أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - احتفالية بالشاعر رعد عبد القادر و- دع البلبل يتعجب















المزيد.....

احتفالية بالشاعر رعد عبد القادر و- دع البلبل يتعجب


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 353 - 2002 / 12 / 30 - 15:46
المحور: الادب والفن
    


                                                              

/ خاص للحوار المتمدن

اعتقد ان ديوان الشاعر العراقي رعد عبد القادر"دع البلبل يتعجب" قد اعاد من خلال المثال الابداعي الملموس النظر في خطابات كثيرة حاولت التأريخ والتصنيف والتوثيق لمايسمى اصطلاحا ب"أدب المنفى".
هذه هي الفرادة الاولى.
 والثانية: إن هذه النصوص الشعرية المدهشة والفردية والعذبة والصادمة، تحذف المسافات المصطنعة والحواجز الهشة بين أدب الداخل وادب الخارج.

 والميزة الثالثة والفريدة ايضا: هي قدرة هذا الشاعر على جعل اللغة سلطة أخرى لا تقول شيئا حين تقول، ولكنها توحي، و تعلو على اللغة السائدة والمقررة والمشرع لها من قبل المؤسسة بالمعنى العام، مؤسسة النقد، اللغة، العرف، الذوق، تاريخ الشعر...الخ.

 ان هذا الشاعر لا يتكلم، لكنه يكتب نصا، والمسافة كبيرة بين الكلام وبين اللغة، لأن الكلام مفهوم عام، وقد يكون مؤسسة، واللغة هي مفهوم فردي شعري وادبي تقول لغتها الاخرى.

 واللغة تتعارض مع اللسان ايضا لأن هذا وظيفية اجتماعية، في حين ان اللغة هي ذات فردية، وبما انها كذلك فهي لا تقول، بل تراوغ، ولا تتكلم، بل توميء، ولا تشرح بل تخدع، ولا تصدق إلا حين تخون المعيار والقاعدة. وهي أمام خيانتين: خيانة الشعر حين تلتزم القاعدة، وخيانة القاعدة حين تلتزم الشعر.

هذا هو منفى الشاعر الحقيقي.

 وهنا تصبح اللغة سلطة وحدها على الجسد، وعلى القصيدة، وعلى الازمنة، وهذه هي فرادة استثنائية لهذا الشاعر  المتهم بالعيش في وطن لا يستطيع ان يفارقه ولو في الحلم أو في السهو أو خطأ.

 لم يغادر رعد عبد القادر الوطن ابدا ولن يغادره، لأنه مقيم داخل القصيدة، وهي قصيدة عظيمة ومدهشة وفريدة وتستحق العيش داخلها وبيع مدفئة المنزل من اجل رغيف، أو بيع الشرفة من اجل سترة، أو بيع تلفاز العائلة من اجل رؤية قمر عراقي أشقر عبر النهر في غسق رماني متوهج.

 إن بقاء شاعر في وطنه لا يحذف شيئا من معنى أو قيمة القصيدة، لأن المعيار الحقيقي في مفهوم الخروج والسفر ـ وليس كما هو سائد اليوم في التصنيف السهل ـ هو الخروج من الذهنية والعقلية والرؤية وطريقة التفكير، وليس في الخروج المكاني الذي يغتصب عنوة مفهوم " المنفى" ويستريح على انجازات الفراغ.

 السلطة ليست مؤسسة فحسب، بل هي عقلية، وكما يقول رولان بارت" ان السلطة تعمل في صيغة الجمع، فهي كامنة حتى في الخطابات التي تصدر من موقع خارج السلطة، ذلك لأن السلطة ليست موضوعا سياسيا أو ايديولوجيا أو اجتماعيا، بل انها موضوع سيمولوجي".

 هذا النص الذي سننشره هنا  هو عن الحب والخيبة والبهجة والحرية والايام واللذة والجسد، ولا يحتمل كلاما كثيرا أو تأويلا خاطئا عن المغزى والهدف والمعنى، لأنه نص مفرغ من المعنى، ومشحون بالاسئلة.
إنها مرثية جديدة لأور القرن الواحد والعشرين.

 وهي احتفالية شخصية لرعد عبد القادر الذي قررت ان اشعل له شمعة هذه الليلة على شرفة تطل على خليج بلون الرماد.
كثيرا ماكان ينسى رعد عيد ميلاده.
                              
                                     ارض السواد
سفر بعيد
سفر الى اقاصي السفر
خذ حقيبة صغيرة واذهب
اغلق باب بيتك الى الابد
لاتقل وداعا
لاتوجد اثيكا جديدة في اي مكان من العالم
يوجد خراب اينما حللت
ليس ثمة أمل لكلكامش
ولا أمل لك بمصير مشابه لمصير عوليس
اترك خلف ظهرك كل الالياذات
اترك شهرزاد تقص حكايتها المرة

 لاتفكر بمصير السندباد
ولا تفكر بأورفيوس الحزين
ولا تفكر بمصير العالم

فكر بمصيرك
فكر بطعامك وشرابك
فكر بملابسك
ونم تحت اية شجرة إلا شجرة بوذا

 أخرج من حروبك الكثيرة
 اخرج من اعظم الايام
أخرج كشيء صغير، كدودة صغيرة
أخرج دون ان تعلق بجسدك ذكرى حب
أخرج مما يحيطك من انوار أو ظلمات
اخرج بلا أمل
اخرج الى ضياعك
 ان ماضاع ضاع

لايرده ماسيضيع

اترك الاعياد تزدن بالشموع
اترك الاشجار تبتهج بالمطر
لاتحاول تعطيل الحياة
لا تشتم الطبيعة
لا تسب الايام
لا تهج الشوارع
لا ترث احدا بمراثي ارميا

خذ موسى، خذ البحر كله، خذ فرعون وجنوده
خذ اشعيا في اليهود
خذ نبوخذنصر وبابل
خذ عيلام دارا
خذ فارس الشاه
خذ السلاجقة والدليم
خذ الانكشاريين
خذ مدحت باشا
خذ فيصل الاول والثاني
خذ عبد الكريم
خذ حصانا جديدا وادخل طروادة جديدة

خذ كل الزمن وامض
العب بعيدا
بعيدا جدا

لا تربط رأسك بمناورة تيمورلنك
لا تسرح بدولة الخروف الابيض والاسود
لا تأكل مع حصرم باشا
لا تنظر الى حصاروست
لا تثر شغبا في الزاب الكبير
لا تمد على الخريطة خطا من زاكروس الى الناصرية
لا تفكر بالسومريين
ولا بالوركاء

إلعب بعيدا عن أور
بعيدا جدا عن أورك الجميلة
لا تفكر بأرض السواد
ولا بالخراج
ولا بالجزية...

 العب بعيدا
كل جيدا واشرب جيدا ونم جيدا
وتزوج... ان الارض سيرثها الابناء..
انتهت حروبك الصغيرة
بدأت حربك الطويلة

 اكتب عن وطنك قصيدة أكبر من خطيئة آدم
 إبك: أعظم الايام، ايام دجلة والفرات، حتى لقد بكت سائر الايام

إبك يابلدي الحبيب
ابكي ايتها الاساطير
ميثولوجيا نعم، ولكنها ميثولوجيا بكاء
نوع من مسخ الكائنات الى دموع
إيه ياعيون السماء
ليس في السحب سوى العراق.
ابكي ايتها الحروب
التي لا تشبه اي بئر من الآبار التي سقط فيها
اي يوسف في الارض
ابكي ايتها الحروب
التي ذبح فيها كل اسماعيل ولم يستفق منها
 اي ابراهيم من الحلم، ابكي

ليس في تاريخ الانبياء من القتل مايعلو على هذه السكين
التي ذبحت دجلة والفرات...
 
سفر بعيد
سفر الى اقصى الجرح
لا تقل وداعا
أينما تذهب فثمة بيتك الصغير."

ـــــــ
صدر هذا الديوان في بغداد سنة 96 عن مجلة الاديب المعاصر.


 



#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احتجاجات المثقف والارهاب وغياب تقاليد التضامن - التضامن مع ا ...
- نقد المثلث الأسود / رجل واحد شجاع يشكل أغلبية !
- وثيقة التوجهات السرية!
- صرخة تضامن مع مروان البرغوثي


المزيد.....




- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - احتفالية بالشاعر رعد عبد القادر و- دع البلبل يتعجب