أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - الأوهام_ثرثرة من الداخل














المزيد.....

الأوهام_ثرثرة من الداخل


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1325 - 2005 / 9 / 22 - 10:34
المحور: الادب والفن
    


ما نعيشه ونجرّبه ونكرره ونسعى إليه بعناد, نرفض الكلام والكتابة عنه!
هل الكلام أخطر من السلوك والممارسة والعيش بمجمله!؟
كان السؤال الأول بين زميلين(من أين أنت؟) وهو يعني بشكل موارب السؤال عن الدين والطائفة. حظر الحديث الديني والطائفي علنا في بلادنا لزمن طويل حوّله إلى جوهر المكبوت الاجتماعي, وعمل بذلك كتغذية عكسية مستمرة لشعور التمييز المراد إخماده, على الأقل وفق الادعاء العام.
هل منع كلمات:مسيحي, سني, علوي, درزي, إسماعيلي,...كردي, أرمني..من التداول يلغي مفاعيلها في التمييز العنصري الصريح والمضمر؟ بعد أكثر من ثلاثين سنة, سيتكرر نفس السؤال بصيغة أخرى مع حيرة أكبر هذه المرة, في تجربتي مع الليبراليين السورين والعرب, ما السبب الذي يمنع أفكارنا من تغيير ما نريد تغييره قولا وربما فعلا وبصدق, في سلوكنا العام وأحيانا حتى الخاص؟
توجد تحيّزات مسبقة تحت الشعور وتحت الأفكار, وهي تنظم وتحدد السلوك المشترك. ما عرفته وخبرته في مدرسة الأطفال وفي الجامعة وفي حلقات الثقافة السورية, ثمة واقع نفسي طاغ ومتحكّم يمنعنا من الرؤية والفهم, وهو عامل تثبيت فكري واجتماعي يتلقى تغذيته الدائمة بأشكال يتعذر حصرها وتحديدها. بدل التغني المعلن بالتسامح والتعددية والشفافية والوضوح, تعصّب وانغلاق وحقد مجبول بالحسد وعدوانية و نفاق, وضمور للثقة بالنفس والآخر, هل أنا مخطئ! يا ريت.
نشتم الدنيا والحياة والكون بسهولة, ونرفض أي تعريض بسيط بصورنا الزائفة الشخصية والمشتركة, حتى من باب النقد البسيط!
ليس ما حدث وحده المهم,بل ما كان يمكن أن يحدث بصيغ انسب وأكثر بساطة.

*
سنة 1981 في المدينة الجامعية في دمشق, الوحدة التاسعة, انتشرت بيننا رواية لوليتا, الصفحات التي تتحدث عن تفاصيل الممارسة الجنسية, كانت شبه تالفة بينما بقية الرواية بالكاد فتحها أو قرأها أحد. بنفس السنة سرت موجة الكتالوغات الجنسية, ومع المنشورات السرية في ذلك الزمن, لرابطة العمل الشيوعي, والمكتب السياسي, وأحيانا بعض المنشورات لجماعات صغيرة غير معروفة,خبرت التحوّل الأول في شخصيتي والأكثر درامية. فجأة أمتلك الشعور الساحر(شريك في معارضة النظام) صديق لمجموعات سرية, لا تلفظ أسمائها سوى بالهمس وبين أهل ثقة.
حرمان شامل مع فقر مدقع وممارسة العادة السرية بهوس, ومع ذلك يقين شبه ديني بأنني من القلّة السعيدة, التي تعرف وتمتلك وتحكتر الحق والصواب. خلال أشهر امتلكنا لغة خاصّة, وصرنا نردد عبارات وخطابات كاملة بلا معنى, سوى المعنى النفسي بعدما تحول الكلام إلى شفرات ورموز مغلقة. خلال تلك الفترة مع النديم الأول عماد سنتعرف بأصدقائنا الدائمين: الكحول والتبغ والأرصفة, ثرثرت كثيرا وقرأت القليل ولم أحبّ الشعر قبلا, باستثناء الماغوط ورياض الصالح الحسين, وفي سهرة رأس السنة 86 في اللاذقية, سأقول بسخرية كاملة عما فشلت في تحقيقه: لم أصير شاعرا, ولم يخطر ببالي أنني سأكتب الشعر أو ما يشبهه, إلا بعدما انتزعت كليتي اليسرى, وتحسست ضعفي وعجزي بالحواس والعقل والممارسة.
لطالما رغبت بالسفر وتغيير حياتي بالكامل, ولما تعذر ذلك, انتقلت رغبة التغيير إلى العالم الداخلي: الأفكار والقيم والنظرة للذات والآخر.

كل الأوهام جميلة وعزيزة على أصحابها, عرفت ذلك وخبرته وأنا أتنقل, وبالأصحّ أطرد من هذه الجماعة أو تلك, لأهدأ مع العبارة الشهيرة لايف بو نفوا:
المعرفة هي الملاذ الأخير للكائن الحميمي.

احتجت أربعين سنة لأعرف
أنني أعيش في جهل تام.
بهذه العبارة ودّعت عامي الأربعين واستقبلت الألفية الثالثة.

*
معارض, مثقف, شاعر, مختلف...كلمات مليئة بالسحر والغموض وقبل كل شيء بالأوهام. وأنا أنظر إلى شبابي البعيد والمفقود, يمكنني أن أتفهم بهدوء أكبر, ما يدفع هذه الأعداد المتزايدة من الشباب إلى التطرف في الرفض, ثم الانفصال عن الواقع. حركات مناهضة العولمة في القطّاع اليساري, والجاذبية القصوى لشيخ متعصّب كل ما يعد به, جرعة من الحلم ونسيان واقع يتعذر قبوله.
في الوقت الذي أكتب فيه هذه التداعيات, قتلت الشابة "هدى أبو عسلي" والقاتل هو الأخ لأنها تزوجت خارج طائفتها. هذه المأساة نموذجية تركّز في جوهرها مختلف جوانب المشكلة السورية العالقة والمعلقة, ويبقى السؤال يدور في الزمن والعذاب متى...؟
أمام الشاب السوري خيارات محدودة للغاية, بنفس الوقت يتلقى ضغوطا محددة وواضحة, وأكثر الخيارات سهولة: إنكار الواقع.
دافع الإنجاز والحاجة إلى التكيف في اتجاهين متعاكسين لأغلبية السوريين.
من تفشل أو يفشل في التكيف تخسر ويخسر التوازن النفسي الضروري, ومن تفقد أو يفقد دافع الإنجاز تخسر ويخسر التقدير الذاتي الضروري كذلك, ما العمل!!
الأخ الذي قتل أخته كان في وضع لا يحسد عليه, أختار الأسوأ, وحقق العدمية السورية في عائلته المنكوبة.
منذ ربع قرن أدور في دوامة قاتمة: التكيف أم الإنجاز؟؟!!



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأساة هدى أبو عسلي_مأساة سوريا
- العين الثالثة_ثرثرة من الداخل
- ابن الكل_ ثرثرة من الداخل
- ثرثرة من الداخل(2) تحت الشخصية
- الآخر السوري_ثرثرة من الداخل
- لو أن الزمن يسنعاد
- الزيارة
- الذكاء العاطفي السوري(الكنز المفقود)
- محنة النساء في سوريا
- نساء سوريا الغبيات
- على هامش مهرجان جبلة الثقافي
- المهرجان والوعد
- الليبرالية تحت الشعار
- الارهاب مسؤولية مشتركة
- جميلة هي البلاد التي أغلقت أبوابها
- خاتمة أشباه العزلة
- رالف
- ظل أخضر
- أبواب متقابلة
- ورق الخريف_ أشباه العزلة


المزيد.....




- افتتاح مهرجان -أوراسيا- السينمائي الدولي في كازاخستان
- “مالهون تنقذ بالا ونهاية كونجا“.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...
- دانيال كريغ يبهر الجمهور بفيلم -كوير-.. اختبار لحدود الحب وا ...
- الأديب المغربي ياسين كني.. مغامرة الانتقال من الدراسات العلم ...
- “عيش الاثارة والرعب في بيتك” نزل تردد قناة mbc 2 علي القمر ا ...
- وفاة الفنان المصري خالد جمال الدين بشكل مفاجئ
- ميليسا باريرا: عروض التمثيل توقفت 10 أشهر بعد دعمي لغزة
- -بانيبال- الإسبانية تسلط الضوء على الأدب الفلسطيني وكوارث غز ...
- كي لا يكون مصيرها سلة المهملات.. فنان يحوّل حبال الصيد إلى ل ...
- هل يكتب الذكاء الاصطناعي نهاية صناعة النشر؟


المزيد.....

- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - الأوهام_ثرثرة من الداخل