أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فؤاد جهاد شمس الدين - فقه الترجمة















المزيد.....

فقه الترجمة


فؤاد جهاد شمس الدين

الحوار المتمدن-العدد: 4763 - 2015 / 3 / 30 - 19:40
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


فقه الترجمة
ترجمة فؤاد جهاد شمس الدين عن الإسبانية والألمانية

بقلم خوزة اورتيگا گاسيت

هو فيلسوف إسباني عاش في الفترة الممتدة من عام 1883 ولغاية 1955. وقد وصفت فلسفته بإنها فلسفة الحياة, والتي تتضمن بداية طويلة مخفية في ميتافيزيقية براغماتية اوحى له بها وليم جيمس وبطريقة عامة يقلد فيها الظواهرية الواقعية لأدموند هوسرل, والتي خدمت وجوديته الأصلية, اي قبل وجودية مارتين هايدغر, وتأريخيته الواقعية التي تقارن بكل من وليم ديثي وبنديتو كروسه. بحث گاسيت في فلسفة الترجمة والحوار بين اللغات واصدر حول هذا الموضوع دراسة من خمسة أجزاء نبتدئها بالجزء الاول المعنون البؤس

البؤس – الجزء الأول 1 من 5

في إجتماع حظرته نخبة من اساتذة كلية فرنسا, هي في الواقع جامعة اسست في عام 1530 كبديل لجامعة السوربون تحدث احدهم قائلاً بأن من غير الممكن ترجمة بعض المفكرين الألمان واقترح في هذا الصدد القيام بدراسة عن من المفكرين الألمان يمكن ترجمتهم ومن لا يمكن ترجمتهم
يبدو ان هذه المقولة تفترض وبقناعة راسخة أن هناك بعض الفلاسفة والكتاب عموماً الذين يمكن ترجمتهم. “أليس هذا ضرب من الخيال؟" سمحت لنفسي أن أُلمح, “أليس الترجمة حالة ميئوس منها ورغبة مثالية؟". في الواقع يوماً بعد يوم أميل الى الإعتقاد بأن كل ما يفعله المرء هو ضربٌ من الخيال, فهو يجهد نفسه في الوصول الى المعرفة دون ان يتوصل الى معرفة كاملة بأي شئ, وعندما يمارس العدالة فإنه يرتكب في النهاية عمل خسيس. يعتقد بأنه يحب, ويجد نفسه في النهاية إنه لم يكن يحب بل فقط قطع وعد على نفسه بأن يحب. لا تفهموا كلامي وكانه سخرية أخلاقية كما لو كنت اريد أن ألوم زملائي من البشر بأنهم يقولون ما لا يفعلون. فقصدي هو العكس تماماً: فبدلاً من الومهم على فشلهم اريد ان انوه بان اياً من هذه الأشياء يمكن تحقيفها, لأنها بطبيعتها غير ممكنة ويبقين في إطار المطالبة فقط, مشروع عقيم وإيماءات غير مجدية. إن الطبيعة قد زودت كل حيوان ببرنامج للسلوك يتحقق بشكل مرضي. لذا فإن من النادر أن تحزن الحيوانات, عدى العليا منها كالحصان او الكلب يمكن ان يلاحظ لديها نوع من الحزن لذا يبدون اقرب إلينا أكثر إنسانيةً, لعل اكثر ما يثير الإستغراب لدينا هو حزن إنسان الغاب الذي يتواجد في أعماق الغابات الكثيفة. الحالة الإعتيادية للحيوانات ان تكون سعيدة. اما نحن البشر فوضعنا مختلف, فترى الإنسان دائماً منقبض, متكدر ومحموم, معذب من كل تلك الآلام التي يسميها ابقراط بالإلاهية والسبب في ذلك يعود الى ان كل افعال الإنسان عقيمة. إن مصير الإنسان – التميز والشرف – هو عدم الوصول دائماً الى ما يرمي القيام به, مجرد سعي, اوتوبيا هائمة, إنه يسير نحو الهزيمة وصدغه مجروح قبل ان يدخل المعركة
وهكذا هو الحال مع العملية المتواضعة للترجمة. ففي العمل العقلي لا يمكن تصور مهمة اكثر تواضعاً منها. ومع ذلك تثبت نفسها على انها مهولة
الكتابة بشكل جيد تعني عدم الضرر بشكل كبير بقواعد النحو والإستعمال المحدد للغة وقواعدها النافذة. إنه تمرد دائم ضد البيئة الإجتماعية السائدة وحركة إنقلابية. الكتابة بشكل جيد تفترض نوع من الجرأة الراديكالية. إلا ان المترجم هو إنسان متخوف في أغلب الأحيان, فهو بسبب خجله اختار اكثر عمل تواضعاً. ها هو يقف امام القوة البوليسية الهائلة للنحو والإستعمال السائد للغة. ما عساه ان يفعل مع النص الثائر؟ أليس نحن نطالبه, في الواقع, بأن يكون ثوري وعلاوةً على ذلك لحساب الآخرين؟ سيكون للتردد اليد العليا؛ فبدلاً من أن يقاوم قواعد النحو يقوم بعكس ذلك, فهو يحبس المؤلف المترجم في سجن اللغة العادية, أي يخونه بكلمات اخرى
العلوم الدقيقة والطبيعية يمكن ان تترجم – سيرد علي محادثي
لا أنكر أن الصعوبات ستكون أقل ولكنني لا أقول أنها غير موجودة. إن فرع الرياضيات الذي لمع الأكثر في ربع القرن المنصرم هو نظرية المجموعات, النظرية الكمية, إلا أن كانتور, مؤسسها, اعطاها إسماً لا يمكن ترجمته الى لغاتنا, فمصلح مجموعة الذي نستعمله يسميه هو كمية, وهي كلمة لايغطي معناها بالكامل مصطلح كمية. لذا يتعين علينا عدم المبالغة في إمكانية ترجمة كتب الرياضيات والعلوم الطبيعية, ومع هذا التقييد أود ان اقر بأن الترجمة في هذه العلوم تقترب من الأصل اكثر من بقية العلوم.
ـ إذن يقر حضرتك بأن هناك نوعين من النصوص تلك التي يمكن ترجمتها وتلك التي لا يمكن ترجمتها؟
أجبت على العموم يجب قبول هذه المفارقة: ولكننا نغلق بهذا علينا طريق الدخول الى جوهر مشكلة كل انواع الترجمات. فإنناحينما نتسائل لماذا تترجم بعض الكتب العلمية بسهولة اكثر فإننا في الواقع بأن في هذه الكتب يقوم الكاتب نفسه بترجمة نصه من اللغة المتخصصة التي يعيش ويحيا فيهاعبر إختياره للمصلحات التي يستعملها في كتابة النص
ـ يعترض محدثي ويقول إن المصلحات هي لغة قائمة بذاتها. فحسب رأي مواطننا كوندياك فإن أفضل لغة هي لغة العلم لأنها مبنية بإحكام
فأرد قائلاً - عذراً فإنني اختلف كلياً معك هنا في الرأي فالغة عبارة عن نظام للعلامات اللفظية, يتفاهم البشر بواسطته دون إتفاق مسبق اما المصلحات فهي لا تفهم إلا إذا تفاهم المتكلم او الكاتب مع القارئ او السامع على على ذلك, لهذا اسمي ذلك باللغة الزائفة, حيث يتوجب على العالم ان يترجم افكاره إليها أولاً. إنها فولابوك, لغة مصطنعة, اسبرانتو, نشأت نتيجة إتفاق وضع بعناية بين ممثلين علم معين. لذلك فإن من السهل ترجمة هذه الكتب من لغة الى اخرى. في الواقع فإن هذه الكتب مكتوبة في كل البلدان بنفس اللغة, لهذا فإن هذه الكتب تبدوا صعبة الفهم لهؤلاء الناس الذين يتكلمون اصلاً اللغة التي كتبت بها هذه الكتب, لذا فعلي أن أعترف بأنك على حق, كما اعترف لك بأنني قد بدأت افقه بعض أسرار التواصل اللغوي بين البشر, التي لم اكن الاحظها سابقاً.
ويرد محدثي قائلاً - وأنا من ناحيتي اعتقد بأنك آخر نوع من الفرسان وبدون خشية من لومة لائم, آخر من تبقى من جيل قد انقرض, لأنك لك القدرة على الإفتراض مقابل الطرف الآخر بأنه على حق وليس أنت. في الواقع تؤدي بنا مشكلة الترجمة إذا ما تمعنا ملياً فيها الى الاسرار المخفية لهذه المعطية الرائعة للخطاب الإنساني. حتى لو حصرنا إهتمامنا على الأكثر قرباً من ما يفرزه الموضوع فسيكون لدينا ما يكفي للإنشغال به. لقد ركزت لحد الآن إهتمامي بتبرير الطبيعة التخيلية للترجمة في أن المترجم في حالة الكتب خارج علوم الطبيعة والرياضيات, ولنقل حتى البيولوجيا, هو في الواقع مؤلف, بالمعنى الإيجابي للكلمة, قبل ان يكون مترجم, اي انه يستعمل لغته الأصلية ببراعة فائقة, بحيث يستطيع التوفيق بين شيئين يبدو من الصعب التوفيق بينها في البداية: أن يكون مفهوم بسهولة بالغة وأن ينحرف قليلاً عن الإستعمال الشائع للغة. القيام بكلا الامرين في وقتٍ واحد يبدو انه اصعب من حبل البهلوان. كيف يمكن ان يطلب المرء ذلك من مترجم عادي؟ خلف هذه الصعوبة الاولى, ترجمة النمط الشخصي, تظهر دائماً صعوبات جديدة. فطريقة التعبير الشخصية تتمثل في قيام الكاتب بتحوير المعنى الأصلي للكلمة قليلاً, بحيث بحيث تدل على دائرة من المعطيات لا تتطابق بدقة مع تلك التي تدل عليها أصلاً. ونسمي الإتجاه العام لهذه الإنحرافات بالنمط الشخصي للكاتب, ولكن كل لغة لها ايضاً نمطها الخاص بالمقارنة مع لغة اخرى, الذي سماه همبولت شكلها الداخلي. ولذلك فمن الطوباوية الإعتقاد بأن كلمتين من لغتين مختلفتين والتي يقدمها القاموس كترجمة متقابلة تعني بالضرورة نفس الأشياء. إن التناقض بين اللغات مسألة طبيعية, لأن هذه اللغات قد نمت وتكونت في بيئات وظروف حياتية مختلفة. فعلى سبيل المثال من الخطأ الإعتقاد بأن الإسباني يعني بكلمة غابة نفس الغابة التي يعنيها الألماني, ومع ذلك يدعي القاموس ان الكلمتين متساويتين في المعنى. قد تكون هذه مناسبة لتأليف اغنية شاعرية تصف الغابة الألمانية مقارنةً بالغابة الإسبانية. إنني اهدي إليكم هذه الأغنية, ولكنني سأستحوذ على نتيجتها: الرؤية الواضحة في الإختلاف الهائل بين الحقيقتين. إنه إختلاف من الكبر بحيث لا تتفق الحقيقتين مع بعضها البعض, ليس هذا فحسب بل إن كل الأصداء العاطفية والعقلية لهذه الحقيقتين لا تتفق مع بعضها البعض البتة
إن الخطوط العريضة لكلى التسميتين لا تتطابق مع بعضها البعض كما في حالة إستنساخ صورتين لشخصين مغطاة على بعضها البعض. وبما إن نظرتنا في هذه الحالة تتجول ذهاباً وإياباً بين كلا المعنيين غير متيقنة, فإننا نستطيع ان نتصور العذاب الذي سيسببه لنا غموض معاني آلاف الكلمات التي نقرأها بهذه الطريقة. إنها نفس الأسباب التي تؤدي الى ظاهرة الغموض سواء في الصورة او اللغة. إن الترجمة هي الغموض الأدبي المستمر. وبما اننا ننعت بالجنون ما يبدو لنا انه غموض في التفكير, لذا يجب ان لا نتعجب عندما يبدو لنا الكاتب المترجم مجنون نوعاً ما
إنتهى الجزء الأول




#فؤاد_جهاد_شمس_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فؤاد جهاد شمس الدين - فقه الترجمة