محمد عبد الله دالي
الحوار المتمدن-العدد: 4756 - 2015 / 3 / 23 - 13:14
المحور:
الادب والفن
مذكرة دفن رقم (3)
أنهى يومه المثقل بالتعب والخوف والألم ،اسند ظهره الى قبر قديم لراحة فقراته ، أخرج علبة سكائره ، سحب منها واحده وحاول اشعالها عدة مرات من قداحته المتعبه ،رجها عدة مرات لتعمل وأخيراً سمحت له بالتدخين ، إسترجع ما قام به هذا اليوم .منذ ان جاءه عملاءه الذين يترددون عليه دائماً ،لكن هذه المره آلمه جداً ما حدث ، وأحس أنه ارتكب ذنباً وان ضميره وخزه بقوة ،رمق القبر وهو يتحسر على ما فعل ، لكنه كان مجبراً على فعل ذلك ،سحب نفساً طويلاً من سكارته ،وافرغ صدرهُ من الهواء بزفرة تكاد تسمع ، حاول النهوض ، لكن استرجع وجلس مرة اخرى ،ومازال نظره مثبت على القبر ، حدث نفسه .ماذا لو جاءوا واخذوا الجثة لأهميتها ؟ وماذا لو احرقوها تنكيلاً باهلها ؟ ماذا لو ..لو ..؟
راودته فكرة ..لا..لا..لا هذا لا ينفع .إذا رجعوا ولم يعثروا على الجثة ؟ماذا يحدث لي ؟.ترك مكانه ومشى عدة خطوات وهو يفكر ،ويدخن سكارته وينفث الدخان من انفه ويتحسر ،وبعد ان ابتعد مسافة ، رجع مسرعا قائلاً لنفسه سأستغل الظلام .سأقوم بإخفاء الجثمان ،وأعمل في حياتي ولو حسنة واحده حفر القبر مسرعاً وهو يتلفت والعرق بتصبب من جبينه .اخرج الجثمان بصعوبة ، لأن الجثة طرية وثقيلة الوزن ،حملها على كتفه ، والشمس تجر أذيالها نحو المغيب .رفع رأسه نحوها قائلا غيبي بسرعة وأعينيني على مصيبتي ، أخذ الجثمان بعيداً إلى ان وصل الى مكان آمن حدده قبل مجيئه مسبقاً .ثم طرح المقدور على الأرض بهدوء وحفر قبر آخر كان قد دفنه بالأمس القريب ، وبسرعة الخائف أكمل الحفر وأبدل الجثمان والكفن كذلك ،ساوى التراب ، وانهي عملية الاستبدال بسرعة ،أحس إنه سيفارق الحياة من التعب ،وفي اليوم الثاني كتب على القبر بقطعة من الصفيح اسم الميت الأول .
صدق ظنه وبعد عدة أيام جاءوا ليتفقدوا القبر وطرحوا عليه عدة اسأله وغادروا بسلام .لكنه لم يطمئن لهم ، حيث قام بنقله الى مكان آخر آمن .وهوفي طريقه الى كوخه الصغير عثر على ورقة دُونَ فيها .ما قمت به كان عملاً جبارا ،جزاك الله خيراً ،سيأتي يوما تكون فيه علماً .( التوقيع فاعل خير )تنفس الصعداء وأسلم نفسه للنوم وهو مرتاح البال .
الكاتب والقاص
محمد عبدالله دالي الرفاعي في 23 /3 / 2015
#محمد_عبد_الله_دالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟