|
بصحبَة قرَاقُوش
سيومي خليل
الحوار المتمدن-العدد: 4768 - 2015 / 4 / 4 - 23:45
المحور:
كتابات ساخرة
بِصُحبَة قَرَاقُوشْ . الكاتب : سيومي خليل ------------------------------ قَراقُوش غَاضبٌ جدا من مُسودة القَانون الجنائي التي يسْعى حِزب الإخوان المَغَاربة لِتمريرها . قَرَاقوش صَاحب القوانين المضحة غَاضِب جدا . سَألتُ قَرقوش : -كَيف تغْضب وأنت المعروف عَنك أحكامُك المُضحكة ؟؟؟ ألست أَنت مَن حَكَم عن الذي أجْهض إمرأة بأن يَنام معَ المرأة لِيعيد لَها جنينها . حِين قلت العبارات الأًَخيرة ، بَدأت ابتسم ابتسامات مَاكرة ، لكن قراقوش بدهائه لم يوليها أَي اهتمام ، وقَال : - كَذبوا علي لا غير ، ثم أنِّي مُت ، وذَهب زماني ، وأَنا مَن عَلي أن يضحك عَليكم أَنتم ، الذين ستَقبلون مُسودة قَانون جنَائي تَعود إلى ماقبل قَوانين حموراربي . استَفزني قَرقوش بكلامه هَذا ،فقد أحسَست أنَّه يغرس سكينا في قلب شعب بالكامل ،ويتهمه بالرجعة ، الرجعة الى الخَلف ، إلى الوراء ، إلى أزمنة غابرة ، وهو لمْ يكْذب في هذا الأَمر ، فالمسَودة ستسود أَوجهنا جمِيعا ، وسَتجعلنا نرى كُل مَاتمَّ تحقيقه من خطوات حقُوقية مُجرد يباب لا غير . طَلبت من قرقوش أَنْ يأَخذ قَهوة سوداء معي ،وينَادمني قَليلا في هذا الجو الرطب المَاطر ، لكنه نظر إليَّ نَظرة إزدراء ، وأَشار برأسه رافِضا طلبي ، وبعدها ابتسم ابتسامة ماكرة كأَنه يَرد لي ابتساماتي السابِقة . قَال : - لا أجلِس مَع من يحكمهم قانون يُعاقب من يَسب الذات الإلهية . قلت : - الذات الإلاهية يَجب أنْ لاَ تُسب. سَمعت ضحكة قرقوش تجوب الأَجواء كَأنها غاز سام انتشر من انفجار قُنبلة كِيميائية . حَكَّ قرقوش ذقنه استعدادا لقول كَلام طَويل عن الذات الإلهية . قال : - كيف يَكون هذا الأمر؟؟؟ أنا لا أفهم كيف سيَتم مُعاقبة شَخص اتهم بسب الذات الإلهية . مَاهي الكَلمات التي سَتعني بشكل واضح سبا للذات الإلهية ؟؟؟. اللغة حمالة دَلالات كثيرة . مَثلا ؛ هَل تعتبر كلَام الحلاج في الذات الإلهية سَبا أم حُبا ؟؟؟ لاَ شكَ ستعتبره حبا ، لكن مَسؤولي ذاك الزمن اعتبروه سبا . إنهَا عُقوبة فَضفاضة يا سيدي ، إنها لا تَعني شيء. ثم كَيف سَيتم وضع إجراءات لترصد سب الذات الإلهية ؟؟؟ هَل سيتم إرسال *البركاكة * ليتنصتوا على الناس ،وكل من قَال ؛* سير الله ينعل ربك ... *سَيعتبر مجدفا في الذات الإلهية . وعَلى مستوى الكتابة ، هَل سيتم اعتبار هذه العبارة مَثلا تَجديفا ؛ إن ربكم الذي تعبدون فاسِد ... أَلا يُمكن أن تكون لها دلالات غير الذات الإلهية ، فالرب في اللغة العربية يَعني معان كثيرة .... أوقفته بِحدة ، وأَشرت له بِسبابتي مُهددا . قلت : - مَا هذا الذي تقول قراقوش المضحك ؟؟؟. لكن قَراقوش مرة آخرى لمْ يَأبه لِمَا قلت كأنه لا يحدثني أصلاَ. نظر قراقُوش جهة السماء بتضرع واضح ، ودَمعت عَيناه ، ثم قَال : - لكي ننهي هذَا النقاش ، أقول لك أَنَّ الذات الإلهية عَصية عن الإدراك ، ولا يَطالها شتم ، فلا تلقوا غَباءكم عليها . قلت : -غبَاءنا ... أجاب قرقوش: - نَعم غباءكم ، فأنتم تريدون أَنْ تُعيدوا بوصلة الزمن للوراء ، ترِيدون إعادَتها لزَمني ، أو لزمن قَبل زمني ، إنكم تُشبهون مَا أصبح يسمى عندكم .... ثم بدأَ يُفكر في الإسم . أجَبته : - هل تَقصد دَاعش ؟؟؟. قال بِفرح : نَعم ... هي داعش ، فلا فرق بين ما جَاء في المسودة وبين ما تفعله دَاعش . قلت له بغضب واضح : - هَذا تجني قرقوش ، كَيف تجمع بين داعش وبين مُسودة قَانون جِنائي يسعى إلى ضبط المجتمع ؟؟؟ هَذا تجني ... صمت قرقوش لوقت لمْ أَتَبينه ، فَقد كنت مشغولاً بترديد عِباراتي الأَخيرة بِشكل صَامت ، ثم بعدها ابتعد عَني، لحِقته مُناديا باسمه . قلت له : -أَراك تهرب ... - أَهرب ... رد قَرقوش بنَوع من السخرية . أضاف : - حِين تكون القوانين فَضفاضة ولا تعني شيء ، وحِين يَتم التضييق علَى الحريات الفَردية التي يكفلها حق الإنسَان فِي وجوده ، فَلا يمكن للمَرء إلا أَن يَهرب ، فَقد سمعت أنَّ هُناك بلدان متقدمة جدا عَلى مستوى الحقوق ، لذا أُفكر فِي الفِرار إليها، وترْك هذه الأُمة التي بليت بكل المسَاوئ الفكرية الخطيرة. نظَرت في قرقوش ،وبدا لي ومِيض بعَينيه السوداودين ، فَكرت أَن أَسأَله عن ذلك الوميض ، لكن سُؤالا آخر كانَ يشغلني . قلت له : -وعُقوبة مُفطري رمضان ...؟؟؟ -هل هُناك عُقوبة مفطري رمضان ... ؟؟؟ قَال قرقواش بسرعة هذه العِبارة ،ومَسك رأسه دليلاً عَلى عدم استيعابه للعقوبة . قُلت لَه وأنَا انظر إليه باستغراب : - ماذا بك ...؟؟؟ قالَ قرَاقُوش : -لم أُطبق هَذه العقوبة ، بل لم يَكن أحد يهْتم بِتقديم جاره المفْطر للعدالة ، فالجَميع كان يَتواطَأ علَى سَتر هذا الأَمر، وعلى عدم أولويته في القَوانين . نظر إلى قراقُوش وبدأ بالضحك بشدة ، أَردتُ أنْ أُوقفه ،لكن ضحكه كانَ هِستيريا لدَرجة مَنعتني من الإِقْتراب منه.
#سيومي_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عَزِيزي دونكِيشوط
-
مُر عليهم بقَصيدة ابن عَربي
-
حِكَايَةُ مُتْعَبْ مَع َالسَّيدَة ميم
-
ذِكْرَى
-
أحَدُ الرّفَقَاء
-
من السيسي إلى مُرسي ،تَغيير إتجاه البَوصلة .
-
كذب الحُكومة مُستَمِر
-
مَشروع ُ خُفَاش ٍ في الفصل
-
بَيْنَ الذَّاكرة وعَمليات الإدراك العقلية
-
دفَاعا عن أوزين
-
منطقة للكتابة
-
خطَل ُ الفُقَهاَء
-
بين الإِسْتصقَاء والإستصْحاءِ
-
عن الأخلاقِ والكَونِية
-
صنَاعَةُ الخوف الثَقيلة
-
التَّجربة الدِيمُقراطية في تَونس وحزب العَدالة والتَّنمية
-
ابن ُ رشد حَزين ٌ
-
فئران بالألوان
-
آلو ...معكم غزة .
-
سرقة موصوفة وقضايا الحرب والحب.
المزيد.....
-
تركيا تقضي باعتقال مديرة أعمال فنانين مشهورة بتهمة محاولة ال
...
-
-من هو النمبر وان؟-.. الفنان المصري محمد رمضان يسأل والذكاء
...
-
الثقافة السورية توافق على تعيين لجنة تسيير أعمال نقابة الفنا
...
-
طيران الاحتلال الاسرائيلي يقصف دوار السينما في مدينة جنين با
...
-
الاحتلال يقصف محيط دوار السينما في جنين
-
فيلم وثائقي جديد يثير هوية المُلتقط الفعلي لصورة -فتاة الناب
...
-
افتتاح فعاليات مهرجان السنة الصينية الجديدة في موسكو ـ فيديو
...
-
ماكرون يعلن عن عملية تجديد تستغرق عدة سنوات لتحديث متحف اللو
...
-
محمد الأثري.. فارس اللغة
-
الممثلان التركيان خالد أرغنتش ورضا كوجا أوغلو يواجهان تهمة -
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|