أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عديد نصار - اللقاء الحواري في مجموعة يساري، حازم العظمة وهجاء الأيديولوجيا















المزيد.....



اللقاء الحواري في مجموعة يساري، حازم العظمة وهجاء الأيديولوجيا


عديد نصار

الحوار المتمدن-العدد: 4757 - 2015 / 3 / 24 - 20:43
المحور: مقابلات و حوارات
    


أجري هذا اللقاء الحواري عبر مجموعة يساري على الفايسبوك يوم السبت 21/3/2015
حازم العظمة:
مداخلة تمهيدية بعنوان: هجاء الايديولوجيا...
حين يقال لنا أن الفكر في هذا القرن الواحد و العشرون يبرء من عصور الايديولوجيا نصدق.. ، أقول ، من كثرة ما يكررون هذا، نكاد نصدق و الحال هو أنه لدى إعلان "نهاية التاريخ"، بتوقيع فوكوياما، أُعلن أيضاً "موت الايديولوجيا"...، من ضمن ميتات عديدة منها موت المؤلف وموت النص وموت الأدب، وموت الفن...
و كأن ثمة رغبةٌ في تأبيد هذه اللحظة من التاريخ، نهاية القرن العشرين، التي بدت لحظة ذهبية لإعلان كهذا، اللحظة التي بدا فيها أن المسرح صار جاهزاً لـ " النصر الإمبراطوري النهائي".. كأن العالم كان يدخل في عصر جديد غير مسبوق وأن على هذه اللحظة أن تستمر إلى الأبد.
و أنه من أجل تأبيد انتصار الرأسمالية نهائياً و تحديداً في نسختها الإمبراطورية كان على التاريخ أن يتوقف هنا، وعلى الايديولوجيا والسياسة أن تتوقف هنا لإفساح المجال على اتساعه لحاملات الطائرات والقاذفات الإستراتيجية، المذابح المتنقلة
إفساح المجال خاصة لـ "السوق " ... أي لتوسيع "السوق" حتى يصل إلى أقصى زوايا الأرض (السوق وحاملات الطائرات سوياً، يداً بيد) ثم إن حاملات الطائرات والقاذفات الإستراتيجية والأباتشي والقنابل الذكية لا أيديولوجية لها... هي " خالية" من الايديولوجيا... لكن لا هذا ولا ذاك منع استخدام الأدوات " شديدة الايديولوجيا" كتنظيم القاعدة.. أو للفاشية..
بدت الأحلام الإمبراطورية في نهاية القرن العشرين وكأن معظمها تحقق، بدا العالم وكأنه يعود إلى ما قبل النصر الفييتنامي وقبل ثورة أوكتوبر وقبل أيار68 الباريسي وقبل الكومونة... وقبل الثورة الجزائرية، وعاد إلى ما قبل الأدب..، ما قبل هيمنغواي وبيكيت وماركس، حتى داروين تجري مكافحته منهجياً لصالح نظرية "الإبداع الإلهي الحكيم "، في المدارس الأمريكية على الأقل...
كانت ثمة رغبة في إعلان انتصار النظام الرأسمالي في نسخته الحالية، الأشد بذاءة. ثمة رغبة في " تثبيت" هذه اللحظة من التاريخ على أنها الشكل النهائي والأخير للنظام الكوني، ومن ثم إعادة صياغة العالم حسب المواصفات الجديدة: لا حاجة للايديولوجيا ( إلا لإيديولوجيا السوق )..
القاذفات الإستراتيجية تكفي، لا حاجة للفن: الفن غالباً ما يعيق قيم السوق. قنابل الفوسفور الأبيض الإسرائيلي- الأمريكي أجمل... لا حاجة للشعر: الشعر يؤلف أحلاماً لا تفيد التجارة الإمبراطورية في شيء..
و لكن لماذا لا تكون للرأسمالية أيديولوجيا معلنة..!! هنالك بالتأكيد للرأسمالية أيديولوجيا، هي في الأكاديميات والكتب الاختصاصية، ولا تصل للجمهور بشكل واضح أو معلن، إيديولوجيا الرأسمالية تلك هي ما يجري تداوله في اجتماعات مغلقة من مثل مجلس الأمن القومي الأمريكي، أو مؤتمرات " التجارة الحرة " أو حتى في منتديات عالمية كـ " منتدى دافوس" تضم بالإضافة إلى " الثمانية الكبار " بعض المريدين من (العالم العاشر ) ممن هم " طلائع" نظام التجارة الحرة، الملوك والسلاطين، وأنسبائهم وعمومهم وخالاتهم ، بالإضافة إلى كبار الرأسماليين ( بمقياس العالم العاشر ) بطبيعة الحال.. وهكذا ..
الإيديولوجيا الحقيقية للرأسمالية.. ( ولا يجري شرحها بهذه الطريقة على الملأ، في منتدى دافوس... مثلاً ) هي هكذا:
- البقاء للأصلح، أي للأغنى، للأقوى، للأكثر عدوانية للأبيض للأنكلوساكسوني للغرب الرأسمالي... (وهذا لا يناقض انتخاب أوباما رئيساً).. الولايات المتحدة لا يحكمها الرؤساء إلا في " الميديا".. الحاكم الحقيقي هو المركب العسكري / الصناعي..
- الفقراء هم هكذا فقراء لأنهم فاشلون وعليهم أن يبقوا كذلك.
- " الذكاء البشري " ينبغي أن تجري إعادة تعريفه و" تكوينه" بما يصلح للفاشلين عموماً وللأمم الفاشلة، بحيث لا يتعدى "الحرفية"، الحرفية تعني أن تنخرط في نظام التجارة " الحرة " أي الإمبراطورية بوصفك خادماً أو بوصفك مستهلكاً أهبل وأن لا تتجاوز ولا تهتم إلا بما كلّفت به..
- "الذكاء البشري" هذا لا يتناول موضوعات تتعلق بموقف الإنسان من العالم، الفقراء والعامة ثم إن الفاشلين لا آراء لهم، الآراء تصنعها " الميديا" لهم، أي نحن، الذكاء – للعامة - هو حسب في صنع المنتجات واستهلاكها.
- "الديموقراطية"- نسختها الرأسمالية بطبيعة الحال- والحريات، هي الواجهة لحرية " رأس المال "، وحين لا تتحقق هذه "الديموقراطية " وهذه " الحريات"، أي حرية رأس المال، ينبغي فرضها بالقوة.
- الرأسمال الأكبر يبتلع الرأسمال الأصغر منه، " الأنظمة " الكبرى تبتلع " الأنظمة " الصغرى، حسب " قوانين السوق " التي هي قوانين " طبيعية"...
- هناك تقسيم عمل للجموع البشرية: " العامة" عليهم أن يعملوا بكد، " السادة "عليهم أن يجنوا نتائج العمل.
- تقسيم العمل هذا ليس محلياً فحسب هو أيضاً "عالمي ".
- الأفراد غير متساوين وكذلك الشعوب، ثمة شعوب " همجية" و" فاشلة" عليها أن تخضع، أن تعمل وتستهلك، في الحد الأدنى الذي يبقيها تعمل.
- وإن لم تعمل ولم تستهلك، إن بدت كـ "فائض" فمن الأفضل أن " تذهب"، أن " تختفي".. في مذابح مثلاً، كتلك التي يمتلىء بها تاريخ الرأسمالية ابتداء من اكتشاف أمريكا وصولاً إلى المذابح في العراق، والآن في سورية.. المذابح التي دافعها الأساسي في بلادنا النفط.. وجوده صدفةً هناك..
الردح الحالي للإيديولوجيا المقصود به الماركسية أساساً، طالما أن لا "إيديولوجية" للرأسمالية ( رسمياً على الأقل ) أو ما من إيديولوجيا معلنة.
ثمة أجزاء من الفكر الرأسمالي معروضة علناً، " الليبرالية" مثلاً، ولكن الليبرالية ليست خاصة بالرأسمالية تماماً، رغم أن ثمة جهود حثيثة لتبديل معنى الليبرالية لكي تعني " نظام التجارة الحرة " و"نظام الهيمنة الإمبراطورية"، الذي هو في حقيقة الأمر نقيض الفكر" الليبرالي".
... و مراتٍ تستعير الأيديولوجيا الرأسمالية مفكرين وفلاسفة من الماضي، طالما الأموات لا يعترضون ولا يحتجون..، "نيتشة " مثلاً، الذي يجري الترويج له حالياً، وخاصة الجزء من كتاباته الذي يعنى بـ "الإنسان الفائق " superman وكذلك الجزء من تفكيره ذو اللون واللكنة العنصريين...، ولا أدري إلى أي حد يمكن أن يكون نيتشه نفسه مسؤولاً عن هذا " الاقتباس " أو ربما الاختلاس ...
و الحال أيضاً أن الفلسفة والايديولوجيا مثلها مثل الأدب والفن، على الأغلب، كانت خصماً للرأسمالية، وأن ثمة تاريخاً طويلاً من انحياز الفكر الإنساني وكذلك الأدب والفن لليسار وللثورة ،أي الانحياز لكل ما هو تقدمي ويبحث في تصفية تركة الحروب والهيمنة والاستبداد والاستغلال والعبودية.
الترويج لنمط تفكير السوق هو البديل المقترح، من أكاديميي النظام الإمبراطوري، بعيداً عن "الإيديولوجيا".. ، والإقتراح والمقترحون يقولون لنا أن "السوق" ليس "أيديولوجيا " بل من " طبيعة الأمور " ومن ثم علينا، عليكم، أن تستبدلوا عبارة الإيديولوجيا الرأسمالية بـ إيديولوجيا السوق، أو بالسوق وحسب...
هذا يتضمن فيما يتضمنه "موت الفن " لأن الفن لا شيء، تشييىء الفن وتسليع الفن هو الاتجاه في هذه المسألة...، السوق هو البديل عن الفن، والبضاعة هي نفسها الفن، بل وأفضل، وهذا تجده بكثافة في اتجاهات، بعض اتجاهات، ما سمي " بعد الحداثة "
الأغنية تقترن بالكوكاكولا، المسرح بـ HBSC ، الرواية بـ UGP وهكذا.
هكذا تظهر ، بصفتها " أيقونات ما بعد حداثية " Postmodernist أعمال مثل تلك التي لـ "جيف كونز " أو حتى " دو شامب"
الأول عرض "عملاً تركيبياً "Instalation بعنوان " ماكنة هوفر الجديدة القابلة للتحوير " 1980 وهذا العمل عبارة عن مكنسة كهربائية في صندوق زجاجي... دو شامب عرض بدوره مَبولة، مبولة حقيقية أتى بها من بائع خرداوات، أو من المستشفى...
الرأسمالية هكذا تجهد في مسح الوعي البشري، لتعيد تكوينه، تجهد في تدمير الجهة المبدعة في الوعي البشري لصالح السوق..
تراجعت من التداول كلمة "رجعية"، الرجعية هي الآن تحديداً النظام الإمبراطوري الأمريكي، في نسخته الأشد بذاءةً، بالإضافة إلى معانيها الأخرى المعروفة.

الحوار:
باسل عثمان:
إذا كان تحنيط الإيديولوجيا في كتب مقدسة وشعارات بعيدة عن الواقع يفسّر ردّةَ الفعل الطفولية لدى الكثيرين نحو رفض الفكر، فإن هجاء الإيديولوجيا في الوقت نفسه هو ما يسوّقه النظام الرأسمالي العالمي بكامل أجهزته، وبالتناسب مع مصالحه في تسطيح العقول لمحاولة منع تشكيل رؤية وبناء مشروع تقدمي. فهل من الممكن تجاوز الوضع القائم بين "هذه الايديولوجيا" و "هجاء الإيديولوجيا" نحو انتاج نظرية ثورية تنفي النفي؟
حول "هجاء الإيديولوجيا" وأهمية الإيديولوجيا، نحاور الليلة المناضل حازم العظمة Hazem Alazmah ونرحب بكل المشاركين.
عمار ديوب:
الأستاذ حازم، أوضحت في نصك طبيعة الايديولوجية الليبرالية الجديدة ولا سيما بعد تعميمها "كأفكار مطابقة للتاريخ" وأنها كانت تقصد هجاء الايديولوجيا الماركسية بصفة خاصة، ولكن الايديولوجيا الليبرالية لاقت رواجاً عالمياً، بينما الماركسية ورغم نجاح اليسار في أمريكا اللاتينية والان في اليونان، لا تزال تنازع ولم تشهد تقدماً حقيقياً. فلماذا لا يزال الوضع على حالته. الليبرالية تتقدم بينما الماركسية مخفقة. وكل الشكر.
Noor Al-Salihi
اهلًا بك أستاذ حازم وتحية لكل المشاركين .
الجماهير باتت تعيش في عالم الاستعراض والمظاهر لا عالم الحقيقة والواقع لقد اصبح النظام الرأسمالي يدفع الناس الى عالم الاوهام والصور والبريستيج وفي انفصال دائم عن الواقع.
الرأسمالية بأدواتها الكثيرة وبأديولوجيتها باتت مهيمنة على الوعي والثقافة والسياسة والسلوك الحياتي وعلى كل شيء .
سؤالي حول طبيعة الصراع الذي يجب ان يخوضه اليساري في ظل هكذا هيمنة راسمالية .

شكراً
حازم العظمة :
تحية للجميع
ما يطفو على السطح هو ما تروّجه الميديا .. لو صدقنا الميديا .. مثلاً ، لكنا صدقنا أن الثورة السورية إن هي إلا حرب طائفية .. ثورات أمريكا اللاتينية مثلاً لا تسمع بها في " الميديا" .. إلا في الهجوم عليها ، أو في الأخبار التي تلائم الثورة المضادة ..
عديد نصار:
أهلا رفيق حازم.
قلتُ ذات مرة:
"حين تتحول القوى المسيطرة الى عصابات مافيوية فإن إنتاج وإعادة إنتاج التخلف المجتمعي يصبح ضرورة ملحة لإدامة سيطرة هذه العصابات، فتضرب المناهج التعليمية وتحاصر الجمعيات الثقافية وتسيطر على وسائل الاعلام والتواصل وتشتري الاعلاميين أو تتهددهم بالسحق، وتعمم الخرافةَ ثقافةً والتفاهةَ فنّاً، وتعيد إنتاج الولاءات العشائرية والانقسامات الطائفية والمذهبية والعصبيات والعنصريات بمختلف أشكالها..."
ألا ترى معي أن تحولات كبرى في طبيعة نظام رأس المال ، من سيطرة الاقتصاد المنتج الى سيطرة الاقتصاد الريعي، وبعد انهيار النموذج الذي كان يعتبر بديلا (النموذج الاشتراكي)، وبالتالي الانفلات الكامل للسيطرة الرأسمالية على العالم بشكلها الأكثر بذاءة على حد وصفك، وهو الشكل الذي أصفه بالمافيوي، قد أسهمت في هذا التحول على المستوى الثقافي - الأيديولوجي وخصوصا أن أرباب هذا النظام العالمي يتحكمون بكل وسائل الاعلام والاتصال والتواصل والتقنيات والامكانيات التي تجعلهم قادرين على تسخيف المعرفة وتعظيم التفاهة؟
حازم العظمة :
النظام " العالمي" .. وهو ليس شيئاً آخر غير النظام الرأسمالي ذاته .. يملك كل أدوات صنع الرأي العام .. والجامعات والمعاهد ، وقدرة الترويج الهائلة .. لكن هذا لا يعني أن المناهضين للرأسمالية ليسوا هناك .. هم الأقوى على المدى البعيد ..
عمار ديوب:
ركزت في النص أو في الردين السابقين على أدوات السيطرة الرأسمالية على وسائل الاعلام، وأن ذلك سبب تراجع اليسار والماركسية ولا سيما في البلاد العربية، ولكن ورغم انتصار اليسار اليوناني وربما لاحقا الاسباني وكذلك رغم أمريكا اللاتينية، ولكن كل تلك التجارب تميل إلى أن تكون محلية أكثر مما هي عالمية، وإصلاحية أكثر من أن تعطي بديلاً عالميا، بينما الرأسمالية نظام عالمي ولا يمكن تجازوها دون ذلك. أقصد ان المشكلة ليست فقط في الميديا والرأسمالية بل كذلك في الماركسية ذاتها واليسار ذاته، ألا ترى معي ان الماركسية واليسار يتطلبان رؤية جديدة ومهمات جديدة.
ضحى العاشور:
بناء على ما جاء في هجاء الايديولوجيا وعلى معطيات الواقع العملي، يتضح أن السياق العالمي اليوم ليس سياق ثورات جذرية، بل على العكس يريد العالم النكوص إلى الخلف فيما يخص المكتسبات العمومية حتى في الدول الغربية.. السؤال هنا: هل يمكن توّقع انتصار ثورات الربيع العربي بدرجة ما في سياق عالمي معادٍ لها؟ وعلى ماذا يمكن أن يتركز النضال في هذه البلدان؟!
باسل عثمان:
هل يمكن الفصل بين راس المال ريعي ومنتج وكأنهما من طبيعة مختلفة ؟ بل أعتقد أنهما شكلان لرأس مال يقوم على انتاج ما، سواء كان مصنعا او معلومات او صناعات عسكرية أو غيرها، أي دائما يوجد قواعد مادية لسيطرة رأس المال.
حازم العظمة:
ما أراه .. أن انهيار " الإشتراكية" التي بني على أساسها " إنتهاء التاريخ" عديد نصار.. لم يكن في حقيقة الأمر انهياراً لـ " الإشتراكية" .. كان انهياراً لنظام تسلط طبقي آخر ابتدأ من الثورة وانتهى إلى طبقة جديدة مسيطرة .. مع ما رافق ذلك من اعتداء على مفاهيم الثورة ذاتها .. لن تتوقف الحركات المناهضة للتسلط بهذا الإنهيار .. الثورة تراكم التجارب على المدى الطويل .. والشعوب تتعلم .. حركة التاريخ أبطأ بكثير مما نظن ..
حازم العظمة :
نعم عمار .. أجد أن هذه الإنتصارات لليسار اليوناني مثلاً ..وللثورات في أمريكا اللاتينية ليست إلا بداية .. حجم اليسار العالمي الحقيقي ( وأستبعد من هذا اليسار المزور ) الذي وقف مع أنظمة الإستبداد .. حجم هذا اليسار كبير جداً وأكبر مما يظنّ عادة .. أعتقد أن ضعف اليسار العربي هو ما يجعلنا هكذا نشعر بالضعف أو بضعف الحيلة ..
حازم العظمة :
لا أعرف، ضحى العاشور .. إن كان فعلاً تقديمي هذا في " هجاء الإيديولوجيا" يحمل نبرة تشاؤمية .. أرى العكس أن المحاولات الدؤوبة لإعادة انتزاع ماكسبه المجتمع .. والطبقة العاملة ، في البلدان الراسمالية الأكثر تقدماً .. سوف يؤدي إلى هبات جديدة من الثورة ومن النضالات المطلبية للناس .. كما حدث في اليونان .. وكما يحدث فعلاً في إسبانيا .. دور الثورات العربية هام جداً في كشف حقيقة الهيمنة العالمية الراسمالية والإمبراطورية ويفتح ثغرة جديدة في هشاشة نظام التسلط العالمي هذا .. ( رغم أنه يبدو الآن شديد التماسك ) ..
الرفاه النسبي العام .. ( مع أنه غير عام حقاً ) في البلدان الرأسمالية الكبرى كان منذ قرنين على الأقل قائماً على نهب المستعمرات .. المستعمرات التي لا تزال كما هي : مستعمرات .. والإستقلال كان شكلياً .. حين تستعيد الشعوب ثرواتها وتعيد الخلل في " نظام التجارة العالمي" .. الخلل الذي كان يؤدي باستمرار إلى إفقارها وإلى مضاعفة الهيمنة .. حين يحدث هذا سيبدأ التسارع في انهيار نظام الهيمنة الدولي ككل ..
Alwaleed Yahya Liberty
النظام الرأسمالي العالمي لا يزال ينجح في معاركه الفكرية من اجل مسخ وتسطيح العقول، لمنعها من انتاج وعيها بالواقع من اجل تغييره، وهي تُسخّر من اجل ذلك كل الادوات الاعلامية والثقافية، هي تَبرع في خوض صراعها الفكري، واستطاعت التغلغل واحداث حالة ارتباك وتشكيك مستمر في وعي الناس لواقعهم، حيث اصبح عند الكثيرين الواقع العالمي الراهن قدرا، ولدى اليساريين والماركسيين نرى حالة من الارتباك خلقها هذا الضخ الثقافي المضاد، حتى صاروا يتخبطون في محاولاتهم لإيجاد صيغ "وسطية" يقدمون بها انفسهم كمنعتقين من الايديولوجيا "التهمة" اومتصالحين او غير معادين لأسس النظام العالمي ..وهذا ما نجده عند اليساريين في كل العالم حيث نجد في بداية برامجهم تطمينا بالخط العريض بأنهم غير معادين للمنظومة الراسمالية وأسسها، قبل اي بنود اخرى يغلب عليها طابع اصلاحي يعيد انتاج المنظومة بالتحليل الاخير..
هذا التخبط نسبة كبيرة منه هو بسبب نجاح المنظومة العالمية بمسخ عقول اليساريين واخضاعهم ثقافيا ..ونسبة اقل منه ربما تفعل ذلك ننتجة وعيها لموازين قوى مائلة لصالح النظام العالمي بشكل كبيرجدا وادراك تلك القوى لعدم قدرتها على التحدي خوفا من السحق .
نسبة من اليساريين لا تزال تواجه عبر استدعاء ايديولوجيا محنطة واعادة الترويج لها عبر كل شيء السياسة الاقتصاد الفن والأدب..
مشاكل كثيرة تعترض انتاج بديل ثوري..فقدان النموذج مثلا، نجد يساريين لا يزالون يتنمذجون بالاتحاد السوفييتي الذي اصبح اطلالا ..
البعض يريد العودة للكلاسيكيات الليبرالية، لكن كيف يكون ذلك في ظل توحش الامبرباليات الذي يجهض كل تجربة نهوض وطني بالتغول عليها بقوانين السوق وسحقها عسكريا ان تطلب الامر وتوجد في التاريخ تجارب حزينة في ذلك.
كيف على اليساريين خوض صراعهم الفكري في ظل فقدان الأدوات وتفوق الماكينة الراسمالية التي تبث وتكرس قيمها في العقول؟
اصبحنا نرى الكثير من الحركات المعادية للرأسمالية تنشط في قلب العالم الراسمالي اخرها في فرانكفورت مثلا،
ماهي تصوراتها الايديولوجية؟ كيف تخوض صراعها الفكري والايديولوجي؟
نحتاج لأن نعرف، اتمنى ان يفضي النقاش مع الاستاذ حازم لبعض نقاط انطلاق
وكل التحية استاذ حازم وكل الموجودين.
حازم العظمة :
أمريكا اللاتينية ليست إلا البداية ..
لا مناص من التعدد الوليد يحيى .. على أن لا نقف عند هذا التعدد .. التعدد يعني أيضاً إنارة الوعي دائماً بالأفكار المتعارضة المتنازعة .. الإتجاهات الليبرالية في اليسار العالمي نتجت عن ضعف الحركة الثورية .. بقدر ما هذا الضعف نتج عن الإدقاع الفكري والنزعة ( المحلية) لدى أحزاب اليسار الأوربي غالباً .. نحن نرى كيف أن يساراً حقيقياً حياً في اليونان مثلاً انتزع بسرعة التفاف الناس حوله .. الصراع بين الأفكار يسير سوية مع النضال الفعلي على الأرض .. أحزابنا " الشيوعية " العربية ( مع احترامي لنضالاتها القديمة ولمناضليها ) .. صارت من مخلفات المتاحف .. تحديداً لأنها صارت فروعاً من أنظمة وأحزاب الإستبداد العربية .. الحزب الشيوعي السوداني وحده أراه استثناءً ..
عمار ديوب:
لا شك ان حركة التاريخ تبدو بطيئة كما قلت استاذ حازم، سيما ان القوى الرئيسية التي يجب ان تواجه الرأسمالية ضعيفة، أي النقابات العمالية وأحزاب اليسار، وربما كجبهة متحدة وببرنامج يساري، ولكن اليسار لا يزال مغرقا في محليته، أي في أمريكا اللاتينية وفي اليونان كذلك. فالملاحظ مثلا أن تلك الكتل اليسارية، ولنقل كان موقفها من الثورات العربية ضعيفاً.
قصدت أن الحوار أعلاه لم يتطرق لوضع اليسار والماركسية وإشكالياتها؛ والذي اعتقد أن علينا كيساريين التركيز عليه. فمثلاً كثير مما ورد في نصك الرئيسي هو سليم وصحيح بالكامل ولكننا كيساريين لطالما ذكرناه من قبل، ولأكثر من عشر سنوات، ومنذ بداية مناهضة العولمة تقريباً، 2002، والسؤال مجدداً هل حقاً أن اليسار العالمي قوي ويمكن أن يتصاعد. سؤالي أضمّن فيه ما ذكره الوليد حول ما العمل كيسار ليس في أوربا بل وفي بلادنا أيضا.
عديد نصار:
قد يكون على اليسار الماركسي العودة الى العالمية (الأممية)، فحين استغرق في الوطنية أصبح أكثر قابلية للاستتباع من قبل القوى القومية أو الوطنجية وفقد الكثير من خصائصة الثقافية وتقعرت أيديولوجيته.
بحيث اصبحت أقل مناعة في مواجهة الهجمات الشرسة التي يدعمها كل ما استحوذ عليه نظام رأس المال من قدرات.
حازم العظمة :
من جهة ثانية أنت لا تستطيع أن تدفع الناس إلى الى الإحتجاج في الشارع وعلى نطاق كبير من أجل ثورة تحدث على بعد آلاف الكيلومترات ولا يفهمونها .. ومن جديد لا يفهمونها بسبب تشويه الميديا لها .. الوصول إلى التضامن الأممي سيعني محاولات دؤوبة وتتناول العمق لربط الكوارث التي تنتجها الرأسمالية ببعضها .. وهذا لا يحدث مع الأسف .. أو لايصل ..
النزعة " العالمية " أو الأممية لليسار هكذا أراها .. لكن المشكلة كانت دائماً في أن "اليسار" العربي كان باستمرار يتحدث عن كل شيء بعيد وخارج عن منطقته .. بينما يصمت صمت الأموات عن ما يحدث في ( الداخل) ..
Hamed Elborie
عفوا علي التأخير .. رأي فوكو ياما نهاية التاريخ في تطور التكنولوجيا التي ستنقل رأس المال و الرأسمالية العالمية إلي أفاق لا نهائية عبر بوابات العولمة ( الليبراليون الجدد ) ..الحقيقة و مع تقديري لكل ماقيل عن التجارب الإشتراكية ( و هي أبدا لم تكن يوما لها صلة بالإشتراكية ) و عن وصول أحزاب اليسار إلي السلطة في أمريكا اللاتينية واليونان ليس سوي إستدعاء لآخر ما في جعبة الديموقراطية الرأسمالية لتجاوز أزمات الرأسماليات في هذه البلدان .. لم يدرك فوكو ياما أن تطور الرأسمالية عبر بوابة التطور التكنولوجي و خصوصا التطور في مجال تكنولوجيا الإتصالات .. لم يدرك أن هذا التطور هو نفسه الذي يؤسس لمنهجية ماركس في تناوله سواء لتطور التاريخ أو لتطور الرأسمالية .. لم ينتبه فوكو ياما أن التطور التكنولجي سيؤدي إلى فائض في الإنتاج مقاسا بكمية العمل المطلوب لتحقيقه ... لم يدرك فوكو ياما أن التطور التكنولوجي مهما كانت أدوات الرأسمالية الإعلامية و الدعائية و العسكرية قوية فإن قيمة الملكية كما قيمة العمل التي تصورها منظرو الرأسمالية الأول ستهتز تبعا للفوائض المتحققة سواء في مجال الإنتاج أو في مجال قوى العمل البشرية .. إنه التناقض الذي يخلق للرأسمالية العالمية آلية أزماتها و التي تستعين أحيانا بقوي اليسار من أجل حلها .. تناقض يخلق للرأسمالية أزمات دورية متكرره يتخللها أزمة عميقة تمثل نقلة نوعية في تودهاتها .. و لعل أشهر أزمتين مرت بهم الرأسمالية العالمية لهما هذا الأثر النوعي كانت أزمة 1971 بعد إنجاز فترة النمو الرأسي المكثف و تحقيق مجتمع الرفاه في أوروبا و تطلع رأس المال إلي العودة لمستعمراته القديمة التي إنسحب منها بعد الحرب الثانية .. ثم أزمة 2008 التي ساهمت في تحطيم أوهام فوكو ياما و نقلت الرأسمالية العالمية إلي نقلة نوعية ..جعلتها تبحث عن تضخيم أدواتها المالية عبر تحقيق بعض النمو الإقتصادي علي الأرض خصوصا في المجتمعات المهمشة و بخاصة أفريقيا التي كان ينظر لها علي أنها موطن للموارد الخام و السياحة .. بعد 2008 إكتشف رأس المال و بما أنه يخترع التكنولوجيا و يسيطر عليها و علي إتجاهات إستخدامها و تسويقها فلا مانع من ضخ الروح في الأسواق المهمشة التي يمكن أن تقوم علي تصنيع منتجات الغرب الإستهلاكية و إستهلاكها .. طالما حافظ الغرب علي قدرته علي إختراع التكنولوجيا وعلي سيطرته علي البالونات المالية التي سترتبط بنمو هذه المجتمعات.
Abo Maya Mayars
في حالة الدول التي في طور التقدم الصناعي الريادي مثل الهند والبرازيل وحتى (تركيا) .. كيف تبدو إن صحت التسمية (ماكينة) الصراع مع النظم الراسمالية الأخرى وهل من الممكن أن يقود هذا الصراع إلى نوع من فرملة التوحش الراسمالي العالمي ؟ أم سيبقى رهينة البقاء للأقوى ؟
نقطة اخرى : في إجابتك قلت : ( دور الثورات العربية هام جداً في كشف حقيقة الهيمنة العالمية الراسمالية والإمبراطورية ويفتح ثغرة جديدة في هشاشة نظام التسلط العالمي هذا .. ) هل يمكن الاستفاضة بهذه النقطة وبخاصة لجهة مآلات هذه الثورات !!
حازم العظمة :
مع أن الثورات العربية طبيعتها طبقية على الأرض .. أعني أن من قاموا بالثورة فعلاً هم المهمشون والأقصى تهميشاً وإفقاراً ، هؤلاء هم الذين هبوا ضد أنظمة الإستبداد ..مع هذا لا ينتبه أحد غالباً أو لا يتحدث أحد عن طبيعتها الطبقية هذه .. إلا أن هذه الثورات لن تكون إلا خطوة أولى .. شرط إزالة الإستبداد ضروري لأي تقدم لاحق .. هذا الإستبداد تابع في كل تفصيلاته لنظام الهيمنة الإمبراطورية العالمي .. حين تنجح الثورات العربية في تحطيم هذه التبعية ستكون ساهمت ليس في صنع مستقبل هذه الشعوب وحسب .. بل في انهيار نظام التسلط العالمي كله .. الذي لا يجد تماسكه إلا في الحروب المعلنة والخفية ..وعلى القمع وإستغلال الموارد .. ما أحيا نظام الرأسمالية حتى الآن هو هذه الهيمنة ..
Abo Maya Mayars
رغم أن التيار الكهربائي انقطع في دمشق على ما يبدو .... أحسد وبمحبة كل من يتنفس هواءها الآن .....
باسل عثمان:
علينا كيساريين فهم الترابط بين النظام الاقتصادي الرأسمالي التابع والاستبداد، حيث أن التبعية الاقتصادية تؤدي لتعملق فئات رأسمالية مافيوية تسيطر على الدولة وأجهزتها وتمنع أي تقدم سياسي (أي تحقيق المنجزات "الديموقراطية") أي أن تخلف النظام الاقتصادي لا يمكن أن يتماشى مع تحقيق تطور على المستوى السياسي. ومن جهة أخرى، فالاستبداد، وإن ترافق باصلاحات محدودة على الصعيد الاقتصادي (التجربة الناصرية مثلا) سيؤدي بالنهاية للعودة الى حلقة النهب الامبريالي، نتيجة امساك فئة بالسلطة مصلحتها المباشرة إعادة تمتين هذه العلاقة، أي علاقة النهب الامبريالية، وهنا كماركسيين علينا الانتباه من الوقوع في فخي الاقتصادوية و السياسوية . من هذه المقدمة يمكننا الوصول إلى نتيجة أن تحقيق التطور الديموقراطي وتجاوز الاستبداد مترابط بشكل جدلي ووثيق مع تحقيق التطور الاقتصادي.
عديد نصار:
بالعودة الى النص وما يترتب عليه:
"الرأسمالية هكذا تجهد في مسح الوعي البشري، لتعيد تكوينه، تجهد في تدمير الجهة المبدعة في الوعي البشري لصالح السوق.."
من الطبيعي أن تبذل الرأسمالية ما بوسعها، وهو كثير، من أجل تابيد سيطرتها، أما النقيض الطبقي، النقيض التاريخي، فعليه إعادة إنتاج وإعادة صياغة منظوره الأيديولوجي بكل مناحيه وأركانه بما يتوافق والمستجدات على كل صعيد. فالمقدرات التي تنتجها الراسمالية ينبغي أن تكون المعول الذي يهدم سيطرتها بما في ذلك التكنولوجيات الحديثة في الاتصالات والتواصل وسواها من الأسلحة.
فهل هناك بدايات ما يراها الرفيق حازم والرفاق في هذا الاتجاه؟ على المستوى الأممي...
حازم العظمة:
اقتراحي أيضاً باسل .. أن على اليساريين أن لا يستخدموا في الشعارات أو في الحديث اليومي مصطلحات تبعدهم عن فهم الناس والشارع .. وأن يقتربوا من الأفكار الأساسية أحسن بكثير من ترديد عبارات ذات رطانة " يسارية" .. في النهاية الأهم من الدقة " الأكاديمية" أن تصل الأفكار .. وأن ينار الوعي .. وأن يحرض الحس النقدي .. مشكلة عامة في " اليسار" حتى الآن هذه الرطانة ..
حازم العظمة:
نعم، عديد نصار .. أكيد .. كل الأدوات التي يوفرها التقدم .. دائماً ما جرى الزعم أن التقدم التكنولوجي من منتجات الرأسمالية .. ودائماً ما كان ذلك سخيفاً .. منتجات التقدم العلمي هي منتجات الإبداع الإنساني ..
Mira Najm
" حجم اليسار العالمي الحقيقي ( وأستبعد من هذا اليسار المزور ) الذي وقف مع أنظمة الإستبداد .. حجم هذا اليسار كبير جداً وأكبر مما يظنّ عادة ." .. أتحفّظ على هذا التوصيف لأنّه غير دقيق باعتقادي _ رفيق حازم _ مع احترامي .. فواقع اليسار في منطقتنا لا يختلف كثيراً عن واقعه حول العالم , ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي و التخبّط النظري الذي استغرقه و لا يزال نسبيّاً , و بتأثير العولمة , و الأزمة الاقتصادية ...الخ .. اليسار هناك متشظٍّ أيضاً و مأزوم , نخبَوي , متلبرِل و بوعي ماركسي هزيل .. علينا دراسة و إعادة تقييم واقع الأحزاب اليساريّة في أوروبا و الغرب بصفة عامّة من منظور علمي , باعتقادي ؛ و ما موقف تلك الأحزاب من الربيع الثوري في منطقتنا , إلاّ صدى و انعكاس مباشر لهذا الواقع ( موقف حكومة أولاند الفرنسية " الاشتراكية " و طبيعة خياراتها و تحالفاتها اليوم مع " إخوان " تركيا و قطَر .. فنزويلاّ " الثوري تشافيز " و تحلفاته مع " محور المقاومة و الممانعة " ...الخ .. نعم ثمّة جديد يُولَد , و لكن بمخاض عسير .
حازم العظمة:
أوافق على " نخبوي" .. هذا هام ايضاً في أن لا يعود كذلك : "نخبوي" .. ولا أعني أكيد الذهاب إلى التبسيط والشعبوية في نسخها المبتذلة ..
أما عن حجم اليسار فهو كبير جداً .. دون أن يعي أنه "يسار" أحياناً أو بالضرورة .. حجم اليسار مثلاً في الثورة السورية كبير .. هؤلاء الشباب الذين قاموا بالثورة هم بالتعريف يسار .. نحتاج ايضاً إلى إعادة تعريف اليسار .. من قاموا هم " يسار " أكثر من النخبويين ..
عمار ديوب:
خطاب ما بعد الحداثي يعلن نفسه كنقيض للخطاب الليبرالي والماركسي معاً، ويقدم ذاته نقيضاً للعقلانية والتقدم التاريخي، والصناعة والنقابات العمالية، ودون الانسان في التاريخ، وهو يتوافق مع تطور جديد في النظام الرأسمالي يقلل من شأن الانتاج لصالح رأس المال، ويعتمد في ذلك على التقدم التكنولوجي العالي والذي لا يحتاج ليد عاملة وعلى مصانع في البلدان المتخلفة والصين أيضاً. وبالتالي فككت الليبرالية الجديدة قوة النقابات بشكل الانتاج الجديد وتنسف مكتسبات دولة الرفاه، واذ جاء الرد من اليونان وهناك اسبانيا نحو اليسار، وربما نسبيا البرتغاال وسواها، ولكننا نجد تصلباً ألمانيا شرساً وكذلك نجد تصلباً أمريكيا ايضاً نحو الثورات العربية، وبغياب قدرة التجارب الاشتراكية الجديدة"كامريكا اللاتينية واليونان" فإن الخطاب ما بعد الحداثي يتعمق. ومن سوء كوارثنا فإن الحروب الدينية في بلادنا وانبعاث الهويات الدينية يكاد يكون شكلا من أشكال ما بعد الحداثة.
قصدت هنا أن سؤال ضحى العاشور، هل يمكن أن تنجح الثورات العربية وأمريكا وأوربا تحاصرها، وتغلق عليها الابواب وأن اليسار لم يشكل قطباً فاعلاً، والبلاد العربية تغرق في أزمات كبيرة، وقد تصبح الصومال قبلتها؟!
قصدي هنا ان ما بعد الحداثة تتحقق جيداً في بلادنا وليس في اوربا وامريكا وبما يتجاوز فوكوياما، يتحقق ضمن حروب وكوارث وان كان كل ذلك نتاج السياسات الليبرالية الجديدة عالمياً ويعود السؤال ما العمل؟!
حازم العظمة :
ما أعنيه أنك حين تقارنين " منظرين" ما في يسار ما "رسمي ".. بهؤلاء الشباب الذين لم يقرأوا ماركس يوماً .. من جهتي أنا أعتبر هؤلاء الشباب ثوريين و" يسار" أكثر من أولئك ..
Mira Najm
أنا أتحدّث عن حجم اليسار في أوروبا و الغرب بالتحديد , و ليس عنه في الثورة السورية ؛ ففي سوريا أنا أعرف من نظّموا التجمعات و التظاهرات و أسّسوا التنسيقيّات الأولى في الثورة بالأسماء , و أعرف أن سوادهم الأعظم يساريين و وطنيّين تقدميّين , لأنني و واحدة منهم
حازم العظمة :
لدينا فكرة ستاتيكية وثابتة عن مفهوم "اليسار" .. ماذا مثلاً عن الشعب اليوناني الذي تحول في أغلبيته إلى " يسار " في زمن قصير جداً .. بينما الحزب الشيوعي الرسمي كان غارقاً في تنظيرات سفسطائية ..
ومن ذلك مثلاً ميل هؤلاء " الرسميين" لإعطاء شهادات بـ " اليسارية" والنظر من أعلى إلى ميول الجماهير والشارع ..
Mira Najm
عشت في أوروبا لسنوات و نشطتُ مع هذا اليسار , و أعرف أنّهم يساريون فيما يتعلّق بسياسات بلدانهم الداخليّة ( حقوق العمال , و المرأة , و التعليم , و الضمانات الاجتماعية ....الخ ) ؛ و أمّا في السياسة الخارجية فلا يُبالون كثيراً , بل و " براغماتيّون " أيضاً ... يسار ( محلّي )
حازم العظمة :
في أوربا أيضاً ..حجم اليسار يجب أن لا يقدر بأعضاء " الأحزاب الشيوعية " مثلاً .. التبدل المستمر في ميول الجماهير هو الذي يصنع كل شيء .. لا عدد " اليساريين الرسميين " .. سنرى بأريي تحولات كبرى في هذا .. مع تعمق الأزمة الإقتصادية .. تلك الأزمات التي تنتجها بنية النظام الرأسمالي ذاته .. لا أحد آخر
باسل عثمان:
رفيقي هذا الأمر متفيق عليه، وهذا ما تكلمنا عنه عن فشل وجمود وانتهازية التنظيمات "اليسارية"، بينما الحس الثوري لدى الشعوب موجود وهو الذي يحركها. الاشكالية هي في الرؤية، في انتاج النظرية الثورية، وفي التنظيم، وعلينا ادراك اهمية هذه المسائل بشكل فائق، والا بقيت الانتفاضات والثورات تتخبط دون مشروع، وتبقى عرضة للتحوير ولهجمات الثورة المضادة المتعددة الأشكال... وهذا ما يُقصَد بشكل عام باليسار، فالافراد وان كان لديهم تأثير محدود، يبقى الفعل المؤثر للتنظيمات والاحزاب، واليسارية منها في الواقع الحالي لاتزال ضعيفة بينما القوى الأخرى لها التأثير الأكبر. اي الظروف الموضوعية تختمر، والظرف الذاتي لم يزل غير مهيّأ.
حازم العظمة:
كل هذا مهم باسل .. التنظيم والأفكار .. على أن لا يتحول هذا إلى فخ .. إلى "أخويات" تعطي تراخيص بالأفكار .. أو شهادات بـ " الثورة" .. فكرة الحزب المفتوح على الناس مباشرة هي فكرة الماركسية بالأساس .. بدون ذلك لن نحصل إلا على نسخ مطورة من أحزاب ستالين ..مقطوعة عن العالم ضمن قوقعتها "النظرية" ..
Mira Najm
كلام الرفيق باسل صحيح باعتقادي , و أتبنّاه .. فالتنظيم أساسي اليوم و في الوضع الثوري القائم , و كذلك الرؤية و إن في خطوطها العامّة العريضة ؛ و إلاّ ما الذي ستقوله .. من أنت و ماذا لديك !
Hamed Elborie
الحقيقة إننا لسنا بصدد الحديث عن أعداد اليساريين أو ما إذا كان هذا اليسار يسار لذاته إو في ذاته إن جاز التعبير .. المشكلة كما أوضحت الزميلة Mira Najm .. أن يسار ما بعد الحرب العالمية غائب و مشتت نظريا .. بل و وقف عاجزا عند تنظيرات قديمة تم إستخدامها في البدايات الأولي للثورة البلشفية و إصبحت مهلهلة بعد سقوط الإتحاد السوفيتي .. لقد ظل اليسار الماركسي العالمي حبيس أدراج دوجما عقائدية إنتهت بما نراه في العالم اليوم .. علي سبيل المثال الحديث عن الحزب الثوري ..لا أتصوره كما بناه لينين مثلا .. كما أتصور أن كل الأحزاب التي تدعي الإشتراكية الآن سواء في اليونان أو البرازيل أو فنزويلا لا تتجاوز كونها جزأ من منظومة الديموقراطية الغربية التي أسست لها الرأسمالية العالمية منذ الإرهاصات الأولي للثورة الصناعية و أصبحت هي دستور و طوق نجاة الراسماليات العالمية و المحلية .. هذه المنظومة لا يمكن أن تحتوي حزبا ثوريا يطمح بالإطاحة بسلطة الطبقة الحاكمة و الرأسمالية العالمية وهو ينصاع لقواعد تحافظ و تؤسس لدوام سيطرة سلطة رأس المال .. أدوات إبتكرتها الرأسمالية العالمية و طورتها عندما أكتشفت إن لعبة الصندوق و خيارات و أسس نظامهم الديموقراطي يمكن أن تهتز تحت وطأة الإنفضاض الجماهيري .. فكان لها أن طورت ما يسمي بمنظمات المجتمع المدني التي تستخدمها الرأسمالية العالمية في مصادرة الصراع الطبقي و السياسي و محاولة توظيفه بما يحافظ علي إستقرار حكمها .. في هذا الزمن لايمكن الحديث عن حزب ثوري إلا إذا كان سريا .. و إلا اذا تم التأسيس لنظرية ثورية في التنظيم تتجاوز ما وصل إليه لينين .. كما يجب علينا مراجعة مفهومنا عن الأشتراكية فلا يمكن أن نختصره في تحقيق المكاسب الإقتصادية الإجتماعية للطبقات الشعبية خصوصا و أن بعض المجتمعات الرأسمالية قد حققت ما كنا نأمل أن يتحقق بالإشتراكية .. القوي الإجتماعية في تقديري يمكن أن تحقق العديد من المكاسب و بغض النظر عن طبيعة علاقات الإنتاج .
Mira Najm
شخصيّاً أستبعد الأمميّة , فالظرف الموضوعي اليوم ليس هو زمن الحرب الباردة و ثنائية القطبين .. ثمّ إنّ الأمميّة التي تبنّتها الأحزاب الشيوعية القديمة في منطقتنا , جعلتهم يلتفتون إلى كل مشاكل العالم , دون أوضاع و مشاكل بلدانهم الداخليّة : أصبحت باباً للهروب من مواجهة الواقع المحلّي و استحقاقاته .
Mira Najm
شكراً لك رفيق حازم على المداخلة القيّمة , و لرفاقنا جميعاً و أولهم الرفيق عديد على المجهود الجبّار الذي بذله معنا على مدى سنوات , و لا يزال .. تحياتي .
حازم العظمة:
أنا من جهتي لا أعتبر أن الحوار انتهى .. مساء واحد لا يكفي .. وسأتابع الحوار كما تحبون طالما ثمة نقاط عديدة وعديدة جداً .. سعدت بلقائكم .. وسعدت بسماع الآراء على اختلافها .. سنبحث كل ذلك .. فالطريق طويلة ما تزال ..
عمار ديوب:
نعم نعم، وربما يكون الموضوع محددا أكثر فأكثر. كي يكون منتجاً أكثر فأكثر. وكل الشكر على ما قدمته صديقنا العزيز حازم من أفكار وتحليلات، وأعتقد ان موضوعنا اليساري عويص جداً، ويتطلب الكثير. قد نتفق على موعد قادم وكل التحية.
باسل عثمان:
تشكر مجموعة يساري الرفيق حازم العظمة وجميع المشاركين في الحوار الليلة، على أن يبقى المجال مفتوحا للتعليقات الايام القليلة المقبلة. ونلتقي معكم في لقاءات أخرى. دمتم بخير.
Hamed Elborie
لسنا أيضا بصدد أممية جديدة تواجه عالما ثنائي القطبية بل ستكون القوي الثورية أمام مجتمعات رأسمالية متطورة تتطور وتستنزف غيرها من المجتمعات عبر إبتكار التكنولوجيا و الترويج لمفاهيم ثقافية إستهلاكية و أمام رأسماليات محلية تحاول أن تقترن بالمركز الإقتصادي و تقترب منه وفي الوقت ذاته فإن قوي الثورة الطبقية و الطليعية تتطور وتتجاوز أزماتها النظرية وتتحر من عبوديتها للينين وتروتسكي وغيرهما لصالح رؤي تتماهى مع التطور الذي سيرتد علي الرأسمالية العالمية نفسها.
Mira Najm
باختصار ما أردتُ قوله ( و إزالة للّبس ) : من العام إلى الخاص و بالعكس , كما يفترِض الجدل ذاته : هذه هي الصيغة الواقعية اليوم , تفرضها الضرورات الواقعية .. و إلاّ فنحن بصدد " وطنجيّة" أو " قومجيّة " ضيّقة و عنصرية لا تعكس الواقع الموضوعي ( وحدة النضال الأممي ) كما عبّر الرفيق عديد ؛ أو بإزاء أمميّة شعبويّة كما في التجارب " الشيوعية " القديمة الفاشلة كلها ؛ بحيث أصبح اليسار عندنا في سوريا و المنطقة يعرف ما يجري في الاتحاد السوفياتي ( سابقاً ) , و الفيتنام , و اليوم في فنزويلاّ " تشافيز " ...الخ , أكثر ممّا يعرف ما الذي يدور في مخيم اليرموك , و الحجر الأسود , و التضامن و كل عشوائيات وأحزمة و أرياف الفقر و البطالة و التهميش و ما أكثرها في سوريا و المنطقة حيث يعيش و يعمل أوّلاً ( كما يُفتَرض ) ؛ لدرجة أصبح معها في حالة غُربة بل و قطيعه عن واقعه و مجتمعه !! المشكلة الآن ليست في انتهازية الخارج ( الرأسمالي ) , و " النظم " و " المعارضات " القديمة و المستجدّة " اليمينية الرجعية و الانتهازية " النيوليبرال " على شاكلتهم فقط , فهذا كلّه معروف و ممُتوَقَّع ؛ بل في غياب القوى الوطنية الديمقراطية الجذرية , حاملة مشروع الثورة و التغيير , و لصالح الطبقات الشعبية و المهمّشين ممّن خاضوا و لا يزالون الصراع واقعياً على الأرض , و بذلوا في سبيله عظيم التضحيات ... و صعوبة قيام مثل هذا التنظيم ( والتيّار ) ذاتيّة و موضوعيّة يطول بحثها ؛ و أهمها باعتقادي ضعف التمويل , و الأدوات و قد " استوعبتها " القوى الرجعية و الانتهازية في اليمين و " اليسار " عبر المال السياسي الفاسد و استهلكتها ؛ أو " منظمات المجتمع المدني " بتوجّهاتها " النيو ليبرال " المعروفة و تمويلها الخارجي الوفير .... والجديد موجود و لكنه يعاني و يكافح , و يتعلّم بالممارسة الواقعية . و كل تأخير في إيجاد هذا البديل الوطني الديمقراطي , هو يصب اليوم و مباشرةً في مصلحة الخارج ( الرأسمالي ) ومشاريعه و أدواته (المحلّيّة ) الفاسدة التابعة " نُظماً " و " معارضات " على شاكلتها ؛ أو سلبي يرفض التنظيم و العمل المؤسسي المباشر .. هو يصب في مصلحة الرجعيّة !



#عديد_نصار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أربع سنوات، وتستمر الثورة
- اللقاء الحواري في مجموعة يساري مع سلامة كيلة: أربع سنوات من ...
- اللقاء الحواري في مجموعة يساري، مع فاروق مردم بيك: -اسئلة وم ...
- لبنان: حين يتوحد الآذاريان
- اليسار في الثورة السورية
- الأحزاب الشيوعية و-نهاية عصر الثورات-
- الاقتصاد الروسي: أزمة بنيوية
- تونس: أربع سنوات على شعلة البوعزيزي
- في التضامن مع سعدي يوسف
- القدس والمقدسيون: يتمٌ في مواجهة جرائم الاحتلال
- التمييز ضد الطلاب السوريين في لبنان
- أبعد من داعش
- باستيل دموي بمقاس غزة!
- حين يصبح النضال المطلبي بلا جدوى!
- ماء الوجه ولا الكرسي!
- الجهاديون فك الكماشة الثاني
- اغتصاب وإعادة اغتصاب السلطة في لبنان!
- فيكتوريوس بيان شمس والجديد في قراءة مهدي عامل للطائفية
- ردا على فيكتوريوس بيان شمس
- الاسلام -المقاوم-، حزب الله نموذجا


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عديد نصار - اللقاء الحواري في مجموعة يساري، حازم العظمة وهجاء الأيديولوجيا