|
ما بعد صلاح الدين!
كاظم الموسوي
الحوار المتمدن-العدد: 4786 - 2015 / 4 / 24 - 23:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما حصل في العراق قبل ايام في محافظة صلاح الدين، شمال العاصمة العراقية، بغداد، يظهر المشهد السياسي على صورته الحقيقية، ويجدد فضح الوقائع الملتبسة في العملية السياسية الجارية، التي ولدت بعد احتلال العراق في اذار 2003. والتي يمكن ان تختصر بان من يسمون بالزعماء السياسيين لا يهتمون للدماء التي سفكت، ولا يقدرون الجهود التي بذلت بعده. تَسّلم ما يسمى اعلاميا بداعش المحافظة تسليما كاملا بالمفتاح بعد احتلاله محافظة نينوى، التي تمت ايضا كذلك. ولكن سبقه استعدادات وتحضيرات معلنة وتهيئة كاملة مهدت الطريق امامه ويسرت له اسلوبه في الاحتلال والاعلان ومن ثم التفرد والاستنفار والاستقطاب. وهذه قضايا يتطلب الاسراع في التحقيق فيها ومحاكمتها ومحاسبة كل من ساهم او تواطا او راهن على نتائجها او تخاذل فيها. تصريحات السياسيين الذين يزعمون انهم يمثلون المناطق الي احتلها داعش شاركوه بكل التفاصيل ومثلوا مواقعهم السياسية التي عينوا لها في الوقت نفسه. فالارتباطات مع احتلال واشنطن ولندن وحلفائهما ظلت باقية وزادتها الرهانات الاخرى المستجدة التي كشفت المشهد عاريا كملابس الامبرطور. لا يحتاج المراقب السياسي الى كثير عناء لمعرفة ما حصل ويجري. يكفي الاطلاع على صفحات الاعلام، بكل اصنافه، ومتابعة الاقوال والافعال للوصول الى ان اغلب الامور كانت مرتبة ومخططة ومنظمة وليس هناك التباسا في التنفيذ بقدر ما في التفاصيل والتمويه والتضليل المشترك بين كل تلك الرموز المكلفة في الواجهة الاعلامية والسياسية منذ تكليف السفير الامريكي بول بريمر والى بروز الخليفة البغدادي في الموصل الحدباء. فالتسميات الطائفية والعرقية هي هي، بل تكرست اكثر واستنفذ فرسانها ما لديهم من امكانات اعلامية ووسائط تاثير الى السير في تلك المهمات المرسومة قبل الاحتلال الامريكي وما بعد مشروع بايدن للتقسيم العلني وبالتسميات المعلنة. وجاء داعش تتويجا لكل ما سبق وما قامت به العملية السياسية، وقواعدها في المحاصصة والفساد وتحضير المشهد عبر استمرار الازمات وتكثيف الصراعات المحلية والاهلية الداخلية. قضية الكلية الجوية في معسكر ما سمي بسبايكر، رمز الاحتلال الامريكي للعراق، في المحافظة المعنية، دليل ساطع على فرسان العملية السياسية. قتل اكثر من الف وستمائة شاب عراقي تطوع للعمل في القوات المسلحة من ابناء وسط وجنوب العراق، في الصور البشعة التي عرضها داعش وقاعدته في المحافظة والاساليب الاجرامية الوحشية، كشف صورة العملية السياسية الحقيقية، حيث اظهر ممثلوا داعش فيها، او المتعاونون معه سرا وعلنا، قدراتهم في التعمية على الجريمة وابراز قضايا اخرى لاشغال المشهد والتنكر لما حدث مع هذا العدد الكبير من الضحايا، لاسباب لم تعد مخفية، وصلت عند بعضهم الى الانكار اللفظي والمعنوي وتحميلها الى مسميات شخصية في السلطات الحاكمة دون ادنى وخز ضمير ومسؤولية عن مشاعر اهالي الضحايا او المطالبة بالقصاص العادل من المجرمين. وهو امر خطير يثبت دور الاحتلال الامريكي في زرع سياسته الاستعمارية القديمة الجديدة وتوفير الارضيات المتكاملة لمشاريعه وخططه العدوانية. وهذا الموضوع وحده من بين كل ما حصل بعد احتلال نينوى وصلاح الدين وقبلهما الانبار يفضح مدى المشاركة في الاحتلال والجرائم المرتكبة والارتباكات التي تجري الان بعده. تكررت الصورة في مشهد العمل على تحرير المحافظة من عصابات داعش وداعميه وموفري البيئة الحاضنة له والمشجعة والمجهزة لعدته واعداده. ما بعد صلاح الدين تعريها التصريحات الاعلامية الكثيرة المشبعة بما يراد له ان يحصل من تفتيت وفتنة داخل المجتمع العراقي تعلن بالكامل من هم هؤلاء الذين وظفوا وتوظفوا لهذه المهمات وتواجدوا داخل العملية السياسية والمشهد السياسي، ويقومون بها دون مواربة، بل يجهرون بها عبر تغطيات مسمياتهم الرسمية او مواقعهم السياسية واستغلالهم لها ولتنفيذ ما خطط ويخطط للعراق والمنطقة. ثم جاءت مسالة الحشد الشعبي وطبيعة التحشد وحركيته واهدافه ومساعيه لتفضح من جديد او لتضع بعض ما تخفى مرة اخرى في الواجهة من التشويش وتشويه الوقائع وتكريس السياسات الاستعمارية المرسومة مسبقا والموظف لها عمليا. قدم الحشد الشعبي بالصورة الواقعية له زخما معنويا وماديا للقوات المسلحة العراقية التي انهارت سمعتها بعد ما حصل في تلك المحافظات من قبل داعش ومخططات وصوله اليها وتمكينه من الاحتلال والاختلال القائم الان. وما تحقق فعليا على الارض من تطهير مدن كاملة من داعش وفضح حواضنه المحلية وما ارتكبه من جرائم وحشية، يبين ان الحشد الشعبي من خارج تلك المحافظات ومن داخلها ايضا وبالتعاون مع ما تبقى من قوات مسلحة وادارات لها استطاع ان يغير المعادلات العسكرية ويعرض امكانات اخرى للرد على تلك المخططات المشبوهة وفرسانها. والهجمة الشرسة على الحشد الشعبي والاتهامات الجاهزة له تعيد اجواء ما حصل مع ضحايا القوة الجوية في مدرستهم في صلاح الدين كما تعطي صورة المشهد السياسي الحقيقية وخارطة الاخطار او المشاريع الاستعمارية التي يراد لها ان تتحقق. الحملة الاعلامية على الحشد الشعبي، وتسميته، و"الجهاد" لاقتراح تسميات اخرى، تجدد ما كان في سنوات الدكتاتورية والارهاب، وغيرها من محاولات صناعة مرادفات اخرى وبتسميات طائفية وعرقية يشير الى استمرار المشهد السياسي في العراق منذ احتلاله وتوفير ظروفه والى عمليات التدمير والتفتيت الجارية حاليا، سواء عبر داعش وعصاباته العسكرية او مرتزقته في الميادين الاخرى، التي تبلور الصورة القائمة للعملية السياسية ومشهدها المركب والمربك الان. وتعيد الى الاذهان الخطط السابقة والظروف التي مهدت الى الاحتلال الامريكي وحلفائه وداعمي عدوانه الكارثي. كما ان ما يتحقق الان على الارض يغيض كثيرين ممن لا يتمنون ان يحصل او تتمكن القوات العسكرية والحشد الشعبي بتكويناته المتعددة وارادة وطنية مخلصة لاعادة اعمار وبناء ما تهدم من مدن العراق، سواء بالاحتلال الداعشي او ما سبقه من احتلال صهيو غربي.
#كاظم_الموسوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يوميات نصير
-
قولي لهم أماه.. ان يتذكروا
-
عراق ما بعد 2003
-
تقرير لجنة تشيلكوت
-
قلق بان
-
سرطان اوباما
-
اليوم بتنا هنا والصبح في بغداد
-
الاحزاب الشيوعية في العالم العربي : ثوابت ومتغيرات
-
الاخوان المسلمون من البديل الى النزيل
-
الى بغداد.. وان طال السفر!
-
اليسار ونكبة العرب
-
الانتخابات الرئاسية استحقاق أم رد فعل!
-
في الاول من ايار/ مايو *
-
صفحات من التاريخ السياسي/ مظاهرة شباط/ فبراير 1928
-
وثبة كانون الثاني 1948*
-
الاسلام السياسي والثورات الشعبية
-
دور العسكر في السياسة
-
من يفخخ السيارات؟
-
تشويه المفاهيم هدف مرسوم
-
استطلاعات الرأي وكلاب الحرب
المزيد.....
-
ترامب يعلق على تحطم طائرة صغيرة في فيلادلفيا
-
سوريا.. فيديو ودلالة هدية أحمد الشرع إلى أمير قطر ورد فعل ال
...
-
السعودية.. فيديو ما فعله وافد يمني ومواطن بالشارع العام يشعل
...
-
تونس تُطلق مبادرة لدعم دخول شركاتها إلى أسواق موريتانيا والس
...
-
مسؤولون أوكرانيون لـCNN: قوات كورية الشمالية انسحبت من الخطو
...
-
عاجل| نيويورك تايمز: إدارة ترامب تخطط لمراجعة دقيقة لعملاء ف
...
-
ماسك يبدأ تنفيذ تكليف ترامب.. وهذا ما فعله بموظفي الحكومة
-
ترامب يعاقب عناصر -إف بي آي- المشاركين في التحقيقات بشأنه
-
من بينهم مصريون.. محكمة تحدد مصير -المحتجزين في ألبانيا-
-
رغم الحذر السائد قبيل قرار ترامب مؤشر أسهم أوروبا يقفز لمستو
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|