أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يعقوب زامل الربيعي - قبو الزلات..














المزيد.....

قبو الزلات..


يعقوب زامل الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 4785 - 2015 / 4 / 23 - 16:34
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة..
.........
لا ثآليل، لا دمامل. رائحة ثيابه الحريفة ما عادت غريبة. تأكد، أو هكذا تصور، ان الجميع مصابين مثله بذات الداء، وأن الله وحده في ملكوته هو السليم من كل عاهة. وأنه هو الآن يسخر من غفلة الجميع. كما تصور أن حتى الحوريات لم يسلمن بسبب أنهن مخلوقات من ذات الجنس الأنثوي المعرض للوثة الرجال.
هاجسه يتنامى. وشيء ما بداخله يخبره بما يتردد في الخارج من وشايات وأخبار، بعضها حقيقي والبعض الآخر ملفق. عنده مخبر خاص يجيء إليه بكل محلي ومستورد من الأنباء. هذا المخبر كان يعتقده على درجة كبيرة من " الحرفية " والأمانة.
" مخبري الخاص كان يزودني حتى بما يشعرني بالقرف من نفسي، عندما همس بإذني يوما " لا تبك، لا في السر ولا في العلن، فهم في الخارج يسمعون حتى دبيب النمل !". هكذا كان يدفن في نفسي صنم الرعب والخوف من كل ما يدب حولي. بت أخيرا لا أثق بسلامة ومصداقية مخبري، معتقدا أنه ربما كان يشي بيّ لمن هم في الخارج.
الشيء الأكيد الذي بت أطمأن له هي رائحتي. رائحتي البريئة لطالما كانت تجعلني بعيدا عن فضول النساء قبل الرجال ".
جسده ما يزال يتذكر تاريخ النساء. مفاوز الحكايات الملونة كالخرز العتيق. كل امرأة بلون خرزة. وجميع الخرز مودع في صندوق، كل شيء في صندوق مثل صندوق الله المحكم. متروك ومهمل كما الخرز والخونة وتاركي الصلاة.
" ... نختنق داخل الصندوق. وبسبب الحشد المكبوس، يضطر البعض لوضع قدميه على كتف أو رأس الذي أمامه، وأحيانا داخل شدق أحدهم ".
تمرّ طائرتان حربيتان من فوق رؤوس الجميع. عند الباب يحوقل أحدهم: بإسم العلي القدير الساكن في السموات. بعده يردد من في حوض الصندوق المسكون بالعفن أيضا " ماشاء الله ". هو وحده يتعجب من صنيع الله حين أختار لنفسه مكانا في السماء بعيدا عمن في الأرض. خشية من التلوث والمضايقة من التشكي والرطانة وكثرة الشائعات والوشاة.
" مخبري الخاص، وكما عادته في استقصاء الخبر، أتجه صوب أحد الشقوق ليخبرني بإن ثمة دجاجة تبيض وسط جمهرة من الشحاذين والباعة والدراويش.
في الفترة الأخيرة أيقنت تماماً بأن المخبر لم يعد يحسن نقل الأخبار بصورة صحيحة. فكرت أنه ربما رأى جمهرة من الجنود وهم يتجمعون بأنتظار نقلهم لأحدى جبهات الحرب. أو قد يكون جمع قنافذ حول فريسة. ولكثرة ما عليها من وبر قاس يشبه إلى حد بعيد لحى الصعاليك والدراويش، تصور الأمر معكوساً. العشو يدفع الرائي للغش والتورية في أغلب الأحيان.
الشي الأكيد وحده أن الطائرتين الحربيتين اللتان سمعتهما تعودان بعد مهمتهما الحربية من مكان ما من الجبهات المتعددة. وأن عصفور المطر ظل ينقر زجاج النافذة. تلتصق حبات الماء ثم تنزلق نحو الأسفل بخطوط متشنجة.
ضحكت. ضحكت ظفيرتها السوداء. وكان على أسناني ان تضحك. قلت لها " أحبك ". توهج شعاع في عينيها. تدفق الدم. تبسمت وفي خفر قالت: " تنمّل وجهي ". عندما مالت على رقبتها الدقيقة، قبلتها. تشبث فمها بفمي.
نقرت عصافير المطر من جديد. تمسكنت القطرات على الزجاج ثم توزعت متعرجة. خنّ سقف الغرفة. عرفت أن السطح أمتلأ بالماء. المزاريب أنّت بصوت عالٍ. وحدها السماء كان لها صوت واضح .
لو لم يكن فمها متكفلا بلذة فمي ويشعرني بالأمن ، لبكيت. بمجرد حررت فمها سألت: " كم تحبني.. "؟ هددني سؤالها. فكرت بكل خطوط العرض والطول على مدار جسدها، عندها سكنتُ عند فجوة المسك الواقعة في منتصف العرض "36 "... لماذا؟".
ضربت عينيه دهشة شفتيها. أخترقت رأسه.
في جدار نهايات خط العرض " 36 " ثمة فم زهري، لا يغفر تردد الزلات والخشية منها، عندما دخلت، دخلت حياتها في لجة الزلل. تضبّع صوتها. ومن تحت إزار النار سمعها تشهق مسعورة:
" تعال ".
في اللحظة المسعورة، تسلل خلفها داخل الفم الزهري.
لاشي حقيقي.. لا دمامل.. لا ثآليل.. ولا كلاب صديد.. ولا غرف مسكونة بالجان والدراويش.. ولا مخبرين.. ولا طائرات.. ولا دبيب نمل. فقط الخوف يدفعهما داخل النفق الزهري.. نفق الطمأنينة ".
"... ونحن نخترق معا محظورات التشتت، سقط القمر في زاوية يتكاثر فيها حبات الرمان. وكنا نتوجع".



#يعقوب_زامل_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطرات الفلفل..
- نحلة اشتهاء
- وماذا لو...
- ما يلهم القصيدة، كأسٌ من الوحشة أيضا ! ( جزء من رواية لم تكت ...
- استدارات..
- لعنتُ اغتلامي، وقلتُ...
- المرسى.، سماءٌ مذهلةٌ..
- مناسك الحيّرة..
- أمد يدي.. أتحسسك.
- حاصد العلّل..
- لماذا.. وماء الصمغ..
- رحيق الهتك...
- بالذي كان...
- تضاريس الكهرب..
- من فصول قصيدة (6)
- خلاصة خرافة..
- بئرُ الليل...
- غابة الخطوط..
- السيء...
- شقوق الرمان..


المزيد.....




- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يعقوب زامل الربيعي - قبو الزلات..