شعوب محمود علي
الحوار المتمدن-العدد: 4781 - 2015 / 4 / 18 - 23:20
المحور:
الادب والفن
بين إكليل الغار وتيجان الأباطرة
يرسم ثمّ يمحو..
بفرشاة متردّد ة , ووجلة
فالألوان:
من أولويّات الرسّام الواقف
بين قطبين متناظرين
بين جديليّة الرؤى, وماهيّة الأحلام
فالرسّام يرتبط
بتقويم العمارة
وربط القناطر
وتصوّر البحيرة
وتسريح السفن
باتجاه الأفق
ودغدغت الأمواج
لمعرفة ما في القعر
ولكشف أبجديّة الجذور
لاستخلاص الجوهر
من أوراق الورد
لنسج خيمة يباركها الإنسان القادم من البعيد ..
يجهد لاكتمال اللوحة..
في معرض الرؤيا
تتكأ اللوحة
الى جدار صباح مشرق
في صالة خشوع مهيب
يتعبّد في محاريبها
وينغمر في عالم رومانسيّ غير مألوف
بمكعّباته الفسوريّة
واهراماته الزجاجيّة الشفّافة
تحت برج بابل
والجنائن المعلّقة
والفسيفساء الخزفيّة
بين أساطين الحضارة
وتحت مظلّة (حمورابي)
وطيف (عبد الكريم قاسم)
وشعار الجمهوريّة..
المصنوع من حجر الفيروز
داخل إطار الأبنوس المطعّم بحجر اللازورد
كان الوحش سليل المغارة
والإبن الشرعي
للأجناس التي يحنو عليها الغاب
ووريث الجد التاسع عشر
لأعور ثقيف.…..
كان مطبوعاً على جبهته
براءة حوّاء..
ولعنة آم..
فجأة مُزّقت كل التصاميم
بيد رسّام مأزوم _
كان نزيلاً لسنوات إحترقت في السجون
وتوزّعت بين سجن الموقف في بغداد
وسجن البصرة المعمّد بزفير شطّ العرب
وقد اتشح بغبار العواصف الرمليّة
في ذلك المنخفض لسجن غاصت أسواره
في التراب الأحمر
وقد لا يحتاج الى حرّاس
لانّ عدسات عيون الذئاب , وقوّة الشم
تترصّد المتوحّدين في صحراء السلمان
كان يصرخ :
ويمزّق اللوحة تلو اللوحة كالمجنون
ويرمِ بها الى مزبلة التاريخ
وهو يردّد
اللعنة .. اللعنة .. اللعنة..
على الأوّلين .. والآخرين ..
ثمّ راح يرسم ويمزّق
تارة بالفرشاة وطوراً
وطوراً بالقلم
أسمع صريره على الورق
مثلما يسمع صليل السيوف
عند إحتدام المعارك (الدون كيشوتيّة)
ومقاتلة الأشباح تحت الطواحين
جال بخاطره ,
قبل أن تجسّد القصيدة:
لتأخذ شكلها الهندسي
لونها..
بعدها..
حدودها..
موقعها الزماني..
إطارها المكاني..
كان كمن يصوغ القلائد الذهبيّة
ويحفر في حجر الماس
وضع لها عشرات العناوين
ولكن القصيدة رفضت أن تسمّي نفسها
إلّا باسم غريب
لا يألفه الشعراء اليوم
جَلَست على المقعد الفضّي
بين أكليل الغار
وتيجان الأباطرة
الأسماء التي رفضتها
يقشعرّ لها الجسد
كان دليلها يخشى سقوطه
ضحيّة لهاجسه
او ل(جالينوس)
تناول العقاقير
بعد صراع مرير
لمعت في الظلام
الحروف الفسفوريّة
قوّست بهلالين شفيفين
الحروف ترقص على مسرح الرؤى
لتشكيل حداثة الصليب
وسلفيّة المصلوب
كان يحفر الرخام
بقرون الماعز الجبلي
وهو يقف تحت غصون الشجرة المخلبيّة
وفوق الأشواك الذئبيّة
تخيفه بهارج الضفة الاُخرى
والسير بمحاذات جدول (قارون )
المصارف لا تستقبل
سوى تلامذة علي بابا
.., .., .., .., ..,
إنّ طائرالبوم يسكن رؤوس النخيل
والناس تخشى نعيبه مساءاً
صوته يميت القلوب تحت شغافها
امّا ذوات المخالب
تركن إلى الأعالي
بعيداً عن عيون المتطفّلين
المحرومين من نعمة المال ,
والجاه العريض
تضع أعشاشها
تماماً مثل اللقالق
على ذرى المنائر
والأبراج الإمبراطوريّة
في مؤتمرات , ونوادي الغربان
قد لاتجد للعصافير مكاناً
قال العابر
لم
قلت لصغر حجمها
وقلّة شأنها
ردّ بحدّة وحزم
أنتَ غير دقيق
وربّما أنت , تجدّف
أنا نفسي رأيت في أندية الغربان
طيوراً غاية في الصغر
قلت سمّها
رفض رفضاً قاطعاً..
قلت لعلّك تقصد البلابل
طيور الحب
الزرازير
قال لا هذي , ولا تلك
بربّك قلّي
سمّها
قال بصوت مختلج
وكمن أصابته لوثة عقليّة
الخفافيش إإ؟
تضيق بها سماء الساحة الخضراء
قلت أنت عابر
وليس العابر كالساكن
قال انا عابر وعارف
قلت عازف
فلتعزف لي قطعة (حلّاق اشبيلية)
قال اذنكَ يغلقها الطين
انا عارف ولست عازف
قلت بحيرات القصور..
اقصد قصور الفرعون
ابتسم
قلت ابتسامتكَ تنطوي على السخريّة
لم يرد
طافت برأسي قضيّة الطوفان
يوم قال سآوي الى جبل يعصمنِ
قال لا عاصم اليوم من أمر ربّ
بعثات المنقبين تأتي للبحث عن السفينة
ونحن نخشى طوفاناً جديدا
تتحدّث عنه
مسرحيّة المسرح الجوّال
منعت من العرض
لأنّها : تعرّضت لمفارقات الأحلام
كذلك سيق الكاتب الى محكمة الجزاء
لينال نصيبه
واصدر قرار التجريم بحقّه
ليطيل النوم في رحم الحوت
قال عابر الطريق
هذا غريب
قلت وما وجه الغرابة ؟
الم تسمع ب (سقراط) وهو يرشف كأسه مرغماً
وغداً أو بعد غد
ربّما
سيوضع (حمرابي) في قفص الاتهام
ليقاضيه (قراقوش)
قال لي
أنت أحمق ومخبول
ثمّ عقّب : النتيجة
قلت
ربط الحصان خلف العربة
قال أيّة عربة
قلت عربة اللذّة ….
كلّا بل العربة الملكيّة
ولكن بدون تيجان , او خيول ملكيّة
قهقهة العابر
عقّبت
عبد الكريم قاسم ..
قال ماله
قلت يقف في الظل
قال كيف؟
وهل رأيته يقف في الظل ؟
قلت نعم : كان منكّس الرأس
امام الشهيدة حفصة العمري
قال لاأصدق
الّا اذا وضعت القضيّة بين هلالين
هلال الزمان , وهلال المكان
قلت عند حضور وفد امّ الربيعين الى بغداد
ولمرّتين متتاليتين
وبعد أن يصيح الديك صباحاً
ثمّ يصيح الديك صباحاً
ليمجّد المخبول تلك الشهيدة القاتلة
أثناء حركة الشوّاف الانقلابية القذرة
ولعودة حصان تمّوز الى الاسطبل
الشهيدة حفصة
تطلق النار دعماً للانقلابيّين الخونة
لقتل أنصار قطار السلام
أجل هكذا جرت وتجري الامور
لربط الحصان خلف العربة ..
وقد طافت برأسي
صور متباينة
عن الشاعر السموأل
وكيف حفظ دروع (كندة)
كان الثمن باهضاً
ذبح ولده ذبح الطير وهو ينظر
دون أن يسلّم الأمانة
لو كان وقتها وزيراً للتجارة
لبقيت قطع الشطرنج على حالها
ولكن وريث ثقيف الأعور
دخل الملعب
وهو يجهل قواعد اللعبة
ماذا نصنع ؟
وبم نفكّر؟
اُمنيتي ان يعود التاريخ الى الوراء قليلاً
ليكون (حسقيل) وزيراً للماليّة
مع مجيء قصارالقامات
والاذرع الطويلة
لكانت الامور اصح..
الكواسج
لا تستقر في دجلة
ولا في الفرات
بل وحتى في شط العرب
منها من ذهبت مع الريح
ومنها من تنتظر
قانون من أين لك هذا ؟
بعد ان ينزع عنها درع الوقاية ..,
درع السلحفاة السميك
قال العابر
في أيّ عصرنحن ؟
قلت عصر التموّج ..,
وتغيير الجلود ……
عصر النظّارات الملوّنة ,
وعمى الالوان
وظاهرة الحرباء
قال العابر
كيف تخفى هذه المفارقت عن عيون الشعب
قلت كل شيء يضيع
تحت جبب الدراويش , والحواة , والسحر الاسود
قال العابر
أهذا هو التقويم؟
قلت :
عن التقويم لا تسأل
في بلاد العميان
قال العابر
لو كان لديكم كلاب بوليسيّة
لما ذهب ليعتصم في(هايت بارك)
او تحت دقّات , ورنين ساعة (بكبن)
رفعت يدي الى السماء وانا أبسمل ,
واُحوقل وأطلب من الرب
أن لا يسلّط علينا داعشاً
ولا لصوص الألفية الثالة
ممن جاؤوا مع انهيار جبل الرمل
وجسّدوا لنا الطائفيّفة
نقيق الضفادع يرتفع ليل نهار
منذ ظلام أصحاب القمصان المرقّطة
ولصباح أصحاب المحابس المفضّضة
في حقول الأشواك السامة
والجدران المنيعة للمرج الأخضر
النفخ في المزمار العتيق
سهّل فرص خروج الثعابين من سلال الحواة
والهدهد :
عاد بخفّي (حنين)
عكس هدهد (سليمان) الذي عاد بنبأ من سبأ
الرقص بكل الأزياء ظاهرة عصريّة
في كرنفال ليس له نهاية
قد يشبه السباق في المضمار
بين الغزلان , والدعالج المسدّدة رماحها
أشواك الصبّار
عصيّة ثمارها
على لصوص الليل ,
و(جندرمة)النهار
قال العابر
ولكن سرقت
بأيد يحميها قفّاز حريريّ أخضر
قال العابر ما الذي جعل العراق
مزرعة للسكاكين , والخناجر؟
قلت أنا مثلك أجهل
ولكن كلّما يظهر (مسحل الكبش) في السماء
تعود ظاهرة احتباس القمر في المحاق
ومعها موت الفجأة
وتململ اللصوص
قال العابر كيف يتغيّر الإنسان؟
ذلك الوديع الناعم الملمس
قلت كثيرة الاشجار المدرّعة بالأشواك السامة
قال العابر انا احدّثك عن الانسان
قلت اجل
الانسان ايضاً له اشواك سامة وغير ظاهرة
وعنما يكون أخرق , وأحمق لسبب ما
تظهر أشواكه السامة
وقد قال السيّد المسيح لهوذا الأسخريوطي
عندما قبّله من فمه
أهي قبلة الثعبان
قال العابر مااكثر الثعابين
قلت منذ (قابيل) الى يومنا هذا
شعوب محمود علي
#شعوب_محمود_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟