يـا مـولاي، هـل اسـتتر النبي وأصحابه حين تمتّعوا بـالحج عـند المـروة؟ والله إني لا أعرف كيف تفهم الإسلام، ثمّ كيف تكون مُلحداً يا مولاي وتحرص على تعاليم الإسلام كلَّ هذا الحرص؟!» «إن شئت الحق، لا أعرف فيما إذا استتر النّبي ورفاقه حين تمتّعوا بالحج، لكني أعرف أن طقوس الحج هي أقرب إلى العُري الجماعي منها إلى التستّر، ثم أيها الملك أنت من اختار الإسلام وأرى أن من واجبي تجاهك أن أعلّمك إياه على أُصوله وأطلب إليك التقيد بتعاليمه ولو قدر الإمكان!» «ليكن يا مولاي، سآخذ الفتيات وأبتعد عنك إلى تحت شجرة، أدعوك لأن تتمتع بجمال الأميرة نور السماء يا مولاي، وتنسى أمر الانتحار ولو لبعض الوقت» «سأحاول لكن لا تتأخر أريد أن أحسم المسألة، إذ لا يُعقل أن أظلّ معلقاً بين هاجسي الحياة والموت» ولم يعره الملك شمنهور آذاناً صاغية، حمل الفتاة وأشار إلى الأخريات أن يتبعنه، شرع في تعريتهن تحت شجرة على مرأى منهما. مدّت الأميرة نور السماء يدها وضمّت الأديب لقمان. قبّلها قبلتين خفيفتين على خدّها وعنقها وألقى رأسه على صدرها، همس: «لم أكن أعرف أن ثمة حوريات بين الجن، هل كلكن بهذا الجمال؟» «لا يا مولاي، فثمة من هُنّ قبيحات» «يبدو أنك ما تزالين صغيرة، كم عمرك؟» «ستة آلاف عام يا مولاي!» لم يصدّق الأديب لقمان ما سمعه، رفع رأسه عن صدر الأميرة وتساءل بدهشة: «هل تقولين الصدق أيتها الأميرة؟» «نحن لا نعرف الكذب يا مولاي!» «سـتة آلاف عـام! هل يُعقـل هذا؟ يبـدو أنـك بجيل شـمنهور ملك الملـوك» «نعم أنا بجيله وكنّا نتداعب معاً في الصِّغر» «ولم تتزوجي؟» «لا، لقد اخترت مسامرة الملوك يا مولاي، مع أن كثيرين طلبوني للزواج ولم أقبل» «أنا لست ملكاً.. لماذا أحضروك لي؟» «أُحضرت إليك من قبل ملك الملوك نفسه يا مولاي» أطرق الأديب لقمان للحظات وهو يعيد رأسه إلى صدر الأميرة لينعم بلذّة الدفء، فقد ضمّته برفق وراحت تملس على صلعته وكأنّه طفل! «كم من السِّنين تحيون أيتها الأميرة؟» «نحن لا نموت يا مولاي ولا نشيخ، إلا بعد آلاف آلاف الأعوام!» صُعق الأديب لقمان للمرة الثانية: «لا تموتون ولا تشيخون، وتنعمون بكُل ملذّات الحياة وطيّباتها، وتحوزون قدرات خارقة، ونحن معشر الإنس نشقى منذ آلاف السّنين كي نُطيل متوسط عمر الإنسان بضعة أعوام، ونؤجّل شيخوخته بضعة أعوام دون جدوى. أي أسرار هذه التي تكتنف الوجود من حولنا. لقد قيل لنا «كُلُّ من عليها فان ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام» «أظن أنّ المقصود بمن عليها يا مولاي من هُم على وجه الأرض وليس من تحتها أو أسفلها، وليس من هم في السموات أيضاً، ثم إن ذلك لن يحدث إلا يوم القيامة» «وهل تفقهين في الإسلام يا نور السماء؟» «قليلاً يا مولاي، فقد زرت مكّة ورأيت محمّداً، وحضرت «بدراً» و«أُحُداً» وشهدت فيما بعد حروب الرّدة وحرب الجمل بين علي وعائشة وغير ذلك!» «ولم تُسلمي؟» «ارتـأى ملوكنا أن ننتظر فك أسـر ملكهم كـي يقرروا أمرهـم، رغـم أن بعض الطّوائف الأخرى من الجن قد أسلمت منذ صدر الإسلام وحاربت مع محمّد. على أية حال أنتم معشر البشر تظلّون متفوّقين علينا بالعقل والروح والخلُق والجمال» «كيف أيتها الأميرة، أنا لم أرَ بين بني البشر من هي أجمل منك، ويبدو أنك تفهمين مثلنا، أمّا أرواحنا وأخلاقنا فقد فسدت وتعفّنت منذ زمن طويل، ولا أظنّ أن ثمّة أملاً في إصلاحها» «يا مولاي، لا يغرّنك جمالي، فثمّة بين الإنس من هُنّ أجمل منّي، ثمّ إنّ عقلي صغير ومعرفتي سطحيةّ، ولا أملك القدرة على المحاكمة الخلاّقة. أنا أكاد أكون مجرّد مشاهِدة ومتلقية لكل ما يجري حولي، ومنفّذة لإرادة من يتحكّمون بي» «أيتها الأميرة نور السّماء، ثمة أمم تعيش بيننا نحن البشر لم تفكّر منذ آلاف السّنين، بعضها توقّف عقلها عند أفكار مرّ عليها أكثر من ثلاثة آلاف عام، وبعضها منذ ألف وأربعمائة عام ونيّف!» «لعلّهم من الجن يا مولاي وهم لا يعرفون!» «بل من الإنس، فهم لا يملكون أية قدرات خارقة» انبعثت آهات وصرخات الفتيات من تحت الشجرة التي لجأ إليها ملك الملوك. نظر الأديب لقمان والأميرة نور السّماء، وإذا به يكوّم الفتيات التسع تحته في أوضاع عجيبة وقد أخذ شكله شكل مارد صغير، وانقض عليهن كوحش وراح ينهش أجسادهن ويطعن هذه ثم تلك بقضيب كهراوة الفأس، وهو يزأر كأسد. صرخ به الأديب لقمان: «لا تفتك بالفتيات يا ملك الملوك» قطع الملك زئيره ليهتف بصوت هائل دون أن يلتفت أو يتوقّف عن الطعن: «لا تخف يا مولاي، إنهّن يحببن ذلك مهما عنف، فهن جنيّات!» ضحك الأديب لقمان لأول مرة دون أن يفارق الحزن محياه، وأمعن في الضحك حين تخيّل للحظات ملك الملوك يأخذ شكله الجنّي الأكبر ويشهِرُ عضواً كالصاروخ ويشرع في طعن الفُروج.. تساءَلت الأميرة عمّا يضحكه فتساءل بدوره: «هل تمارسون الحب وأنتم في أشكالكم الجنّية الضخمة؟» ضحكت الأميرة وهي تهتف: «بل إنّ مُعظمنا لا يمارسونه إلاّ كذلك يا مولاي!» أطبق الأديب لقمان راحتي يديه على جبينه وهو يتساءل ضاحكاً: «غير ممكن! إنّ خيالي بالكاد يقارب الشكل الذي تبدون عليه حينئذ» «لن تحتاج إلى الخيال يا مولاي، سترى ذلك كثيراً إذا بقيت على قيد الحياة!» «أظن أنني لن أُسر لمشاهدة كائنات بحجم الجبال تطبق على بعضها!» «لا تستطيع أن تحكم قبل أن ترى يا مولاي» «وهل أنت تمارسين الحب أيضاً وأنتِ بهذا الحجم الهائل؟» «أحياناً يا مولاي» «وما الحجم الذي تبدين فيه حينئذ؟» «أستطيع أن أبدو بأحجام مختلفة، صغيرة جداً وكبيرة جداً، فأنا قادرة أن أبدو أصغر مما أنا عليه الآن، كأن أكون طفلة في العاشرة مثلاً وبحجم إنسيّة، أو آخذ شكلي الجنّي الأكبر وسأكون حينئذ بحجم جبل كبير!» «وكم يكون حجم نهدك حينئذ؟» «حجم حلمة نهدي تكون حينئذ بحجم قُبّة يا مولاي!!» «وهل في مقدوري حينئذ أن أجلس على تلك الحلمة لأداعب نهدك ثم أتدحرج وأتقلّب عليه» «بالتأكيد يا مولاي» وأغرق الأديب لقمان في الضحك، ولم يقدر على التوقف ليكمل الحوار مع الأميرة، فخرج الكلام من فمه كلمة كلمة وقد تخلله ضحك لم يضحك مثله في حياته وهو يتمثّل تلك الصورة الخُرافيّة: «أتوسّل..إليك..ألاّ..تظهري.. أمامي.. بهذا.. الحجم.. كي.. لا.. أضطر.. إلى استخدام.. مصعد.. للتنقّل من.. عضو.. في جسدك.. إلى عضو آخر!!» «سأنقّلك بيدي يا مولاي!» «وأية متعة ستجدينها معي وأنا لن أكون بالنسبة إلى حجمك أكبر من فأر أو بعوضة؟!» «ما أدراك، قد نجد في ذلك متعة فريدة؟!» «أية متعة هذه؟ لكن، ألا تستطيعين تكبيري لأبدو بحجمك؟» «لا أعرف يا مولاي، فأنا لم أختبر قواي من قبل في هذه المسألة» «خسارة، إذا لم نتمكن من تكبير نفسي بأي شكل من أجلك!» «قد نجد حلاً إذا ما رغبنا في ذلك ذات يوم يا مولاي» «آمل ذلك أيتها الأميرة» وهتفت الأميرة نور السماء وهي تضمّه إليها من جديد: «ماذا في ميسوري الآن أن أفعل لأسعد مولاي وأراه يضحك ويبتسم دائماً» «لا أظن أنّ في مقدورك أن تبلغي بي السعادة التي أنشدها، ومع ذلك فإنّ وجودك معي يريحني ويتيح لمسحة من السعادة أن تتسلل إلى نفسي، الآن أشعر أنني متعب جداً وأتمنى لو أنام قليلاً إلى أن يفرغ الملك من مضاجعاته، ربّما ستكون هذه رغبتي الأخيرة قبل أن أودّع هذه الدّنيا» «أمر مولاي» وحرّكت الأميرة نور السّماء يدها في الهواء، وإذا بسرير واسع مكلل بالحرير والديباج وتظلّله أزهار القرنفل والياسمين والجوري، ينتصب تحت شـجرة زيزفون وارفة الظلال.. ولم يتنبّه الأديـب لقمان لـذلك إلا والأميرة تحملـه بين يديها وتضجعه عليه وتقبّله على جبينه وتضطجع إلى جانبه وتهمس في أذنه: «ألا تشعر يا مولاي برغبة في مواقعتي، هذا يساعدك على أن تنام براحة وهدوء» أحسَّ بأنفاسها العطرة تسري كالخدّر في جسده: «إن ذلك ليسعدني أيتها الأميرة، لكني متعب جداً، والمواقعة عندي تتم عادة في ظل قدسيّة خاصّة، لا يتاح لي الآن توفيرها، وأعدك إذا ما عدلت عن الانتحار أن نفعل ذلك، لكن ابقِ إلى جانبي إلى أن أنهض من النوم، فوجودك يدخل الطمأنينة إلى نفسي» «أمر مولاي» وبادلته قبلات خفيفة ساحرة، وراحت تملس على ما تبقّى من شعر حول صلعته إلى أن غفا.
* * *
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
باقون في رنّة الخلخال ! وذاهبون أنتم في المحال !
-
شاهينيات (106) حروب متخيلة وارتداد عن عبادة يهوة كالعادة .
-
شاهينيات (105) إيليا يذبح أربعمائة وخمسين نبيا من أنبياء الإ
...
-
شاهينيات (104) سليمان يغرق في حب نساء الشعوب فيتزوج 700 امرأ
...
-
شاهينيات (10) سليمان يبني بيتين اسطوريين له وللرب يهوه !
-
شاهينيات (102) موت داود وتملك سليمان . * (1048) سليمان يصفي
...
-
شوربة عدس سبع نجوم !
-
بمناسبة الإحتفال باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف: أهلا يا
...
-
آخ يا ظهري وقعت أسير- ترانيم الغواية -!!
-
شاهينيات (101) حروب بلا نهاية يخوضها داود مع الفلسطينيين! (1
...
-
حزب الشعب الفلسطيني ينعى أب الماركسيين العرب يعقوب زيادين .
-
شاهينيات (100) أبشالوم يغتصب الملك وسراري أبيه داود. ( 1046)
...
-
شاهينيات (99) الملك داود يغتصب امرأة محارب لتنجب سليمان (الع
...
-
ألوهة المسيح وفلسفة الألوهة ( النص الكامل للكتاب )
-
شاهينيات (98) داود يصبح ملكا على اسرائيل ويتزوج من عشرات الن
...
-
شاهينيات (97) الفلسطينيون يجيرون داود ويقتلون شاول وأولاده ا
...
-
شاهينيات ( 96) شاول يزوج داود ابنته مقابل قتله مائتي فلسطيني
...
-
شاهينيات ( 96) في الخلق والخالق !
-
شاهينيات (95) داود يقتل المحارب الفلسطيني جليات بحجر من مقلا
...
-
في حقوق الكاتب العربي !
المزيد.....
-
افتتاح مهرجان -أوراسيا- السينمائي الدولي في كازاخستان
-
“مالهون تنقذ بالا ونهاية كونجا“.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة
...
-
دانيال كريغ يبهر الجمهور بفيلم -كوير-.. اختبار لحدود الحب وا
...
-
الأديب المغربي ياسين كني.. مغامرة الانتقال من الدراسات العلم
...
-
“عيش الاثارة والرعب في بيتك” نزل تردد قناة mbc 2 علي القمر ا
...
-
وفاة الفنان المصري خالد جمال الدين بشكل مفاجئ
-
ميليسا باريرا: عروض التمثيل توقفت 10 أشهر بعد دعمي لغزة
-
-بانيبال- الإسبانية تسلط الضوء على الأدب الفلسطيني وكوارث غز
...
-
كي لا يكون مصيرها سلة المهملات.. فنان يحوّل حبال الصيد إلى ل
...
-
هل يكتب الذكاء الاصطناعي نهاية صناعة النشر؟
المزيد.....
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
المزيد.....
|