أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جواد بشارة - حرب النفط الأمريكية وإعادة رسم خارطة العراق والعالم العربي















المزيد.....



حرب النفط الأمريكية وإعادة رسم خارطة العراق والعالم العربي


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 353 - 2002 / 12 / 30 - 15:25
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    



 

في خضم الاستعدادات الجارية على قدم وساق لتنفيذ الضربة العسكرية الأمريكية ضد العراق  بغية إطاحة نظام صدام حسين تبرز إلى السطح مسألة النفط العراقي خاصة، ونفط منطقة الشرق الأوسط عامة، لاسيما وإن الخبراء النفطيون يؤكدون أن العراق يمتلك ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم بعد العربية السعودية إن لم يكن الأول حسب تقديرات أخرى. وهذا ما يلقي بعض الشكوك حول الأهداف الحقيقية لحملة جورج دبليو بوش وإصراره على تنفيذها مهما كلّف الأمر.
ويبرز التساؤل المشروع التالي : من سيمتلك زمام أمر إستغلال النفط العراقي بعد إنتهاء الحرب وإقصاء صدام حسين من السلطة ؟ تتدعي صحيفة الواشنطن بوست صاحبة التساؤل أن إدارة الرئيس بوش لم تدرس هذه المسألة لأن تحضيرات وإستعدادات الحرب تستنفذ جلّ وقتها وطاقتها وتفكيرها وتخطيطاتها وتتناسى الصحيفة إن ذلك أمر مستحيل، أولاً : لأن الرئيس جورج بوش ونائبه ديك شيني قادمان من الأوساط النفطية ويعرفان أهمية هذه المسألة الإستراتيجية جيداً ويحتفظان بعلاقات ممتازة مع أوساط الصناعات النفطية العالمية،
ثانياً: لأن من البديهي التفكير بأن النفط يشكل نقطة الإرتكاز الأساسية والجوهرية للإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط . فالهدف الأول لهذه السياسة هو وضع اليد بقوة على مصادر النفط العراقية الهائلة والتي تقدر بأكثر من 112 مليار برميل قابلة للتجدد وليس للنضوب . والحال إن إزاحة صدام حسين عن السلطة ووضع فريق قيادي موالي للولايات المتحدة الأمريكية سوف يشكل نعمة سماوية للشركات النفطية الأمريكية الغائبة نسبياً عن السوق النفطية العراقية التي تحتلها الشركات الروسية والأوروبية وخاصة الفرنسية منها. الأوروبيون يدركون هذه الخطورة جيداً ويعلمون إن الانتصار العسكري الأمريكي المفروغ منه سوف يفتح طريق بغداد أمام المجموعات الصناعية الأمريكية ومن بينها الشركات النفطية العملاقة لقطع الطريق على منافساتها الأوربية الموجودة في العراق . فالأولوية ستكون بالطبع للشركات الأمريكية وقد أوضح جيمس ولسلي المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية سي آي أيه لصحيفة الواشنطن بوست إن الأمر في غاية السهولة وبعيد عن التعقيد قائلاً: " لدى روسيا وفرنسا شركات نفطية عاملة في العراق ولديهما مصالح مهمة في هذا البلد ، وعليهما أن يعرفا منذ الآن أنه إذا ما جاء إلى السلطة في العراق نظام بديل لصدام حسين فإننا سوف نعمل ما في وسعنا لجعل هذه الحكومة الجديدة تعمل بصورة وثيقة ومتينة مع شركاتنا النفطية حصراً . وإذا تعاونت الدولتان [ أي فرنسا وروسيا ] معنا في إسقاط صدام حسين فسوف ننظر في مصالحهما وديونهما ونحث الفريق الحاكم الجديد في العراق على أن يأخذ ذلك بعين الاعتبار وإلاّ فسوف لن نضمن لهما شيئاً " وهذا بحد ذاته تهديد مبطن وابتزاز علني من قبل مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية سابقاً . وقد صرح أحمد الجلبي رئيس المؤتمر العراقي المعارض لنظام صدام حسين والذي تسانده وتدعمه الولايات المتحدة الأمريكية  بما معناه أنه : بعد تغيير النظام القائم علينا تشكيل إتحاد صناعي نفطي [ كونسورتيوم ] تقوده أمريكا ليأخذ بيده عمليات إستغلال النفط في العراق وسيكون للولايات المتحدة الأمريكية الأولوية بالطبع " حسب ما نقلته الصحيفة الأمريكية . وهذا يعني تراجع مريع لبقية الشركات النفطية العالمية الكبرى العاملة في هذه السوق النفطية الإستراتيجية الآن . وكانت صحيفة البايس الإسبانية قد أشارت إلى أن هناك شركات روسية هي لوك أويل وسلافينيفت ، وشركات فرنسية هي  توتال وفينا ألف ، وشركات هندية  وصينية وإيطالية وجزائرية وفيتنامية ، قد وقّعت إتفاقيات وعقود إستثمار وإستغلال للنفط العراقي كان من المفترض أن تدخل حيز التنفيذ بمجرد رفع الحظر النفطي المفروض على العراق منذ عام 1990 .
وتعتقد الصحيفة المدريدية إن يد جورج بوش هي التي تقف وراء تصريح هذا المسؤول في المعارضة العراقية حيث إن الرئيس الأمريكي يستخدم النفط في معادلة "العصا والجزرة " بمثابة الجزرة التي يقدمها لحلفائه الأوروبيين المترددين  والمتحفظين على حربه الوقائية أو الاستباقية أو الاحترازية. وبذلك سيكون من السهل على جورج بوش إنتزاع تنازلات جوهرية من هذه القوى المعارضة لسياسته في مجلس الأمن الدولي والتي بيدها مفتاح التصويت على القرارات الدولية الجديدة بشأن العراق التي تتمناها الإدارة الأمريكية. والعالم يعرف إن جنوب شرق آسيا واليابان وأوربا يعتمدون كلهم على نفط الشرق الأوسط أولاً وبخاصة نفط منظمة الأوبك .
 يعتقد الخبراء النفطيون العالميون إن هناك  إحتمال  وجود خطورة في أن تصاب السوق النفطية العالمية بالزعزعة والتخبط إثر سقوط نظام صدام حسين وإنتهاء الإستقرار الذي أمّنته منظمة الأوبك منذ تأسيسها عام 1962 على يد المنتجين الرئيسيين للنفط في العالم .
فحسب  جريدة الفينانشيال تايمز : فإنه بوصول  الشركات الأمريكية وإعتماداتها المالية الجبارة  إلى العراق ، سيتمكن هذا البلد من مضاعفة قدراته الإنتاجية للنفط الخام لتصل إلى 7 مليون برميل في اليوم وهذا سوف يدق ناقوس الخطر حيال السقف الإنتاجي المتفق عليه في منظمة الأوبك  ويؤذن بزوالها فمن شأن مثل هذا الاحتلال بالقوة للنفط العراقي أن يغرق السوق النفطية العالمية بكميات هائلة من النفط بأسعار رخيصة مما سينسف سياسة الحصص التي تفرضها هذه المنظمة الدولية للمحافظة على إستقرار الأسعار في السوق النفطية العالمية وبالنتيجة ستستفيد الولايات المتحدة الأمريكية من هذا التدفق الهائل للنفط العراقي الرخيص إلى الأسواق لإنتشال الإقتصاد الأمريكي المنهار من السقوط وهذا هدف تريد الولايات المتحدة الأمريكية تحقيقه بكافة السبل وبأي ثمن كان .
وقد لخص أحد رؤساء الشركات الأوروبية النفطية هذا الأفق الملبد بالغيوم عندما قال : " لايمكن تجاهل أو إهمال أهمية ومكانة ودور  النفط العراقي  بالنسبة لأية شركة نفطية تعمل بصورة طبيعية في السوق النفطية العالمية . فالجانب  النفطي على الصعيد العالمي يعد الخطط والحسابات على قدم وساق منذ تفجّر الأزمة العراقية إعلامياً بعد أحداث الحادي عشر من أيلول وتأكيد التهديدات الأمريكية ضد العراق فيما يحاول الدبلوماسيون في مجلس الأمن الدولي إعدادا الإطار القانوني لوضع النظام العراقي خارج دائرة التهديد الفعلي للسوق النفطية العالمية ومنعه من نسفها ". فهناك كما ذكرنا 112 مليار برميل مثبت وجودها في جوف الأراضي العراقية وما لا يقل عن 11% من الاحتياط النفطي العالمي بعد العربية السعودية يضاف إلى ذلك 220 مليار برميل متوقعة من المصادر النفطية غير المستغلة بسبب سنوات الحرب الطويلة التي عاشها العراق منذ عام 1980 بل وربما أكثر من ذلك بكثير ، مما يجعل العراق محط أنظار وأطماع العالم الغربي  والشركات النفطية الإحتكارية العالمية العملاقة وبخاصة الأمريكية منها. فالرئيس الأمريكي بحكم كونه رجل نفط بالدرجة الأولى قبل أن يكون سياسياً ، يعرف إن زيادة الإستهلاك للنفط والمحروقات والوقود سوف يقود إلى انخفاض في الإنتاج الأمريكي وفي المخزون الأمريكي على السواء ، بل وحتى في الاحتياطي النفطي الإستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية وما يترتب على ذلك من تبعات خطيرة على الاقتصاد الأمريكي الذي سيصبح معتمدا أكثر فأكثر على الإستيرادات النفطية من الخارج . وإذا ما أضفنا إلى ذلك حقيقة إن المورّد الأول للنفط للولايات المتحدة ، هي حليفة الأمس ، العربية السعودية ، والتي تمر حالياً بمرحلة سوء فهم وتدهور في العلاقات المتميزة التي كانت قائمة في الماضي بين البلدين منذ أحداث الحادي عشر من أيلول في العام الماضي ،  فإن كل ذلك يجعل من النفط العراقي عنصراً هاماً وجوهرياً في المعادلة الاستراتيجية الأمريكية القادمة في المنطقة ويؤكد حتمية وقوع الضربة العسكرية ضد العراق.
لقد استغل النظام العراقي هذا الجانب في دعايته وإعلامه المضاد ليركز على الأطماع الأمريكية في ثروات العراق مما دفع طارق عزيز نائب رئيس الوزراء العراقي إلى التصريح : أن الإدارة الأمريكية بتقديمها ذرائع واهية لعدوانها على العراق ، تريد في حقيقة الأمر أن تسيطر على المنطقة وتسرق ثرواتها " وقد كررت جريد بابل لعدي صدام حسين هذه النغمة في مقالاتها وتصريحات صاحبها . الكل يعرف إنه إذا تم رفع الحظر النفطي عن العراق بدون تغير النظام القائم سيعرض الشركات الأمريكية إلى عائق كبير في مسألة إستغلال النفط العراقي للمرحلة القادمة. إن جميع أصحاب الشركات النفطية العالمية يعرفون أهمية الذهب الأسود العراقي منذ زمن بعيد. ولايغير من الأمر شيئاً إكتشاف آبار وحقول نفط جديدة في آسيا الوسطى  وفي بحر قزوين وذلك لسبب بسيط وهو إن كلفة إستخراج وإنتاج برميل النفط من بحر قزوين تكلف 7 دولار إلى 8 دولار بينما كلفة برميل النفط العراقي  الأجود منه لاتتجاوز 70 سنت كما يقول خبير نفطي عالمي، لذلك لن تفتر همة الشركات النفطية وأطماعها في النفط العراقي. فقبل الحظر كانت كل الشركات العملاقة تتفاوض مع النظام العراقي . وسبق لشركة النفط الفرنسية توتال أن حجزت لنفسها حق إستغلال وتطوير حقول نفط مجنون وهي الأهم وتصل تقديرات ما تحتويه من احتياط بين 10 إلى 30 مليار برميل تقع على بعد 30 ميل شمال محافظة البصرة قرب الحدود الإيرانية. بينما حجزت شركة فينا ألف الفرنسية حق إستغلال حقول إبن عمر . في حين إن الشركات الروسية نشطة في هذا القطاع في العراق وكذلك الصين التي تعتبر ثالث مستهلك للنفط في العالم بعد أمريكا واليابان . واستمرت الشركات تتعاطى مع العرض بالرغم من الرسم الإضافي الذي فرضه النظام العراقي لجيبه الخاص بقيمة 50 سنت على البرميل والذي تم إلغاؤه في 18 أيلول  / سبتمبر 2002 مع ارتفاع وتيرة التهديدات الأمريكية بوشوك توجيه الضربة العسكرية وتصاعد الاتهامات حول الخروقات العراقية للقرارات الدولية وبضمنها هذا الرسم الإضافي .
واليوم مازال الجميع يفكر بحصصهم   ومصالحهم الخاصة والحيوية في فترة ما بعد صدام التي باتت مطروحة على مائدة النقاشات والمفاوضات فحتى روسيا أعلنت إن مصير دكتاتور بغداد لايهمها بقدر ما يهمها مصالحها وديونها التي تريد أن تستحصلها من العراق وطالبت بضمانات من أمريكا بهذا الخصوص  مقابل عدم تصويتها ضد قرار مجلس الأمن الذي قدمته الولايات المتحدة وبريطانيا وصدر تحت رقم 1441 والذي يجيز لهما إستخدام القوة المسلحة ضد العراق في حال عدم انصياعه  التام بلا قيد أو شرط لمحتويات القرار الدولي الجديد .
لذا يحق لنا التساؤل هل ستحمل حرب الخليج الثالثة، إذا ما حدثت، عنوان " حرب البترول" ؟ أم ستخفي هذا الهدف الجوهري وراء ذريعة تجريد العراق من أسلحة الدمار الشامل أو تحت حجة لابد من إطاحة النظام العراقي الذي يشكل خطراً على أمن المنطقة والعالم.؟
 لقد بات بحكم المؤكد  إن الهدف غير المعلن لهذه الضربة العسكرية القادمة هو  السيطرة على منابع النفط  العراقية والخليجية ومجمل احتياطي النفط الشرق أوسطي.
وقد تبين لجميع المراقبين والمتابعين للشأن العراقي والشرق أوسطي إن الحملة العسكرية التي تعدها واشنطن على قدم وساق يشم منها رائحة البترول والجميع متفق على أن الذرائع التي تتحجج بها واشنطن صحيحة جزئياً لكنها غير كافية لتفسير هذا الإندفاع الأهوج ويعتقدون إن صدام حسين وإن كان ديكتاتوراً دموياً ومتوحشاً لكنه لايشكل خطراً داهماً على جيرانه في الوقت الحاضر ولا يخلق خللاً في التوازن الإستراتيجي الإقليمي.
 فمن المعروف للقاصي والداني، إن العراق يمتلك الكثير من النفط ويعتبر ثاني أكبر إحتياطي نفطي في العالم وإن نفطه هو الأقل كلفة في إستخراجه وتسويقه وهذا مايعرفه العراقيون قبل غيرهم ويركزون عليه في حملتهم الإعلامية المضادة لفضح نوايا الولايات المتحدة الأمريكية المستورة. وتلح الماكنة الإعلامية العراقية على أن لدى واشنطن أطماعاً إقتصادية وهدفاً استراتيجياً محدداً هو توسيع هيمنتها لتتسلط بشكل مباشر على كافة الثروات الحيوية العالمية وترى نفسها قادرة على الإمساك بالثروة النفطية العالمية وتوزيعها على هواها على حد تعبير وزير النفط العراقي. فالولايات المتحدة الأمريكية تعتقد أنها لو تمكنت من السيطرة على النفط الخام في الشرق الأوسط، كخطوة أولى، فسيكون بمقدورها السيطرة على العالم والتحكم بمقدراته وقيادته بالاتجاه الذي تريده.وبالتالي يعتقد ديكتاتور بغداد أن بلده سيكون ضحية الإمبريالية الجديدة لواشنطن.
 إن نظرية " المؤامرة النفطية العالمية التي تحيكها واشنطن وتحرك خيوطها" لم تلق تأييد جميع الخبراء العالميين في هذا المجال. فمنهم من يعتقد بصدقيتها ومنهم من يعتقد بضحالتها وعدم جديتها . فالخبراء الذين يرفضون تصديقها يتسلحون بالتلويح بالأخطار المواكبة والمرافقة لمثل هذا السيناريو الجهنمي لأنه سيقود حتماً إلى فوضى شاملة وزعزعة وعدم إستقرار دائم في أخطر منطقة في العالم وأكثرها حساسية مما سيؤدي حتماً إلى إنعدام وجود " أمن الطاقة" الذي تسعى إليه الولايات المتحدة إليه بأي ثمن.ويبقى السؤال الجوهري : هل التسابق على النفط هو أحد الأسباب الرئيسية للأزمة العراقية الحالية؟ من بين  المعارضين لفحوى هذا السؤال بيير نويل الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية الذي يقول أنه إذا كان هدف واشنطن فقط هو السيطرة على النفط العراقي وفتح السوق النفطية العراقية أمام الشركات النفطية الأمريكية فإن هذا لايستوجب شن حرب تدميرية فيكفي الولايات المتحدة الأمريكية أن ترفع الحظر المفروض على العراق وإيران وليبيا  لتوفر لنفسها مصادر تزودها بالنفط بأبخس الأثمان وبلا مخاطر أو مغامرات. فالتبعات النفطية للحملة العسكرية المرتقبة غير معروفة وغير مضمونة على المديين القصير البعيد حتى في ظل أكثر الإحتمالات العسكرية تفاؤلاً . فليس من الضروري أو المؤكد إن عواقب الحرب النفطية ستكون موائمة ومتناسقة أو متوافقة مع المصالح الأمريكية.ولا ننسى إن ديك شيني نائب الرئيس الأمريكي الحالي عندما كان مسؤولاً لدى شركة هاليبيرتون النفطية قد حاول جاهداً منذ ست سنوات رفع العقوبات التي فرضها الكونغرس عام 1996 على كل من إيران وليبيا. الأمر الآخر هو أن نفط الشرق الأوسط يشكل 10% فقط من الإستهلاك النفطي للولايات المتحدة الأمريكية أي 4% من الإستهلاك العام للطاقة وهذا أمر واقع منذ ثلاثين عاماً وسيبقى صالحاً لمدة عشرين عاماً قادمة فحصة الخليج في معادلة العرض والطلب العالمية هي نفسها اليوم عمّا كانت عليه قبل ثلاثين عاماً أي 27% . من هنا فإن فكرة إن أمريكا تقود حرباً من أجل النفط فكرة غير جادة وبالمقابل فإن أخطار مثل هذه الحرب جادة جداً. فأي إنزلاق في مجريات هذه الحرب سيؤدي حتماً إلى إثارة الفوضى والإضطراب وزعزعة الاستقرار في المنطقة كلها قد تكون لها عواقب كارثية على دول الجوار المحيطة بالعراق. ولو خسر العالم جزء أو كل الانتاج السعودي من النفط خلال أشهر بسبب تداعيات الحرب فستحدث صدمة نفطية خطيرة سيكون لها تبعات وعواقب رهيبة على الاقتصاد العالمي. سيحدث ركود في إقتصادات عدد من الدول الصناعية الغربية خاصة في منظمة الـ OCDE ومثل هذا السيناريو الكارثي سيكلف جورج بوش ثمناً باهظاً قبل عامين من إعادة تجديد ولايته الثانية وهو لاينسى ما كان لمثل هذا الأمر من نتائج وخيمة على حملة والده الانتخابية سنة 1993أي بعد عامين من حرب الخليج الثانية التي أدخلت الاقتصاد الأمريكية في نفق الكساد والركود وافقدت جورج بوش الأب فرصة إعادة إنتخابه رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية.
ولو حدث العكس وكانت الحرب خاطفة وسريعة وناجحة وحققت هدفها الأول المعلن وهو إطاحة صدام حسين وتنصيب نظام موالي 100% لواشنطن داخل شرق أوسط هاديء ومستقر عند ذلك ستتوفر الشروط اللازمة لرفع الطاقة الإنتاجية النفطية العراقية التي ستتضاعف في غضون سنوات قليلة قد تكون سنتين ولكن على أقصى حد لن تتجاوز الخمسة، بفضل الاستثمارات المالية الهائلة التي ستضخها الشركات الأمريكية العملاقة ، إلاّ أن نتائج مثل هذا السيناريو لاتتوافق مع رغبة أمريكا في إبقاء التوازن الحالي داخل السوق النفطية فسوف تفتح الأبواب على مصراعيها نحو سباق جنوني لزيادة الانتاج وخلق الخلل في معادلة العرض والطلب التي تتحكم بالأسعار لأن السعوديون لن يقبلوا بهذه السهولة أن يخسروا حصصاً في السوق النفطية لصالح [العراق الأمريكي الجديد] تؤثر على ميزانيتهم الاقتصادية، وبما أنهم يمتلكون الوسائل المالية والتقنية الضرورية لرفع طاقتهم الإنتاجية إلى اقصى حدودها فالنتيجة المؤكدة من جراء ذلك هي إنهيار مؤكد ومريع في أسعار برميل الخام على المدى المتوسط التي قد تصل إلى 8 دولار للبرميل. ومن تداعيات ذلك أيضاً انهيار الاستثمارات النفطية الأمريكية في مناطق مثل بحر قزوين وروسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وتدهور وتيرة تصدير نفط بحر الشمال وانهيار الانتاج النفطي الأمريكي في الداخل وستتركز الأنظار والعرض العالمي للنفط على منطقة الخليج حصراً بعد عشرين عاماً من الجهود والمساعي لتنويع مصادر النفط والخروج من حالة التبعية لنفط الخليج.وهكذا سيضعف " الأمن الطاقوي " بدل أن يتدعم عكس ما تشتهيه الولايات المتحدة وستزداد أهمية منطقة الشرق الأوسط التي لايمكن أن تبقى إلى ما لا نهاية تحت السيطرة الأمريكية المطلقة.
 أما الرأي المضاد لهذه الأطروحة  فيطرح مبرراته وتفسيراته بصورة أخرى.
بيير تيرزيان مدير المجلة المتخصصة الذائعة الصيت " بيترو ستراتيجي Pétrostratégies أو الاستراتيجيات النفطية" يرد على سؤال: هل النفط العراقي هدف رئيسي واستراتيجي في المشروع العسكري الأمريكي تجاه العراق؟ بالقول :" نعم. فبرأيه إن الولايات المتحدة الأمريكية تريد بل وتنوي قلب المعادلات الإقليمية لإنهاء إعتمادها الكلي على النفط السعودي" . فلو سيطر الأمريكيون فعلياً على العراق فإنهم سيسيطرون بالتالي وبشكل بديهي على منطقة هي الأغنى في العالم المتخمة بآبار البترول الممتدة من الخليج حتى أطراف آسيا الوسطى . وحتى لو لم يكن النفط وحده هوالعامل الوحيد أو الرئيسي  إلاُ أنه بلا شك حافز مهم وعامل مؤثر في الخطط الأمريكية العسكرية والاستراتيجية البعيدة المدى.فهو يدخل في صميم استراتيجية واشنطن الدولية التي تريد زيادة مصادر النفط الصديقة وتنويع مصادر التزود بالوقود لاسيما وإن الولايات المتحدة الأمريكية غير قادرة على رفع أو زيادة طاقتها الإنتاجية النفطية اليوم وكلنا يعلم إن هذا الموضوع كان على جدول أعمال الحملة الإنتخابية  لجورج دبليو بوش الذي أطلق حملة إعداد خطة الطاقة . لكن : خطة تشنيني " كما تسمى  اليوم تواجه مأزق في أروقة الكونغرس الأمريكي. ومن هنا نفهم إستدارة إدارة بوش إلى الجانب الدولي لرأب الصدع في الخطة النفطية الأمريكية والتركيز على العامل الدولي لتوفير الطاقة الضرورية للغطرسة الأمريكية ولقوتها العاتية وهذا هو أيضاً رأي جون بيير شيفنموه وزير الدفاع  والداخلية الفرنسي الأسبق .
والعراق يمثل أحد أهم المفاصل الرئيسية في السياسة النفطية العالمية كما هو معروف فهو غني  ويمتلك احتياط ضخم مثبت  وآخر  محتمل يشكل ثاني إحتياط نفطي في العالم وهو، أي العراق، من المؤيدين والمتحمسين لأسعار مرتفعه للبرميل الخام لذلك إذا بقي النظام الحالي في العراق، وهو غير مضمون في ولائه للولايات المتحدة الأمريكية، فسوف يعرقل التخطيطات التي ترغب في تنفيذها حكومة الرئيس بوش وبالتالي فإن وجود فريق حاكم في العراق موالي لواشنطن وخاضع لتوجيهاتها سيقود حتماً إلى زيادة هائلة في الإنتاج وتخفيض في الأسعار لأنه سيخلق خلللاً في معادلة العرض والطلب في السوق النفطية العالمية .فخلال أربع أو خمس سنوات إذا ما وفرت  الولايات المتحدة الأمريكية الإستثمارات الضرورية لتجديد الآلة الإنتاجية النفطية في العراق فإن بمقدور هذا الأخير أن يرفع قدرته الإنتاجية إلى الضعفين أو أكثر وسينتقل من 3 مليون برميل في اليوم التي ينتجها حالياً إلى 6 أو 7مليون برميل في اليوم.
 وبإحتلالها للعراق بشكل من الأشكال " المباشر أو غير المباشر " ستتحكم الولايات المتحدة بمصائر المنطقة برمتها وستحكم تطويق إيران المتمردة حالياً والخائفة على مصيرها. فالقوات الأمريكية والقواعد الأمريكية واسلحتها الحديثة تطوق إيران من جميع الجوانب ، من افغانستان إلى آسيا الوسطى ومن المملكة العربية السعودية إلى منطقة الخليج بأكملها " في الكويت والبحرين وقطر"، وقريباً من القوقاز والحدود الروسية وسوف تغلق الطوق من البوابة العراقية ايضاً. من هنا يمكننا القول إن الأمريكيين يمكن أن يسيطروا على منابع النفط الخام الأهم في العالم.
يعتمد الأمريكيون في الوقت الحاضر على إرادة المملكة العربية السعودية كلياً وهم لايريدون أن يكونوا رهينة بيد هذا البلد . فبفضل العراق  الذي يمكن أن يشكل البديل النفطي والسياسي، وبمساعدة روسيا، يمكن للأمريكيين أن يضغطوا على السعوديين ويدفعون الرياض إلى المزيد من التعاون والخضوع في كافة المجالات  وعلى رأسها مكافحة الإرهاب وكذلك إتباع السياسة التي ترغبها واشنطن في داخل الأوبك " منظمة الدول المنتجة للنفط" فبتشجيع واشنطن للإنتاج المنافس بكثرة تقلل من اعتمادها الكبير على النفط السعودي فنفط الكويت بيدها ولو أضيف إليه نفط العراق يمكنها أن تباشر في إعادة توزيع الأوراق بحرية ودون خوف من النقص في الطاقة.هذا لايعني إن واشنطن تريد خنق الأوبك في الوقت الحاضر لأنها بحاجة إليها. فبدون هذه المنظمة الدولية سينخفض سعر النفط الخام إلى 8 دولار للبرميل الواحد كما ذكرنا قبل قليل ولذلك فإن الولايات المتحدة بحاجة إلى جهاز يتحكم بأسعار النفط ويضبطها عالمياً فلو إنخفض سعر النفط إلى أدنى مستوى متوقع له أي 8 دولار ستفقد الابار النفطية مردوديتها وستصبح واشنطن معتمدة كلياً على النفط المستورد بنسبة 75% لذلك فإن واشنطن لاتنوي تدمير الأوبك بل السيطرة عليها من خلال السيطرة على أهم الأعضاء فيها والعراق واحد منهم إلى جانب  السعودية والإمارات والكويت.وستسعى الولايات المتحدة الأمريكية حتماً في وقت لاحق وضمن سيناريو طويل الأمد إلى السيطرة التامة على النفط الإيراني بطريقة من الطرق سواء بالقوة أو عن طريق الديبلوماسية.
الإدارة الأمريكية الحالية عند وصولها إلى السلطة كانت تؤيد سعراً مرتفعاً للبرميل بحدود 25 دولار  لكنها تطالب اليوم بتخفيض نسبي ومستعدة لقبول سعر 20 دولار للبرميل الواحد لأن من شأن ذلك أن يساعد في إنعاش الإقتصاد الأمريكي الذي يواجه صعوبات كبيرة في الوقت الحاضر لإعتماده على إستيراد الطاقة أكثر فأكثر.وهذه مقاربة قصيرة النظر لأن الإنخفاض الحاد في اسعار النفط عالمياً سيؤثر سلباً على الهدف الثاني للولايات المتحدة أي رفع الطاقة الإنتاجية للنفط خاصة في الدول الصديقة والحليفة لها لاسيما وإن غالبية مصادر الإنتاج الأخرى مكلفة [ مثل روسيا  وبحر قزوين وأفريقيا].
مما لاشك فيه إذن برأي هذا البعض من الخبراء : إن حرباً تشنها الولايات المتحدة الأمريكية ضمن حسابات دقيقة لن تقود إلى وقف الإنتاج النفطي في المنطقة وقد كانت سابقة حرب الخليج الثانية سنة 1991 أكبر دليل على ذلك واتضح للجميع إن التهويل كان لغايات دعائية وإنه لم يكن بمقدور العراق تهديد منابع النفط في البلدان النفطية الأخرى أو وقف تصديرها بل على العكس إنخفض سعر البرميل 10 دولارات عند بدء الحرب فكيف يمكن للعراق الراكع على ركبتيه اليوم أن يمارس أي تهديد يذكر ؟ .
 إن مخاطر الحرب سياسية أكثر منها نفطية برأي بيير تيرزيان . فالأسواق النفطية العالمية تخشى من عواقب الضربة العسكرية على العراق ولكن من منظور خاص. "فأي حرب تثير العديد من التساؤلات والترقب وعدم اليقين في الكثير من الأمور وهذا أمر طبيعي"كما يعتقد تيرزيان، الذي يضيف :" إن أي تصريح بهذا الإتجاه أو بذاك سيكون له عواقب وتبعات على سعر النفط الخام" لكن الأمر يتعلق بمجال تحرك السعر بحدود 5 دولارات فقط بزيادة أو نقصان".وبعد برهة قصيرة ، بعد أن تتأكد الأسواق من عدم حدوث أي انزلاق  أو أي تأثير على إنتاج وتصدير النفط ووصوله إليها فسوف تحافظ على تماسكها واستقرارها وهدوءها.العراق ينتج اليوم مايزيد على مليوني برميل في اليوم في حين إن قدرة الأوبك على الاتتاج المؤكد فيما يتجاوز طاقتها الحالية هي بحدود 5 مليون برميل في اليوم زيادة على السقف المتفق عليه اليوم . وبالتالي فإن وقف النفط العراقي قابل للتعويض الفوري وبلا مشقة تذكر.
ومما لاشك فيه إن مخاطر الحرب المتوقعة لن تتجاوز الحدود العراقية فيما يتعلق بحركة النفط العالمية فلن يكون بوسع العراق غلق مضيق هرمز كما كان الحال إبان الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات من القرن الماضي.فمنذ قرن والنفط يتدفق عبر هذا المضيق بلا صعوبة ولم يتوقف أبداً . مرة واحدة تعرضت فيها السوق النفطية العالمية للنقص الحاد وذلك سنة 1967 مع غلق قناة السويس ولأسباب لاعلاقة لها بالإنتاج النفطي. وخلال حرب الثماني سنوات بين إيران والعراق وتدمير أغلب مصافي النفط في البلدين وتفجير العديد من ناقلات النفط والمنصات النفطية وآبار الإنتاج، لم تنجح تلك الحرب في وقف تدفق النفط إلى الأسواق بوتيرة منتظمة.
يركز المراقبون على حقيقة مفادها لو إن أمريكا كانت تريد أخذ جزء كبير من النفط العراقي لما كانت بحاجة إلى شن حرب مكلفة والتعرض لمخاطر، بل بوسعها فقط رفع الحظر النفطي عن العراق وإزالة العقوبات الإقتصادية وبمقابل ذلك يمكنها تأمين حصة الأسد في عقود الاستغلال وإعادة الإعمار  والنظام العراقي الحالي موافق تماماً على ذلك بل ويتوسل إلى واشنطن لقبول هذا العرض. ولكن السيطرة الأمريكية على النفط العراقي تتجاوز بكثير حدود  الوصاية  والرقابة الاقتصادية . فواشنطن لاتريد فقط الهيمنة على العراق اقتصادياً فحسب بل تريد أن تصبح قائدة ومسيّرة للمنطقة برمتها ووضع الأسس الجيوـ استراتيجية الأمريكية الجديدة للتحكم بالمنطقة والهيمنة على المناطق المحيطة بالعراق كإيران وسورية  والعربية السعودية والخليج وتعزيز موقع إسرائيل ودورها الاستراتيجي في المنطقة وسيظهر مثلث استراتيجي جديد لخدمة المخططات الأمريكية تتكون أضلاعه من تركيا في الشمال وإسرائيل في الغراب والعراق الأمريكي في الشرق وإخراج العربية السعودية من المعادلة الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة أي رفع الحماية الدولية عنها وتركها فريسة  للتغيرات الداخلية المحتملة وخلق البلبلة والإضطرابات التي ستوفر الذريعة القانونية لواشنطن للتدخل المباشر للحفاظ على منابع النفط السعودية الحيوية لها وتنصيب نظام أكثر طواعية لها من العائلة السعودية الحاكمة اليوم.
إن زمن العلاقات المتميزة والثقة المطلقة بين الحليفين السابقين ، العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية ، قد ولى . فمنذ خمسين عاماً والعربية السعودية هي الحليف المفضل لواشنطن في المنطقة بعد إسرائيل في هذه المنطقة النفطية الغنية. وتعاونهما كان مثالياً في الكثير من المجالات وفي مقابل ذلك ضمنت الولايات المتحدة للعربية السعودية أن تكون البلد الأكثر استقراراً واطمئناناً.ولكن وبعد حوادث 11 أيلول/سبتمبر 2001 ودور السعودية غير المباشر فيها [ تمويل المنظمات الإسلامية المتطرفة وكون بن لادن من أصل سعودي ونسبة كبيرة من قراصنة الجو من السعوديين ] غيرت واشنطن من أولوياتها وبدأت تخطط لإحداث التغييرات الإقليمية اللازمة لخططها الاستراتيجية الجديدة وبالاعتماد على العراق  والتضامن الروسي  يمكن لواشنطن أن تجبر السعوديين على الإنصياع لإرادتها وتنفيذ توجيهاتها ومطالبها. لكنها لم تأخذ بعين الاعتبار عواقب هذه السياسة متناسية إن السعودية  هي قلب العالم الإسلامي وفيها أقدس الأماكن الإسلامية ففيها الكعبة الشريفة وقبر النبي محمد وقبلة المسلمين وموقع الحرمين الشريفين، وهذا قد يقود إلى زلزال لن يمكنها السيطرة عليه وبركان لن تتمكن من إخماده مهما استخدمت من قوة وجبروت.
يقول الخبير النفطي العربي ورئيس مجلة نفط وغاز العرب  نيقولا سركيس : " إن خطة ديك تشيني دخلت في نفق أو طريق مسدودة وواجهت معارضة من قبل الكونغرس وتتضمن إجراءات بيئية ضخمة مثل اختراق الأراضي البكر في آلاسكا وخفض الاعتماد على النفط الخارجي وخفض الاستيرادات في مجال الطاقة . ولذلك بات على الإدارة الأمريكية الحالية إيجاد البديل المتمثل بالهيمنة الكلية على النفط العراقي  والتمركز داخل العراق بقوة، والتحالف مع روسيا في مجال الطاقة  وتركيع السعودية والخليج أكثر فأكثر وتقوية إسرائيل وفرض حل أمريكي ـ إسرائيلي على أزمة الشرق الأوسط يقبله العرب صاغرين،وفي نفس الوقت ممارسة ضغط  أكبر على الاتحاد الأوروبي المعتمد كلياً في سياسته الطاقوية على نفط الشرق الأوسط وروسيا، هذه هي الحلول البديلة المقترحة من قبل اللوبي الصهيوني المؤثر جداً في السياسة الأمريكية.ولتنفيذ هذه الاستراتيجية لابد للولايات المتحدة أن تبدأ بإطاحة النظام العراق الذي فقد دوره السابق كحليف للغرب وكدرع في مواجهة الثورة الإسلامية الإيرانية، ليتحول إلى عائق لابد من إزالته للمضي قدماً في تنفيذ هذا المشروع الأمريكي الشرق أوسطي الجديد ولعب  ورقة النفط العراقي كجوكر أمريكي في مواجهة الرياض.
ويضيف نيقولا سركيس قائلاً : " لو كان العراق يصدر الطماطم بدلاً من النفط ما كان  سيمثل للولايات المتحدة ما يمثله اليوم من إهتمام  ولن يشكل لديها ما يشكله اليوم من مصالح حيوية واستراتيجية " . ولولا النفط لما أصر الرئيس الأمريكي على شن حرب جديدة لإطاحة صدام حسين حتى لو إستمات  الصقور في الإدارة الأمريكية في تبرير  حملتهم بذرائع أخرى غير السيطرة على النفط لأنه ليس من السهل عليهم تبرير حملتهم فقط بعامل النفط وكون العراق يمتلك ثروة نفطية هائلة.
ويعقب على ذلك موضحاً : " من السهل على الأمريكيين الاندفاع في هذه المغامرة العدوانية تحت غطاء " محاربة الإرهاب الدولي " الذي أصبح بمثابة ليتموتيف  السياسة الأمريكية منذ الحادي عشر من أيلول 2001 " بالرغم من عدم نجاحهم في إيجاد أي صلة بين العراق  وتلك الأحداث الإرهابية أو بين العراق وتنظيم القاعدة . فيما إدعى بعض القادة الأمريكيين إن هدف الولايات المتحدة هو تنصيب حكومة ديموقراطية تعددية تحترم حقوق الإنسان والأقليات العرقية والإثنية والطائفية المحلية" ولو كان هذا هو الهدف الحقيقي للولايات المتحدة لكان عليها أن تقوم بتنفيذه في ثلثي  دول الكوكب، ولو كان الهدف حقاً هو فرض إحترام قرارات الأمم المتحدة فالأحرى بها أولاً تحقيق هذا الاحترام وتنفيذ القرارات الدولية من قبل حكومة تل أبيب قبل إرغام حكومة بغداد على التنفيذ بقوة السلاح.
لهذا يؤكد نيقولا سركيس إن النفط هو الحافز الرئيسي لهذه الحرب إذ يبقى النفط حتى عام 2020 مطلوباً بقوة . فمع زيادة صادرات النفط من آسيا الوسطى وروسيا وأفريقيا إلا أنها لن تتمكن من سد العجز في الطلب العالمي المتزايد على النفط وتعويض النقص المرتقب في الإنتاج النفطي في الدول المنتجة خارج منظمة الأوبك  من هنا سيبقى الشرق الأوسط ولعشرات من السنين المنطقة الرئيسية والأساسية  لتزويد العالم بالوقود وستزداد حاجة الدول العظمى والدول الصناعية وعلى رأسها الولايات المتحدة لنفط الشرق الأوسط، فمنطقة الـ OCDE  على سبيل المثال، التي تستهلك 55.2% عام 2001 سيرتفع استهلاكها إلى 63.3% سنة 2010وأكثر من 70% سنة 2020 .
وفي الختام نستطيع القول أنه، أياً كانت مواقف الدول العظمى والدول الأعضاء في الأمم المتحدة فإن الولايات المتحدة الأمريكية ماضية في تنفيذ خطتها الاستراتيجية مهما كان الثمن ومهما كانت ردود الأفعال الدولية حيالها.
فالطموحات الأمريكية الخفية تنضح برائحة النفط واستعراض العضلات وفرض الهيمنة بالقوة العسكرية والسلاح المتقدم والتكنولوجيا المتطورة. وبواسطة القوة العسكرية تريد واشنطن أن تسيطر على عجلة الإنتاج النفطي العالمي بكل مراحلها من البحث إلى التسويق مروراً باستخراج النفط وتكريره وبيعه في الأسواق العالمية.
إن السوق النفطية العالمية اعتادت على حالات الغموض والترقب والتقلبات والتهديدات والحروب خاصة تلك التي تفرضها آفاق اندلاع عملية عسكرية أمريكية ضد العراق والتي لم يسبق لها أن شهدت مثل هذا التوتر والكثافة.
وهذا أمر طبيعي، فالعراق يحظى بأهمية خاصة على رقعة الطاقة الدولية ويحتل موقعاً متميزاً على الخريطة النفطية العالمية[ لا ننسى أنه يضم تحت أرضه أكثر من 10% من احتياط النفط في الكوكب كما ذكرنا ] ولهذا فهو يستقطب الاهتمام ويجذب نحوه صراع المصالح.

" لا أحد، عدا الولايات المتحدة الأمريكي، لديه مصلحة اقتصادية في نشوب صراع مسلح بين واشنطن وبغداد. فقد تؤدي هذه المواجهة العسكرية إلى ارتفاع صارخ في أسعار النفط الخام يتجاوز الـ 30 دولار للبرميل الواحد، وقد تقود إلى حالة من الكساد والركود الاقتصادي العالمي التي قد تشهد تفاقماً إذا لم يجد المجتمع الدولي لها مخرجاً "، على حد تعبير أحد الخبراء الفرنسيين. فبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية السيناريو يختلف في حيثياته وتفاصيله وأهدافه غير المعلنة. فواشنطن ترغب بشدة في إيجاد بديل للنفط السعودي الذي تعتمد عليه في تزودها بالنفط ودعم احتياطياتها النفطية الاستراتيجية ، وإن البديل الأرخص والأكثر سرعة يمر عبر الهيمنة الكاملة على العراق اقتصادياً وسياسياً، وربما عسكرياً.
 فإذا كانت بغداد لاتنتج حالياً سوى 2 مليون برميل في اليوم ـ وهذا الرقم بعيد عن القدرة الانتاجية السعودية التي بلغت 7 مليون برميل في اليوم ـ فإنها تمتلك نفطاً كامناً قابلاً للإستغلال الفوري يقدر بمليون برميل في اليوم. وفي حالة دفع البنى التحتية النفطية إلى حدودها القصوى  فإن هذه الطاقة الانتاجية الكامنة يمكن أن تصل إلى 7 مليون برميل في اليوم خلال 18 شهراً والبعض يفضل وضع سقف زمني أكبر يتحدد بخمس سنوات لتشييد بنية تحتية نفطية صلدة ومتينة للتأكد من إمكانية تحقيقها .
ومن باب المقارنة ليس إلاّ، في هذه المنطقة بالذات تنتج إيران 2 مليون برميل في اليوم أمام الكويت والإمارات العربية المتحدة اللذين ينتجان كل منهما أقل من 2 مليون برميل في اليوم وقطر التي تغلق سقفها الإنتاجي  بـ 650000 برميل في اليوم.
فالمنشآت النفطية والتجهيزات والمعدات العراقية تعرضت للضرب والتخريب خلال فترة الحرب العراقية ـ الإيرانية من 1980 ـ 1988 ثم أجهز على ما تبقى منها وتم تدميره كلياً في حرب الخليج الثانية 1991 . لذلك فهي تحتاج اليوم إلى استثمارات مالية ضخمة جداً تقدر مابين 25 و 30 مليار دولار ، لاسيما وإن إعادة إعمار البلد تتجاوز بكثير مجرد إعادة البنية التحتية للمنشآت النفطية ولا تقتصر على المجال النفطي على حد تعبير أحد الصناعيين الذي ذكر بأن العراق شيد خلال عشرين عاماً عشر صناعات نفطية ومئات المشاريع الصناعية والزراعية الأخرى التي تحتاج للترميم.
 ولكن من يعتقد بأنه يكفي أن يحقق الأمريكيون إنتصاراً عسكرياً على نظام صدام حسين لكي يسيطروا على النفط العراقي ويتحكموا به كما يحلوا لهم يكون واهماً، كما يقول جان فرانسوا جيانسيسني أحد كبار مهندسي المعهد الفرنسي للنفط الذي يواصل قوله:" في العراق كما هو الحال في باقي الدول المجاورة له والمطلة على الخليج، يعتبر النفط ملكية عامة أي ملك للدولة وحكر عليها عبر شركات وطنية التي لاتتقبل بسهولة تدخلات الأجانب في شؤونها . وحتى لو سقط صدام حسين فمن الوهم الاعتقاد إن العراق سينظر بعين الرضا والخنوع لسيطرة الولايات المتحدة على نفطه مهما كان نوع النظام القادم " . هذا إلى جانب عدم إغفال ردة فعل الشارع العراقي . فالشعب العراقي ، حتى لو كان معرضاً للمجاعة، والفقر منذ سنوات طويلة على يد الحكم الديكتاتوري، فإنه مازال يحمل حساً وطنياً عالياً ويعارض أي نزعة تسلطية أو هيمنة أجنبية على مقدرات بلده.
كما يعتقد عدد من المراقبين إن الولايات المتحدة لن تهتم للإستياء الشعبي المتوقع ولا الرفض الجيو ـ سياسي الذي سيبديه هذا البلد وغيره من دول المنطقة الأخرى، فطريق النفط من الأهمية بمكان بالنسبة لواشنطن حتى أنه يرقى إلى مستوى  المصلحة الحيوية  للولايات المتحدة الأمريكية. ففي كل يوم يمر  برميل من أصل 5 براميل نفط في العالم عبر مضيق هرمز ليخرج من الخليج العربي ـ الفارسي أي حوالي 15 مليون برميل يومياً أو مايعادل مليار طن من النفط سنوياً. من هنا تنبع أهمية تعزيز المواقع الأمريكية في المنطقة في الوقت الذي تفقد فيه المملكة العربية السعودية حظوتها لدى الدولة الأعظم في العالم التي صارت تتهمها علناً بأنها الدولة الممولة للحركات الإرهابية من طراز القاعدة.
وفيما يخص تهديدات حرب قد تؤدي إلى قطع طريق إمدادات النفط العالمية فهي غير موجودة نهائياً والتاريخ خير شاهد على ذلك, فعلى مدى نصف قرن كانت المنطقة خلالها مسرحاً لصراعات دامية وقصف للمنشآت والمصافي والآبار والناقلات ، لكن مضيق هرمز لم يغلق أبداً أمام الملاحة الدولية.
بإنتظار ما ستتمخض عنه هذه الحملة المسعورة، لاتوجد هناك اية سيناريوهات متوقعة بين واشنطن والرياض حتى في ظل إحتمالات سقوط النظام العراقي وإطاحة صدام حسين  وعلاقات العراق القادم مع منظمة الأوبك . فبالرغم من كون فالعراق عضو  مؤسس في المنظمة إلاّ أنه كان موجوداً خارجها من الناحية العملية منذ تطبيق العقوبات الدولية ضده . ولكن في حالة عودة  العراق للطريق السوي واندماجه في المجموعة الدولية كعضو طبيعي، هل سيتمكن من الإندماج بنفس السرعة مع الاقتصاد العالمي ومع المنظمة الدولية ، ومع منظمة الدول المصدرة للنفط؟.
يمكن للولايات المتحدة، إذا ما احتاج الأمر لذلك، بعد أن تكون قد أحكمت قبضتها على العراق ، أن تلعب ورقة هذا الأخير ضد الأوبك وتثير عمداً توتراً بخصوص أسعار النفط في العالم كما يعتقد أحد المحللين . ولكن هل يمكن أن نتخيل السعوديين، الذين يحتاجون بصورة ماسة لبيع نفطهم بسعر معين لتمويل خططهم الاقتصادية وميزانيتهم الوطنية ،يتفرجون صامتين على تدمير اقتصادهم، وهل من المعقول أن يقفوا مكتوفي الأيدي؟.سندخل في هذه الحالة في لعبة خطرة وسيجد النظام العراقي القادم نفسه بين نارين، فمن جهة الولايات المتحدة الأمريكية التي نصبته في سدة الحكم ، و من جهة أخرى المملكة العربية السعودية ومنظمة الأوبك.
ليس السعودبون وحدهم الذين سيتحركون وينفعلون إزاء تحكم الأمريكيين بعجلة الانتاج النفطي العالمي وزيادة كميات الانتاج وكسر الأسعار. فروسيا ستتحرك بدورها بعد أن منحت بغداد ديناً بلغ 10 مليار دولار تعتقد أن من حقها أن يكون لها موقعاً متميزاً وأولوية في السوق النفطية العراقية بعد أن تعود لحالتها الطبيعية، وكذلك فرنسا التي تعتقد أن من حقها أن تحافظ على امتيازاتها النفطية في العراق واسترجاع ديونها منه، من هنا ستندلع حرب المصالح بين مختلف الأطراف ولن تكون حرباً هادئة. لهذه الأسباب مجتمعة يتعين على النظام العراقي القادم أن يحافظ على مجال مناورة ولو طفيف إزاء واشنطن ليتكيف بنفسه بوتيرة إعادة الإعمار للصناعة النفطية العراقية في إطار كونستوريوم دولي تتمثل فيه جميع الدول الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الأمن وأن يجد التمويل الاستثماري في مختلف المصادر المالية غير الأمريكية. وإلاً لن يتمكن من الخروج من هذا المأزق . أما اليابان التي تستهلك الكثير من بترول الشرق الأوسط فسوف تضمن استمرار تزويدها منه بفضل موافقتها على تمويل تكاليف الحرب الأمريكية المنتظرة ضد العراق  والتي تقدر بين 100 و 200 مليار دولار، من خلال شرائها بأموال الإدخار اليابانية ، سندات الميزانية الأمريكية . فالأمن الأمريكي ليس له ثمن  والولايات المتحدة الأمريكية مستعدة لدفع هذا الثمن من أجل  أمنها القومي على حد تعبير آلان غرينسبان مدير البنك الفيدرالي الأمريكي.     
 وبهذا الصدد تناولت وسائل الإعلام الغربية برمتها مؤخراً خبر الصفقة التجارية  الهائلة التي وقعها العراق مع روسيا بقيمة 40 مليار دولار والتي أثارت حفيظة الولايات المتحدة الأمريكية واستياءها من موسكو . وتساءل المراقبون والمتابعون للشأن العراقي : من أين للعراق هذه الأموال الطائلة وهو يعيش تحت الحصار منذ أكثر من اثنتي عشر عاماً ويعاني شعبه من الجوع والمرض وسوء التغذية وشحة الأدوية أو فقدانها وتفكك نسيج المجتمع العراقي وسيادة قانون الغاب عليه، والحال إن نظام صدام حسين يعقد الاتفاقيات التجارية التي ليست في صالحه وعلى حساب مصالح  البلد، وذلك لكسب بعض المواقف السياسية إلى جانبه لفك طوق العزلة الدولية الذي فرضته عليه الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين عليه وعلى نظامه بعد حرب الخليج الثانية ؟ ويلاحظ المتتبعون لتطورات المسألة العراقية إن هناك بلدان عديدة تعيش على كرم النظام العراقي لتأمين ميزانياتها الوطنية وتوفير إحتياجات مواطنيها كالأردن وسورية وإلى حد ما لبنان ومصر وغيرها من الدول التي وقعت إتفاقيات التجارة الحرة مع النظام العراقي القائم ، فكيف  يمكن لهذا النظام الوفاء بالتزاماته الاقتصادية تجاه تلك الدول ومبيعاته للنفط خاضعة لمراقبة لجان المقاطعة الدولية ضمن إطار صيغة " النفط مقابل الغذاء " ؟ ...
في واقع الأمر لايمر يوم دون أن يعمل النظام العراقي، بشكل مباشر أو غير مباشر ، على حث وسائل الإعلام للحديث عنه ، سياسياً أو عسكرياً أو ديبلوماسياً أو إقتصادياً . وعلى الساحة النفطية هذه الأيام بصفة خاصة . فصيغة الحساب والبيع والتسديد الجديدة التي فرضتها الأمم المتحدة مؤخراً لتخفيض نسبة فائض الضريبة من 15 إلى 45 سنت على برميل النفط المُصَدّر وحجز الفائض الذي فرضته بغداد ليدخل مباشرة إلى خزينتها دون المرور بحسابات الأمم المتحدة الخاضعة للرقابة المشددة ، إن هذه الطريقة الحسابية الجديدة ليست فعالة وأثبتت محدوديتها في كبح هذا التدفق من الأموال إلى أيدي النظام العراقي مباشرة ليتصرف بها كما يشاء دون أية اعتبارات أخلاقية أو دولية أو إنسانية وهو يرى شعبه يعاني من شظف العيش وقساوة الحياة اليومية .بل ويثير ذلك ثلاث تبعات أو إنعكاسات تسير بإتجاه معاكس لما هو مطلوب أو مرجو من مثل هذه الحسابات  الجديدة . إلى درجة إن الدول الخمسة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة إنقسمت على نفسها بشأن هذا الموضوع وإن البعض منها ، وعلى رأسها روسيا ، قد طالبت بتغيير الطريقة الحسابية  المذكورة التي تطبقها الأمم المتحدة بخصوص  إدارة عائدات النفط العراقي.
وذلك لأن هذه الطريقة تدعم وتقوي المبيعات غير المشروعة  وغير القانونية  للذهب الأسود [ طبعاً من وجهة نظر المعترضين ] . و للتعبير عن إستياءهم وعدم موافقتهم للنظام الحسابي الجديد الذي تبنته الأمم المتحدة ، قرر الزعماء العراقيون تخفيض صادراتهم النفطية الرسمية المعلنة من النفط الخام بمقدار 700000 برميل يومياً أو حتى  المليون برميل يومياً " كما صرح بذلك روبرت مابرو ، رئيس الوكالة البريطانية المعروفة بإسم معهد أكسفورد لدراسات الطاقة.
من الناحية الرسمية تقدر عملية التخفيض للنفط العراقي المصدر الخاضع للرقابة الدولية  بمقدار الثلث ، ولكن في حقيقة الأمر  لم تنخفض صادرات النفط العراقي إلا بنسبة 10 %  وبذلك فإن المبيعات " الموازية ـ خارج الإطار المتفاوض عليه في نطاق صيغة  النفط مقابل الغذاء " قد إزدادت وبلغت معدل 370000 برميل في اليوم حسب الوكالة المتخصصة بإقتصاديات الشرق الأوسط Mes التي قدمت هذه الأرقام والتقديرات بينما قدرت الوكالة البريطانية ـ معهد أكسفورد برئاسة روبرت مابرو ، مبيعات النفط العراقي غير المشروعة بـ 150000 برميل في اليوم ومهما يكن الأمر فإن المجال واسع وشبكة التهريب من السعة بمكان يستحيل حصر مقدار المبيعات النفطية المهربة من خلالها. فمطاردات البحرية الأمريكية لناقلات النفط والبواخر والقوارب التي تقوم بتهريب النفط العراقي داخل مياه الخليج قد أوقفت وفتشت حتى تاريخ 11 آب / أغسطس 2002 حوالي 298 قارب أي ثلاث أضعاف ما اعترضته البحرية الأمريكية في العام الماضي .
ولكن هذا هو الجزء الظاهر فقط من جبل الثلج الخفي كما يقول المثل : فليس المعني من ذلك سوى 10 %  من قيمة المبيعات الشهرية من النفط الخام المُهَرّب من قبل السلطات العراقية أي ما قيمته  280 مليون دولار شهرياً .وهذا يعني أن النظام العراقي نجح في وضع وتثبيت أركان نظام موازي لتجارته النفطية يدر عليه أضعاف ما كان يكسبه رسمياً قبل حرب الخليج الثانية عام 1990 . فالنفط الخام يسحب بطرق تكنولوجية مبتكرة من أنابيب النفط وينقل عن طريق الشاحنات التي تجتاز الحدود وبالأخص ياتجاه ميناء العقبة الأردني أو عن طريق الخليج العربي من خلال تحميلات صغيرة ومتوسط في قوارب وبواخر غير معروفة الهوية أو تحمل أعلاماً أجنبية وكذلك عن طريق سوريا  وتركيا وإيران . فسوريا تتلقى الحصة الأكبر من النفط العراقي المُهَرّب  بمعدل 180000 برميل يومياً ، هذا عدا النفط الذي تشتريه رسمياً من العراق  بأسعار منخفضة وتعيد بيعه في السوق الدولية الحرة وتربح فرق التسعيرة . والأردن المستثنى من قيود الأمم المتحدة فيما يتعلق بمشترياته من النفط العراقي ، يبتلع بدوره 110000 برميل يومياً . وتركيا  تمتص 50000 برميل يومياً أما الكمية التي يتم تهريبها عبر الأراضي الإيرانية بالتواطؤ مع شبكة من المسؤولين وحراس الثورة الإيرانيين فلم تعرف قيمتها بدقة بعد .
النتيجة الثانية المنعكسة عن الإتفاق الذي أبرمته الأمم المتحدة هو إثارته إستياء أصحاب مصافي النفط الأمريكيين الذين شيدوا مصانعهم ومصافيهم ومنشآتهم وفق مقاييس وكميات ومعدلات النفط العراقي الخام الذي يصل إليهم حيث تتربع الولايات المتحدة الأمريكية على قمة المستهلكين لهذا النفط بموجب قرار النفط مقابل الغذاء . ولذلك كتب بيل غريهاي  وهو صاحب مصفى نفطي مستقل [ أي غير خاضع للكارتل الاحتكاري في هذا المجال ] ، وهو أيضاً مسؤول مجموعة فاليرو ، رسالة إلى وزير  الطاقة الأمريكي سبنسر أبراهام يطالبه فيها بتغيير طريقة الحساب  الدولية التي تتبعها الأمم المتحدة وكان رد الحكومة الأمريكية فوري وقاطع مفاده : " إن هذا الفائض الضريبي  الذي تفرضه الحكومة العراقي ينتهك قرارات مجلس الأمن والاتفاقيات الدولية بهذا الشأن "  والحال إن الاتفاق الحالي يناسب الأسواق النفطية " لأنه لاتوجد كميات كافية من النفط الخام في هذه الأسواق ولذلك فإن الأسعار ماتزال مرتفعة " على حد تعبير روبرت مابرو. فنفط لندن ظل ثابتاً على سعر 27 دولار للبرميل مقابل 29.33 دولار في نيويورك ميركانتل إكسشينج New York Mercantile Exchange .
ومما لاشك فيه إن الجميع  يعلمون بهذه التفاصيل  لكنهم لايحركون ساكناً حفاظاً على مصالحهم وامتيازاتهم التي تدر عليهم ملايين الدولارات على حساب هذا الشعب  الذي تحول إلى أفقر الشعوب على الكوكب حيث  لايتجاوز في قدرته الشرائية سكان بنغلاديش أو شعوب أفريقيا الجائعة .
 وهكذا دخل العالم اليوم بعد صدور القرار 1441 عن مجلس الأمن الدولي  التابع للأمم المتحدة، في لعبة التكهنات والافتراضات والاحتمالات حول ما سيفعله صدام حسين ونظامه وماسيفعله جورج بوش وإدارته وما سيفعله مجلس الأمن الدولي وأعضائه الدائمين  والمتغييرين فيما لو ...
يبقى السؤال يتردد: ماذا سيفعل هذا الطرف أو ذاك إذا قبل أو لم يقبل صدام حسين كافة بنود وشروط وتفسيرات قرار مجلس الأمن الدولي الأخير رقم 1441 وكيف سيتم تنفيذه بحذافيره ومن ستكون له صلاحية تقدير وتقويم وقبول أو عدم قبول ما تم تنفيذه واعتبار إن صدام حسين قد أذعن كلياً لمحتوياته؟
يقول المراقبون إن صدام سيقبل قواعد اللعبة المفروضة عليه بشأن عمل المفتشين الدوليين المكلفين بالتفتيش عن أسلحة الدمار الشامل العراقية وتدميرها ومراقبة العراق على الأمد الطويل لمنعه من استئناف عمليات التصنيع العسكري الممنوعة والمحرمة عليه منذ عام 1990 إثر غزوه للكويت، ولكن لا أحد يعرف على وجه اليقين ما إذا كانت الولايات المتحدة ستكتفي بذلك وتتخلى عن مشروع إطاحة نظام صدام حسين وضرب العراق عسكرياً.
الشيء المؤكد اليوم هو أن الولايات المتحدة الأمريكية إذا تدخلت عسكرياً فسوف تقلب المعادلات والمسلمات وتخلق واقعاً جديداً شديد التعقيد يتطلب منها أن تتخذ مواقف خطيرة تترتب عليها تداعيات خطيرة وكثيرة، فعليها أن تقرر هل ستبقى طويلاً في العراق، وهل ستحكم البلد بصورة مباشرة عن طريق تعيين حاكم عسكري أمريكي أم أنها ستظل هناك متوارية خلف حكومة عراقية كارتونية تحركها كما تشاء؟ وإذا ظلت متمركزة في العراق بحجة إعادة الإعمار وتكريس الاستقرار السياسي وتوفير سبل السلام والازدهار الاقتصادي في العراق فهل ستفعل ذلك حقاً؟ أم أنها ستكون عازمة على إعادة ترتيب وتشكيل المنطقة برمتها؟ وإذا فشلت في ذلك أو خرج الأمر عن سيطرتها وحساباتها فهل من شأن ذلك أن يخلق حالة من الفوضى تؤثر تأثيراً مباشراً وخطيراً على أسواق أوروبا الأقرب إلى المنطقة العربية وأكثرها إعتماداً عليها بتزودها بالنفط وتصريف بضائعها فيها؟.
بعبارة أخرى ستدخل أمريكا العالم في منطقة المجهول. لو إنصاع صدام للتهديدات ولم يعرقل بأي شكل من ألأشكال عمل اللجنة الدولية أنموفيك في تفتيشها عن أسلحة الدمار الشامل، فهل سيمكنه أن يخرج منتصراً من جولة الصراع هذه ؟ فهو قد ينجح مؤقتاً في إنقاذ نظامه ، وستتاح له الفرصة عندئذ لمطالبة المجموعة الدولية أن تتحرك لرفع العقوبات عن نظامه وهذه هي الورقة التي تحثه فرنسا على لعبها في وجه المناورات الأمريكية ولكن بحذاقة وحذر شديدين وبأكبر قدر من الدقة. إلاّ أن الولايات المتحدة الأمريكية تعرف أنه كان لدى صدام حسين الوقت الكافي منذ بدء الحملة الإعلامية والنفسية ضده، أن يخفي أسلحته المحظورة ويخلي مواقعه العسكرية من أية آثار تدينه وإغلاق مختبرات الموت لأنه يعرف تمام المعرفة أنه لايملك أي مجال للمناورة أو التسويف أو التملص من التزاماته لأن الولايات المتحدة الأمريكية تقف له بالمرصاد وعازمة على معاقبته  ومحاكمته  وسوف تتدخل عسكرياً في أول فرصة متاحة لها دون أن تهتم لردة فعل المجموعة الدولية. وفي حالة تقصير صدام حسين في واجباته فإن من شأن ذلك أن يجعل  بعض المدافعين عنه في المحافل الدولية كالصين وروسيا وفرنسا في موقف حرج وسيقفون ضده ويؤيدون ويدعمون أمريكا في حملتها العسكرية، ومن المؤكد إن الرئيس الفرنسي جاك شيراك سيشارك عسكرياً في تلك الحملة بحجة أنها ستتم في إطار تنفيذ قرار دولي تم التصويت عليه بالإجماع وعندها سيصبح صدام حسين ونظامه مجرد ذكرى مصيرها النسيان والاندثار.
فعلى الصعيد النظري وعلى ضوء ما يجري اليوم من تحضيرات واستعدادات دولية ظاهرية لتنفيذ قرار الأمم المتحدة الأخير 1441 ، اصبحت الحرب غير حتمية ويمكن تفاديها. لكن على الصعيد العملي فإن فرص عدم شنها مازالت ضئيلة وشبه معدومة نظراً لتجارب الماضي وإمكانية وقوع صدام حسين في شرك حساباته الخاطئة ـ أو جره إليها رغماً عنه ـ مما سيقدم الذريعة للبنتاغون وصقور الإدارة الأمريكية لإطاحته وقطع رأسه.
 وزارة الخارجية الأمريكية ووزيرها كولن بول قد يكتفون بعملية نزع السلاح العراقي المحرم دولياً وتدميره مثلما هي رغبة الفرنسيين والروس والصينيين، الذين يرضون بإضعاف صدام حسين إلى درجة كبيرة ومنعه من تشكيل أية خطورة تذكر على جيرانه . لكن دونالد رامسفيلد ومستشاريه العسكريين والمدنيين وكونداليزا رايس مستشارة الأمن القومي ، يريدون إطاحة نظام صدام حسين ، ليس من أجل سواد عيون الشعب العراقي ، بل من أجل تنفيذ مخطط  جهنمي أكبر وأوسع يتجاوز حدود إسقاط نظام واستبداله بنظام آخر أكثر طواعية ومولاة للولايات المتحدة الأمريكية .
فطموحات البنتاغون هائلة ولدى وزارة الدفاع وصقور الإدارة الأمريكية الحالية مشروع استراتيجي متكامل للمنطقة برمتها يتمثل بخلق واقع جديد في المنطقة وتبديل الأدوار وإعادة توزيع الأوراق فيها . تبدأ الخطة في تغيير النظام العراقي بطريقة من الطرق مثل تخويفه ودفعه للإستسلام والتخلي عن السلطة سلمياً دون إطلاق رصاصة واحدة ، أو إطاحته بالقوة العسكرية . ثم خلق فيدرالية عراقية تقوم بتوزيع عائدات النفط بطريقة عادلة ومتساوية بين كافة مكونات الشعب العراقي وقومياته وأطيافه كالعرب والأكراد والشيعة والسنة والآشوريون والتركمان والمسيحيين والمسلمين الخ .. وتشييد نموذج أو نمط جديد للدولة الحديثة المتطورة في المنطقة التي ستؤثر من خلال فرادتها ونموذجها الفريد في الديموقراطية والازدهار على باقي دول المنطقة التي ستصبح في نظر مواطنيها دولاً وأنظمة متخلفة وهذا سينطبق على النموذجين الإيراني والسعودي على حد سواء ناهيك عن النماذج الأخرى من الأنظمة القائمة في مصر وسوريا والأردن والمغرب العربي والخليج .
العقول المخططة والمفكرة في الإدارة الأمريكية والبنتاغون  تريد تأمين الاستقرار في الشرق الأوسط على طريقتها الخاصة  من خلال تغيير المعطيات الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية . فهي تريد حل العقدة  الفلسطينية الاسرائيلية  نهائياً بما يضمن سلامة وأمن واستقرار وازدهار اسرائيل بالطبع ومنح شبه دويلة للفلسطينيين بعد الانتخابات التشريعية الاسرائيلية القادمة التي يتوقع أن  يفوز فيها حزب العمال الإسرائيلي بزعامته الجديدة متمثلة بشخص الجنرال مارام ماتسنام  محافظ حيفا، أو حتى في حالة فوز شارون مرة أخرى، وعودة الروح إلى مفاوضات السلام من النقطة التي توقفت عندها في زمن اسحق رابين. وبعد ذلك العمل على تشكيل مثلث استراتيجي جديد يمثل القاعدة المتنية للمصالح الأمريكية في المنطقة والذي سيتكون من تركيا وإسرائيل والعراق الجديد.  وبعد ذلك المباشرة في تصدير الثورة الليبرالية المجربة في العراق لمهاجمة المنابع والمصادر الحقيقية بنظرهم التي أدت إلى تشوء التطرف  والتشدد والإرهاب الإسلاموي وساعدت في نجاح الإسلامويين في مساعيهم ونشاطاتهم وتجنيدهم للأنصار والموالين ، وتكمن هذه العناصر في اللاعدالة والفقر والاستبداد الذي تمارسه أنظمة فاسدة محسوبة على الولايات المتحدة ومتماهية معها في نظر جماهير الشرق الأوسط بمختلف فئاتهم وطبقاتهم.
 هذه هي الرؤية الأمريكية للوضع السائد حالياً في أكثر المناطق حساسية وخطورة في العالم بالرغم من كونها رؤية واضحة . وهي رؤية سياسية إلى جانب كونها عسكرية من ناحية أن تنفيذها يتطلب من القوات المسلحة الأمريكية أن تزج بكل ثقلها وتتمركز بكل قوتها في المنطقة لعدة عقود على الأقل ولكن لاشيء يؤكد إمكانية تطبيقها بدون عقبات أو مآسي بشرية  ونفسية ومعاناة ومقاومة شرسة من قبل المناوئين لها.
 فإذا أراد جورج دبليو بوش إسقاط صدام حسين كتعويض عن عدم نجاحه في القبض على أسامة بن لادن ، وإذا كان يؤيد مشاريع المحافظين الجدد المتطرفين في إدارته والمتجمعين في البنتاغون أساساً حول شخص رامسفيلد ، فمن غير المحتمل في الوقت الحاضر أن يذهب بعيداً في تأييده المطلق وضربه عرض الحائط المحاولات الديبلوماسية الدولية  والأمريكية على السواء والمتثملة بمساعي وزير الخارجية كولن باول . وفي نفس الوقت إن التخلص من صدام حسين والانسحاب فوراً من العراق وتركه نهباً للصراعات الداخلية وتصفية الحسابات ، بعيداً عن الحدود الأمريكية لكن بالقرب من الحدود الأوروبية ، يجعل من هذا البلد بؤرة للإنفجار الشامل في الشرق الأوسط وإشاعة الفوضى  والاضطرابات وهو الاحتمال الممكن الذي تخشاه أوروبا وتحاول منعه بكل السبل مما يفسر مواقف الدول المؤثر في الاتحاد الأوروبي تجاه المسألة العراقية كفرنسا . وإن عدم السماح لتركيا بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي سيكون أحد العوامل المساعدة في حدوث مثل هذا الانفجار المحتمل  خاصة  إذا لم ننس إنها إحدى أضلاع المثلث الاستراتيجي المرسوم أمريكياً للمنطقة.




#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأزق واشنطن في العراق: نظرة تجديدية
- تحية إلى الحوار المتمدن نافذة مضيئة للرأي الحر
- النتيجة المجهولة في المعادلة العراقية
- عالم المخابرات السرية والأمن الداخلي في فرنسا
- لإسلام ماله وماعليه - الجزء الثاني
- الملف السياسي ـ سيناريو الخطوات الأمريكية المقبلة بعد أفغانس ...
- ندوة في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية - التحليلات الأولية ...
- حرب الذهب الأسود هل ستطيح بنظام صدام حسين؟
- المواطنة والانتماء
- ندوة في معهد ايفري عن الأنظمة الملكية
- المسألة العراقية
- من هو العدو ؟
- الجوكر الأمريكي في مباريات النفوذ العالمية
- أمريكا وأوروبا والطموحات الاستراتيجية في عهد الرئيس الأمري ...
- قبل وصول اليورو إلى الجيوب
- الإسلام ماله وماعليه - الجزء الاول
- النظام القانوني لمشروعات البوت B.O.T. البناء ـ التشغيل ـ نقل ...
- مقابلة مع الدكتور إسماعيل قمندار - كتاب اللهجات الكردية الجن ...
- مقابلة مع القاص العراقي جبار ياسين
- قصة سطوع وأفول نجم في سماء باريس السياسية فضيحة ابن الرئيس ...


المزيد.....




- -أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
- لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو ...
- كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع ...
- -دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية ...
- قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون ...
- حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
- بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
- ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا ...
- مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
- أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جواد بشارة - حرب النفط الأمريكية وإعادة رسم خارطة العراق والعالم العربي