دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 4757 - 2015 / 3 / 24 - 16:27
المحور:
الادب والفن
كنت في أواخر السبعينات أقضي دورة الأغرار في حمص، منطقة مسكنة. ذات مساء، من بداية آذار، تأخرتُ عند صديق لي يخدم هناك كمدرّب، فقمت ملهوجاً لأركض باتجاه قاعات المطالعة. ثمة، بالقرب من الباب، صادفت عدداً من الزملاء وكان بعضهم ملتحياً ( لم يكن ممنوعاً آنذاك اطلاق اللحية في الجيش! )، فدخلت بمعيتهم للقاعة. المدرّس، كان برتبة ملازم أول ومن ريف الساحل. أشار إلينا بالوقوف جانباً، ثم وجه لنا سؤالاً عن سبب تأخرنا. فتطوّع أحد الملتحين للجواب " كنا في مسجد المدرسة، نؤدي صلاة المغرب ". ووجدتني أهز برأسي مع الآخرين، مؤيداً كلام الأخ المتكلم. فجأة، حدّق فيّ المدرّس تحديداً، ثم سألني: " وأنت!... "
" نعم سيدي، كنت برفقتهم الآن "
" إذاً، قل لي ما هي عدد الركعات وما هي السوَر؟ "، فاجأني بهذا الطلب. صمتّ قليلاً، ثم أجبته بأنني لا أعرف الصلاة. فثارَ محتداً: " أكنتَ تكذب عليّ بوقاحة!؟ ". فقلت له، أنني لم أصرّح بوجودي في المسجد للصلاة؛ بل فقط بأنني كنت برفقة زملائي هؤلاء وهم في الطريق الى قاعة الدرس. فنفخ الضابط ساخطاً: " وستكون الآن وحيداً، خارجاً، ولن تعود إلا مع انتهاء الدرس وبملابس مبلولة كلها بالطين! ". في الخارج، كان الجوّ مثلجاً. ولكنني لم أرَ بداً من تنفيذ الأمر. خرجت إلى العراء، ووقفت ثمة متردداً. لم يمض سوى برهة قصيرة حتى رأيت أسبوعي الفصيل يخرج إليّ، طالباً مني العودة إلى القاعة.
" لقد عفوت عنك، هذه المرة.. "، قالها الضابط بوجه متجهم. ثم اذا به يضيف بنبرة مرحة أثارت ضحك زملائي: " ولكن، في المرة القادمة إذا تأخرت فما عليك سوى اعداد كذبة معقولة "....!!!
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟