أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هيثم بن محمد شطورو - الإرهاب و أزمة الانتماء














المزيد.....

الإرهاب و أزمة الانتماء


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 4773 - 2015 / 4 / 10 - 02:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في الحقيقة ما أقـتـل إلا الضجر. لو كان لأحد الإرهابـيـيـن أن يعترف في لحظة صفاء تامة مع نفسه و في لحظة صدق مع الذات و العالم. ذاك الصدق الذي يستحق ان يوسم لأجله، لأنه ساعـتها فـقط ينـزع كل رداء من الاسلمة على أفعاله الإجرامية السادية تجاه المجتمع.
هناك لوحة نجد أنـفـسنا مضطرين إلى رسمها. سنختار نقطة زمنية للبدء مع ان البدء الحـقيقي يرجع إلى ما قبل ذاك التاريخ بكثير. فالبدء كان ربما منذ قابيل و هابيل و حيلة الغراب لطمس معالم الجريمة الفعـلية من اجل ان تستوطن جريمة القتل في المعنى الإنساني من حيث هو إحساس بالذنب الذي تتولد عنه رغبة ردمه بالانجاز الحضاري. لكن دوما و في كل المجتمعات هناك من يفـشل في ان يرتـقي إلى مستوى الانجاز الحضاري فيرتـد إلى فعل الجريمة الأصلي.
ننطلق من عهد الدكتاتورية الكاتمة للأنـفـاس. البوليس كان هو المقـدس فمجرد تخيله يثير الارتهاب في النـفـوس. ذاك بالرغم من حالات التمرد عليه سياسيا و نقابيا و جماهيريا في أجواء الملاعب. حدث الانفجار على السلطة التي حولت نفـسها إلى عصابة تحكم البلد و انـتهكت منطق الدولة. حدثت الثورة و انـقـلب الأمر إلى إرادة شعبية عارمة في التعبير عن نـفـسها.
الحالة الطبـيعية ان تـتجه الجموع إلى البناء الجـديد القائم على الإرادة الشعبية التي حقـقت التغيير في السلطة و منطق السلطة. إلى جانب هذا المسار وجد مسار الانقضاض على الثورة من قبل الإسلاميـين. للمسار الثاني منطق التخريب و بالتالي التهريب و التدريبات في الجبال و الجمعيات الممولة من الخارج لدعم الأنشطة الإرهابية و كذلك أنشطة مخابراتية أجنبية في تحالف ضمني ضمن المسار التخريبي.
لقد طرحت الثورة سؤالا عميقا و جوهريا و هو : ماذا نفعل بالحرية و ما هي الحرية؟
و بما ان الوجود البشري ينـتـقـل بين السأم و الألم حسب الفيلسوف الألماني "شوبنهور"، فان الخروج من حركة البندول الرتيبة لا يكون إلا أخلاقيا روحيا، أي بواسطة الفن و الفكر و إنتاج المعنى الثـقافي و الفني و السياسي. هذا الأمر يكون ممكنا بالنسبة للحيوية الاجتماعية التي تحقـق العـطف و المحبة و الثـقة في النـفس و الأهـداف. و بما أن غالبية المجتمع التونسي منفـتح بعضه على بعض بقيم المحبة و الانـفـتاح، فان الغلبة بالضرورة لمنطق الحضارة و ليس التـوحش...
لكن هناك إرهاب يضيع على المجتمع كثيرا من الوقت لانجاز تـقـدمه المنشود. فالإرهاب لا يخرج بالضرورة عن إرادة تعـطيل الحركة التـقـدمية للمجتمع و انكبابه على الخلق و الإبداع و التـقـدم المادي و الروحي.
هناك إرهاب. هناك قـتـلة. هناك انعزالية لدى البعض و إحساس بالألم و النقص تجاه الآخرين الأمر الذي يخلق القسوة و الأنانية. إننا إزاء قطط متوحشة و شرسة. هذا البعض زمن الاستبداد كان يرضي نفسه بنـقص الجميع عن إثبات الذات، أما و قـد انـفـتحت سماوات التعبـير عن الذات إعلاميا و اجتماعيا و سياسيا فـقـد غـدت تـلك الحرية هي العـدو الأكبر لأنها أزالت الحد و الضغط الخارجي الذي كان يشفع لها عـدم حيويتها الاجتماعية، و الذي كان يشفع لها انعزاليتها و ضمها لنفسها بنفـسها بنزعة مازوشية تـتـألم و تـتـلذذ بانتهاك العام له. و هذا يعبر عنه سياسيا بالايديولجية الاسلاموية.
فأنت أمام ذاتية لم تعرف السعادة بما أنها لم تكتـسب وعيا عميقا و لم تبدد بلادة حواسها. بل ربما هي حالة عـدم إحساس ببلادة الحواس و سهولة الاكتـفاء بمحـرمية الأحاسيس و المشاعر. من هنا الكبت الجنسي الشديد الذي لا يفرق بـين كعب المرأة و فرجها. من هنا يكون الطموح في حوريات الجنة. فالرغبة الجنسية التي لم تـنـفتح على الآخر تـرتد على نفـسها. لكن المرأة الواقعية قد تصفعك و تردك خائبا و هي مخيفة للشخص الانعزالي بما أنها قوة جذب غريبة تـنـفيه لأنها تخرجه من انغلاقيته على ذاته. لأجل ذلك تكون حورية الجنة المستحقة دون عناء في البحث عن سبل التواصل معها هي الأضمن. انه شان كل وهم هروبي..
و هنا يمكـننا تـلخيص أمر الإرهابي في الشخـصية الانعـزالية التي تـتـوجه إلى القتل كأروع طوق نجاة من الضجر و الإحساس بالتـقـزم تجاه المجتمع. فالقـتل هو بمثابة النار الوهاجة التي تضيء كيانه. فالأمر لا يخرج عن عـدم الثـقـة بأنـفـسهم تجاه الآخرين و الخوف من مواجهة الذات نتاج الغباء و النـقص العـقـلي.
لكن كذلك إنهم الأشخاص ذوي السوابق الإجرامية الذين يشعرون بـقـدر معين من الذنب و الحقـد على المجتمع خاصة و إن السجون العـربية هي صانعة للمجرمين و ليست إصلاحية كما هو مطلوب لها ان تكون. و بصورة عامة فالإرهابـيـون أشخاص ذوي حساسية غريـبة و عصبـيون يـفـتـقـدون الشعـور بالارتباط بالمجتمع. و بالتالي على المجـتمع كـدولة و ثـقـافـة و فكر و سياسة و اقـتـصاد أن يوطد نـفـسه و يخلق أكثر ما يمكن من الروابط بين أفراد المجتمع للتخلص من آفة الإرهاب...



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دائرة الوهم في العالم العربي
- من انت؟
- الكائن و الإيروتيك
- عالم عربي يحتضر
- متى يخرج العربي من كهفه
- العالم مقذوف الى المستقبل
- ثقافة الجامع و ثقافة الكتاب
- الرأس العربي الأجوف
- المسلم الكافر
- معترك اسلامات
- النفس الواحدة القرآنية و الإسلام
- تهافت الإسلام التقليدي
- الفلسفة هي إكسير الحياة
- دائرة الإسلامي الجحيمية
- انك في عصر الإنسان العالمي
- ماذا يخفي العنوان الداعشي؟


المزيد.....




- عمليات المقاومة الاسلامية في لبنان ضد مواقع جيش العدو الإسرا ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تدك حصون الاحتلال + فيديو
- ويكيبيديا توجه ضربة لمصداقية إحدى أكبر المنظمات اليهودية بأم ...
- حيفا.. مدينة المساجد والكنائس
- تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
- الخارجية الإيرانية تدين بشدة القرار الكندي بشأن حرس الثورة ا ...
- وسيم السيسي: دليل من التوراة يبطل حجة اليهود بأحقيتهم في أرض ...
- فورين بوليسي: حملة الصين على الإسلام تزحف نحو الأطفال
- وسط صيحات الله أكبر بموسكو.. مقاتل روسي أمريكي سابقا يعتنق ...


المزيد.....

- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هيثم بن محمد شطورو - الإرهاب و أزمة الانتماء