|
مساهمة في الجدل حول علمية الدياليكتيك
عذري مازغ
الحوار المتمدن-العدد: 4764 - 2015 / 3 / 31 - 09:20
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
في الايام الاخيرة أثير موضوع هام في صفحات الحوار المتمدن، حول المادية الدياليكتيكية: هل هي علمية أم غير علمية؟ مساهمة مني في إغناء النقاش اود أن ادلي برأيي، لكن شخصيا لا أريد أن يتحول النقاش إلى خصومات شخصية، أريد نقاشا يثير فهما ذاتيا للأمر بعيدا عن ان يكون أمرا خصاميا، فالذات تفكر، ويمكن نقض فكرها بغض النظر عن درجة النقض، بغض النظر ان يكون لاذعا او لا يكون، باعتبار أن النقض في آخر المطاف ليس مسا بشخصية المفكر بل بل هو نقض للفكر عنده باعتباره حامل لميكانيزمات فكر معين يرتبط ارضيا، في المستوى الإديولوجي بحقل يمكن اعتباره وحدة صراع التناقضات بين مختلف الإيديولوجيات كتعبير موضوعي على اختلاف النظر من منطلق طبقي محض، ليس هناك فكر بريء، هناك فكر ينزع أن يكون مثاليا في تمثله ولو بنقض ما يثير تموقعه، ينزع أن يكون موضوعيا بالفعل في الوقت الذي هذه الموضوعية نفسها نسبية حين تكون نزعية الحياد، أي حين تكون تنزع أن تكون خارج كل موقع بشكل يريد ان تظهر خارج المواقع كلها على الرغم من ان الجذور الفكرية لها تنبت في نفس التربة، أي في تربة الصراع الفكري .. حين أثير موضوع علمية الدياليكتيك، أشير موضوعيا أنه لم يثر تحديد له، ما هو الدياليكتيك أصلا كي يحسم النقاش في كونه علم أو غير علم؟ ما هو العلم أيضا حتى يمكن ان نقيس به الدياليكتيك لمعرفة انه علمي أو غير علمي؟ لم يثر كل من هذين السؤالين على الإطلاق، وطبعي جدا ان يدخل الجدل حوله طريقا مسدودا ارتهن على النصوص عند ماركس وغيره، لكن تلك النصوص لم تثر ماهية الدياليكتيك أصلا، بل انطلقت من مستوى فهم معين لتأويل العلم تأويلا فقهيا: "العلم هو العلم التجريبي مثل الفيزياء والكيمياء والتي يمكن البرهنة على نتائجه مختبريا وعمليا"، هذا النمط من العلم هو جزء صغير فقط من العلم في حيثياته، أي أنه ليس تعريفا كاملا، بالإختبار، العلم هو تحصيل اليقين بخصوص موضوع ما، هذه هي الخلاصة المختبرية، فهي لا تشكل منطلقات فكرية أدت عمليا إلى حصول التجربة، لكن ليس الأمر بهذه البساطة، فالتجربة المختبرية نفسها خضعت لما يمكن اعتباره في الفلسفة وجودا بالقوة، أي أنها سبقتها احتمالات استندت على معايير كمية وكيفية بشكل ما، وإلا لماذا تخضع التجربة المختبرية للتصحيح حين تفشل؟ داخل التجربة العلمية المختبرية نفسها جدل التحقيق مبني بشكل اولي على احتمالات علمية، ماذا يعني الإحتمال العلمي، يعني أن قياسات نظرية معينة، مبنية على حسابات نظرية معينة ستمنحنا نتيجة معينة، هل يمكن أن ننفي طابع العلمية على الإحتمال النظري؟ بعبارة أخرى، هل يمكن أن ننفي طابع العلمية على النظرية التي لم تتحقق تجريبيا؟ بمعنى آخر، هل السؤال المعرفي ليس سؤالا علميا؟ هل فقط النتيجة المختبرية هي العلم؟ إذا كان الأمر كذلك فهو نزعة تجريبية محضة تنفي المنطلقات العلمية لتحققها؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا الحاجة للفلسفة أصلا باعتبارها سؤال التشكيك؟ هل سؤال التشكيك مثلا ينبنى على وهم التشكيك فقط، بمعنى ليس له منطلقات علمية؟ الآن جاء دور الدياليكتيك، أرفض اعتباره امرا ماركسيا، لذلك التدليل في الحوار المتمدن بنصوص ماركس ليس تدليلا علميا، يصف منهجه في التحليل بانه طريقته في فهم قضايا معينة (في الإقتصاد مثلا)مبنية على دراسات تجريبية معينة.. وحين يثير دراسات تجريبيةأ يعني الامر ببساطة ان منهجه او طريقته في التحليل مبنية على معطيات حقيقية تدعم وجهة نظره الفلسفية في الإقتصاد أو في الإجتماع، لا يعني الامر أنه نزعوي التجربة، الدياليكتيك قانون شئنا ام أبينا، قانون للإستفسار، قانون لتشكيك، هو ايضا قانون السؤال المعرفي، ليس هناك علم في غياب السؤال المعرفي، والسؤال المعرفي هو بكيفيات الأشياء ليس بوصفها، والقانون هذا يبدأ عمليا في المستوى النظري ليس في المستوى التجريبي وإلا فالنظرية بكل حمولتها المعرفية المبنية على الإحتمال أحيانا ليست علمية، هل نقبل بهذا الأمر؟ عمليا لا، فنظرية السفر عبر الزمن، تثبتها الحسابات الرياضية، وتبقى بذلك نظرية علمية خارج التجربة المختبرية، هذا رد صغير لذوي النزعة التجريبية، الجزء الكبير في الفيزياء مبني على نتائج نظرية وليست مختبرية، وهذه حقيقة لا ينكرها إلا حاقد على الفلسفة باعتبارها فكر مجرد مع أن الفلسفة في شقها المادي (الفلسفة المادية بالتحديد) ليست مجردة على الواقع، بل هي تستقي معطياتها منه.. سأعيد موضوع الدياليكتيك في الفهم التجريدي النظري كما قراناه عن هيجل نفسه في الثانوي وهو ما أثرته في تعليق لي بالحوار المتمدن ولم يثر مجرد رد بسيط: الجدل أو الدياليكتيك هو علاقة تأثير وتأثر بين عناصر موضوعة معينة، في الفهم المادي هو علاقة تأثير وتأثر بين عناصر مادية تشكل وحدة تناقض في موضوع او أمر معين، هذه العلاقة تخضع لقياسات كمية وكيفية، أي أنها تأخذ في الإعتبار تغلب عنصر معين على عناصر أخرى وتخضعها في التجربة لهذا الشكل أو ذاك، الدياليكتيك في جوهره حركة تنقل وتفاعل الأشياء، في العلوم الإجتماعية نحصر هذا التنقل بهذا الكيف أوذاك، نخطيء؟ هذا صحيح، وهي أخطاء في التقدير باعتبار الإنسان كائن مراوغ: مثلا حين تدعوا المعارضة إلى المقاطعة في الإنتخابات في ظل سيادة نظام سياسي معين، هذا الامر يخدم القوى الإجتماعية التي لها انخراط كبير في حزب معين، هناك عناصر أخرى مؤثرة في الأمر، هذا صحيح ، لكن المقاطعة احيانا في دول ديموقراطية نيابية حقيقية كالدول الأوربية، تخدم الحزب الذي يتوفر على أكبر عدد من المنخرطين. في الجدل المثير حول الدياليكتيك بشكل عام، أثير مفهوم العلم بشكل جرد كمعطى مختبري بالشكل الذي هم يدعون إل تتفيه العلوم الإنسانية بشكل عام، المختبر وحده هو قياس العلم، بهذا التحديد يصبح العلم نافيا للسؤال المعرفي وهي إشارة تطرقنا لها سابقا بشكل يطرح السؤال: هل الشق النظري في العلوم الطبيعية بشكل عام ليس علما إلا بالتجربة؟ دعونا نصارحكم، من خلال تلك المواضيع المثارة في الحوار المتمدن، العلم هو فقط العلم التجريبي، شق من هذا العلم غير المختبري ليس علما، بمعنى نظرية التناسخ البيولوجية ليست علميا قبل التحقق التجريبي في مختبرات لندن على الرغم من انها كانت نظرية علمية على المستوى النظري قبل تحققها: أنا مثلا قرأت نظرية الإستنساخ في أواخر السبعينات في مجلة العربي الكويتية لنصوص كان ينشرها عبد الله صالح بطعم ديني (لا يهم) ولم تتحقق تجريبيا إلا في سنوات التسعينات او أواخر الثمانينات، معنى هذا ببساطة، اعتمادا على معطيات علمية، اكتشف الإنسان نظرية التناسخ قبل تحققها تجريبيا، هل هذه النظرية فيما قبل ليست علمية وفي ما بعد تعد علمية؟ ما هو تفسيرها قبل أن تتحقق مختبريا؟ هو تفسير دياليكتيكي اعتمد على معطيات الخلية ونواتها وتخصيبها.. أليس الأمر كذلك؟؟ الديالكتيك حركة؟ هو قبل كل شيء حركة تفاعل، تأثير بالكم والكيف وتفاوتاتهماعبر الزمكان ايضا، هو قانون سواء اتخذ موضوعة فكرية أو علمية، يخضع لعقلانية معينة هي أعلمته، فالفكر الهيجلي علمي بمعنى ما، من حيث هو علمنة الوهم، أي عقلنته، حتى وإن لم يتحصل كعلم تجريبي، فهو يتحصل كعلم وهمي... الآن لنخرج على القياس المختبري: هل وجود الله يستند إلى عقل تجريبي؟ بالطبع لا، يستند الأمر إلى عقلانية تستنطق معطيات كمية وكيفية، هل ينتفي العلم في هذا الامر لأنه لا يتحقق؟ بالطبع معطيات العلم نسبية ووجوده من عدمه نسبي أيضا.. هل المنهج العلمي هو علم حقيقي ؟ المنهج العلمي هو أيضا كالدياليكتيك طريقة للفهم خلاصة الدياليكتيك مقولة عامة لكيفية في العقلنة قد تكون عقلنة مثالية أو مادية العلم هو عقلنة مادية للواقع، الدياليكتيك المادي هو العلم المادي نفسه
#عذري_مازغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يقظة ضمير
-
حول العلمانية
-
خلفيات الحكم بالإعدام على محمد امخيطر
-
مظاهرة باريس برأس أفعى سامة
-
أنسنة الإسلام هي موت شكل منه
-
بخصوص التعليقات المشوشة على الحملة
-
إعادة النظر في التنزيه الإلهي: موضوع على خلفية حكم الإعدام ف
...
-
ملاك الدفن
-
عاصمة -الرههج- والديبلوأعرابية
-
بهذه الأخلاق ستكون أشقر الرأس في أوربا
-
نمط الإنتاج الهمجي
-
أعرور 3 : تاعبوت
-
أعرور 2
-
أعرور
-
صلاة عيد الكبش
-
عودة إلى أبرهامي
-
في لاس بيدرونيراس
-
حول القضية الفلسطينية
-
إيلينا مالينو وأحداث طنجة العنصرية
-
الإجتهاد في تبرير اعتداءات عنصرية مهزلة مضحكة
المزيد.....
-
السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات
...
-
علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
-
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
-
مصادر مثالية للبروتين النباتي
-
هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل
...
-
الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
-
سوريا وغاز قطر
-
الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع
...
-
مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو
...
-
مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|