عبدالله مهتدي
الحوار المتمدن-العدد: 4784 - 2015 / 4 / 22 - 23:27
المحور:
الادب والفن
حكاية بغل
يحكى والعهدة على الراوي،أنه كان في قديم الزمان،بغل أدهم أحب طاووسة،كان كلما مر بها إلا وأمطرها بكلام الغرام،وكان يحس في قرارة نفسه أنه الأجدر بهذا الحب الذي نبتت بدرته في قلبه،وأشعلت في أحشائه نار العشق،فكل مؤهلات البغولة كانت بادية عليه،علو كعبه في الركض،قدرة معدته على طحن أطنان الشعير طازجا،ضخامة ذلك الشيء المدلى من تحته،صوت حنحناته الجهوري،معرفته بأحوال الكلام لدرجة قدرته على إسقاط الزرزور من فوق السور،وأناقته في اختيار الركلات لخصومه،وفي انتقاء عبارات الغزل للعشيقات.
كان بغل"نا" كلما رأى الطاووسة المعشوقة تصده قائلة :
- حشم ألبغل!
إلا وتمرغ على الأرض ضحكا، تاركا الحظيرة ومن فيها غارقين وسط غبار كثيف.
حسمت الطاووسة أمرها ذات يوم،بعد أن أسر لها البغل برغبته في الزواج :
-ألا ترى معي أيها البغل الحقير،أن فصيلة الطاووس لاتصاهر جنس البغال ؟
لم ينبس البغل ببنت شفة،ولم يتمرغ على الأرض كما اعتاد،ظل صامتا يقلب الأفكار في ذهنه لأيام،بعدها عزم أن يركب رأسه الصلب كالصخر،وأن لايكل في تنفيذ حلمه الذي سكنه من أعلاه لأخمص قدميه،سيغير تسريحة شعره القديمة إذن، سيصبغ لون عينيه وان تطلب الأمر سيضع عدسات لاصقة،سيثبت بعض الكحل على جفنيه ليبدوا جميلين،سيتعلم الأكل دون ثرثرة، سيحاول تقليد مشية طاووس محترم،سيدخل إحدى نوادي فنون الحرب ليبدو جسده أكثر رشاقة، سيتعلم فنون الغناء،لربما يحتاجها ليطرب أحفاده في ليالي الشتاء الطويلة،وسيجهد نفسه في حفظ كل ما خلفته مملكة البغال، من تراث في شعر الغزل و الهيام.
لم يستسغ سكان الحظيرة أن يصبح بغلهم المارد كما أراد، فساقوه إلى السجن، ليقرر كبار البغال وساستهم بدأ المحاكمة.
افتتح حكيمهم مقال المرافعة،فقال :
-مشية البغال من حضارتنا العريقة،ومن تراث أجدادنا،يا عديم الفهم يا بغل،أما عشق ما دون البغال،فذاك في أعرافنا المقدسة ظلال .
تعالت حنحنات جموع البغال وسط ساحة المحكمة،ضرب القاضي بكعبه اللامع على الطاولة،ثم قال:
- حكمنا على بغل"نا" المتهم بالشذوذ والزندقة،بالإخصاء،بالأعمال الشاقة، وبحمل البردعة .
مات البغل حزنا ،كتب صغير البغال على شاهدة القبر:
" ومن العشق ما يحيي، ومن العشق ما قتل، هذه حكاية بغل........"
#عبدالله_مهتدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟