|
منفذ المرور الى العلمنة
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4768 - 2015 / 4 / 4 - 14:28
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
لاستسهال الامر و فهمه يجب ان نستهل الامر من وصف الواقع المعاش و اين نحن من السكة الصحيحة المؤدية الى العلمنة كحياة طبيعية و خير للبشرية و مواكبة التقدم لخير الانسان و ايصاله الى الرخاء و الامان بعيدا عن القتل و سكب الدماء بشكل عام . العقلنة و تجسيد الارضية و توفير عوامل ايجادها و مقاومتها لما موجود من الخرافات و العراقيل التاريخية الموروثة من السلف، و هي بداية للخروج من عتمة الجهلنة و التخلف التي سادت منذ قرون و بالدقة المتناهية عند تغيير فترة الاساطير الى الاديان و احتلال عقل الانسان بما نسجته عقليته الخيالية غير العارفة بالعلوم و المعرفة و ماهي عليه العالم و من اين بدانا و الى اين المصير الذي ينتظرنا كاهم الاسئلة الحاسمة لتحديد فلسفة الفرد و المجتمع و طريقة معيشته و تفكيره و نظرته الى الحياة و ما فيها ماديا و معنويا، و تتغير المرحلة بما يمتلك الانسان من الاجوبة و ما هو مقتنع بها نسبيا بتغيير مخزونه المعلوماتي و معرفته و ما تتغير معه قدرته على تحديد كيفية معيشته، و هو يتاثر بما يلامس من البنى التحتية و الفوقية لما فيه من الاطار المعيشي له . العقلنة او بداية ما ينبت من الشك في عقل الانسان و هي المرحلة المصيرية الحاسمة للدخول الى عالم الفلسفة بعفوية و من خلال المعايشة مع البيئة المعاشة منذ الطفولة . اي، العقلنة هي الباب التي يمكن النفوذ منها للوصول الى الخطوة الاولى في الالتزام بالعلمانية في حياة الفرد و من ثم المجتمع كعصارة التفكير العقلاني و التوجه العلماني بوجود العوامل العامة المساعدة التي تحتاجها العلمانية من الثقافة و الاقتصاد و القدرة البشرية العقلانية و ما موجود من الامكانيات وا لوسائل و الدعم كشروط تفرض نفسها، و في المقابل التعامل بعلمية و عقلانية مناسبة مع ما موجود من العراقيل و ما تمنع منها التفكير العقلاني السليم للوصول الى الحقيقة الناصعة الملائمة للانسان و حياته على الارض من الناحية الفلسفية و الفكرية . الاساطير و القصص الخيالية التي يمكن ان تصنف ضمن التخيلات الفلسفية في حينه، اي انفتاح عقل الانسان و تفكيره في ما هو موجود فيه و من ثم الانتقال الى عصر التنظيم العقلاني الفلسفي هي لب الموضوع . اي يمكن ان نصنف المراحل التاريخية من المرحلة المشاعية التي يمكن ان نوازيها بمرحلة الطفولة غير المدركة لما موجود حولها من الظاهر و الباطن الا بحدود اللعب و الغريزة، و من ثم مرحلة المراهقة المتنقلة من تاريخ البشرية التي تغيرت باشكال مختلفة و تاثرت بالتغييرات التي حصلت بعد مئات الالوف من السنين في حياة الناس و بعد التطور العلمي في كيانه الفسلجي و الفلسفي و الاجتماعي، و كل هذا ضمن مجموعات بشرية متباعدة او متقاربة بسيطة المعيشة غير معقدة التركيب الفكري و العقلي و المعيشي بداية . ثم الانتقالة الكبرى من المراهقة الى عصر البلوغ و الكبر العقلي بعد التغييرات و الطفرات الكبيرة في معيشة الانسان و يمكن ان لا تكون متساوية مع البعض في جميع بقاع العالم نتيجة اختلاف في البيئة و المؤثرات و العقليات التي تاثرت بدائرتها او اثرت عليها بشكل مباشر ضمن قانون الجدلية المعروفة علميا لدى الجميع في مسيرة التطور، سواء لحياة الناس او فكره او عقليته و تاثرها بعوامل تطوره . اذا يمكن ان نوازي مرحلة بروز سرد القصص و التخيل الانساني ببداية تاريخ مرحلة البلوغ البشري عقلا و فكرا و فلسفة، و من ثم تطورت ووصلت الى الاساطير كنتاج للعقل في المحاولة للحصول على جواب للسؤالين الرئيسين عند العقل الناصح المتفتح و هما ؛ نحن.... من اين؟ و الى اين ؟ بدات مرحلة الدين سواء التعددية، او الوحدوية اي الايمان بالله او الرب الواحد بعد مراحل طويلة من المعاناة و القهر التي حصلت نتيجة الصراع البدائي و من ثم تدخل المصالح و النفوذ على سيرورة الحياة الاجتماعية، كل هذا ايضا بعد مرحلة العيش الغابوية او من الممكن ان نسميها الوحشية . كلما زادت معلومة و معرفة تاثرت العقول و خاصة المؤثرة على الحياة العامة مما اثرت بدورها بشكل عام على مسيرة الناس و عقليتهم، و برزت ضمن تلك المراحل عقول نابغة و عبقرية اي خارجة عن طوق المراحل و عراقيله، و هكذا كانوا هم النوابغ و الفطاحل و الجهابذة من النخبة التي نقلت الحياة الانسانية بنتاجاتها المختلفة من مرحلة الى اخرى بسلاسة، او دفعوا ثمن معيشتهم العقلانية خارج مرحلتهم و اُبيدوا عن بكرة ابيهم من قبل المتزمتين او الجموديين او الدوغمائيين او من قبل المصلحيين التي تاثرت مصالحهم بالتغيير الذي ادعاه هؤلاء، و خاصة من قبل من اعتبروا نفسهم رب الناس في المرحلة البدائية للعقل البدائي الفلسفي و الفكري . جاءت مرحلة الدين و استغلت منذ بداياتها من قبل من ادعوه كناتج حقيقي للعقلية الصحيحة و و فرضوه و اجبرو العالم على اعتناقه مهما كان اساسه و تعاملوا معه يقينا دون شك او نسبية في اية مرحلة الى ان شك به من تزايد علما و معرفة نسبية و حسب المرحلة و تمردوا على السائد بنتاجاتهم العقلية و الانسانية و ادعوا غيره و تطورت الاديان الى ان وصلت الى خاتمها، و ما وصلت الينا اليوم بكل ما يحمل من بدايات مجيء و بروز الدين و ما فيه من الخرافات التي لو قورنت مع البدايات ليست باقل منها لو حسبنا للتطور الحاصل في العلم و المعرفة و التغيير الحاصل في الفكر و ما تتطلبه الفلسفة و العقلنة للفرد ككيان مستقل على حاله . اليوم، بعد كل تلك المراحل التاريخية اليائسة لحياة الانسان و تفكيره و عقليته و ما عاش فيها من المراحل التي يمكن ان نسميها مزيفة فلسفيا، جاءت ما يمنع التزييف عند بروز معلومات صحيحة بدلائل و مضامين علمية حقيقية لا تقبل الخطا، و رغم الشكوك الدائمة الواجبة حيال اصحيتها و احقيتها لحينما تثبت عدم قبول الخطا . اليوم نعيش في مرحلة سيرورة العقلانية او العقلنة في التفكير الحقيقي الصحيح دون السبر في اغوار الخيال و ماهو الزائف، هذا لدى مجموعة بشرية نادرة ودعت وراء ظهرها الخرافات و الخيال اللاواقعي باسنادات مزيفة و مضللة للعقل البشري . اي التفكير العلمي و العقلاني المتواكب المتلاصق مع بعضه في التعمق لماهية الحياة. ربما يمكن القول ان عامة الناس قد تفكر فيما تفكر هؤلاء النخبة الا ان مصاعب الحياة و الضغوطات او التفكير في مواضيع معرقلة و مانعة للفكر الصحيح و التعمق في ما نصير او ما نصل اليه و في عمق الموت، قد يحرفه عن الطريق الصحيح و يبقى متخلفا عن السير العقلاني . وصلنا الى عصر الحداثة و مابعدها ايضا، و من خلال التطورات و التغييرات الحاصلة، كان من المفروض ان ينحني الفكر الديني او بالاحرى كل ما يمت بالدين من التنظير و التفكير و التنفيذ بصلة الى العقلانية، و ان يدع العقل الفردي ان ينزاج بعيدا جداعن الجماعة و يصبح امرا فرديا لا صلة له بالمجتمع او ما يخص المجتمع بشكل عام، الا انه لم يحصل ذلك نتيجة مصالح فردية و جماعية مانعة ايضا . فاصبح هناك جدالا واسعا بين العقلانية والايمان من جهة اخرى على الرغم من تضادهما احيانا و توافقهما في مجالات اخرى، ربما تؤدي العقلانية في جهة و مجال ما الى الايمان تخلصا من الجانب المعتم للفكر لعدم معرفة الموجود بشكل مطلق لحين الوصول الى مرحلة وجود التراكم المطلوب في الجانب العلمي و المعرفي و ما يزيد من المعلومات التي تُغيٌر الايمان ايضا و معه العقلانية التي فرضته . ان المنطق المادي و التفكير الوضعي سيؤدي ولو في غير حينه الى التثبيت و التجسيد على العقلانية العلمانية المؤثرة جذريا على فلسفة الانسان اينما عاش، الا ان الخوف و القلق المتزايد نتيجة الوقائع الحياتية اليومية يبعد الانسان من عقلانية التفكير و يقربه من الايمان الخيالي المستند على الغيب غير المرتكن و لا المعتمد على اسس علمية حقيقية . ان توفر الامان و الضرورات قد يؤدي الى ابعاد القلق و الخوف و بالتالي الركون الى العقلانية و التفكير الصحيح او العلمي و النظرة الى الامور بنسبية، على العكس مما كان عليه الانسان من قبل اي في المرحلة التي سمينا المراهقة او الطفولة التاريخية و هو التحرك و التفكير وفق الايمان المطلق و اليقينية في الامر . و في هذا الاطار بعد التقدم و التطور في مرحلة البلوغ التاريخي للبشرية و ما وصلنا اليه من ما بعد الحداثة، نصل الى مرحلة التفكك الديني نتيجة فناء مستوجباته او انزياح ضرورات وجوده . اي، العقلانية المستندة على العلوم و الحقائق المثبتة هي الممر الملائم للوصول الى العلمانية في الحياة و في مقدمة المهمات من الناحية الفلسفية و البحوث المنشودة و الاتسام بها مرحلة و انسانا و عقلية و العمل وفقها و التكفير بمضمونها لخير البشرية بعيدا عن الخرافات المتوارثة لحد اليوم .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاعتراف بالخطا فضيلة يا المالكي
-
هل سيتحول الحشد الشعبي الى المهربين ؟
-
على الكورد ان يقفوا مع الامبراطورية الساسانية ام العثمانية ؟
-
سبل انقاذ العراق من محنته
-
هل تتلاقى اليسارية بالتنمية الديموقراطية في العراق
-
القائد الذي لا يُعوض ابدا
-
هل ستبتعد تركيا اكثر عن حلفائها ؟
-
العنف و العنف المضاد
-
كيف يُعوٌض فراغ المرجعية الكوردستانية ؟
-
من جسٌدَ التواكل المذموم في المجتمع العراقي ؟
-
لماذا كل هذه التصريحات في هذا الوقت بهذا الشكل
-
حتمية التغيير بين الفساد و الاصلاح
-
ازدواجية نظرة امريكا الى الارهاب
-
الحروب الدبلوماسية اصبحت على اشدها في المنطقة
-
الشعب الايراني سينتصر لحقوقه
-
امريكا و التعامل مع القضايا الانسانية بسطحية و مصلحية
-
الدول التي انبثقت نتيجة الغزو، و تعاملهم مع السكان الاصليين
-
من يقلب الطاولة على المشروع الامريكي
-
تجليات مابعد معركة تكريت
-
الاتفاق النووي و التنسيق حول العراق
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|