|
الربيع المهزوم وعاصفة الحزم إلى الشعب اليمني البطل
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 4768 - 2015 / 4 / 5 - 14:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الآراء والتحليلات العديدة ، التي صدرت عن سياسيين ، وإعلاميين ، وباحثين ، حول " حرب الملوك العرب " على اليمن ، لم تتمكن بحكم عنصر المفاجأة واللاعقلانية فيها ، من الإحاطة الكاملة لخلفياتها وأهدافها . ما أدى ببعضها ، إلى أن يربط الحرب بالأسباب والتفاعلات اليمنية الداخلية ، التي تتجه ، كما يبدو ، لإخراج اليمن من بيت الطاعة السعودي ، ولتقوية التقارب أو التحالف ، مع الجار الإيراني اللدود ، الذي ترى المملكة ، في نهوضه الاقتصادي ، والعلمي ، والنووي ، والعسكري ، تحجيماً لمكانتها الإقليمية والدولية ، وتخفيضاً كبيراً لصلاحية اعتمادها ، على مخزون الطاقة ، وعلى رصيد تريليوني ، لجذب وشراء الدول ، ورؤساء الدول ، وأحزاب وشخصيا سياسية ، ومثقفين ، وإعلاميين ، داخل الإقليم وخارجه . وبعض آخر أعطى الاهتمام ، للخوف من احتمال سيطرة القوى اليمنية المناوئة لتسلط المملكة وحلفائها الغربيين ، على باب المندب ، الذي يملك مفتاح العبور البحري بين الشرق والغرب ، شأنه في ذلك شأن قناة السويس . كما لم يستثن البعض من أسباب الحرب ، صراع أمراء آل سعود ، بعد وفاة الملك عبد الله ، وحصر الملك سلمان إعادة توزيع مراكز الحكم والمنافع في المملكة بالأقربين منه دون غيرهم .
بيد أن تلك الآراء والتحليلات ، رغم مقاربتها المفهومة للحدث اليمني ، إلاّ أن ما عرضته لا يبرر الحرب الملكية التحالفية الواسعة على اليمن ، وتحمل مسؤوليتها المادية والسياسية والأخلاقية . فالتفاعلات الداخلية اليمنية ، هي شأن داخلي ، وغير مبررة دولياً وإنسانياً ، ومسألة باب المندب هي مسؤولية دولية وليست سعودية ، وصراع الأمراء على الحكم ليس مخرجه وحله الحرب على اليمن ، وهناك أزمات مماثلة في تاريخ المملكة قد حلت بدون حروب خارجية . ولذلك لابد من البحث عن أسباب أخرى أعمق وأوسع . خاصة إذا ما أخذنا بالاعتبار ، أن حرب تحالف دول " عاصفة الحزم " ، قد تزامنت مع تصعيد الجيشين السوري والعراقي على مواقع داعش والنصرة وغيرها ، وظهور إمكانيات لدى الجيشين السوري والعراقي ، لتحقيق انتصارهما الحاسم على الإرهاب الدولي . كمل تزامنت مع تقدم المفاوضات الإيرانية ـ الدولية ، حول البرنامج النووي الإيراني . الأمر الذي يحمل مخاوف جدية للمملكة ، إذ سيؤدي نجاحها ، إلى إعادة تركيب ميزان القوى الإقليمي ، لصالح إيران وحلفائها ، وكذلك ميزان القوى الدولي ، وفق مصالح ورؤى وتقاطعات جديدة .
ما مفاده ، أن مشروع " الربيع العربي " المبرمج لإعادة بناء النظام العربي والإقليمي " الشرق الأوسط الجديد " ، وتمكين الهيمنة الاستعمارية الغربية وأدواتها العربية الرجعية ، والملكيات البترولية بالدرجة الأولى ، من الهيمنة الدائمة على المخزون النفطي والغازي ، والتحكم بممرات تسويقه ، وخاصة عبر الجغرافيا السورية ، بات مهدداً بالعجز .. أو أن أفقه قد أغلق .. ولابد من مسار جديد .. ومشروع جديد .. وآليات جديدة .. لتعويمه .. أو تعويضه ببديل أكثر قدرة وكفاءة .
وفي ذروة هذه التداعيات ، جاءت التطورات الداخلية اليمنية المتسارعة ، التي أدت إلى استقالة الرئيس اليمني .. وحكومته ، الموالية لآل سعود في اليمن ، لتنحدر بقدرات " الربيع العربي " بعامة ، والإرهاب الدولي بخاصة ، نحو هوة الفشل وهذا ما استدعى القيام بعمل ما استباقي .. أو هجوم معاكس عاصف حازم ، لوقف الانحدار واستعادة المبادرة . وهذا ما استدعى أيضاً ، أن تشترك مباشرة كل الدول صاحبة مشروع " التغيير أو التدمير " المسمى " الربيع العربي " . فتقدمت إلى المشهد الحربي بقيادة أميركا كل الدول الملكية ، من المغرب إلى الأردن ، والملكيات الخليجية باستثناء عمان ، وبمشاركة مصر والسودان وباكستان . ولهذا الهجوم الا ستباقي ، اختيرت اليمن ، لتحقيق نصر سريع ، لضعفها العسكري أمام حشد دولي يملك قدرات كبيرة جداً . كما اختيرت سوريا الموزعة قواها العسكرية على مساحات واسعة ، للقيام بهجوم إرهابي دولي واسع .. ومفاجئ .. في عدة جبهات بوقت واحد . فقد هاجم واحتل داعش بالتعاون مع النصرة مخيم اليرموك قرب دمشق . وهاجمت واحتلت تنظيمات إرهابية متحالفة ، بدعم تركي مباشر مدينة إدلب في الشمال . وهاجمت واحتلت تنظيمات إرهابية أخرى مدعومة من الأردن مدينة بصرى الشام في الجنوب . وهذا الهجوم الإرهابي للمدن الثلاث ، يفتح المجال لحرب أكثر ضراوة بين الجيش السوري وبين التنظيمات الإرهابية الدولية .
وليس من شك ، أن قياد الهجوم " الملكي ـ الأميركي ـ الإرهابي الدولي ، على اليمن .. وعلى المدن السورية المذكورة ، في وقت واحد ، هي قيادة واحدة .. وخرائطها .. وأهدافها .. هي واحدة . وليس من شك إطلاقاً ، أن مهمة تحرير فلسطين .. ونصرة الشعب الفلسطيني ، ليس لها في موسم تحالف " عاصفة الحزم " الملكي ـ الأميركي خرائط .
ولهذا الهجوم ، كما تدل وتقتضي خلفياته وأهدافه ، مرحلتان منظورتان في عملياته وخواتمه . المرحلة الأولى ، ، هي ما ذكرناه آنفاً ، لوقف الانحدار وأخذ المبادرة .. والتقدم نحو الحسم الميداني . وفي حال إنجاز هذه المرحلة ، فإن المرحلة الثانية هي ، استخدام ، التحالف الملكي ـ الأميركي ـ الإرهابي ، في رد الاعتبار للدور الإقليمي للمملكة السعودية ، ومصر ، وباكستان ، وإسرائيل ، واحتواء انتصار إيران في معركة شرعية برنامجها النووي ، والحيلولة دون الاستفادة القصوى من استخداماته العلمية والاقتصادية ، وكذلك استمرار محاولة إفشال وإسقاط الدولة السورية ، واحتواء العراق بعد تقدمه الميداني ، وتأمين سيطرة أميركا المستدامة ، على الثروات البترولية والغازية ، وعلى الأنظمة السياسية ، والجغرافيا ، في المنطقة .
بمعنى ، أن " ربيع الملوك العربي " الأميركي ، قد حل عبر حرب تحالف " عاصفة الحزم " بديلاً " للربيع العربي ، ، المهزوم ، الذي تم تفصيله على مقاس الارتدادات الشعبية في الشارع العربي ، فجاء الإرهاب الدولي ، والسياسيون المرتزقة ، فدمروا الشارع ، وأغرقوا الشعوب بالدم .. والدمار .. ومشاعر الفقد .. والتهجير .. والتشتت . وأسسوا لفشله وهزيمته ، أمام مقاومة الشعوب
والسؤال الآن هو ، إذا كان " ربيع الملوك العربي " قد تم تفصيله على مقاس ارتدادات غضب الملوك وتابعيهم من الدول المرتزقة ، فما هو القادم الأعظم المخطط للشعوب العربية .. في مجالات .. القتل .. والتدمير .. والتهجير .
إن ما يجري الآن من فظائع إرهابية ، وجرائم بحق الإنسانية ، تنفيذاً لأجندات رجعية وأميركية وإسرائيلية ، هي حرب إقليمية رجعية ودولية استعمارية قذرة بكل المقاييس ، وهي تتدحرج من كارثية بشعة إلى كارثية أبشع ، من أجل الطاقة ، والجغرافيا ـ السياسية ، واحتكار النفوذ والثروة . وشعوب الشرق الأوسط ، والإنسانية جمعاء ، ستدفع من أمنها ، واستقرارها ، واقتصادها ، ومستويات معيشتها ، ثمناً لهذه الحرب . ولذا فإن مسؤولية إيقاف المجازر الجماعية .. وحرب التدمير ، التي تقوم بها دول الرجعية العربية ، وشركاؤها من مستعمرين عريقين ومرتزقة ، وإرهاب دولي ، لاستعباد شعوب الشرق الأوسط ، هي مسؤولية إنسانية شاملة .. تتطلب من كل الناس الشرفاء في العالم المعنيين بالسلام بين الأمم ، وحق الشوب في تقرير مصيرها ، وبالحرية ، التدخل الحازم لوقف هذه الحرب ، انتصاراً للشعوب العربية ، التي تتعرض للموت والتدمير والتهجير ، في حرب تجاوزت قذارتها وخسائرها وبشاعتها ، حروب الفاشية والنازية في القرن العشرين الماضي .. وتتطلب من القوى السياسية العربية .. القومية التحررية .. والتقدمية .. والديمقراطية ، أن تؤدي دورها المقاوم لهذه الحرب .. وفتح آفاق عربية جديدة على الأمن والسلام والتآخي والحرية .
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المملكة إذ تخوض حرب الامبراطورية
-
أوراق معارضة ( 2 ) ولادة المعارضة
-
أوراق معارضة ( 1) ولادة وطن
-
يوم المرأة السورية وحق الحياة والحرية - إلى نائلة حشمة -
-
حول خواتم الحريق السوري
-
العدوان التركي والمسؤولية الوطنية
-
العودة المؤجلة إلى البيت - إلى حسين العلي -
-
سوريا .. ثوابت وآفاق
-
لن أقول وداعاً
-
قبل منتدى موسكو وبعده
-
لماذا القلعة بحلب هدف للإرهاب ؟
-
لأجل عودة آمنة كريمة للوطن .. إلى الطفولة المهجرة
-
الأستاذ
-
التعذيب جريمة حرب وجريمة استبدلد
-
حلب تصنع ربيعها القادم
-
الصراع السوري مع الغرب الآن .. لماذا ؟
-
مائة عام من الصراع مع الغرب .. إلى متى ؟
-
داعش على ضفاف الراين - إلى ريحانة كوباني -
-
في التصدي للوجه الآخر للإرهاب
-
طعنة في ظهر ابن رشد
المزيد.....
-
تصعيد روسي في شرق أوكرانيا: اشتباكات عنيفة قرب بوكروفسك وتدم
...
-
روبيو يلتقي نتانياهو واسرائيل تتسلم شحنة القنابل الثقيلة
-
مئات يزورون قبرالمعارض نافالني في الذكرى السنوية الأولى لوفا
...
-
السيسي يلتقي ولي العهد الأردني في القاهرة
-
بعد حلب وإدلب.. الشرع في اللاذقية للمرة الأولى منذ تنصيبه
-
إيمان ثم أمينة.. ولادة الحفيدة الثانية للملك الأردني (صور)
-
السعودية تعلق على الأحداث في لبنان
-
إسرائيل تتسلم شحنة من القنابل الثقيلة الأمريكية بعد موافقة إ
...
-
حوار حصري مع فرانس24: وزير الخارجية السوداني يؤكد غياب قوات
...
-
واشنطن وطوكيو وسول تتعهد بالحزم لنزع نووي كوريا الشمالية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|