|
عيون القلب
محمد ابداح
الحوار المتمدن-العدد: 4770 - 2015 / 4 / 7 - 13:26
المحور:
الادب والفن
مسلسل عيون القلب - نقد فني انتهى قبل أيام عرض المسلسل الدرامي المصري ( عيون القلب) من بطولة ماجد المصري ورانيا يوسف وآخرون ، وقد درات أحداث المسلسل حول حياة فتاة مصرية يتيمة الأبوين ، تسكن في منزل متواضع، مع أختها وجدتها الكفيفة ، وتعيش في قرية ريفية مصرية بسيطة تدعى ( الوسط) ، غير أن الوسطية أو الإعتدال، هما أمران أبعد ما يكون عن عقل وطموح تلك الفتاة البسيطة ، والتي تعمل في مصنع للخياطة ، تحت إمرة مراقب عمل متسلط ومحب للنساء . تجسد رانيا اليوسف شخصية ( سميرة ) تلك الفتاة الطموحة ، والتي تسافر للقاهرة وتتعرف على رجل أعمال مصري يعيش فى الولايات المتحدة الأمريكية يتعرض لمشكلات كثيرة تجعله يقرر العودة إلى مصر، لكن تلك العودة لم تجلب له سوى المزيد من المشاكل، بسبب تعرضه للخداع من المقربين إليه، وتتطورالأحداث الدرامية مع ظهور (سميرة) والتي تدعي بأنها كفيفة كي تدخل جمعية خيرية، وبعد دخولها يقع المسؤول عن الجمعية عمر البنهاوي ( ماجد المصري) في غرامها ونظرًا لأنها مبصرة، تكتشف العديد من المشاكل والسلبيات الموجودة بالجمعية. إن المتابع لأحداث المسلسل يقع في إرباك وحيرة شديدة نتيجة محاولة المخرج تسليط الضوء على بعض القضايا الإجتماعية في مصر ، والتي تتمحور حول انتفاء القيم الأخلاقية عند البعض في سبيل الوصو إلى أهدافهم، قد يكون هذا الأمر واقعاً عملياً، غير أن التناقض يبدوا جلياً في تسلسل الأحداث الدرامية في المسلسل ذاته ، فسميرة ( رانيا اليوسف) تبدو للوهلة الأولى فتاة مسكينة تشق طريقها بصعوبة في غابة الأقوياء ، ولكنها تتفوق فيما بعد على أكبر المحققين التاريخيين في العالم وأكثرهم شهرة ، فسميرة تتفوق على ( شيرلوك هولمز) في حل الألغاز ومعرفة الأشرار واللصوص ، وهي دائما ما تكون في الزمان والمكان المناسبين لكشف الحقيقة، وذلك بفضل الميزة التي تتمتع بها لكونها تدعي بأنها كفيفة ، كما أنها تمتلك قدرة هائلة على التملص من المواقف الصعبة التي تمر بها ، وهي قادرة على التخفي والدخول إلى أي مكان تريد والبحث عن الوثائق والمستندات التي تدين أعداءها. وهي في الوقت نفسه تتمتع بقدرة عجيبة على الإقناع، حيث أقنعت حطيب أختها بتزوير وسرقة تقرير طبي يثبت بأنها عمياء ، وأقنعت مراقب العمال في مشغل النسيج التي كانت تعمل به ، لكي يعمل عندها جاسوساً ومراقباً على تحركات خصومها ، ولكنها في الوقت نفسه تسترت على جرائم القتل التي حصلت أمامها ، كيلا تكشف سرها. علاوة على ذلك لم تتقن الفنانة رانيا يوسف موضوعية التدرج من فتاة الريف البسيطة ذات اللباس التقليدي المحافظ إلى فتاة المدينة المتحررة والتي ترتدي التنانير القصيرة والسراويل الضيقة علاوة على المكياج الصارخ والمبالغ فيه ، وخصوصا كريمات تفتيح البشرة ، والتي لم تتناسب مع درو فتاة كفيفة في المسلسل ، بل مع دور بطلة فيلم أغراء ، غير أنها حاولت متأخرة في هذا المجال. إن المسلسل باختصار يمتلأ بالمتناقضات الواضحة، وقد يكون الأمر الوحيد الذي نجح مسلسل عيون القلب بتقديمه، هو تغيير الصورة النمطية للفنان ماجد المصري ، إذ غالباً ما كان يتم التعامل مع شخصيته الدرامية بالاعتماد على القوة الجدسية للممثل، والتي تظهره نموذجا للشخص القوي أو ضخم البنية، ليقدم ماجد المصري واحداً من أفضل أدواره، عندما تم الابتعاد عن النمطية السابقة التي لم تظهر إمكانياته الداخلية المميزة. يظهر المصري في (عيون القلب) كرجل مشتّت يحتاج اهتماما من الآخرين، ورعاية من المقربين المخلصين، وهو ما يتولاّه الفنان لطفي لبيب والفنانة رانيا يوسف، وكلّما ظهرت حيرة الشخصية وضعفها وتشتتها وعدم درايتها بمحيطها الخارجي، كخيانة الزوجة مثلا، والذي تؤديه الفنانة دينا فؤاد، وقد برع ماجد المصري بإخراج دواخله الفنية وإمكانياته التعبيرية من خلال إظهار ملامح الضعف وعدم المعرفة والحيرة. واعتمد المصري في ذلك، على كاراكتير مميز، بارتداء النظارة وتسريحة الشعر اللذين يخدمان الإفصاح عن طبيعة الشخصية المحتاجة لعون الآخرين والتي لا تمتلك خبرة أو واقعية كافية لمعالجة تفاصيل العالم الخارجي. والنقلة النوعية في الدور المميز للمصري، أظهرت تخلّيه عن الصورة النمطية المعتمدة على تفاصيل الجسم المفتول أو صورة القوي الضخم، التي غالبا ما حاصرته وحدّدت نوعية الدور الذي يؤديه، إلا أن (عيون القلب) أخرج مكبوت الشخصية عبر التعبير الداخلي لا الخارجي، وعبّر المصري في هذا الدور عن إمكانية تعبيرية مذهلة، خصوصا في صورة الضعيف الحائر الباحث عن أجوبة لأسئلة سهلة وبسيطة في الواقع، إلا أنها صعبة على نوعية الشخصية التي ظهرت في المسلسل. محمد ابداح
#محمد_ابداح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القيم الأخلاقية
-
القيم الدينية
-
التطرف الفطري
-
للحرّ خيارات
-
أسرع من نكاح أم خارجة
-
تغذية الشر
-
الخضوع الفكري
-
أدركتُ النجوم
-
موسوعة القيم الإنسانية ج1
-
ياليت قومي يعلمون
-
فؤادي
-
أحزاني الجميلة
-
عينيكِ
-
حاضرة إذا غبتِ
-
وعد بلفور
-
الحوار القاتل
-
ابتسمي كما شئت !
-
مواساة القلوب
-
عيد ميلادك
-
أدوار البطولة
المزيد.....
-
مسيرة حافلة بالعطاء الفكري والثقافي.. رحيل المفكر البحريني م
...
-
رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري
-
وفاة الممثل الأميركي هدسون جوزيف ميك عن عمر 16 عاما إثر حادث
...
-
وفاة ريتشارد بيري منتج العديد من الأغاني الناجحة عن عمر يناه
...
-
تعليقات جارحة وقبلة حميمة تجاوزت النص.. لهذه الأسباب رفعت بل
...
-
تنبؤات بابا فانغا: صراع مدمر وكوارث تهدد البشرية.. فهل يكون
...
-
محكمة الرباط تقضي بعدم الاختصاص في دعوى إيقاف مؤتمر -كُتاب ا
...
-
الفيلم الفلسطيني -خطوات-.. عن دور الفن في العلاج النفسي لضحا
...
-
روى النضال الفلسطيني في -أزواد-.. أحمد أبو سليم: أدب المقاوم
...
-
كازاخستان.. الحكومة تأمر بإجراء تحقيق وتشدد الرقابة على الحا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|