أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هشام القروي - الاستبداد والليبرالية الاقتصادية














المزيد.....


الاستبداد والليبرالية الاقتصادية


هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)


الحوار المتمدن-العدد: 1329 - 2005 / 9 / 26 - 08:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أعتقد ان رأي جورج داونز وبروس بينو دي مسكيتا حول الاقتصاد المفتوح والمجتمع المغلق يستحق ان نتوقف عنده, فهما اكتشفا مؤخرا, على ما يبدو, ما كان الناس في العالم العربي يعيشونه منذ سنوات. وهما ينطلقان من استنتاج يتعلق بالصين ,فيقولان انه عندما قام دينغ جياؤبنغ بفتح اقتصاد هذه البلاد قبل أكثر من 25 عاماً، كان الرأي السائد في الغرب هو أن إصلاحاته تشكل إشارة على بداية النهاية بالنسبة للحكم الأوتوقراطي فيها. وكان ذلك مبنيا على أساس الفكرة السائدة في ذلك الوقت والتي ترى أن تحرير الأسواق هو أول خطوة باتجاه الديمقراطية، لأن الانفتاح الاقتصادي يقود إلى ظهور الطبقة الوسطى المثقفة وذات العقلية التجارية، وهذه الطبقة مع الوقت سوف تطالب بالمزيد والمزيد من السيطرة على مصيرها.
لكن شيئاً ما حصل خطأ في الصين، وروسيا وغيرها من الدول التي كانت تحكمها حكومات استبدادية قامت بتخفيف قبضتها عن الاقتصاد. فقد حصل النمو الاقتصاددي لكن الديمقراطية اللبرالية لا تزال غائبة عن الأنظار. السبب برأي أستاذي جامعة نيويورك بسيط, لكنه مزعج: هناك جيل جديد مثقف من المستبدين الذين توصلوا إلى استراتيجية تمكنهم من التمتع بمزايا النمو الاقتصادي وفي الوقت نفسه تأجيل ظهور ديمقراطية منافسة حقيقية، وغالباً يتمكنون من تأجيلها على مدى عقود.
ويقول داونز و بينو انه لكي نفهم كيفية عمل هذه الاستراتيجية قد يفيدنا أولاً أن نفهم كيفية ظهور المنافسة السياسية. للحصول على قوة سياسية فعالة سيكون على المواطنين المشاركة في عملية "تنسيق استراتيجي": أي نشاطات مثل نشر المعلومات وتنظيم الأحزاب وضم الناس إليها، اختيار القادة، جمع التمويل، وعقد الاجتماعات والمظاهرات.
عادة كان من المعتقد أن النمو الاقتصادي يساعد على الدمقرطة من خلال تسهيل عملية التنسيق المذكورة، خاصة مع تطور وسائل الاتصالات وتنوع الإعلام وزيادة ثقافة السكان. لكن في السنوات الأخيرة عرفت بعض الأنظمة الذكية كيف تفصل بين النمو الاقتصادي وبين التنسيق الاستراتيجي، وبذلك سمحت بحصول الأول دون أن تقلق تجاه الثاني.
السر في هذا يكمن في التقنين الحذر للمنتجات التي تسهل عملية التنسيق الاستراتيجي، وفي الوقت نفسه الاستثمار في منتجات أخرى تكون ضرورية لتحقيق النمو الاقتصادي. "منتجات التنسيق" التي تسبب القلق لهذه الأنظمة تتمثل في الحقوق المدنية والسياسية، حرية الصحافة، والحصول على التعليم العالي، أما "المنتجات العامة القياسية" فتشمل النقل العام، التعليم الابتدائي والثانوي، الصحة العامة، وكلها تساهم في عملية النمو الاقتصادي وهي نسبياً لا تشكل تهديداً للنظام.
وكمثال على كيفية تقييد المستبدين لمنتجات التنسيق نجد في تاريخ الصين منع الدخول إلى الإنترنت وغيرها من وسائل الإعلام. أو روسيا حيث قام الرئيس بوتين بوضع جميع شبكات التلفزة الوطنية تحت رقابة حكومية صارمة ومنع انتخاب رؤساء المناطق. أو فنزويلا حيث قام الرئيس شافيز العام الماضي بسن قانون يسمح له بمنع أي تقرير أخباري أو احتجاج عنيف وسحب ترخيص أي وسيلة إعلام تنتهك القائمة الطويلة من الممنوعات.
لكن إلى أي مدى تنجح هذه الاستراتيجية في قمع منتجات التنسيق؟ لقد قام داونز وبينو بدراسة شروط كل من منتجات التنسيق والمنتجات العامة القياسية في 150 بلداً خلال الفترة من 1970 إلى 1999، وكان هناك العديد من النتائج المثيرة للاهتمام, وهما يسوقانها كما يلي :
أولاً: قمع منتجات التنسيق يبقي المستبدين في السلطة. الحاكم المستبد الذي يسمح بحرية الصحافة والحريات المدنية ينقص فرص بقائه لسنة أخرى بمقدار حوالي 15 إلى 20%.
ثانياً: الحكام المستبدون اليوم يميلون إلى قمع منتجات التنسيق بشكل مستمر أكثر مما يفعلون تجاه غيرها من المنتجات العامة القياسية. بعض الطغاة القديمي الطراز في أفريقيا ما يزالون يقمعون جميع البضائع العامة، لكن هناك نسبة متزايدة من أنظمة العالم الاستبدادية بدأت تتبنى أسلوباً أكثر تقدماً في الاستبداد.
ثالثاً: كلما كان القمع الممارس على منتجات التنسيق في بلد ما أكبر، كلما زاد الفارق الزمني بين تحقيق النمو الاقتصادي وبين ظهور اللبرالية الديمقراطية.
وفي النهاية,نلاحظ ان كل هذه المظاهر متوفرة في البلدان العربية, التي لم يركز عليها داونز وبينو. ولو فعلا, لتوصلا الى نفس النتائج قبل الوصول الى حالة روسيا والصين وفينيزويلا وغيرها.



#هشام_القروي (هاشتاغ)       Hichem_Karoui#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطرف الإسلامي
- ما تعنيه الورطة الأميركية في العراق
- الجامعيون العراقيون يدينون العنف
- تركيا -تزكي- باكستان لدى اسرائيل
- هل يعيد النفط السلام الى دارفور؟
- أوروبا تتراجع واميركا تهدد وايران تتحدى
- ماذا بعد الانسحاب من غزة؟
- الارهاب يتجاوز الحدود
- العلاقات السودانية - الأمريكية : العالم ليس أبيض وأسود
- عن الانسحاب من غزة
- تقرير دويلفرعن خطة صدام لحرب العصابات
- على سوريا أن تحمي كبار مثقفيها من المتطاولين
- من انقلاب الى آخر
- مشكلة الغرب النووية مع ايران
- ما وراء فك الارتباط في غزة
- شاتهام هاوس : عملية لندن سببها العراق
- هل نعود الى -حق الأقوى- ؟
- الاعتذارعن الأذى لا يبطل نتائجه ينبغي التعويض
- تصعيد أمريكي- ايراني
- من نتائج رفض الدستور الآوروبي الازمة بين لندن وباريس


المزيد.....




- ويتكوف: وفد أمريكي سيتوجه إلى السعودية لإجراء محادثات مع وفد ...
- إيطاليا.. الجليد والنار يلتقيان في مشهد نادر لثوران بركان إت ...
- كيف يبدو مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل؟
- روبيو ونتنياهو يحملان إيران عدم الاستقرار في المنطقة، ويؤكدا ...
- فيديو: مناوشات مع مؤيدين لإسرائيل أثناء مظاهرة مؤيدة لفلسطين ...
- رئيس دولة الإمارات يستقبل النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ال ...
- سوريا.. هجوم على دورية تابعة لوزارة الداخلية في اللاذقية يسف ...
- سيناتور أمريكي يوجه اتهاما خطيرا لـ USAID بتمويل -داعش- والق ...
- السعودية.. القبض على 3 وافدات لممارستهن الدعارة بأحد فنادق ا ...
- الخارجية الروسية تعلق على كلمات كالاس حول ضحايا النزاع الأوك ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هشام القروي - الاستبداد والليبرالية الاقتصادية