أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيف كريبي - رواية -وجع- الجزء الأول














المزيد.....

رواية -وجع- الجزء الأول


سيف كريبي

الحوار المتمدن-العدد: 4781 - 2015 / 4 / 18 - 01:58
المحور: الادب والفن
    


في أزقة مدينة عاهرة كانت تقطن في آخر الزقاق .. كانت تمضي يومها على أريكة داخل بيتها ،حيث كنت أراها من النافذة ممشوقة القوام بجسد بركان يكاد ينهمر أنوثة ،شعر كسواد الليل ينساب على رمال عنقها المتوهجة نورا يذهب الأبصار ورداء فسيفسائي يحجب بهاء نهديها ويغازل بريق الرحيق على ساقيها .. كنت أمضي ساعة كل صباح قبل النزول إلى العمل ،كانت تأسر وحدتي بنقاء عينيها وهدوءها الملائكي فتظل عالقة ببالي طيلة اليوم حتي عودتي للبيت بجانب النافذة ،لكن اليوم غاب طيفها عن المكان ،ظلام حالك يجوب أرجاء شقتها ،انظر إلى الزقاق فلا أرى سوى بعض قطط النفايات وأصوات قرع الكؤوس في الحانة المجاورة .. اشتقت لطيفها ،إعتدت به ملجأ نقي من عهر هذه المدينة .. أول ليلة منذ رأيتها أشعر بالوحدة ،أفتقد تلك الإبتسامة التي تنتقل بي إلى جنان خلدها ظللت تلك الليلة على النافذة حتى غفوت منتظرا طيفها حتى في المنام ..
استيقظت متلهفا اريد استراق النظر من النافذة لعلها عادت إلى البيت وجدت النافذة مغلقة .. متى عادت للبيت؟ .. أين كانت البارحة؟ .. وأين هي الآن لما ليست على الأريكة كعادتها؟ ..
لما أسأل كل هذه الأسئلة؟ .. وما دخلي أنا إن عادت أو ذهبت ؟ .. لكن ماذا إن كانت مريضة؟ .. وأن مرضت ما دخلي أنا؟ هل أسرتني وأنا أجهل حتى إسمها؟ .. هل أسرتني بليونة وسطها وعذوبة جسدها وأنوثتها التي لا تقوام؟ .. لا أستطيع التوقف على التفكير فيها وعن إبتسامة كانت هي الوطن والعرين والملجأ من عهر أزقتهم ومدنهم وضجيجها واكتظاظها وعين تزعزع خاطري كلما ارتعشت رموشها نظرا لعيني عاشق مشتاق .. غيابها ليلة واحدة جعلني أتيم بها من تكون؟ .. من أين أتت؟ .. وكيف ولجت إلى قلبي وكياني؟لم أدري كيف إرتديت ملابسي ونزلت درج العمارة المتهاوية من جور السنين ..
لأول مرة أرى تفاصيل وجوه سكان العمارة وقد أخذ منهم الدهر مأخذه .. لم أدري إلى أين وجهتي غادرت العمارة متجها لآخر الزقاق .. نحو ذاك الباب الخشبي العتيق الذي نقش عليه الزمن تاريخ سنين خلت .. لم أعلم كيف إمتدت يدي إلى الباب وإذ بي أطرق ..
ما الذي أفعله؟ .. ماذا إن فتحت ماذا سأقول؟ .. كيف يتكون ردة فعلها؟
أحمق أحمق أحمق أحمق أحمق إني أحمق كيف تجرأت .. تراجعت خطوات للخلف والعشق يجذبني من القميص يمنعني من المغادرة مسرعا .. سمعت وقع أقدام يقترب من الباب وكل ما إقترب زاد خفقان القلب فكاد يخترق صدري وأخذت أنفاسي تنقطع بصفة رهيبة وكأنني أحتضر .. فتح الباب ومعه فتحت نسمات ريحها التي انتظرت الإغماء بين طياتها طويلا .. إنها هي بذلك الرداء الفسيفسائي الذي صار سجاني في زنازين عشقها وتلك الشفتان اللاتي ينهمران رحيق معتقا يرتوي منه ضمأ الصحراء وعينان مخمليتان يتخللهما بريق أنيق و إنسياب خصلات شعرها كخيام مزدلة على كف القمر .. وذاك الجسد المنمق ككمان يعزف أعذب الألحان .. وبرد يتسلل من كف ساقي ليتغلغل إلى كل أرجاء جسدي.. صرت عاجزا عن الحراك أو النطق وكانت هي أيضا تنظر لي بإستغراب لكن دون كلمة تذكر .. لم أعلم كيف إرتجفت ساقاي وأردت المغادرة ..
فقاطعتني : تفضل سيدي هل يمكنني المساعدة؟
فكان القلب يقول انت كنت قادرة على قلب كياني من وراء النافذة بطيفك المتمايل فكيف لو صرت عريني والعقل تدارك قائلا لا شكرا أخطات في البيت ...
تراجعت بخطوات حذرة وأنا أنظر إلى عيناها الساحرتين مغادرا الزقاق مسرعا .. سمعت خلفي وقع إقفال الباب الخشبي العتيق عدت أدراجي وبالكاد ألتقط أنفاسي صعدت الدرج مهموما ألوم نفسي على صمتي الرهيب أمامها تارة وأتوقف على اللوم وأقول أن الصواب هو ما فعلت تارة أخرى إلى أن دخلت شقتي .. ذهبت مباشرة إلى النافذة وجدتها على الأريكة تنظر نحوي مباشرة وما إن رأيتها حتى قامت مسرعة اقفلت النافذة .. إرتبكت ولم أعرف لما ردت الفعل هذه هل أزعجتها بالزيارة الغير مرتقبة ؟ هل فضحني فضولي وجعلها تعرف سبب قدومي وأنني لم أخطئ البيت .. يال حظي العاثر .. غادرت البيت وأنا مهموم ولأول مرة أتوجه للحانة .. كانت أول مرة أحتسي فيها الخمر لم أعلم لماذا لكنني دخلت جلست على طاولة وطلبت قارورة .. وبمرور الوقت تداول قدوم النادل على طاولتي إلى أن أغمي علي فوجدت نفسي مرمي في آخر الزقاق أعجز حتى عن رفع رأسي أو الإنتصاب وقوفا كي أعود إلى بيتي وتملكني إحساس أنني على وشك الموت وكانت تلك الجميلة لا تغيب عن بالي إلى أن سمعت بابها الخشبي الذي رميت بمقربة منه يفتح وخطوات متسارعة تتقدم نحوي .. يا ألاهي أرج أن لا تكون هي .. لا أريد أن تراني على هذه الحالة أردت التثبت من القادم لكن الخمر أثقل رأسي
تحسست يد ناعمة تلامس جسدي وصوتا عذبا رنانا يخاطبني فيختلج طيات قلبي إنها هي.. أقسم أنها هي .. تأخذ بساعدي لمحاولة مساعدتي على النهوض قائلة: ماذا بك ..؟ من فعل بك هذا؟
ثم صمتت قليلا وتداركت .. أنت ثمل خسارة .. وتركتني وعادت أدراجها .. وكنت أتخبط عاجزا عن الحركة أريد أن أبرر لها موقفي .. أريد أن أخبرها أنني لست من رواد الحانات لست ممن تمقتينهم لست زير خمر ولا قاطع طرق حقير أرجوك لا تتركيني ..ثم أغمى عليا ثانية لأستيقظ وأجد أحد الجيران قد حملني ليلقيني أمام باب بيتي حيث دخلت قمت بالإستحمام وذهبت إلى النافذة أغلقتها وكأني أطوي خلفي صفحات قصة لم تكتب لمناسبة



#سيف_كريبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القطر التونسي وتداعيات المسألة الوطنية
- لن تسكت شهرزاد
- الجهل الجنسي المقدس
- الماركسية اللينينية .. والمناضلين -الجدد-
- -أبناء الفعلة-
- كهنة القرون الوسطى
- -الإرهاب لا دين له-؟؟
- -النهقة ونداء الخراب .. ضد الإرهاب-


المزيد.....




- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيف كريبي - رواية -وجع- الجزء الأول