|
مع وزيري النقل والخارجية.. بصراحة
علاء اللامي
الحوار المتمدن-العدد: 4766 - 2015 / 4 / 2 - 09:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
1- رحمةً بدجلة العجوز يا وزير النقل!
وزير النقل الجديد باقر جبر صولاغ الزبيدي، والذي انتقل إليها من وزارة الداخلية مرورا بالمالية ( بعض وزراء حكومة المحاصصة – كما يقول المثل العراقي السائر - كالطماطم يرهم على كل مرقة ! ) يحاول جاهدا أن يقدم كل أسبوع إنجازا جديدا، وهذا أمر محمود ولكن ليس في جميع الأحوال، فثمة إنجازات تفوق أضرارها فوائدها! فمن النظرة الأولى نجد أن بعض إنجازات الوزير مفيدة ولها إيجابيات ولكن نظرة ثانية متفحصة ترينا أن بعضها مضر بل وخطر لا يتناسب مع الطبيعة الطوبوغرافية والبيئوية العراقية في عصرنا.. هاكم هذين المثالين:
-ابتكر الوزير، أو مستشاريه، مشروع "التكسي النهري"، وهو عبارة عن زوارق سريعة تنطلق عبر نهر دجلة، من الأعظمية نحو الباب الشرقي في مركز بغداد للتخفيف من أزمة السير داخل العاصمة، ولكن الوزير ومهندسيه ( بالمناسبة هو نفسه مهندس مدني ) لم يأخذوا حالة نهر دجلة الراهنة بنظر الاعتبار. فالنهر الجليل خسر ثلثي مياهه بسبب السدود التركية والمشاريع الإيرانية على منابعه وروافده وهو الآن شحيح المياه لدرجة تفطر القلب وحركة هذه التكسيات النهرية التي هي عبارة عن زوارق سريعة مزودة بمحركات ستكون بكل تأكيد مصدر تلويث للنهر و البيئة وستحول ما تبقى منه إلى مستنقع للزيوت و الفضلات المختلفة ( يقال إن هناك نسخة من التكسي النهري ستطلق في نهر شط العرب في البصرة وحالته لا تقل سوءً عن حالة دجلة ). فهل يمكن أن يرحم الوزير هذين النهرين ويؤجل مشروعه هذا إلى أن يتعافيا أو أن يفكر بزوارق بمحركات كهربائية أو دون محركات مثلا؟ -المثال الثاني : طرحت الوزارة مشروعات استثمارية سماها الوزير "مشاريع استثمارية استراتيجية" منها مثلا فندق من ستين طابقا في البصرة! ولكن هل يعلم الوزير أن اسم "البصرة" في أحد معانيه هو الأرض الرخوة وذات الأحجار الصغيرة كما قال الأخفش؟ وحتى إذا افترضنا أن التقنيات الهندسية الحديثة قادرة على حل الإشكالات المتعلقة بطبيعة التربة الهشة كما فعلت مع صحاري أبو ظبي ودبي وشيدت أبراجا بلهاء لا معنى لها في بلد يشكل الأجانب 88,4% من سكانه، أي أن نسبة المواطنين الأصليين أقل من 12%، فلماذا الإصرار على التقليد العمى والتعلق ببنية عمرانية لا تمت أصلا لبيئة العراق بصلة ، ولماذا لا تعتمد المدرسة المعمارية "الأفقية" البسيطة والأنيقة الملائمة لطبيعة بلادنا؟ في المناسبة، هذه المدرسة المعمارية لا تزال معتمدة في جميع دول العالم بل أن أجمل مدن وعواصم أوروبا ذاتها تأخذ بها، وما بودابست وروما الخاليتان من الأبراج و ناطحات السحاب الخالية من الذوق والمسحة الإنسانية إلا مثالان جديران بالاعتبار والتأسي. - أود التذكير بمشروع لطيف لهذه الوزارة لا بد من التنويه به وهو تحويل عدد من الطائرات الضخمة والتي خرجت من الخدمة إلى مطاعم تقدم خدماتها للمسافرين والمتنزهين قرب مطار بغداد وفي مناطق أخرى، فهذا مشروع مفيد و يمكن اعتباره من المشاريع الصديقة للبيئة إضافة إلى طرافته السياحية.
2- بين وزيرين الأول أفندي والآخر معمم: في الحوار الارتجالي الذي دار بين وزير الخارجية العراقي " الأفندي " الجعفري و وزير الأوقاف المصري " المعمم أو المعتَم" الشيخ محمد مختار جمعة على هامش مؤتمر شرم الشيخ، ونشرته صفحات عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي، يقول جمعة ما معناه ( يجب إبعاد الدين عن السياسية ) فيرد الجعفري الذي يريد البعض اليوم تقديمه كإسلامي متنور و مدني على "سن ورمح" ( فضيلة الشيخ، الدين ليس بعيدا عن السياسة، فالرسول "ص" أقام عاصمة الإسلام في المدينة المنورة). ثم يستشهد الجعفري بالآية القرآنية ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )، فيرد وزير الأوقاف ( مع مفهوم الحكم ) أي أن الخلاف في مفهوم الحكم .. فيقول الجعفري : لا، الخلاف في التسييس. يرد جمعة : بل في التوظيف. يقول الجعفري معترضا: بل في التسييس. فأن تكون لديك نظرية سياسية في المعارضة ونظرية سياسية حين تصل إلى السلطة تأسياً برسول الله "ص" هذا سياسة، لا نستطيع أن نقول لا، ولكن ليس تسييس أي لوي " لَـيّ " المفاهيم ولوي الأفكار لتحقيق أغراض شخصية وفئوية فنكون قد خرجنا من السياسة ودخلنا في التسييس. أفهمُ من هذا الحوار: إنّ مزج الدين بالسياسة وبناء دولة دينية تأسياً بدولة الرسول الكريم في المدينة مقبول من قبل الجعفري ويتحفظ عليه الشيخ الأزهري والوزير المصري، وإنّ التسييس أي تحويل السياسة إلى وسيلة لخدمة الذات الفردية أو الفئوية ( و لا توجد سياسة خارج هذا المعنى البرغماتي أي أن الجعفري هو الذي يلوي عنق المفاهيم هنا، ويمكن أن يكون التسييس بالمعنى الذي يقصده الجعفري في دولة دينية أو غير دينية ولها هذه الوظيفة ) هو المرفوض من قبل الجعفري وليس إقامة الدولة الدينية هي المرفوضة!
وأسألُ من باب توضيح الفكرة لا من باب الحصول على الجواب الذي أزعمُ معرفته: مَن هو الأقرب إلى منطق ومفاهيم السلفية الانتحارية؟ من هو الأقرب إلى دعاة إقامة الدولة الدينية وشعار "دولة على منهاج النبوة" هل هو الجعفري أم الشيخ الوزير جمعة؟
ملاحظة : لا علاقة لتساؤلاتي هذه بما قاله الرجلان في باب المصالحة والتسامح بين المسلمين وبينهم وبين غير المسلمين فهو كلام مجاملات جميل و بروتوكولي يكرره الجميع بمناسبة وبدونها ولكنه لم ينقص يوماً من أعداد الجثث في حروب الطوائف والأديان .
#علاء_اللامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جريمة ضرب الأطفال في المدارس العراقية
-
نحو بغداد : نيران أميركية وإيرانية -صديقة-
-
تهويلات وأكاذيب واشنطن بوست ومن يترجم عنها
-
الحق مع دعاة التريث .. مركز تكريت
-
لماذا تسكت القيادة العليا وماذا يحدث في مركز تكريت
-
دلالات معركة تكريت
-
موضوعان مشهديان من عراق اليوم
-
دماء بروانة: القتيل واحد والقاتل أيضا!
-
انتصار كروي آسيوي ثمين ولكن!
-
أونفيري ومساواة التكفيريين-الجهاديين- بعموم المسلمين
-
طبقة كتاب نظام المحاصصة الطائفي ومشتقاتها!
-
مجزرة -شارلي ايبدو- و التضامن النقدي المراد
-
في العراق معضلة نظام لا أزمة زعامات
-
من إفراط المالكي إلى تفريط العبادي
-
الرئاسات الثلاث في النجف: لبننة المحاصصة الطائفية؟
-
محاولات -تهنيد- الجنوب عراقيين وخرافة جاموس السند
-
تصريحات اللهيبي و عنتريات وكالة -فارس-.
-
العقيدة القتالية لداعش : نقاط الضعف القوة
-
العقيدة القتالية والأداء العسكري لداعش
-
(الشيعية السياسية) هُزِمت وعليها الرحيل
المزيد.....
-
-غير أخلاقي للغاية-.. انتقادات لمشرع استخدم ChatGPT لصياغة ق
...
-
بالأسماء.. مقاضاة إيرانيين متهمين بقضية مقتل 3 جنود أمريكيين
...
-
تحليل.. أمر مهم يسعى له أحمد الشرع -الجولاني- ويلاقي نجاحا ف
...
-
مكافأة أمريكا لمعلومات عن أحمد الشرع -الجولاني- لا تزال موجو
...
-
تفاصيل مروعة لمقابر سوريا الجماعية.. مقطورات تنقل جثث المئات
...
-
يقدم المعلومات الكثيرة ولكن لا عاطفة لديه.. مدرسة ألمانية تض
...
-
الجيش الإسرائيلي يستهدف مستشفيي كمال عدوان والعودة شمال قطاع
...
-
قلق من تعامل ماسك مع المعلومات الحساسة والسرية
-
ساعة في حوض الاستحمام الساخن تقدم فائدة صحية رائعة
-
ماكرون يزور القاعدة العسكرية الفرنسية في جيبوتي ويتوجه إلى إ
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|