|
شجون الفوات!!!(3)
ماجد الشمري
الحوار المتمدن-العدد: 4762 - 2015 / 3 / 29 - 19:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
البلشفيك" تعني حرفيا ، الاكثرية باللغة الروسية ، واصطلاحيا و تاريخيا -تعني- مجموعة لينين التي ايدته و وقفت الى جانبه في المؤتمر الثاني لحزب العمال الاشتراكي الديموقراطي الروسي . ففي عام ١-;-٩-;-٠-;-٣-;- أنعقد المؤتمر الثاني للحزب في تموز من ذلك العام في بروكسل . وهو المؤتمر الذي اعتبر تأسيسا فعليا للحزب . فقد كان مؤتمر ١-;-٨-;-٩-;-٨-;- الاول الذي لم يضم اكثر من ثمانية أشخاص ، وأعتقلوا بعد المؤتمر بوقت قصير ، ولم يخلفوا شيئا سوى البيان الحماسي الذي كتبه بيتر ستروفه . فكادر التنظيم السري كان عليه الانتظار حتى عام ١-;-٩-;-٠-;-٣-;- بالذات ليعاد تنظيمه بشكل أكثر فاعلية و عقلانية ، وارتباطا بمركز الايسكرا ، حيث كانت الاتصالات المتبادلة متتابعة و مستمرة حافظت على لحمة التنظيم من التشتت . وبات الظرف مناسبا لتأسيس الحزب فعليا ، له نظام داخلي متماسك و واضح المعالم والحدود ، وبرنامجا ناضجا عمليا و ملموسا ، و لجنة مركزية منتخبة تقود التنظيم . أجتمع ٤-;-٤-;- مندوبا لهم حق التصويت و ١-;-٤-;- لهم اصوات استشارية . أثيرت أثناء المؤتمر، مسألة النظام الداخلي للحزب في جلسة بكامل المندوبين - وهو اساس الخلاف - وكان فريق الايسكرا : لينين ، بيليخانوف ، مارتوف أكسلرود زاسوليش ، بوتريسوف و تروتسكي - الذي ضمه لينين للايسكرا رغم اعتراض بليخانوف الشديد- قد ناقش الموضوع قبيل انعقاد المؤتمر و كان هناك خلافا بين لينين و مارتوف ، فمشروع لينين نص على ما يلي " يكون عضوا في الحزب كل من يوافق على برنامجه ، ويقدم دعمه المادي ، ويشارك شخصيا في احدى اجهزته " . أما مشروع مارتوف فلم يكن يختلف عن مشروع لينين سوى في صيغة لينين " يشارك شخصيا في احدى اجهزته " في حين كانت صيغة مارتوف " تعاون شخصي ومنتظم و تحت اشراف احد أجهزة الحزب " وقد بدا الفارق بالغ الدقة ، وغير محسوس ، ولا يمكن فهمه ! ولكنه فرق شاسع في دلالته و مضامينه ، ويقرر مصير الحزب كحزب حقا . لأن صيغة لينين كانت ترمي الى بناء حزب من طراز جديد ، صلب البنيان ، ويتكون من اعضاء يناضلون بالفعل داخل صفوفه ، وفي منظماته السرية في الوقت الذي كان تحديد مارتوف يهدف الى تنظيم اكثر تراخياً واكثر جماهيرية و ليضم كل الذين يكتفون بمساعدة منظماته ماديا و معنويا ، دون ان يكونوا جزأ منه أو يعملوا فيه. وحين اصطدمت الصيغتان لم يكن الامر مهماً ، ومن الممكن التوافق على صيغة أكثر قبولا و مرونة . كان مارتوف مستعدا لسحب مشروعه ، فليس هناك مبرر للانقسام والتكتل داخل الحزب لمجرد اختلاف حول كلمتين مختلفتين في فقرة من نظامه الداخلي و مبادئه . ولكن عوامل عديدة ساهمت في توسع الهوة . وزيادة الاستقطاب ، فقد كان هناك خلافات شخصية بصدد مشروع لينين لاعادة تنظيم هيئة تحرير الايسكرا ، تسببت في حدوث نوعا من الانزعاج والمرارة لدى بعض القادة الاساسيين . فقد كان مارتوف وتروتسكي وأخرين ، يأخذون على لينين قساوته و ميله للسلطة كما يرون . لكن لينين من طرفه لم يكن يفهم : كيف يمكن توجيه اتهام إليه بهذا الشأن لمجرد اقتراحه القابل للتطبيق والضروري لاعادة تنظيم هيئة الايسكرا ؟! بدأت كل الاطراف المتنازعة مستفزة واهتز التوازن و أصبح كل طرف يشم رائحة المكيدة والتأمر لدى الطرف الاخر ! و أخذ كل واحد بتحريك خصومات شبه منسية وتافهة لتجعل منها اشارات تنطوي على كثير من المعاني والنتائج . وجائت قضية النظام الداخلي بثقلها لتزيد الطين بلة . فلم يعد هناك مجالا للتوفيق أو التنازلات بين الصيغ المختلفة ، والاتفاق على مشروع واحد يوافق عليه الجميع ، بل كان الامر على العكس - فكل صاحب مشروع كان يندفع لاستخراج اكثر مرامي مشروعه خفاءا عن طريق توضيحها والدفاع عنها ، والتشديد على الفروق فيما بينها لاقناع المندوبين الاخرين ، والتأكيد على الفجوة التي لايمكن تقريبها أو تجسيرها . هكذا بدا الصديقان و الرفيقان الاكثر تقاربا و أرتباطا : لينين ومارتوف يتواجهان كعدوين ، فكلاهما كان غاضبا ومحتدا ، وايضا كل منهما كان في قرارة نفسه يبدوا مندهشا لغرابة سلوكه وتصلبه ! إلا انه لا هذا ولا ذاك كان راغبا بالتوقف والعودة الى الوفاق والمرونة . وقد انعكس موقف القادة على المندوبين ، وانقسم المؤتمر الى كتلتين ! و بدلا من ان يخلق المؤتمر حزبا واحدا ولد حزبا برأسين ! بعد المؤتمر بوقت قصير كتب لينين الى بوتريسوف قائلا " الان أطرح على نفسي السؤال التالي: " لماذا واجه بعضنا بعضا كأعداء الداء ؟ حين اتذكر احداث هذا المؤتمر والانطباعات عنه أعي اني تصرفت غالبا تحت تأثير الغضب و"ببلاهة" و أنا مستعد للاعتراف بخطأي أمام اي كان ، واذا امكن اطلاق تسمية خطأ على شيئ تسبب به الجو و ردود الفعل والاجابات السريعة والصراعات ، الخ ".وحول نفس تلك المادة الشهيرة من النظام الداخلي،قال لينين نفسه:"اود ان استجيب لهذا النداء عن طيب خاطر(اي التوصل الى اتفاق مع"المناشفة")لانني لااعتبر مطلقا ان خلافاتنا حيوية الى درجة ان تصير مسألة حياة او موت للحزب.علينا بالتأكيد الانهلك بسبب مادة غير موفقة للنظام الاساسي للحزب".* . كان بليخانوف الذي سيصبح ألد اعداء الثورة البلشفية يقف الى جانب لينين ، أما تروتسكي فكان الخصم الاكثر طيشا وحماقة واندفاعا ضد لينين ، فقد اتهمه بأنه يسعى الى لتشكيل حلقة مقفلة من المتأمرين لا حزبا للطبقة العاملة ! وكانت حجج تروتسكي : أن الاشتراكية لا تقوم إلا على الثقة بالعاطفة الطبقية للشغيلة ، وعلى تمكنهم من فهم رسالتهم التاريخية ، فلماذا لا يفتح لهم الحزب ابوابه على مصراعيها ؟! كما اوحى بذلك مارتوف ! وقد فوجئ لينين برؤية " هراوته" تنقلب ضده - كان يطلق على تروتسكي " هراوة لينين" - فقام بعدة محاولات لانتزاع تروتسكي من مجموعة مارتوف و كان خلال اجتماعه به مرنا ومتجاوبا ، ويطمح لاقناعه ، مؤكدا له ان يدفع بالنقاش نحو حافة الابهام واللبس ، ويعجز عن فهم الفروق لقلة تجربته و عاطفيته ، فقد قال له :" اننا نجد الارتباك والتردد والانتهازية داخل صفوف الطبقة العاملة ايضا ، فإذا كان الحزب يفتح ابوابه الى الحد الذي اقترحه مارتوف فهو يسمح بأن تدخل صفوفه عناصر ضعف و ينبغي لاعضاء الحزب ان يشكلوا طليعة البروليتاريا و صب ، عناصرها الاشد وعيا والاكثر شجاعة لمهماتهم " الطبقية" . على الحزب ان يقود الطبقة العاملة لا أن يكون الطبقة العاملة " - كان لينين محقا في منطقه وحجته- .حصل مشروع مارتوف في البداية على الاغلبية ، ولكن هذه الاغلبية كانت مستندة على البوند والاقتصاديين، والذين بعد ان هزمتهم مجموعة الايسكرا كانوا على وشك مغادرة المؤتمر والانفصال عن الحزب . بعد رحيلهم قدم لينين مشروعه لاعادة تنظيم هيئة الايسكرا ، وقدم تروتسكي اقتراحا بتثبيت اعضاء الفريق القديم كأعضاء في الهيئة الا ان لينين انتصر هذه المرة بأغلبية صوتين ، وبالاكثرية نفسها انتخب المؤتمر مرشحي لينين للجنة المركزية و هكذا اخذ انصار لينين ولأول مرة أسم البلاشفة أي جماعة ( الاكثرية) و خصومه اسم المناشفة اي جماعة ( الاقلية)... يتبع.. .................................. وعلى الاخاء نلتقي...
#ماجد_الشمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شجون الفوات!!!(2)
-
شجون الفوات!!!(1)
-
ايتها المضطهدات...ليكن يومكن المجيد كل الايام..
-
رد على تعليق السيد النمري!.(5-الاخير)
-
رد على تعليق السيد النمري!.(4)
-
رد على تعليق السيد النمري!.(3)
-
رد على تعليق السيد النمري!.(2)
-
رد لاطم على تعليق واهم للسيد فؤاد النمري!!!.
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(الاخير)
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(27)
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(26)
-
روزا لوكسمبورغ/سنديانة الماركسية الحمراء....
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(25)
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(24)
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(23)
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(22)
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(21)
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(20)
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(19)
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(18)
المزيد.....
-
السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات
...
-
علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
-
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
-
مصادر مثالية للبروتين النباتي
-
هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل
...
-
الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
-
سوريا وغاز قطر
-
الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع
...
-
مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو
...
-
مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|