|
المناضل المثال والمناضل الانتهازي أو جدلية البناء والهدم في الإطار المناضل...1
محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 4780 - 2015 / 4 / 17 - 12:53
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
قد يقول قائل:
لماذا الحديث عن (المناضل المثال، وعن المناضل الانتهازي، أو جدلية البناء والهدم في الإطار المناضل)، جمعية كانت، أو نقابة، أو حزبا سياسيا؟
وقد يقول: بأن مواضيع من هذا النوع، لا بد أن تقف وراء التشويش في صفوف المناضلين الأوفياء، وفي صفوف الجماهير الشعبية الكادحة، وفي صفوف الإطارات المناضلة؟
وهؤلاء الذين قد يطرحون هذا السؤال، أو قد يعترضون على تناول هذه المواضيع، قد يصيرون من المتحمسين إلى كتابة مثل هذه المواضيع، ونشرها، حتى تكون في متناول القراء، ومن أجل أن تؤدي دورها في جعل الجماهير الشعبية الكادحة، تحترم المناضل المثال، وفي جعلها تعي خطورة (المناضل) الانتهازي، الذي يغلف ممارسته اليومية ب(النضال) على مستوى الظاهر، ولكنه في نفس الوقت يستغل ذلك (النضال)، لتحقيق أغراض خاصة، تدخل في إطار تكريس الممارسة الانتهازية بطريقة فجة، في العمل الجمعوي، أو في العمل النقابي، أو في العمل الحزبي اليساري، مما يؤثر سلبا على الإطارات المناضلة، التي تعرف نزيفا من جهة، كما تعرف انحسارا من جهة أخرى.
ونحن عندما نتناول مثل هذه المواضيع، وعندما نعمل على نشرها، فلأننا نسعى إلى تنبيه المنتمين إلى الإطارات المناضلة، وتحذيرهم من مغبة السقوط بين مخالب من أسميه ب(المناضل) الانتهازي، الذي أعتبره، شخصيا، أخطر على الإطارات المناضلة، من الطبقة الحاكمة، أو من أرباب العمل؛ لأن المناضل الانتهازي، لا يحرص على خدمة مصالح الجماهير الشعبية الكادحة، كما لا يحرص على مصداقية الإطار الذي يتكلم باسمه، بل يحرص باستمرار على خدمة مصالحه الخاصة، عن طريق الجمعية، أو عن طريق النقابة، أو عن طريق الحزب الذي يوظفه، لإعطاء الشرعية لممارسته الانتهازية، في هذه الجمعية، أو تلك، أو في هذه النقابة، أو تلك.
وانطلاقا من هذه التوضيحات الضرورية، لبيان:
لماذا اخترنا هذا الموضوع؟
ولماذا نحرص على أن يصير موضوعنا هذا مرشدا للعاملين في الإطارات الجماهيرية، الجمعوية، والنقابية، وفي الإطارات الحزبية اليسارية المناضلة؟
إننا نقوم بكل ذلك من أجل أن يعمل الجمعويون، والنقابيون، والحزبيون، على إخضاع مثل هؤلاء (المناضلين) الانتهازيين، للمحاسبة الفردية، والجماعية، والنقد، والنقد الذاتي، نظرا لدورهم في التأثير على مسار الإطارات المناضلة، التي تفقد مصداقيتها في صفوف الجماهير الشعبية الكادحة، لنصل إلى الوقوف على أن:
1) المناضل المثال، هو المناضل الملتزم بالمبادئ، وبالضوابط التنظيمية، وبالبرامج المقررة في إطار الهيأة التقريرية للتنظيم المناضل، الحريص على تفعيل الإطارات المناضلة، وعلى قيام تلك الإطارات بمبادرات نضالية، لتحقيق مكاسب معينة للجماهير الشعبية الكادحة، ومعها، وعلى إعطاء المصداقية للإطارات المناضلة، في صفوف الجماهير الشعبية الكادحة، وعلى تجنب إنتاج الممارسات التي تسيء إليه كمناضل، وإلى الإطار المناضل، الذي ينتمي إليه، أو يناضل باسمه، حتى يعطي لنفسه، وللإطار، المصداقية الضرورية لوجوده، ولوجود التنظيم في نفس الوقت، والحريص على محاربة كافة أشكال الانتهازية، التي ينتجها المناضلون الانتهازيون، من أجل تحصين الإطار، حتى لا يتحول إلى مفرخة للانتهازية.
والمناضل المثال، هو الذي يذوب في التنظيم، ويذوب فيه التنظيم، ويذوب في الجماهير الشعبية الكادحة، وتذوب فيه الجماهير الشعبية الكادحة، ويذوب في مبادئ التنظيم، وتذوب فيه مبادئ التنظيم، وينسى مصالحه الخاصة، التي لا تحضر في ممارسته أبدا، ويعطي الأولوية للنضال من أجل تحقيق مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، التي تناضل من أجلها الإطارات المناضلة، مضحيا بما يملك، وبوقته من أجل ذلك، وعاملا على خدمة مصلحة التنظيم، وربطه بالجماهير الشعبية الكادحة، حتى تصير تلك الجماهير الشعبية امتدادا له.
والمناضل المثال، يحرص على أن يجسد الاحترام الواجب للذات، التي يحرص على تمثلها للقيم النبيلة، التي يحترمها عامة الناس، وتنبني على أساسها العلاقة الجادة مع الآخر، ونبذ كل القيم الانتهازية، التي يترتب عنها خلق علاقات غير سليمة، مع مكونات المحيط الذي يتحرك فيه المناضل المثال، كما يحرص على الارتباط العضوي بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، واعتماد قضاياهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل طرحها، والدفاع عنها في مختلف الإطارات المناضلة، وعلى المستوى الإعلامي، وفي صفوف الجماهير الشعبية الكادحة، وأمام المسؤولين، متحملا، في سبيل ذلك، التضحيات اللازمة، التي تمكن المناضل المثال من أداء دوره النضالي، الذي تقتضيه وضعية العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
ونحن عندما نطرح، هنا، مفهوم المناضل المثال للمناقشة، فلأن هذا المناضل المثال، صار عملة نادرة، بعد أن امتد الفساد إلى الإطارات المناضلة، وصار مصيرها مهددا بالانهيار. وهو ما يقتضي التفكير بضرورة تفعيل مبادئ المركزية الديمقراطية، والنقد، والنقد الذاتي، والمحاسبة الفردية، والجماعية، في الإطارات الجماهيرية: الجمعوية، والنقابية، والحقوقية، والحزبية اليسارية، خاصة وأن كل من يمارس الفساد، وبالمكشوف، ودون حياء، باسم الإطارات المناضلة: الجماهيرية، والحزبية اليسارية، صار معروفا جماهيريا. وهو ما يقتضي من المناضلين المثاليين الأوفياء، الحرص على تفعيل المبادئ المذكورة، لمحاصرة كافة أشكال الفساد، ومصادرتها من مختلف التنظيمات المناضلة، حتى تصير خالية منه، وخالصة للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى تعمل، وبإخلاص، من أجل قلب موازين القوى لصالح الجماهير الشعبية الكادحة.
2) (المناضل) الانتهازي، هو الذي تحضر في ممارسته كافة الأمراض الانتهازية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي يتخذها هذا المناضل الانتهازي سلما، ومطية لتحقيق التطلعات الطبقية، حتى وإن كانت وضيعة، ومنحطة، من قبيل توظيف الإطارات المناضلة، من أجل الحصول على رشوة (نضالية)، من أجل شراء المشروبات الكحولية، أو من أجل تنمية الممتلكات الخاصة، التي يعتبر من بينها امتلاك سيارة فاخرة، ترفع مكانة الانتهازي في المجتمع، حسب اعتقاده، بأن السيارة الفاخرة وسيلة للتباهي بالانتماء إلى الطبقات العليا في المجتمع، ووسيلة من وسائل الابتعاد عن العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، المشكلين للشعب المغربي.
والمناضل الانتهازي، هو الذي لا يذوب في التنظيم، ولا يذوب فيه التنظيم، ويركب جميع المراكب، من أجل فرض سيطرته على التنظيم المحلي، أو الإقليمي، أو الجهوي، أو الوطني، حتى يصير متمكنا من توظيفه لخدمة مصلحه الخاصة، المؤدية إلى تحقيق تطلعاته الطبقية، سواء كان هذا التنظيم جمعويا، أو نقابيا، أو حزبيا، وفي نفس الوقت، لا يذوب فيه التنظيم، وهو ما يعني غياب العلاقة الجدلية، بين (المناضل) الانتهازي، وبين التنظيم، في مستوياته المختلفة. وهو، في نفس الوقت، لا يذوب في الجماهير الشعبية الكادحة، ولا تذوب فيه الجماهير الشعبية الكادحة، نظرا لكونه بعيدا عن الارتباط بها؛ لأنه لا يخدم مصالحه الطبقية، لا من قريب، ولا من بعيد، خاصة، وأن الارتباط بالجماهير الشعبية الكادحة، يقتضي منه التضحية المادية، والمعنوية. وهو ما لا يسعى إليه (المناضل) الانتهازي، الذي لا تذوب فيه الجماهير الشعبية الكادحة، التي تعرف عنه ممارسته الانتهازية، التي تبعده عن الارتباط بها، كما يبعدها عن الارتباط به، نظرا لإنضاج شروط التناقض بين (المناضل) الانتهازي، وبين الجماهير الشعبية الكادحة.
و(المناضل) الانتهازي، لا يذوب في مبادئ التنظيم الجماهيري، والحزبي. فهو لا يقبل العمل بمبدإ المركزية الديمقراطية، وبمبادئ النقد، والنقد الذاتي، وبالمحاسبة الفردية، والجماعية، وبالديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، والوحدوية، ولا تذوب فيه المبادئ، نظرا للتناقض القائم بينهما، خاصة وأن (المناضل) الانتهازي، لا يقتنع بالمبادئ، ويعمل على محاربتها، ويمارس البيروقراطية، ولا علاقة لسلوكه الانتهازي بالتقدمية، وانتهازيته تبعده عن الجماهير الشعبية الكادحة، التي تجد نفسها بعيدة عنه، ولا يحرص على استقلالية التنظيم، أو احترام مبادئه، وطبيعته، ولا يعمل على وحدوية التنظيم، في أبعادها المطلبية، والبرنامجية، والهدفية، بالنسبة للتنظيم الجماهيري، وعلى التكامل بين التنظيم، والأيديولوجية، والسياسة، بالنسبة للتنظيم الحزبي.
والمناضل الانتهازي، لا يضحي بمصالحه الخاصة، مقابل خدمة مصالح الجماهير الشعبية الكادحة؛ لأن خدمة مصالحه الخاصة، تطغى على كل شيء، ويعمل على عدم تفعيل الإطارات المناضلة، وتجميدها، حتى لا تناضل من أجل تحسين أوضاع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وحتى لا تعمل على تغيير الواقع تغييرا جذريا؛ لأن كل ذلك، لا يخدم مصالحه الخاصة، ولا يساهم في تحقيق تطلعاته الطبقية، ولا يقدم أية تضحية مادية، أو معنوية، في سبيل إنجاز المهام النضالية المعينة، التي يعمل، بكل الوسائل، على عرقلة قيام الإطارات المناضلة بها، ولا يعمل أبدا في مصلحة التنظيم، ولا يحرص على ربطه بالجماهير الشعبية الكادحة، حتى لا تصير الجماهير امتدادا له، في الوقت الذي يدعي تمثيليتها على جميع المستويات، ويوظفها لممارسة الابتزاز على العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وعلى الإدارة في القطاعين: العام، والخاص، والتي يقدم لها خدمات لا حدود لها، ويتقرب ما أمكن من مسؤوليها، مادام كل ذلك يحقق تطلعاته الطبقية، التي يعمل (المناضل) الانتهازي على تحقيقها.
و(المناضل) الانتهازي، لا يحرص على أن يجسد الاحترام الواجب للذات، كما لا يحرص على تمثلها للقيم النبيلة؛ لأنه لا يهتم باحترام عامة الناس لتلك القيم، التي تمنعه من القيام بالممارسة الانتهازية، كما لا يهتم ببناء العلاقة الجادة مع الآخر، ويعتبر تمثل القيم الانتهازية مسألة مبدئية، ومقدسة، نظرا لدورها في نسج علاقات انتهازية غير سليمة مع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ومع الإدارة في القطاعين: العام، والخاص، كما لا يهتم بالارتباط العضوي بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ولا يعتمد قضاياهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ولا يطرحها في التنظيم، وعن طريقه، وفي صفوف الكادحين، ولا يدافع عنها، ولا يسعى إلى قيام التنظيم بالدفاع عنها، كما لا يطرحها على المستوى الإعلامي، وفي صفوف الجماهير الشعبية الكادحة، وأمام المسؤولين، ولا يتحمل أية تضحيات في سبيل طرحها، من أجل أن يبقى الإطار، والمجال الذي يتحرك فيه، والمستهدفون، في خدمة مصالحه الانتهازية.
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرأة: الواقع الحقوقي / الآفاق.....8
-
ليتني أستمد الجرأة...
-
المرأة: الواقع الحقوقي / الآفاق.....7
-
المرأة: الواقع الحقوقي / الآفاق.....6
-
المرأة: الواقع الحقوقي / الآفاق.....5
-
المرأة: الواقع الحقوقي / الآفاق.....4
-
المرأة: الواقع الحقوقي / الآفاق.....3
-
المرأة: الواقع الحقوقي / الآفاق.....2
-
المرأة: الواقع الحقوقي / الآفاق.....1
-
بين المهدي وعمر...
-
بيان الهجوم...
-
حفلة الحضور...
-
علاقة الريع التنظيمي بالفساد التنظيمي وبإفساد العلاقة مع الم
...
-
أحمد المشهود له يدخل التاريخ...
-
وأحمد المغربي غادرنا...
-
إلى روح أحمد بنجلون- العظماء وحدهم يحتضنهم الشعب...
-
أستعيد ذاكرتي...
-
علاقة الريع التنظيمي بالفساد التنظيمي وبإفساد العلاقة مع الم
...
-
في هذي الحياة...
-
علاقة الريع التنظيمي بالفساد التنظيمي وبإفساد العلاقة مع الم
...
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في غزة.. نصر فلسطيني جزئي بعد خسائر لا يمكن
...
-
خواطر واعتراض واحدة من “أطفال يناير” على ميراث الهزيمة
-
الانتخابات الألمانية القادمة والنضال ضد الفاشية
-
م.م.ن.ص// رقم إضافي لقائمة حرب الاستغلال البشع للطبقة العامل
...
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي تدعو إلى التعبئة قصد التنزيل
...
-
غضب صارخ عند النواب اليساريين بعد تصريحات بايرو عن -إغراق- ف
...
-
النهج الديمقراطي العمالي يحيي انتصار المقاومة أمام مشروع الإ
...
-
أدلة جديدة على قصد شرطة ميلان قتل المواطن المصري رامي الجمل
...
-
احتفالات بتونس بذكرى فك حصار لينينغراد
-
فرنسا: رئيس الوزراء يغازل اليمين المتطرف بعد تصريحات عن -إغر
...
المزيد.....
-
الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور
...
/ فرانسوا فيركامن
-
التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني
...
/ خورخي مارتن
-
آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة
/ آلان وودز
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
المزيد.....
|