|
سيكلوجية اشكالية العنف في العراق
حيدر لازم الكناني
الحوار المتمدن-العدد: 4767 - 2015 / 4 / 3 - 21:57
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
سيكولوجية إشكالية العنف في العراق حيدر لازم الكناني قيل وكتب الكثير عن العنف في العراق وما هي أسبابه ، بعد عام 2003 وتغير النظام الدكتاتوري الحاكم ، تعرض المجتمع العراقي إلى موجات من العنف لم يسبق أن تعرضه لها من قبل ولم يقتصر العنف بسبب دوافع وعوامل سياسية أو عوامل التطرف الديني وما يسمى الإرهاب terrorism فحسب ، بل امتدت أشكال العنف لتشمل جميع نواحي الحياة المدنية في البيت والأسواق والمقاهي والشارع وفي المدرسة عند أطفالنا وحتى داخل المنطقة الخضراء "وهي آمن منطقة في هذا البلد" ولا يمر يوم ألا وأن نسمع حوادث القتل والاختطاف والمشاجرات التي تصل بعض الأحيان صدامات عشائرية دامية تخلف العديد من القتلى والجرحى من كلا الطرفين وقد تجد أسبابها تافهة ، وقد انتشرت مكاتب ومقاهي يتواجد فيها بعض الأشخاص ممن ينتهلون صفة شيوخ عشائر مهمتهم التوسط لحل بعض المشاكل التي تتطور في بعض الأحيان إلى صدامات عنيفة و يضطر بعض الناس أحيانا لطلب المساعدة منهم مقابل منحهم بعض المال للتوسط في حلها خوف من أن يتطور الأمر إلى ما لا يحمد عقباه ، وكذلك انتشرت مصطلحات كثيرة أصبح يعرفها معظم أفراد المجتمع بل أصبحت جزء من حياتهم اليومية وهي "العطوه / الكوامة /الهده/ الدكة/، وغيرها كثير وحتى أصبحنا نسمعها من الأطفال أنفسهم وخلال السنوات الماضية أنفقت الحكومة العراقية المليارات من الدولارات على الأمن وجندت الآلاف من العناصر في القوات المسلحة ، وبذلك قد ضربت الأرقام القياسية في عدد رجال القوات المسلحة من الجيش والشرطة والصنوف الأمنية الأخرى مقارنة بعدد السكان . أمام هذا يمكن أن نطرح السؤال الأتي لماذا هذا العنف المستمر والمتصاعد منذ عام 2003 بالرغم من تغيير النظام الدكتاتوري الذي كان يحكم بالحديد والنار ؟ وبالرغم من ازدياد مدخولات المواطنين بصورة عامة وامتلاء البطون بعد سنوات عجاف بسبب حصار اقتصادي قاسي دام أكثر من ثلاثة عشر سنة كان راتب الموظف لا يكفي لشراء كيس من الدقيق ، وكان معظم الناس همهم الأول منشغل في إشباع حاجاتهم الأساسية بل أن الكثير منهم قد تخلى عن حاجاته النفسية والجمالية من اجل إشباع حاجاتهم الأساسية "كالكتب والحلي والأثاث وغيرها " من اجل شراء كيس من الدقيق أو علبة حليب أطفال أو دواء وغيرها من الحاجات الحياتية الضرورية ، بالرغم من هذه الظروف الصعبة لم يشهد المجتمع هذا العنف الذي يشهده ألان والمقارنة بين فترة أيام الجوع وأيام الخزينة الانفجارية واسعة الفروق، فبعد تغير الأحوال وامتلاء البطون وغص شوارع المدن الفقيرة والغنية على حد سواء بأنواع السيارات الفارهة وموديلاتها المميزة والجميلة وكذلك ازدهار تجارة مسابح الكهرب واليسر وخواتم العقيق والفيروز , بشكل لم نرى له مثيل في السابق أليس هذا ما يثير العجب والاستغراب والحيرة . والإجابة عن هذه الإشكالية نستعين بما قدمه عالم النفس الإنساني مازلوا Maslow 1954-1970 حول إجابتين لسؤال واحد "هل يعيش الناس بالخبز وحدة عندما لا يكون الخبز لدى الناس فان الإجابة تكون نعم ، وعندما يكون الخبز متوفرا تكون الإجابة لا . تأمل حياة الناس الجوعى فأننا نجدهم يفكرون دائما في الخبز ويبحثون عنه بل ويحلمون به ، وتكون ذكرياتهم كلها حول الخبز وحده وتكون كل الاهتمامات الأخرى غير هامة فالحياة نفسها تحدد معالمها من زاوية الأكل وبالنسبة لهم تكون المدينة الفاضلة في المدينة التي يتوافر فيها الطعام وكما في حالات ضحايا الحرب والكوارث الطبيعية في بعض الأماكن يمكن أن يختبر هذا الفرض وتثبت صحته ، فما أن يتعرض الشخص لموقف يحرم فيه من الطعام فان الطعام يصبح كل شيء وما عداه يصبح غير ذي قيمة . وعلى أي حال فان الصورة تختلف تماما عندما يكون الخبز متوافرا ، وتكون البطون مليئة باستمرار أن إشباع الجوع يحرر الناس ويحثهم على التطلع إلى إشباع حاجات في مستوى أعلى وحينما تظهر هذه الحاجات الإضافية المنتسبة إلى المستوى الأعلى فأنها تبدأ في السيطرة على الفرد وتأخذ مكان الجوع وبعد أن تشبع حاجات هذا المستوى الثاني وتشكل الحاجات عند ماسلو إلى مستوى أعلى وتظهر حينما تشبع حاجات المستوى الثاني وتشكل الحاجات عند مازلو تدرجا هرميا يبدأ من الحاجات القائمة على الجوانب البيولوجية الأساسية وينتهي بالحاجات الإنسانية المجردة والفريدة . فإشباع الحاجات الأساسية الذي تأتي للمجتمع العراقي بعد ارتفاع مدخولاتهم والرفاهية الاقتصادية والانفتاح الذي لم يسبقه أن عاشوه سابقا جعلهم يندفعون بفوضى نحو إشباع الحاجات العليا بصورة اقل تحضرا ورقيا مما جعلهم في دائرة المنافسة فيما بينهم هذه المنافسة الاندفاعية خلقت هذه البيئة العنفية فيما بينهم ، والتي هي نتيجة لنمط ثقافتهم الاجتماعية التنافسية. وتعودهم على نمط الحياة الاستهلاكية للحاجات . فهل أنت معي ألان بأن نطلب من مجلس الأمن أن يعيدوا علينا حصارا اقتصاديا لكي ننشغل في ملء بطوننا ونترك قتل بعضنا البعض !
#حيدر_لازم_الكناني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خرجنا من فك حوت وقعنا في فك تمساح
-
الضغوط النفسية التي يعاني منها النازحون قسرا
-
حكام اليوم وفوبيا الديمقراطية
المزيد.....
-
إسرائيل: اعتراض صاروخ أطلق من اليمن قبل اختراق المجال الجوي
...
-
الدوري الإنكليزي: ليفربول يتفوق بثلاثية على ليستر سيتي ومانش
...
-
تونس: هجوم بسكين على عنصر أمن نفذه شقيق مشتبه به في قضايا إر
...
-
مقتل عنصري أمن في اشتباكات بحمص بين إدارة العمليات العسكرية
...
-
نتنياهو يضع عقبة جديدة أمام التوصل لصفقة تبادل للأسرى
-
زلزال عنيف يضرب جزيرة هونشو اليابانية
-
موزمبيق.. هروب آلاف السجناء وسط أعمال عنف
-
الحوثيون يصدرون بيانا عن الغارات الإسرائيلية: -لن تمر دون عق
...
-
البيت الأبيض يتألق باحتفالات عيد الميلاد لعام 2024
-
مصرع 6 أشخاص من عائلة مصرية في حريق شب بمنزلهم في الجيزة
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|