الشرطي عريف 16 ج2

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)

الحوار المتمدن-العدد: 4776 - 2015 / 4 / 13 - 14:08
المحور: الادب والفن
    

عصفت سلسلة من الشائعات عن عزيز مأمور المركز وتم تصوير الحادث بكثير من التفاصيل الخيالية التي لم تحدث ولن تذكر بالتحقيق ,أعترف أيضا على الكثير من الجرائم التي كان يتم التستر عليها ليتم من ورائها إبتزاز المجرمين وخاصة قضية فضيلة التي تقدم أكثر من شخص بمعلومات صحيحة تفيد التحقيق إلا أنه أستخدم لغة التهديد والتخويف للتستر على المجرم الحقيقي .
كان الكم رهيبا من المعلومات التي أدلى بها عزيز وأشغل الكثيرون فيها وعلاقتهم به ,في زحمة هذه الأوضاع وصل خبر عودة النقيب طارق إلى المديرية في القضاء كمدير لها بالإصالة بعدما تبين كذب المعلومات التي أرسلها عزيز لمن كان على صلة بهم ,أيضا جاءت ترقية من السيد وزير الداخلية إلى عريف ليكون عريفا بالسلك نتيجة لتفانية بالواجب ومساعدته على الكشف عن بعض الجرائم ,كان هذا هو عنوان أخر لعنوان حقيقي هو علاقة الوزير حميد بوزير الداخلية .
كل ما جرى صباحا حتى الظهر جعل من عريف متحمسا لها وللنتائج الأخيرة وينتظر أن ينتهي الدوام ليعزف أخر الأخبار الجميلة أمام عمته وزوجته وأبنه الذي سيتخلص من كل العارات والذل الذي أصاب أسلافه ,خطواته كانت أسرع من دقات قلبه وهو متوجه للدار يزف بشرى لا تتسع لها كل الأماكن ولا يفهمها إلا من ذاق مرارة الزمن الردئ وألألام تأبى أن تغادره .
كانت أم علي محمومة وتعاني شديدا من ألام مبرحة لم يعد ينفع معها هذا الجمع من الأدوية ,ومع هذا الألم والإحساس بالمفارقة شعرت بجميل وقع الأخبار وتمنت السعادة الدائمة له ,أخبرت زهرة زوجة عريف بكامل الحقيقة وأنه أبن أخيها من صلب حميد الذي لا يريد أن يعترف به إبنا وإنما سيساعده ليعيش عزيزا ,نصحته أن يوافق على كل ما يطلب منه أبوه أن يفعله وبدون تردد .
مضت ساعات المساء ثقيلة وأم علي تنازع وتلفط أنفاسها الأخيرة ,سارع للمركز وحاول الأتصال بيت والده أعلمهم أنها في الرمق الأخير وقد لا تبقى للصباح ,كما أتصل بسلمى التي لم تكن متواجده في دارها وقرر أن يعود صباحا للمحاولة مرة أخرى ,في أول ساعات الصباح وبعد الفجر حضرتها المنية وعلى الصياح في دار عريف أجتمع الجيران والناس التي هزها موت عاجل لسيدة منحت قلبها وحبها ووجودها لكل الناس ,طلب الكبار من أهل المدينة أن لا يتم فعل شيء حتى يصل أخيها سيادة الوزير ليشرف على ما يجب وتصل أبنتها لتلق النظرة الأخيرة .
المدينة وعلى حدث غير مسبوق عاشت ضجيجا وإنشغالا بمراسم لم تشهدها من قبل كأن زعيما أو شيخ عشيرة من علية القوم رحل وحضر المعزون من كل مكان رتب كبيرة وصغيرة عسكر وشرطة مدنيون رجال دولة تجار ساسة كلهم حضروا ليعزوا الوزير, عريف الذي يشعر أن وجوده المأمون إنهار بالكامل كان مع المعزين ,حميد حريص جدا على أن يكون بقربه بعد أن أمر الحاشية أن يأخذوه ليشتري ثياب فاخرة ويخرجوه بمظهر يليق ,البعض لم يتعرف تماما عليه .
مضى أسبوع على رحيل الحاجة أم علي وعريف لم يخرج من داره يستقبل المعزين والضيوف في دار أم علي خاصة بعد أن سافرت سلمى لبيتها وزوجها يتأمل ماذا ستفعل به الأيام وكيف سيواجهها بعد أن فقد بفترة قصيرة جناحيه الحاج محمد الريس والحاجة أم علي عمته ,كانت زوجته تشجعه على أن يكون قويا ليس لأجله فقط ولكن لهذا المسكين خاصة بعد صدور العفو عن المحكومين وأحتمال خروج عمها إكريم من السجن والعودة للمدينة.
جاء أحد الشرطة ومعه غرباء يطلبون من عريف الذهاب معهم لبغداد ,سألهم وعرف أنهم من قبل سيادة الوزير ولا بد من حضوره فورا أمامه ,طلب منهم الإستئذان من المركز... أجابوه بسخرية المركز والمديرية كلهم الآن تحت أمرتك فقط تعال معنا , تحجج أيضا بزوجته وأبنه قالوا له أن التعليمات محددة أن تذهب معنا وسيبقى هنا شرطي يحرس البيت على مدار الساعة .
_أنت تعرف وأنا أعرف من تكون ومن أكون وهذا لا بد أن يبقى سرا بيننا إذا كنت تشعر حقا أني أباك .
_نعم سيدي.
_أترك كلمة سيدي ورائك عندما تدخل بيتي الذي هو بيت أبوك ,أعرف كم كان عانيت من الظلم والقهر وهذا سبب طللبي منك أن تأت الآن .
_أعرف ولكن لا يمكنني أن أكون كما تريد فما زال عريف هو أبن حسنه في مجتمع تستر على من قتلها وتأمر الكثيرون كي لا تظهر برائتها من جريمتهم هم .
_دعك من هذا بمجرد أنتهاء مراسيم أربعين عمتك سوف تكون هنا معي في بغداد ,ستسكن بيتا فاخرا ستتخلص من مهنة الشرطة وستعيش بعيدا عن المدينة التي أذلتك ,لا تقربها أبدا, حاول أن تبيع دار عمتك ودارك وتأت أنت وأبنك وستباشر العمل أولا في وزارة الداخلية ثم تنتقل لمكان سوف أختاره لك .
عاد إلى المدينة وهو أكثر إناقة ومع شخص يرافقه في كل مكان , جاء المعاون ليخبره أنه لا داع من اليوم أن تحضر للمركز وتتكلف الحضور وستعتبر حاضرا دوما ...ولا يجب أن تكلف بأي مهمة ,هذه هي تعليمات المديرية العامة من بغداد ,وأذا أحببت شيئا فقط أبعث الشرطي الحرس لأكون بخدمتك ................... صحيح أن بعض الفرص اللا متوقعة تجعل من الحياة شكل أخر .... ووجه لا يمكن أن تتصوره حتى ولا في أجمل الأحلام .

#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات