حيدر علي سلامة
الحوار المتمدن-العدد: 4768 - 2015 / 4 / 4 - 11:48
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تمثل عملية الترجمة، في واقع الأمر، علاقة تواصلية وثقافية بين كل من: المترجم؛ والنص؛ والأيديولوجيا. فمن خلال طبيعة الجدل الحاصل بين مجمل تلك الأشكال الثقافية، تتشكل العملية التأويلية، ويتكون معها الخطاب وملحقاته العلاماتية والسيميائية الديالكتيكية. فلم يعد في الإمكان اختزال عمل التأويل هنا ضمن الأفق اللساني التقليدي فحسب، بل الأمر يتعدى ذلك كثيرا، انه "ممارسة براكسيسية فلسفية" تجعل من مهمة تفكيك المنطق التقليدي المنتِج للمعايير القيّمية السائدة - حسب الفيلسوف الألماني غادامير- جزء غير قابل للانفصال عن عملية تأويل الترجمة/وترجمة التأويل.
من هنا، نجد كيف قارب الفيلسوف الألماني مارتن هايدجر بين فعل الترجمة والتأويل وبين نسيان الوجود في تاريخ الانطولوجيا التقليدي، فمثلما أصبحت عملية تأويل الوجود سابقة على عملية عقلنته، يحصل هذا وبشكل متواز في عملية الترجمة عامة، وترجمة الترجمة في بنية الثقافة، دون ان "تتمركز" فقط على بنية اللغة ونظامها اللساني اللاتاريخي، تلك البنية المسيطِرة على اغلب ما يُكتب ويُنشر ويُتداول بين النخب اللسانية من أبحاث ودراسات سواء كانت في دوريات ومجلات مختصة او في محافل علمية اكاديمية. بعبارة اخرى، ان "الترجمة التأويلية/وتأويل الترجمة" في الخطاب الفلسفي و الأنتروبولوجي والسوسيو-لساني هي ممارسة ثقافية راديكالية تحررنا من سيطرة "الأبستيم الثقافي المطلق" المُهيمَن عليه من قبل طبقة لسانية/لسانية طبقية مطلقة بالضرورة؛ لتنطلق بنا نحو إنتاج "ابستيم ثقافي نسبي/تاريخي" يشتغل وفق منطق التأويل والبراكسيس ونقد البرادايم اللساني المسيطِر في كل حقبة زمنية. ومن ثمة، انه منطق يسعى إلى إعادة سؤال الهيمنة وتقويض مركزيتها السلطوية الشمولية - حسب رؤية الفيلسوف الايطالي انطونيو غرامشي- .
(*)باحث من العراق- مختص في فلسفة الدراسات الثقافية/ومابعدها
#حيدر_علي_سلامة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟