|
هل تسطيع الشعوب العربية الاستفادة من منجزات ايران ؟
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4768 - 2015 / 4 / 4 - 01:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل تستطيع الشعوب العربية الاستفادة من منجزات ايران ؟ ***************************************** القضية تخصنا كأمة لها خصوصيتها وهويتها ، لها اعداؤها وخصومها ، ولا يمكن الاتكاء على سذاجة مقولة " حسن الجوار" او" العلاقات الأخوية "بيننا وبين اسرائيل والغرب وايران وتركيا ، والا فان أنظمتنا التي عودتنا على البلادة السياسية ستكون اول من يلجأ الى شعوبها عند اول تهديد لمصالحها هي ، أما مصالح الشعوب ، فلم يوجد للآن بعد فورة الستينيات والسبعينيات من يدافع عنها . هكذا تصبح الأمور اكثر وضوحا وبساطة . فبعد نحو سنة ونصف توصل الايرانيون الى اتفاق اطار مع الدول الست "العظمى " ، وهي الولايات المتحدة الأمريكية ، وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا بالاضافة الى ألمانيا . وهو الاتفاق الذي يمنح ايران حقا تم تحريمه وتجريمه منذ عقد من الزمن . وهو نفس الحق الذي رفضت ايران وبقوة التخلي عنه . كانت أولى بوادر نجاح ايران في مفاوضاتها مع الغرب هي التشديد القوي على مجالسة القوى الكبرى كند للند ، أي كدولة لها كل الاستقلالية في قراراتها السيادية دون شرط او قيد ، وهو الأمر الذي تمنعت ورفضته الولايات المتحدة الأمريكية في شخص أوباما نفسه الى آخر لحظة،و الذي كان يلوح دائما ان كل الفرضيات مطروحة بما في ذلك استعمال القوة ضد ايران ، وهو الموال الذي كانت تصعد من ايقاعه اسرائيل ودول الخليج . لكن النهاية التي فجعت اسرائيل والسعودية هي الوصول أخيرا الى اتفاق اطار ، رغم الاشاعات التي أطلقها الاسرائيليون وبعض زعماء الكونغريس الذين أشاروا الى وجود عقبات ضخمة أمام انجاز أي اتفاق بين الأطراف المعنية قبيل لحظة الصفر بساعات ، وهو ما يؤكد ان ما يجري في الكواليس بين أصحاب القرار لا يتم تسريبه الى الخارج . وهذا ما يحفز المحللين على النفاذ الى ماوراء المعطيات ، والوقوف على المقدمات الحقيقية للنتائج المتوصل اليها ، لموضعة الرقم العربي الخارج عن أي حساب في مستقبل العلاقات الدولية بعد الاعتراف الخجول والصريح بايران كقوة اقليمية ودولية وجب ان تدخل نادي الكبار من بابه الواسع . وماذا عنا نحن كأمة شاء حكامها ان يجعلوها في ذيل الأمم ؟ . ماذا عن مصير شعوب الجغرافيا العربية ؟ فالفجوة بينهم وبين أنظمتهم كبيرة ، والعلاقات بينهم مختلة الى درجة التأفف والكره ، فلا شيئ هناك يدعو للاعجاب بهم والاقتداء بهم ، بل على العكس هم مثار اشمئزاز ونفور . ونحن كشعوب علينا أن ندافع عن أمننا ومستقبلنا بعيدا عن هذا الاحتكار الفج لارادتنا وخيراتنا ، واستنزاف عقولنا من قبل الأنظمة الرازحة على صدورنا. نحن امام خطر داهم فالآن سيتم تطويقنا كليا ، اذ أن كل صحوة حضارية لأمة تفترض توسعا مجاليا وسيطرة رمزية ، وثبيتا لارادة الهيمنة الكلية ، وهذا سيفرض على أمتنا أن تدفع ليس فقط لاسرائيل والغرب بل ايضا لايران ، فهي كقوة اقليمية لها طلباتها التي التفت عليها منذ غزو العراق سنة2003 ، ثم بعد الربيع العربي المجهض والمحرف أحكمت قبضتها على سوريا ، وما تحرشها الخير باليمن عن طريق الحوثيين الا مثال بسيط على الأطماع الكبرى التي تحرك شهيتها التاريخية كحضارة قديمة كانت تملك مساحات كبرى في المنطقة . ولعل طبيعة العلاقة بين الأنظمة العربية وشعوبها ، تنذر ان العرب سيخرجون قريبا من التاريخ ، فأحداث بسيطة سرعان ما تجد فيها كل أسباب التضخم والتوسع ، كما يحدث مع أورام الجماعات الارهابية ، وعلى رأسها تنظيم داعش . فمالم نراهن على ديمقراطية جماهيرية ، فاننا سنجني الكثير من الخيبات . المال وحده لا يؤسس الدول ، والقبضة الحديدية أثبتت فشلها ، والسياجات الوهمية سرعان ما تسقط عند اول هبة ريح . ايران عملت على ربح الداخل ، فأقامت منظومات تعليمية راقية ، فهي تحتل المركز الأول عالميا من حيث معدل النمو في الانتاج العلمي المنشور ويتضاعف الانتاج كل 3 سنوات . بينما منزلة الدول العربية جميعها هي الذيل . وهذا دليل واضح على مدى الاهدار الذي تعانيه الدول العربية لأول وأغلى ثروة وهي الانسان . القضية تخصنا كشعوب وليس كأنظمة ، ما دامت هذه الأنظمة ميتة من حيث التنافس الحضاري ، وعينها لا تنام من حيث ضبط وقمع تطلعات المواطنين . لكن كيف استطاعت ايران أن تقنع الغرب بحقها في امتلاك القوة النووية السلمية ؟ . التاريخ لا ينسى ، فقد أخبرنا أن الغرب بقيادة اسرائيل عمل منذ فجر الثورة الايرانية على اغتيال الكثير من علماء ايران ، ومول مختلف المعارضات للنظام الملالي المسلحة والسلمية ، وقاد ثورة ناعمة قبل سنوات بقيادة الاصلاحيين ، لكنه فشل في كل مؤامراته لخلخلة بنية النظام الايراني . كما قام بمحاصرة البلد مدة تزيد عن عشر سنوات ، وشدد عليها الخناق ، لكنه اكتشف أن النتائج جاءت عكسية ، واستطاعت ايران ان تحوز على الاكتفاء الذاتي الشامل سواء في ميدان الزراعة او الصناعة أو المعرفة . وهذا لا يأتي دون التحام كبير بين النظام وبين المواطنين . انه التلاحم الداخلي ما يخلق مثل هذه النتائج المبهرة . وهو ما ينتفي في الدول العربية . هنيئا لايران كدولة قادرة ذات ارادة وسيادة ، والعزاء لنا كشعوب ابتليت بانظمة خارج التاريخ ، فأخرجونا منه كطاقات انسانية ،فردية وجماعية .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فخ ايران اليمني
-
العرب بين المعنى والتسعير
-
جنت براقش على نفسها
-
قصيدة الغد بين محمود درويش وشارل بودلير
-
الأمة العربية في رحلة الى الجحيم
-
الشعر نبض الحياة
-
لي أخ لا أعرفه
-
نحو بناء مثقف جديد-2-
-
من تداعيات جائزة الشعر لاتحاد كتاب المغرب
-
أهلا بالعرب يف امبراطورية ايران
-
نحو بناء مثقف جديد
-
اللعنة
-
الشعراء يُحزنون الحزن
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -15-
-
جريمة لايقترفها الا الجهلاء
-
كقبلة تدمي ....
-
حميد الحر شاعر القصيدة الساخرة بامتياز
-
دعوة الى لم الشتات
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -14-
-
الانتخابات بالمغرب بين المقاطعة والمشاركة : نحو عقلية جديدة
...
المزيد.....
-
حفل توزيع جوائز غرامي.. ما المنتظر منه؟ ولماذا لم يتم إلغاؤه
...
-
الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع يصل الرياض في أول زيارة ر
...
-
مزاد تاريخي في ألمانيا.. مرسيدس تبيع سيارة سباق نادرة بأكثر
...
-
ملك بريطانيا على الشاشة.. وثائقي جديد يكشف دور تشارلز الثالث
...
-
إيران والحرب في غزة والتطبيع.. هذه هي الملفات الأكثر سخونة ف
...
-
وزير الخارجية المصري: لدينا رؤية واضحة لإعمار غزة دون تهجير
...
-
قلق دولي وتحذيرات أوروبية من -ثمن باهض- لرسوم ترامب التجارية
...
-
أنقرة: نأمل أن تحل مسألة القوات الكردية في سوريا دون إراقة ل
...
-
ناشطون يتداولون وثيقة صادرة عن القضاء السوري بإلقاء الحجز ال
...
-
الحوثي يعزي -حماس- والشعب الفلسطيني في محمد الضيف
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|