|
اليمن : عاصفة الحزم وشرطي العالم..!!؟(*)
باقر الفضلي
الحوار المتمدن-العدد: 4773 - 2015 / 4 / 10 - 23:05
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
من المفارقات المثيرة، أن تأتي تصريحات السيد جيمس بيكر وزير خارجية أمريكا الأسبق الى وكالة السي أن أن للأنباء الأمريكية، وهي تحمل في طياتها، ما يشير الى حقيقة ما تعكسه من تدعى ب"عاصفة الحزم" بقيادة السعودية، من واقع جديد في السياسة الأمريكية على صعيد منطقة الشرق الأوسط، فبعيداً عن كل ما تطرق اليه السيد جيمس بيكر، من تصوراته حول أوضاع الشرق الأوسط من وجهة نظر أمريكية، فإن مقاربته حول ما ينفذه التحالف العسكري بقيادة السعودية ضد دولة اليمن، جاء ليعكس حقيقة ما خططت له أمريكا ومنذ سنين طويلة، من سيناريوهات جيوسياسية، لمنطقة الشرق الأوسط، وبالذات لمنطقة الشرق العربي، ما يمكن أن يجد فيه المراقب، بديلاً حقيقياً لسياساتها السابقة في الشرق الأقصى في فيتنام وكوريا، أو في غزوها للعراق عام/2003..!؟(1)
فمن جملة ما أتى عليه السيد جيمس بيكر في تصريحاته، وما له من أهمية إستثنائية، لما يجري في المنطقة اليوم، من حرب معلنة من قبل التحالف العسكري بقيادة السعودية ضد دولة اليمن، وما يمكن أن يكون لأمريكا فيها من دور متوقع؛ فوفقاً لتلك التصريحات؛ يرى السيد بيكر [[ أن أمريكا ليس لديها القدرة على تكون "شرطي العالم" متسائلا: "هل نحن من سيتولى إطفاء الحرائق في سوريا واليمن وبمواجهة بوكوحرام في نيجيريا؟ لا يمكننا أن نكون في كل مكان!" كما تطرق إلى مفاوضات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين قائلا: "فشل حل الدولتين سيكون كارثيا على إسرائيل والفلسطينيين والمنطقة فهناك الكثير من بؤر التوتر اليوم، لدينا المشاكل في اليمن وسوريا والعراق وليبيا ولدينا تنظيم داعش."]](2)
فإن لم تكن أمريكا شرطياً للعالم، حسب فرضية السيد جيمس بيكر، رغم ما لها من مصالح شرقاً وغرباً في جميع أرجاء المعمورة، فهل حقاً أن أمريكا قد تخلت أو أنها في الطريق لأن تتخلى عن مصالحها بهذه البساطة، خاصة في منطقة فيها كنوز العالم من الخامات ولها موقع إستراتيجي بهذه الأهمية الدولية، إن لم تك أمريكا قد رتبت كل حساباتها، لضمان مصالحها في المنطقة، دون أن تكون كلفة ذلك بهذا القدر الباهض من الثمن، وبالتالي فإن السيد بيكر كان دقيقاً في تعبيره عن الموقف الأمريكي في هذا الشأن، ومن هنا فليس هناك من مبالغة في القول إذا ما أنصرف الأمر الى قيام دول أخرى، بدور البديل الأمريكي لتحقيق تلك المصالح، وذلك من زاوية التلاقي في المصالح، أو نيابة عنها في هذا المضمار؛ فليست أمريكا بالتاجر المغفل، في وقت يجد فيه من هو على إستعداد لتحقيق مصالحه، وإطفاء الحريق المهدد لتلك المصالح بأقل الأثمان..!؟
وليس أدل على ذلك من الموقف الأمريكي من الدعم الذي أولته أمريكا لعاصفة الحزم السعودية، والإستعداد لتزويد التحالف السعودي بالأسلحة اللازمة لتحقيق أهداف التحالف المذكور، كما جاء على لسان نائب وزير الخارجية الأمريكي السيد أنطوني بلنكين، خلال زيارته للرياض في السابع من نيسان الجاري..!؟(3)
إن التوافق المعلن من قبل أمريكا وعدد من حلفائها من الدول الغربية، مثل بريطانيا وفرنسا، وبعض من دول المنطقة، في دعم وتأييد الخطوة السعودية في تدخلها العسكري ضد دولة اليمن، إنما يمثل، إنتهاكاً حقيقياً مستمراً للقانون الدولي، وهذا ما تمت الإشارة اليه في مقال سابق، وشرعنة للحرب والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، فهل ستشتعل الحرب حقاً في المنطقة، في وقت أصبحت فيه [[الولايات المتحدة الأمريكية جزءا من الحملة الجوية بعد رفعها حجم الدعم العسكري والاستخباراتي للحملة التي تقودها السعودية..؟]](4)
فخطأ التدخل العسكري الفادح الذي ترتكبه دول التحالف بقيادة السعودية، ضد دولة عربية جارة، منذ أكثر من ثلاثة عشر يوما، في وقت يفتقد فيه ذلك التدخل، لكل أسبابه الشرعية والقانونية الدولية، لا يمكن تفسيره إلا بكونه، إعلان للحرب بالنيابة عن أمريكا في المنطقة، بذرائع لا تصمد أمام الواقع، وهو من جانب آخر، يشكل حافزاً للدفع بإتجاه توسيع رقعة الحرب في المنطقة، والترويج لها تحت غطاء ذريعة التمدد الإيراني، بما يشجع إشراك قوى دولية وميليشياتية، الى مساندة التحالف العسكري بقيادة السعودية ضد اليمن، مثل دولة باكستان، وفصائل أفغانية أخرى، مما سيكون له دور فعال في إغراق المنطقة بالحرب لسنوات طويلة، وإعادة ما رسم من سيناريو لسوريا وللعراق في مناطق أخرى، ولعل هذا ما رسم لدولة اليمن، الأمر الذي يصب في مصلحة السيناريوهات المعدة سلفاً لإستعباد المنطقة، بإستخدام أدوات من ذات الطبيعة التي أشار اليها السيد جيمس بيكر في تصريحاته أعلاه..!(5)
إذ لم يعد " شرطي العالم" اليوم، مجرد عملة نادرة، بعد أن توفرت البدائل الكفيلة بإطفاء الحرائق المشتعلة في مختلف أرجاء العالم، بدلاً عن أمريكا، أما ضمان مصالحها في تلك الأرجاء، فما عاد أمراً من المستحيلات، بوجود تلك البدائل..!؟
أما ما يشاع كثيراً عن ضمان الأمن القومي في المنطقة، وهو بالذات ما يعني الأمن القومي العربي، ومنه الخليجي، ومحاولة جر بلدان عربية أخرى مثل مصر والسودان ، الى حلبة الحرب التي يقودها التحالف السعودي ضد اليمن، فمن البدهي القول؛ أن هذا الأمن ما كان مهدداً بهذا القدر أو ذاك، قبل التشبث بتلك الذريعة الجديدة، التي تخفي في ثناياها، تمرير مخطط ما يمكن أن يدعى حرب العرب ضد بعضهم البعض، وهو هدف يعني ما يعنيه بالنسبة للشعوب العربية، وبالذات بالنسبة للشعب الفلسطيني، وفيه ما يفيد من تغيير سلم الأولويات في المنطقة، وما يعنيه بالنسبة لجامعة الدول العربية، في تحديد من يكون العدو الرئيسي بالنسبة لها في مثل هذه الحال..!؟؟
وفي نفس السياق، مع قليل من الإيضاح، يتصدر التساؤل الراهن إرتباطاً بذلك؛ وهو كيف يمكن للمراقب أن يتجاهل ضخامة حجم الترسانة العسكرية الأمريكية في السعودية ومنطقة الخليج العربي وما حوله، والمتمثلة بأعداد القواعد العسكرية الكثيرة، المنتشرة في المنطقة وفي المحيط الهندي، ناهيك عن الإتفاقيات العسكرية الإستراتيجية التي تربط دول الخليج ومنها السعودية مع أمريكا، منذ وقت طويل، ليدور في خلده إمكانية اليمنيين من تهديد معابر التجارة العالمية والنقل، ومنها غلق مضيق باب المندب أمام تلك التجارة، وتعريض مرور النفط الخليجي والسعودي الى الأسواق العالمية للخطر، أو تعطيل فعالية قناة السويس في مصر، كما يظنها البعض..!؟ فقد[[ ظلت أهمية باب المندب محدودة حتى افتتاح قناة السويس69 18إلا أن القوى الكبرى وحليفاتها عملت على إقامة قواعد عسكرية قربه وحوله وذلك لأهميته العالمية في التجارة والنقل، كما سعت الأمم المتحدة في عام 1982 لتنظيم موضوع الممرات المائية الدولية ودخلت اتفاقيتها المعروفة "باتفاقية جامايكا" حيز التنفيز في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1994 ]](6)
ومن معرفة هذه الحقيقة، يصبح جدوى التذرع بما يدعى بالحفاظ على "الأمن القومي" وإمكانية تهديده الذي تشبثت به قوى التحالف العسكري بقيادة السعودية، فاقداً لمعناه، بل يظل هذا الشعار بمثابة الذريعة التي تدفع بالأخرين التستر بها، لتوسيع رقعة الحرب والفوضى في المنطقة وإدامتها، وجر أطرافاً أخرى لدائرتها، وهذا ما بات عرضة للتشكك، وأصبح يجد إنعكاسه في مظاهر إنحسار، وربما أفول التحالف نفسه بمعنى آخر؛ ولعل في رفض البرلمان الباكستاني المشاركة في نشاطات التحالف، والموقف الجماهيري المصري المتشكك أو الرافض للمشاركة، ما يلقي بظلاله على مقولة تهديد " الأمن القومي"، وهو أمر لا يخلو من تبعاته الدستورية والأخلاقية والإنسانية، بالنسبة لبعض البلدان، وفي مقدمتها مصر على هذا الصعيد..!(7) باقر الفضلي/ 2015/4/9 ____________________________________________________________ (*) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=462344 (1 ) http://arabic.cnn.com/middleeast/2015/04/06/exp-gps-0405-baker-israe?hpt=topstories (2) http://arabic.cnn.com/middleeast/2015/04/06/exp-gps-0405-baker-israe?hpt=topstories (3) http://ar.rt.com/gpfh (4) http://arabic.cnn.com/middleeast/2015/04/08/me-080415-jim-sciutto-yemen-unrest# (5) http://arabic.cnn.com/middleeast/2015/04/09/hekmatyar-saudi-iran (6) http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D8%A7%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%AF%D8%A8 (7) http://www.almasryalyoum.com/news/details/700388
#باقر_الفضلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليمن: عاصفة -الحزم- وخطر -الحرب الأهلية-....؟؟
-
العراق: للذكرى معنى..!(*)
-
اليمن: الشرعية والسيادة في الميزان..!؟
-
العراق: بين التضليل والتجهيل..!!؟
-
الجامعة العربية: إشكالية حقوق الإنسان..!؟
-
اليوم العالمي للمرأة : معاناة وصراع دائم..!؟
-
سوريا: البحث عن ذرائع جديدة للعدوان..!؟؟
-
العراق : شمولية التدمير للتراث والحضارة..!؟؟
-
فلسطين: قناة البحرين؛ بين الوهم واليقين..!؟
-
الدنمارك: وما هو الجديد..؟؟!
-
مصر: في مواجهة الإرهاب..!!؟
-
العراق: وقفة مع الحقيقة_ 9_ ..!
-
مصر: يد على القلب وأخرى على الزناد..!(*)
-
العدوان الإسرائيلي: إنقلاب السحر على الساحر..!؟
-
سوريا: العدوان الإسرائيلي على القنيطرة إستفزاز مقصود..!؟؟
-
فرنسا: أحداث -شارلي أيبدو- في الميزان..!؟
-
فلسطين: بين التوجه الصحيح وكوابح التعطيل..!؟
-
فلسطين : الشهيد زياد أبو عين..ضحية الإِحتلال..!؟(*)
-
فلسطين: أوباما و- النفس اليهودية -..!؟
-
فلسطين: الإتحاد الأوروبي على الطريق الصحيح..!
المزيد.....
-
لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق
...
-
بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
-
هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات-
...
-
نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين
...
-
أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا
...
-
الفصل الخامس والسبعون - أمين
-
السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال
...
-
رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
-
مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|