حسين سليمان- هيوستن
الحوار المتمدن-العدد: 1324 - 2005 / 9 / 21 - 09:06
المحور:
الادب والفن
التي ستـُرحل مدينة هيوستن كما يرحل الغجر. يجب علينا، نقول نحن الناس، يجب علينا أن نحزم الحقائب الشخصية مع صورة عن الهوية وعن جواز السفر وشهادة الميلاد وأوراق مهمة. يجب أن نملأ السيارات بالوقود ونأخذ معنا بعض المعلبات وزجاجات ماء. ونسحب من البنك بعضا من العملة الورقية. فالكهرباء ستخمد واليابسة ستكون بالحكم والقدرة ماء.
"الأخت ريتا قادمة في الساعة 2 صباحا من يوم السبت 24 سبتمبر".
يرحلون هذه الليلة ويوم غد من الستوديوم اللاجئين الذين شردتهم عاصفة كاترينا في لويزيانا. فقوة عاصفة ريتا القادمة ستكون 4 ولن يحمل الستوديوم هذه القوة حيث صمم لحمل قوة بحجم 2 فقط.
ولقد تعلمنا من كاترينا، فمدينة جالفستون اليوم تتهيأ للرحيل نحو الشمال.
هناك جسر يفصل جالفستون عن هيوستن وان حدث كما حدث في كاترينا فإن جالفستون ستعوم وتنفصل، أو ربما ستقيم تحت المياه!
تقول فرجينيا وولف: سأحضر حالي كي أغرق. فأنا لن احمل في جسدي حجارة بعد اليوم!
هذا سهل كما ترون. لا حاجة للحجارة ولا لجنون العقل، فالمياه قادمة والجنون أصبح في رأس الطبيعة لا في رأسي. أصبح في الأعالي، حيث هجرني الجنون والخواء ياحبيبي ليونارد.
كل الناس تحزم الحقائب. أما أنا!
I will stay put
في مكاني أنتظر الرياح وأنتظرك ياريتا.
فتعالي. تقدمي بحزم وبعنف. ودوري رقصة الغجر.
اليوم في الأخبار سمعت أنهم بدأوا يرحلون سيارات car max محل بيع السيارات الكبير، آلاف السيارات المحملة في طريقها نحو الشمال، آلاف العربات.
ولقد رحت أفكر عن حال ال Medical Center في قلب المدينة (الداون تاون) الذي فيه مرضى عالميين قدموا إلى هيوستن من كل أنحاء الأرض. كيف حاله وهو القريب من الستوديوم؟
سيوقفون مصافي النفط العملاقة في باسادينا القريبة من جالفستون.
ولقد بادروا الآن بنزع الصمامات العملاقة التي تحرك المدينة، الصمامات العملاقة التي تزرع مدينة هيوستن في الأرض.
نبض المدينة يقف يتباطأ يقف لا أعرف على مهل أما نبضي فهو حر لن يقف.
والناس، ناسها في هرج ومرج.
الجار الذي يريد النجاة يدخل بيتي وبيده خريطة يريد أن يستدل عن الشمال: أين الشمال بربك؟ أين شمالنا يا فرجينيا؟ فأشير بيدي إلى قلبي. هنا شمالكم، أدخل هنا مثلا إن أردت النجاة؟!
فينظر إلي: أنت مجنونة جنونا لا نعرفه.
تعرف، أقول له، تعرف، أنا أحب ريتا منذ زمان، حين كنت صغيرة كنت أغني:
"بين ريتا وعيوني ..." الخ
"والذي يعرف ريتا" الخ
هل تعرف هذه الأغنية؟
فيردد وعيناه تدوران: هل هذه ستدلني نحو الشمال أيتها الأخت؟!
فأتابع الغناء " بين ريتا وعيوني" وهو يتابع "أهذه ستدلني نحو الشمال أيتها الطيبة؟"
لكنني لا أجيب. فيخرج. يدور في مكان ليس من مكانه. ويرفع تحية: إلى الأخت فرجينيا وولف مع المحبة والمودة.
#حسين_سليمان-_هيوستن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟