ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن-العدد: 4785 - 2015 / 4 / 23 - 16:34
المحور:
الادب والفن
ما بعد «عصفورة حريتي» - مناجاة الماقتين للظلم الحائرين في فهمه
إلهي أنا الذي آمنت بك
وبعدلك ورحمتك
وآمنت موقنا
أن من استحق من عبادك
تعويضا عما أصابه
أو عما فاته
فلن يجد مثلك من معوض
إنك أجزل المعوضين
لكني يا إلهي
مع يقيني بعدلك ورحمتك
كلما أرى الظلم في هذه الأرض
التي شئت أن تجعلها موطنا للإنسان
الذي خلقته في أحسن تقويم
وكلما صمّت أذنَيّ صرخات المستغيثين
من النساء والأطفال والرجال
وكلما أرعبتني صور الذبح والتقتيل
وكلما هزّت كياني جريمة تمادت في بشاعتها
وكلما رأيت نشوة الذباحين
وتلذذ الساديين
بتعذيب ضحاياهم
تساءلت أين أنت يا رب الرحمة
من كل هذه الكوارث والمآسي
من كل هذا الظلم والإجرام
ولم لا ترينا انتقامك من الظالمين
وانتصارك للمظلومين
وتعويضك للمعذبين
لماذا كل هذا الظلم
المصبوب حمما
على رؤوس المظلومين
وكل هذا الفقر
الذي يعاني منه المعدمون
وكل هذا الجوع
الذي يذيب أجساد الجائعين
وكل هذا الحرمان
الذي يئن منه المحرومون
وكل هذا العذاب
الذي يسحق المعذبين
وكل هذا الرعب
الذي يكاد يوقف قلوب المرعوبين
وكل هذا التشريد
الذي لا يرحم المشردين
لست معترضا
لكني أطلب أن أفهم ما لم أفهمه
وأريد أن أجد كشفا للأسرار
التي استأثرت بعلمها لنفسك
وفكا للطلاسم
التي لا يدرك كيفية فكها عقلي
الذي خلقته قاصرا عن كل ذلك
وعاجزا عنه
لكن إدراكي لعجزي
لا يقنعني
ولا يواسيني
ويقيني بعدلك ورحمتك وحكمتك
لا يطفئ النار المشتعلة في صدري
ولا يغنيني عن طلب فهم ما لا أفهمه
وإني لأعلم إنك لا تؤاخذني
لأنك في الوقت الذي خلقت عقلي
قاصرا عاجزا محدودا
أوقدت فيه شعلة الشوق
لمعرفة ما أعجزته عن معرفته
كل ما أريده
أن يطمئن قلبي
ويقتنع عقلي
وتهدأ نفسي
وترتاح روحي
فهل إلى ذلك من سبيل
أم إنك أجلته
إلى ما بعد العبور
من هذه الحياة
إلى ما لا يعلمه إلا أنت
هذه شقشقتي بين يديك
وهذا احتجاجي
واعتصامي
وتظاهري
وهتافي
حتى تفتح لي المغلق
وتوضح لي المبهم
وتكشف لي المجهول
وما عذري إلا رحمتك بي
إذ خلقت لي قلبا
ينبض بالحزن
على حزن المحزونين
فافعل بهم
ثم بهم
ثم بهم
ثم بي
ما أنت أهله من الرحمة
يا من ليس كمثل رحمته
رحمة رحيم
ويا من ليس كحكمته
ما هو بيّن وخفيّ في آن واحد
يا من عرفته
ولم أدرك معرفته
وتيقنت من رحمته
ولم أعثر على مواطن رحمته
في دنيا المظلومين
والمحرومين والبائسين
ولك مني
رغم جهلي
بما أنا متحرق شوقا لمعرفته
إيماني ويقيني بك
وتنزيهي لك
وثقتي بك
وحبي لك
يا محبوب العاشقين
#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟