أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الشيدي - الخواء هذا اللعين الذي يدفع كائناته للعطب














المزيد.....


الخواء هذا اللعين الذي يدفع كائناته للعطب


فاطمة الشيدي

الحوار المتمدن-العدد: 1328 - 2005 / 9 / 25 - 13:44
المحور: الادب والفن
    


نتدحرج في هذه الحياة محاصرون بزوايانا المتقولبة ، كالأبواب ننفتح وننغلق وكالأبواب أيضا يدخل من يدخل ويخرج من يخرج ، ونحن منتصبون كوهم على ناصية الكينونة .
والخواء هذا الحاد ياله من خزي يراق وعلى جهة واحدة من الروح ، فيذيبها كماء النار ، يتمدد بفجور على مساحاتنا الشاغرة إلا من الوهم ، يتصاعد داخلنا كالدخان ، يتكور ككريات صغيرة محتشدة في انبعاثها المريض نحو القادم منا ، لاشيء أكثر ، الورم يتقافز بين الضلوع ، يعجن السويعات به ويشتد على الليالي ، نتجرع عقاقير العطارين والمتفلسفين ، وباعة الكلام والصمت ، نصوغنا كل ليلة بشكل خاص ، نجدد روائحنا مع كل إشراقه ، نصبغنا بجديد لنخفي عنه ظلال سأمنا المتصل الذيول ، نخفي محنة الكائن العاطب حين يتشظى من وفرة الخواء ويصرخ " ماذا بعد ؟"
نحاول جاهدين لملمة أطرافه الطويلة ، نكسر طولها البغيض ، ونقضم أطرافها الباردة ، ونمضي ننتعل شمسا تارة لنتوهج بخطانا المتسارعة نحو الغد ، أو ننكس أرواحنا على بهجة ظليلة تارة أخرى لنصمت في ولعنا المقامر بشيء من السلام والصمت .
حينا تظللنا الشمس من حرقة الأشياء ، وتشعلنا العتمة لرؤية الحجب ، حينا لانكون نحن ، نحيا حياة مورابة مالحة تأكل الروح ، حينا نستنسخ أقداما لنعبر الشط فقط أما البحر فندعه لمن يملك حكايات تطربه ، فأبناء الفراغ والعتمة ليسوا ممن يوغلون ، حينا نركّب قدمين عريضتين بما يكفي لنعبر الرمل في صحاري الكون ، أو نتلبس ظل نخلة ، كي لاننتظر المطر ، وحينا نتقمص دور الصحراء لنجيز للسموم أن تركض على رمالنا آمنة ..
وحينما نسقط على ضفة الحياة نرغي ونزبد كجمل أضاع أنثاه ، نصطدم بـ الموتى ، نصافح الخواء ، ومتاريس الجهل ، نتمرغ في وجوه لاماء فيها ، ونسمع ضجيج العلب الفارغة ، نتحسس أرواحنا الهامدة ، نشهق لأننا لازلنا أحياء ، نشعل مصباحا أخيرا على ناصية ما ، نرفع كفوفنا على الجبين ننظر هل من ظل قادم للجديد ، وننتظر تماما كعاشق ضرير يتلمس ماتبقى من شعيرات نمت على صدره بموازاة قلبه ويحلم أن تمطرها يد عاشقة محناة به ، نقضي الوقت نقايض السماء على كائن الفرح المطاطي المراوغ أو كائن مدهش يرفع عقيرة الخواء من أرواحنا الهشة أو أحذية بلاستيكية للعبور بعيد عن وفرة الخواء .
نحاول أن نملأ قدور الوقت بما يكره ، وندفع عجلة الزمن بكاملنا ، نحاول أن نصنع عكازات مناسبة للمشي ، ونضرب أحصنة السماء المربوطة في المتبقى منا بشده كي تسرف في المضي ..
نمشي .. نلهث .. نركض .. نصنع دمى اللحظات لنغفر للحياة ، نتصنع الثبات ، ونخيط خيوط الأشياء إلى الأشياء ، ونحيد الأشياء الثقيلة والكائنات الثقيلة ،والبرد والجوع والحر ، نحيد أسمائنا ومشاعرنا ، نحيد فتنة العبث ، والرغبة بالوقوف لسرقة نكتة تافهة من أفواه جدة مريضة ، ونحيد صرخة طفلة تخترقنا بوهج ، نحيد كتابا يملؤنا وحزنا يستثمر طاقة الكتابة ، ونمشي ..
بعد مشوار نصل منهكين ، نظن أننا صنعنا مجداا ، وقتلنا شبح الخواء ، نتفاجأ به شهيا يجلس بكامل هيبته بيننا ، ويبدأ يقص علينا حكاياته المدهشة في غيابنا ، واستنفارات الكائنات الهشة الأخرى لعبوره ، تلونهم ، تقزمهم ، واستحضار كائنات أكثر خفة للقضاء عليه ، نجده الأقوى والأبهى قبل كل شيء ، بعد كل شيء ..



#فاطمة_الشيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا يبدأ الكلام !
- عطـش الــكلام
- بقع على جسد الليل
- ردى
- دوائر
- شهوة الضوء.. شرك الفتنة
- علامة تعجب! : حول قضية المرأة أيضا
- على أطراف الغربة
- الهند : جواب وحيد لأسئلة كثيرة
- كائنات الموسيقى
- قناطر العبور
- ملائكة النرد / كائنات القيح
- فواصل الوهم
- تيــــــــــــــــه
- الحرب والسلام
- تسونامي : الموت الجمعي لايصلح للبكاء


المزيد.....




- كازاخستان.. الحكومة تأمر بإجراء تحقيق وتشدد الرقابة على الحا ...
- مركز -بريماكوف- يشدد على ضرورة توسيع علاقات روسيا الثقافية م ...
- “نزلها حالا بدون تشويش” تحديث تردد قناة ماجد للأطفال 2025 Ma ...
- مسلسل ليلى الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- فنانة مصرية تصدم الجمهور بعد عمليات تجميل غيرت ملامحها
- شاهد.. جولة في منزل شارلي شابلن في ذكرى وفاة عبقري السينما ا ...
- منعها الاحتلال من السفر لليبيا.. فلسطينية تتوّج بجائزة صحفية ...
- ليلة رأس السنة.. التلفزيون الروسي يعرض نسخة مرممة للفيلم الك ...
- حكاية امرأة عصفت بها الحياة
- زكريا تامر.. حداد سوري صهر الكلمات بنار الثورة


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الشيدي - الخواء هذا اللعين الذي يدفع كائناته للعطب