|
أسوار الإقطاع وحدود العولمة - النموذج الكوردستاني
دانا جلال
الحوار المتمدن-العدد: 1328 - 2005 / 9 / 25 - 13:44
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
كانت علاقة الإقطاع كطبقة اجتماعية و حدود إقطاعياتها كتنظيم سياسي واجتماعي مع سلطة الملك أو الإمبراطور ضمن حدود الممالك و الامبرطوريات علاقة توافق في تقسيم الثروات والصلاحيات من جهة وثباتا لحدود الجغرافية، بمفاهيمها (المكانية والسوقية) من جهة أخرى، لحين لظهور الثورة الصناعية التي مهدت الطريق لنظام عرف لاحقا بالنظام الرأسمالي المدفوع بتراكما لراس المال و إنتاجا سلعيا يعمل على هيكلة السوق ورسم حدودها من جديد تحت شعار الدولة القومية التي غيرت تلك العلاقة ، فبدأت حدود الدولة القومية ومساحتها بالتوسع داخليا من خلال الزحف نحو أسوار الإقطاعيات التي بدأت تتهاوى واحدة تلو الأخرى لتعلن نهاية آخر امبراطورياتها عام 1923 بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية . وفي تلك الفترة التاريخية كان الكورد خاضعين للإمبراطوريات المتعاقبة( الإسلامية ،الفارسية ، العثمانية) وأنظمتها الإقطاعية التي تحكمت بكوردستان مع خصوصية وجود شكل من أشكال الإدارة الذاتية أو الحكم الذاتي وخاصة عام 1514م حيث أصدر السلطان العثماني سليم الأول مرسوما ( فرمانا ) يعطي بموجبه الحكم الذاتي للإمارات الكوردية مقابل دفع الجزية والمعونة العسكرية أثناء الحرب وكانت إمارات ( اربيل ، كركوك ، السليمانية ، حصن كيف ، جزيرة ابن عمر، حكاري ، صاصون ، عمادية ، تبليس ، ) أشكال جنينية كانت قادرة على توحيد السوق كمنطلق لتشكيل الدولة القومية حالها حال شعوب المنطقة ، ولكن المصالح الاستراتيجية للدول الرأسمالية المتوافقة مع مصالح البرجوازيات العربية والتركية والفارسية كانت بالضد من المشروع القومي الكوردي لذا تم تقسيم كوردستان وشرعنة حدود حمراء بين دول تشكلت بعد الحرب العالمية الأولى ، ومع استمرار توافق مصالح برجوازيات المراكز الرأسمالية مع برجوازيات الهامش شعر الكورد بفسحة أمل حينما تمكن لينن عام 1917من قطع سلسلة النظام الرأسمالي في اضعف حلقاتها ، ولكن الحلم الكوردي بمواقف ايجابية للأنظمة الاشتراكية كان سرابا وخاصة بعد ادلجة التوجهات الانتهازية عن طريق اشاعة مفاهيم التطور اللارأسمالي وإمكانية تحول البرجوزية الصغيرة إلى مواقع الطبقة العاملة ومن ثم بناءها للاشتراكية . الحلم الكوردي تم تأطيره بحدود الإقطاعية وأسوارها . الحلم الكوردي تم اغتياله في رأسمالية السوق والياتها . الحلم الكوردي تم تشويهه بانحراف الاشتراكية عن أهدافها . ولكن كيف سيكون شكل الحلم ونبضة تحققه في ظل عولمة تتخذ شكل وجوهر الأمركة ؟ قبل البحث عن الإجابات فان الحلم المشروع بممارسة حق الشعوب بتقرير مصيرها بما فيها الرغبة بالبقاء ضمن الجغرافية الحالية والمتشكلة وفق اتفاقيات استعمارية مرفوضة من الجميع وفي جميع بنودها عدا المتعلقة بالكورد قد خلق كابوسا وسيفا ديموقليسيا تهدد رؤوس قد أينعت لعولمة تقول حان قطافها ولكن هل يعيد الكورد دحرجة الحلم وسيزيفية التحقيق في ظل عولمة اتخذت شكل الأمركة بكل تفاصيلها السياسية والأيديولوجية ، إضافة لتوجهاتها الاقتصادية وامتداداتها العسكرية ؟ وكيف سيكون شكل الحلم وخطى تحقيقه ؟ على الكورد أن يتعاملوا مع المتغيرات الجديدة على الصعيد العالمي وفق قراءة دقيقة لعولمة تتداخل فيه الجوانب السلبية بالايجابية ، فطغيان الأمركة ومن ثم جعل العولمة مرادفا لها لايعني بالضرورة عدم وجود جوانب ايجابية يمكن التعامل معها ، فعلى صعيد الايجابي يمكن اعتبار تراجع مفهوم السيادة الوطنية وخاصة للحكومات القمعية لصالح القوانين الدولية وتوافق مصالح العديد من شعوب المنطقة مع المنطلقات الفكرية والاقتصادية للعولمة بضرورة إنهاء الأنظمة الفاشية، كلها تصب في صالح الكورد والشعوب التي تفتقد إلى ابسط أشكال الديموقراطية . لذا دخل الكورد الحرب العالمية ضد الإرهاب من خلال مقاومتهم للحكومات القمعية التي تحكمت بمصير شعبنا العراقي ، بل يمكننا القول إنهم سبقوا الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تدعم حينها الحكومات العسكرية والبوليسية في قارات الفقر الثلاثة ( آسيا – أفريقيا – أميركا اللاتينية ). ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه ( هل تدرك القيادات الكوردية أهمية العامل الكوردي في محاربة الإرهاب على الصعيد العالمي ومن ثم الدخول في الصيرورة التاريخية لعولمة لابد أن تكون إنسانية الشكل والجوهر ؟ . إن اعتبار العديد من القادة الكورد شعبنا الكوردي آخر الملتحقين بفوج محاربة الإرهاب على الصعيد العالمي ومن ثم التعامل مع القوى الرئيسة في خندق أعداء الإرهاب وفق تلك المنطلقات سيجعل من المواقف الكوردية تابعة ان لم نقل مكلفة باداء دور مرسوم لها مسبقا ، إذن يجب أن يتعامل الكورد وهم جزء من العالم المتحضر في حربهم ضد الإرهاب على إنهم كانوا من السباقين في هذا الحرب وإنهم متطوعين فيها وليسوا مكلفين ينفذون الأدوار المرسومة لهم ، أما على صعيد انسنة العولمة فلا يستطيع الكورد أن يلعبوا دورا فعالا فيها بدون التحالف مع القوى الديموقراطية العراقية، وهذا العمل لا يحتاج إلى الكثير لان الحركة التحررية الكوردية باعتبارها فصيلا أساسيا من فصائل الحركة الديموقراطية العراقية كانت دوما العمق الاستراتيجي لليسار والقوى الديموقراطية العراقية . إذن يمكن للكورد أن يمار سوا دورهم الفعال ضمن آليات العولمة والمساهمة بتغير مساراتها إذا ما اعتبروا نفسهم مقاتلين أوائل في حرب الإرهاب و ليسوا مكلفين لاداء المهام ، إضافة إلى تقوية التحالف الاستراتيجي مع القوى الديموقراطية واليسارية العربية والتركية والفارسية. لقد خلقت العولمة فرصة جديدة للحلم على الصعيد الإنساني ، ولأنها تستعير من الحضارة الأمريكية أبجدية كتابة تأريخها فأن الحلم الإنساني وبما فيها الكوردي يبقى حلما قابلا للتحول إلى كابوس يمكن تفاديه بإضفاء الجوانب الإنسانية على عولمة لايمكن إيقافها.
#دانا_جلال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صدأ الدبابات وانبعاث الأغنيات.... لروح الفنانة مرزية
-
نداء إلى الكتاب والصحفيين الكورد والكوردستانيين
-
جسر ألائمة وعار الصمت....تهديدات بعثية لكتاب العراق
-
طلقاء العملية السياسية ( البعث سابقا ) يلوحون بالحرب الأهلية
-
الهامش والمركز (حركية الموقع جغرافيا وسياسيا) في ضوء مقالة د
...
-
تشظي أم تجديد ؟ في ضوء مقالة الدكتور كاظم حبيب
-
إلى متى يظل الكوردي الفيلي في موقع الضحية والهامش؟!
-
هل يصطحب الرئيس مام جلال أبو تحسين إلى شرم الشيخ؟
-
دستور ماشافش حاجة
-
رحلة كولمبسية ليسار اكتشف العراق
-
للحزب الكوردي الفيلي العراقي....أنتمي!
-
د. علي ثويني :-لنرفع عقالنا للتكارتة !
-
الصعود إلى القمر - قصة الشهيد عبد الكريم قاسم
-
كتاب بنفس الاسم و أسماء لنفس القزم
-
نداء إلى قيادة التحالف الكوردستاني :-من اجل عراق ديموقراطي و
...
-
أهواركوردستان وجبال فرات الاوسط وجنوب الكدح العراقي
-
ادباء الجبل - غربة الكلمات واحزان جبلية
-
جبال النجف وقراءات هندية - مابين الفضل والزبيدي
-
قراءة من جهة اليسار لحكومة كُتبت من جهة اليمين
-
لرئيس الجمهورية الثانية في العراق: لااحب ولكن
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|