|
ذكر المبدأ وشأن الخليقة و ذرء البرية
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4756 - 2015 / 3 / 23 - 08:59
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
اليوم نعرف الكثير عن الكون ونشأته.. ومجراته وثقوبه السوداء ..و نعلم أكثر عن المجموعة الشمسية و كيف تكونت كواكبها .. و مدى بعد كل منها عن الشمس وطول دوراتها الزمنية التي تختلف من كوكب لاخر .. .. ونعلم كيف تكونت البحار و كيف نشأت الحياة وكيف تطورت خلال ملايين السنين حتي أنجبت هذا الفصيل من الثدييات المسمي (هومو ) او الانسان . و لكنهم هناك في صحارى شبه الجزيرة العربية منذ الف سنة .. لم يكونوا في وضع يجعلهم يعلمون ما نعلم .. لذلك رددوا ما كان شائعا بين اقوام ذلك الزمن من حواديت واساطير عن خلق الارض والانسان و إعتبروها تاريخا( يتم تداوله) عن البداية ،عندما نقرأها اليوم نبتسم ثم نطوى صفحات الكتاب الاصفر بعد أن تحول الي حفرية تاريخية لا فائدة منها الا معرفة كيف كان يفكر الاقدمون . إلا أن البعض منا .. في القرن الحادى و العشرين .. قدس وإلتزم بما سطره الاولون وردده بين الناس و من فوق المنابر كما لوكانت (قصص الاطفال هذه) هي حقائق الحياة والوجود. ما اقدمه اليوم ( كنموذج )هو صفحة او صفحتين من ( الجزء الاول من كتاب مروج الذهب و معادن الجوهر في التاريخ تأليف العلامة الامام أبي الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودى الشافعي المتوفي 346 هجرية ) الكتاب الذى كان في يوم ما المرجع الذى أخذ عنه كتاب التراث التاليين واوردوا ما جاء به بثقة يحسدوا عليها.. فلنقرا معا . ((اتفق أهل العلم جميعا من أهل الاسلام أن الله عز وجل خلق الاشياء علي غير مثال وإبتدعها من غير أصل ثم روى عن أبي عباس وغيره أن اول ما خلق الله عز وجل الماء و كان عرشه عليه فلما أراد أن يخلق الخلق أخرج من الماء دخانا فإرتفع الدخان فوق الماء فسما سماء ثم أيبس الماءِ فجعله أرضا واحدة ثم فتقها فجعلها سبع ارضين في يومين الاحد و الاثنين وخلق الارض علي حوت والحوت هو الذى ذكره سبحانه في القران في قوله (ن والقلم وما يسطرون ) و الحوت في الماء والماءعلي الصفا و الصفا علي ظهر ملك و الملك علي صخرة و الصخرة علي الريح وهي الصخرة التي ذكرها الله تعالي في القرآن حكاية عن قول لقمان لابنه (يا بني إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة او في السماوات او في الارض يأت بها الله إن الله لطيف خبير ) فإضطرب الحوت فتزلزلت الارض فأرسي الله عليها الجبال فقرت الارض وذلك قوله تعالي ( وجعل فيها رواسي أن تميد بكم ) وخلق الجبال فيها و خلق أقوات أهلها وسخرها وما ينبغي لها في يومين الثلاثاء و الاربعاء وذلك قوله تعالي (قل ائنكم لتكفرون بالذى خلق الارض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم إستوى إلي السماء وهي دخان فقال لها و للارض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ) فكان ذلك الدخان من نفس الماء إذا تنفس فجعلها سماء واحدة ..ثم فتقها فجعلها سبعا في يومين الخميس و الجمعة وإنما سمي الجمعة لان الله جمع فيها خلق السماوات و الارض ثم قال ( وأوحي في كل سماء امرها ) يقول خلق في كل سماء خلقها من الملائكة و البحار وجبال البرد وأن سماء الدنيا من زمردة خضراء و السماء الثانية من فضة بيضاء و السماء الثالثة من ياقوتة حمراء و السماء الرابعة من درة بيضاء و السماء الخامسة من ذهب أحمر و السماء السادسة من ياقوتة صفراء و السماء السابعة من نور قد طبقها الله بملائكة قيام علي رجل واحدة تعظيما لله لقربهم منه قد خرقت أرجلهم الارض السابعة و إستقرت أقدامهم علي مسيرة خمسمائة عام تحت الارض السابعة و رءوسهم تحت العرش من غير أن تبلغ العرش و هم يقولون لا إله الا الله ذو العرش المجيد فهم علي ذلك منذ خلقوا الي أن تقوم الساعة . تحت العرش بحر تنزل منه ارزاق الحيوان يوحي الله تعالي إليه فيمطر ما شاء الله من سماء الي سماء حتي ينتهي الي موضع يقال له (الابرم ) فيوحي الله الي الريح فتحمله الي السحاب فتغربله و تحت السماء الدنيا بحر من ماء يطفح فيه من الدواب مثل ما في بحور الارض مستمك بالقدرة وان الله أسكن ظهر الارض لما فرغ من خلقهاالجن قبل ادم فجعلهم من مارج من نار ابليس فيهم نهي أن يسفكوا دم البهائم و يظهروا المعصية بينهم .. فسفكوا وعدا بعضهم علي بعض فلما راهم إبليس لايقلعون عن ذلك سأل الله تعالي أن يرفعه الي السماء فصار مع الملائكة يعبد الله أشد عبادة وأرسل الله الي الجن وهم حزب إبليس قبيلا من الملائكة فطردهم الي جزائر البحار وقتلوا من شاء الله منهم وجعل الله إبليس علي سماء الدنيا خازنا فوقع في صدره كبر. ثم شاء الله عز وجل أن يخلق أدم فقال الله للملائكة إني جاعل في الارض خليفة فقالوا ربنا وما يكون الخليفة قال تكون له ذرية تفسد في الارض و يتحاسدون و يقتل بعضهم بعضا .. فقالوا ربنا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون . ثم بعث الله جبريل الي الارض ليأتيه بطين منها فقالت الارض إني أعوذ بالله منك أن تنقصني فرجع ولم ياخذ منها شيئا وقال يارب إنها عاذت بك .. ثم بعث الله ميكائيل فقالت له مثل ذلك فرجع ولم يأخذ منها شيئا .. فبعث الله ملك الموت فعاذت بالله منه فقال وأنا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ الامر فأخذ من تربة سوداء و حمراء و بيضاء فلذلك خرج بنو ادم مختلفين في الالوان وسمي ادم لانه أخذ من أديم الارض .ووكل الله ملك الموت بالموت وجبله الله تعالي و تركه حتي صار طينا لازبا يلزق بعضه ببعض أربعين سنة ثم تركه حتي أنتن وتغير أربعين سنة وذلك قوله تعالي (من حمأ مسنون )أى متغير منتن ثم صوره وتركه بلا روح من صلصال كالفخار حتي أتي علية مائة وعشرون سنة وهو قول الله تعالي (هل أتي علي الانسان حينا من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ) فكانت الملائكة تمر علية فيفزعون منه وكان أشدهم فزعا إبليس كان يمر به فيضربه برجله فيظهر له صوت كظهوره من الفخار و تكون له صلصلة وذلك قوله تعالي ( من صلصال كالفخار ) وكان إبليس يدخل من فيه ويخرج من دبره ويقول لامر ما خلقت. فلما اراد الله تعالي أن ينفخ فيه الروح قال للملائكة إسجدوا لادم فسجدوا إلا إبليس أبي و إستكبر )). ولان السيد العلامة الامام قد ذكر أن ما كتبه إنما هو (تاريخ ) أى أنه ليس نصا مقدسا مملي من السماء فسنتعامل معه علي نفس المستوى البحثى الذى نحلل به و ندرس الاساطير التي سطرها من قبله بعدة الاف من السنين اهل ما بين النهرين او سكان وادى النيل الامر الذى لا يختلف ( بالنسبة لمن قرأ كيف خلق مردوخ السماء و المحيطات .. او كيف تخيل المصرى .. نشأة الكون خارجا من (نو)المحيط الازلي) الا في الاسماء و بعض التفاصيل . إذا من أين استقي السيد العلامة ما قدمه لنا بيقين ..؟ النص يكشف المصدر ..فالله بدأ خلقه يوم الاحد والاثنين ثم خلق الارض الثلاثاء و الاربعاء .. و السماء الخميس و الجمعه .. ولم يذكر( السبت) صراحة .. بمعني أنه لم تحدث فيه أعمال فهو بذلك يدلنا علي أن مرجعه في سرد الاحداث هو الرواية اليهودية . و الرواية اليهودية تأثرت بدون شك بالرواية البابلية والمصرية خصوصا فيما يتصل بان بداية الكون جاءت من الماء الذى عليه عرش الرب الاله ..حيث ((أبزو -ريتشو و مامو -تيامات المعادلان للالهين نو- ونوت المصريان.. واصل الالهين اليونانيين اللذين ظهرا في خطط الدمشقي في الربع الاخير من القرن الخامس ويمثلان القوى الذكورية و الانثوية للتجمع المائي الازلي الذى يحتوى علي بذور الحياة و كل شيء حي كانت موجودة في زمن عندما لم يوجد اى اله او اى اسم و لم تكن قد نظمت بعد الاقدار ))(ولس بدج ) .. الكون بالنسبة للسيد العلامة ..(وإن لم يذكر من أين جاء الخالق وحصر وجوده في رب ذكر بدون أنثي كما فعل البابليون و المصريون ) .. هو ارض يبست من الماء وأن السماء دخان خرج من الماء (يقصد بخار ماء ).. وأن الاراضي سبع و السماوات سبع .. وهي امور ..لا معني لها اليوم.. في عالم فسيح .. يضم مليارات المليارات من الشموس و الاجرام و الكواكب .. والثقوب السوداء . السموات السبع التي تكونت من الزمرد والياقوت و الفضة و الذهب و النور ..هي معالم لم تتوفر الا في خيال الكاتب يتكلم عنها بثقة فيصف سكان كل طبقة كما لو كان قد عاينهم وراهم بمرصد (هابل الفضائي) ..أما قصص الجن و الملائكة الذين طردوهم من الارض الي جزر المحيط .. فهذه موصوفة بدقة علي جدران مقابر بني حسن .. وفي التراث السورى .. برسم أشكالها و أجنحتها..بل و أسماءها (الهه المصريين لسير والس بدج ) تبقي القصة الطويلة التي كان ابطالها جبريل و ميكائيل و ملاك الموت .. وحديثهم مع الارض .. وهو امر مسلي في حدود الحدوته .. ولكنه لا يمكن حدوثه في إطار المنطق .. و لا يمكن معرفته حتي لو تصورنا أنه حدث .. فمن أين لسيادته معرفة اللغه التي تحدثوا بها .. وهي ليست بالتأكيد لغة بشرية .. فالبشر طبقا للرواية لم يوجدوا في ذلك الحدث بعد . إسلوب خلق أدم في قرنين من الزمن (لست ادرى أى سنين لاى كوكب قصد ).. في حين ان الارض و السماء وما بها خلقت في ستة ايام ...يعني أنه كان هناك سببا لم يحدده الكاتب .. و لكن يوحي إما بتردد ما ..او بأن الصنعة ..أخذت حقها ..كذلك قده من صلصال .. هو تراث مصرى قديم حيث كان الارباب (باخوم و بتاح )..المكلفون بصنع البشر يقومون بعملهم من الصلصال علي دولاب الفخارى سماوى . التأمل اليوم.. في اساطير الخلق البابلية و الاشورية و المصرية( بعد فك طلاسم اللغة ) و كيف وجد الكون من الماء الذي يحتوى علي بذور الحياة لكل الكائنات .. لايختلف الا في التفاصيل .. عن التاريخ الذى رواه العلامة الامام أبي الحسن علي .. وكلها .. أصبحت من حواديت الاقدمين بعد تطور الابحاث و الدراسات الفلكية و الجينية التي توصل لها الانسان في القرن الحالي . تبقي علاقة إبليس بادم .. وهو ما زال تمثالا يدخل من فمة ويخرج من دبره .. تثير الضحك .. و التعجب .. هل كان إبليس يعرف المستقبل فحقد علي خليفة الله في ارضة. إذا كان لديكم وقت فكتاب المسعودى في التاريخ كتابا مسلياو كاشفا لما كان علية الفكر بعد ظهور الاسلام بثلاث قرون .. عندما كانت لغات البابليين و الاشوريين و المصريين قد إنقرضت و لم يبق منه الا ما نقله عنهم بني إسرائيل .
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفظ غليظ القلب قاتل الابرياء
-
زلزال ما بعد المؤتمر الاقتصادى
-
حياتنا التي جعلوا منها معاناة شديدة الصعوبة !!
-
قراءة تختة الرمل فبراير 2015
-
هل يحمل إسلامنا كل هذه الشراسة .
-
الفريق أسامة عسكر مكلفًا بمكافحة الإرهاب
-
في إنتظار ((اميني )) القادم من الجنوب .
-
داعش و الواغش وإهدار كفاح قرنين
-
دليل الشخص الذكي نحو تعليم ذكي
-
الخواجات علي ارض المحروسة(يا أهلا بالخواجات )
-
أما قبل وأما بعد ..الفاشيست يتحكمون في مصر
-
تأملات مسن يعيش في القرن الحادى و العشرين
-
السلفيون فصل كوميدي ام تراجيديا ماساوية
-
تحرير العقل في زمن الاصولية
-
يا أبناء الانسان إجعلوا أخوانكم يبصرون .
-
من زرع قومية عربية حصدها داعشية .
-
الحج وخلط الاوراق في مفاهيم الاستقامة
-
تأملات شرقية في مسألة الديموقراطية .
-
قذف الاحجار في البحيرة الراكدة
-
التدين نشاط بشرى و العلم نشاط بشرى
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|