أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حنكر - يوميات متشرد














المزيد.....


يوميات متشرد


مصطفى حنكر

الحوار المتمدن-العدد: 4782 - 2015 / 4 / 20 - 00:35
المحور: الادب والفن
    


كان يوم السبت . وكانت العادة لدى يوبا أن يجسد أيام الأسبوع كشخوص، ،كأبناء الله الذي خلقها لأول مرة..كان يوم السبت الشخص المفضل لديه من بينها. فهو يوحي له بملامح شخص سكير ومتهور وعربيد .تهيج غرائزه في هذا اليوم هيجان أسبوع كبت بأكمله .إنه يتحول إلى كائن غرائزي بامتياز ، كائن نيتشوي أطلق من قمقمه للتو ..خصوصا بعد أن شحنته أجواء يوم الجمعة الدينية و بعد تضايق فظيع من هذا الشيخ الملتزم زيادة عن اللزوم .ولكن ما يروقه في هذا اليوم المقدس ، هو تسكعه في الشارع ، وقت الصلاة تحديدا ،والجميع مقرفص على مؤخراتهم في المسجد ينتظرون ، وكأنهم على الجمر متى ينهي الفقيه خطبته المملة .في هذا المشهد بالذات ، تعتريه مشاعر بالتميز .بكونه ليس أي أحد .بكونه استثناءا وهو في الخارج ، لا حالة مشوهة من القطيع في الداخل . يخرج كل يوم جمعة ، وشوارع المدينة خالية تقريبا ،في هذا التوقيت بالذات ليعاوده هذا الإحساس بالانتشاء و التفوق .. لنعد إلى اليوم الذي يليه . إلى هذه الأجواء من النسيان والعمى و الإندفاع و الميوعة ،إلى هذا المساء الرذائلي . خرج يوبا لتوه من المنزل وكان قد استفاق من قيلولة طويلة أثقلت مزاجه وأشعرته بشقيقة في رأسه ،خرج منطفئ العينين ، عابس الوجه ، حاجباه مقطبان حتى تجعدت جبهته .تناول سيجارة رديئة ليستفيق من غيبوبته النومية .بدأ يمتص دخان سيجارته بشراهة غير مألوفة .كان دخان زفيره باهتا وغير مرئي تماما ، فالدخان تسلل إلى معدته الفارغة . لم تكن عادته أن يدخن في أيام أخرى ، لكنه يدخن فقط في هذا اليوم بالذات .إنه يمضي نحو الرذيلة رأسا الآن .يبتسم لفتيات يلاقيهن في الشارع ، يغمزهن حينا آخر ،وفي أقصى درجات طيشه يطلق نحوهن كلمات بذيئة .لكنها بذاءة مرغوبة لدى البنات ، لأنها مستعذبة بالشعر والغزل . يثق يوبا في نفسه بذيئا أكثر و ليس ظريفا أكثر .يعتقد أن الإنسان كان بذيئا في أصله فحاصر ذاته بالأخلاق فيما بعد . يقول أن لكلام بذيء كهذا مفعوله السحري و تأثيره اللحظي على البنات . فلكي يعجبن بك ، يجب أن تبدي هذه البذاءة لهن ، بل يجب أن تكون بذيئا جدا حين تبديها . تثاقلت خطواته ببطء سلحفاة جائعة .سمع طقطقات كعب عالي تخطو وراءه بتناغم غير عادي خطوات قصيرة جدا .دور رأسه فجأة للوراء . كأنه صعق بتيار كهربائي جعله يدوره وجهه أمامه . قال يوبا : إنها تصفعني .إنني صفعت بقوة هذه المرة .إنه جمال يؤذيني ..فتاة في شباب عشريني .طويلة طولا متوسطا .شعرها الأشقر المتجعد يتدلى فوق كتفيها .وجه بيضاوي لامع ينتهي بذقن صغير كحبة الباذنجان . عينان خضراوان تبرقان جمال فتانا .ترتدي معطفا أسود و جينز يميل لونه إلى زرقة فاتحة فالتصق التصاقا تاما بلحمها بما يبرز أردافها الفاتنة .إنها تتمشى بثقة نفس عمياء .أكيد أنها تتصنع مشيتها .لكنه تصنع محترف و دقيق كل الدقة .إنها ماضية في الإقتراب إليه . أحس يوبا بارتعاش لا إرادي في كامل جسده لا يريد أن يتوقف. إنه يحس طقطقات كعبها فوق صدره و هي تقترب منه أكثر ،لكأنها تدوسه وتثقبه . لم تكد تمر حتى كاد أن يسقط أرضا من كوارث كان جسده مسرحا لها . لم ينبس ببنت شفت كما العادة .إكتفى بمجرد الإنشداه المميت .لم يكن قد استعاد قواه حتى مرت به مومس قبيحة الملامح ، مجعدة الشعر ، وجهها ممكيج بمساحيق رديئة و كريهة الرائحة ، أسمالها شبه رثة ، ومشية متصنعة تصنعا سافرا .إنها تقذف بخطواتها كما يفعل بجع أعرج . صدريتها بادية في البروز مشوهة نهداها .ما هذا القيء الذي أمامي ؟! ماهذا الخراء العفن كل هذا العفن ؟؟!
أحس يوبا ، وهو يقترب منها ، بانحسار خانق في صدره .شيء ما يضيق تنفسه فيلهث بقوة . لكأن صدره تحت صخرة ضخمة .وشعر بأمعائه تتهيج وتنقبض ذاتيا وهو يمر بجانبها . هاهي تحدق فيه بخبث .عرف أنها قحبة من نظرتها الملحة .قحبة رخيصة جدا من قحاب الكيلو . راودته عن نفسه وبادرته للكلام .لكنه لم يلتفت إليها أبدا كي لا تسوء حالته .فقد كان يقاوم غثيانا حادا قد يقيؤه على نحو أسوأ . مر بخطوات سريعة ليفوتها مدورا وجهه إلى الجهة الأخرى .وهو يبتعد عنها أكثر أحس بحالته تتحسن . وبدأت أعضاءه الحيوية في الإرتخاء .كان الشارع شبه خالي تقريبا .يدخل الناس باكرا إلى بيوتهم في أيام الشتاء .يخرج نوع آخر من البشر في هذا الوقت .ذوي الميولات المنحرفة والشاذة وأنصار الرذيلة في العمق والسر .أنصار الفاحشة النادمة ،لأنها تندم بعد إتيانها . و أغلبهم يجاهر بمعاداتها علنا لكنه يأتيها ليلا عملا بمقولة "البلاء المستتر" . ولكن يوبا يفقوهم في هذه النقطة بالذات ،في أن له الجرأة على ممارسة الرذيلة جهرا .لأنه ينظر إليها كفضيلة .نسيت أن أقول لكم أن المفاهيم كانت مقلوبة لديه . هذا ما غنمه بعد ردح طويل من عدمية لم تتبوصل بعد .وكيف تتبوصل وهي ضد التبوصل أصلا ؟.. يسائل يوبا نفسه ..وصل إلى نهاية الشارع وهو مضطر أن يعود من حيث أتى .فخروجه إلى الآن لم يحقق شيئا ملموسا ..لا شيئ



#مصطفى_حنكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسان بين فرويد و أدلر
- حينما نفكر على نحو مغاير


المزيد.....




- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حنكر - يوميات متشرد