|
واشنطن تبدأ العد التنازلي
نعيم الأشهب
الحوار المتمدن-العدد: 4753 - 2015 / 3 / 19 - 11:28
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
تصريح وزير الخارجية اﻷ-;-ميركية ، جون كيري ، في الخامس عشر من آذار الجاري ،بأنه سيتعين على واشنطن ، في نهاية المطاف ، التفاوض مع اﻷ-;-سد ، وتصريح مدير المخابرات اﻷ-;-ميركية - السي .آي . إيه - قبله بيوم واحد بأن سقوط اﻷ-;-سد يفتح الطريق لسيطرة داعش على سورية ، هو اعتراف مدوّ بفشل المخطط اﻷ-;-ميركي ﻹ-;-خضاع سورية ، كما خططت واشنطن مع أتباعها.أما اﻹ-;-دعاء بأن واشنطن تفضل النظام الحالي في سورية على داعش ، فهو تزييف مطلق للحقيقة ورياء مكشوف تدحضه الوقائع على اﻷ-;-رض، سواءا في سورية أو العراق. لكن من الواضح أن واشنطن تريد استعمال ور قة داعش في الحالتين: إذا انتصرت داعش وإذا فشلت.
من المعروف أن سورية تعرّضت ، منذ ٢-;-٠-;-١-;-١-;-، لثلاث موجات كبرى من التآمر الدموي ، بقيادة واشنطن وبالتعاون الفعال مع اﻷ-;-نظمة الرجعية في المنطقة ، وبخاصة دول الخليج وتركيا واسرائيل. الموجة اﻷ-;-ولى ، أسندت واشنطن قيادتها للشيخ حمد بن جاسم، وزير خارجية قطر ورئيس وزرائها، الذي كان يصول ويجول ، بمحفظته المتخمة بالدورات ، لشراء الذمم وتجنيد المرتزقة للقتال في سورية ، مع سيل من التصريحات ، من مختلف الجهات المتورطة في التآمر، بحتمية سقوط النظام في سورية ، خلال أيام أو اسابيع . وحين استنفد حمد شحنته بالفشل ، بدأت الموجة الثانية من المؤامرة على سورية ، حين حوّلت واشنطن المهمة الى اﻷ-;-مير بندر بن سلطان ، مدير المخابرات السعودية آنذاك. وبدوره ، جرّب اﻷ-;-مير بندر حظه ، ليحصد في النهاية نفس الفشل . وكانت الموجة الثالثة باعتماد داعش مباشرة وتقديم كل اشكال الدعم لها ، علّها تفلح فيما عجز اﻵ-;-خرون عنه ، مع توسيع ساحة عملها لتشمل سورية والعراق معا.
في البدء ، سهّل اﻷ-;-ميركيون لداعش اﻹ-;-ستيلاء على أسلحة أربع فرق عسكرية عراقية في الموصل ، لتبسط سيطرتها خلال أسابيع معدودة على مساحة تجاوزت الخمسين ألف كيلو متر مربع. ورافق ذلك وسبقه ضخ إعلامي غير مسبوق حول قوة داعش التي ﻻ-;- تقهر! متبوعا بتعميم إعلامي واسع لجرائمها الوحشية والمروعة التي اقترفتها ، لشل إرادة المقاومة لها. في الوقت ذاته ، كانت واشنطن مطمئنة الى عجز الجيش العراقي عن الوقوف في وجه هذا اﻹ-;-عصار اﻹ-;-رهابي المتوحش. فبعد تفكيك الجيش العراقي السابق ، قام بريمر، حاكم العراق بعد اﻹ-;-حتلال اﻷ-;-ميركي ٢-;-٠-;-٠-;-٣-;-، بإعادة تشكيله على أسس طائفية وإثنية ، مع إلغاء خدمة العلم فيه ، والتي تعزز شعور الوﻻ-;-ء واﻹ-;-نتماء للوطن ، ﻻ-;- للطائفية أو اﻹ-;-ثنية. على صعيد آخر، امتنعت واشنطن ، حتى اﻵ-;-ن ، عن تسليم الجيش العراقي المعدات الحربية التي دفع ثمنها ، وبخاصة طائرات ف١-;-٦-;- ومروحيات أباتشي لمقاتلة داعش ، بينما اﻷ-;-خيرة تتلقى المزيد من السلاح والعتاد إما عبر طائرات "مجهولة!" أو شحنات "بالخطأ!" من طائرات أميركية .
لكن فشل الرهان على داعش أصبح باديا للعيان . ففي العراق أسهم في ذلك بشكل ملموس فتح طهران لمخازن أسلحتها للوطنيين العراقيين وتسليم موسكو الفوري لهم عشر طائرات سوخوي ومروحيات قتالية. ومعلوم ، أن داعش عرفت أولى نكساتها في عين العرب السورية. وهكذا يبدو أن واشنطن اسنزفت ما في جعبتها من أدوات لكسر إرادة الشعب السوري وإخضاعه لمشاريعها في المنطقة ، وإعادة السيطرة الكاملة على العراق. وإذا كانت واشنطن قد توصلّت للاستنتاج بفشل رهانها على داعش ،شأن من سبقوها، فإنها تبذل كل جهودها لدعم بقاء هذه العصابة الدموية، ﻻ-;- سيما بعد أن انضوت تحت إسمها عصابات إرهابية في أكثر من بلد مستهدف من واشنطن.
وإذا كانت تصريحات وزير الخارجية ومدير المخابرات اﻷ-;-ميركيين السالفة الذكر هي إقرار معلن بسقوط الرهان على داعش ، شأن من سبقوها ، فإنها - أي هذه التصريحات - ترمز الى تطلع واشنطن ﻹ-;-ستخدام سقوط هذا الرهان ، لتغطية فشل رهاناتها المتكررة على كسر إرادة الشعب السوري الوطنية ، وبخاصة ، حين تدعي واشنطن ، رياءا، أنها تفضل النظام الحالي في سورية على داعش! كما تعبر هذه التصريحات ، في الوقت ذاته، عن تطلع واشنطن للتدخل ، عبر وسائل أخرى ، في نتائج أية مصالحة بين السوريين أنفسهم : نظام ومعارضة، وهو تطلع ﻻ-;- مكان له.
وعلى كل حال، ينبغي أخذ هذا اﻹ-;-قرار بالفشل اﻷ-;-ميركي تجاه سورية في إطار التطورات الهامة في المنطقة ، وفي المقدمة منها اﻹ-;-حتماﻻ-;-ت الواعدة باﻹ-;-تفاق حول الملف النووي اﻹ-;-يراني، فهذا اﻹ-;-تفاق الموعود يمثل، بدوره، هزيمة وتراجعا لسياسة واشنطن في المنطقة ، بخاصة إذا أخذنا في الحسبان أن المفاوضات الماراتونية حول الملف النووي اﻹ-;-يراني كان هدف واشنطن من ورائها ليس السلاح النووي المزعوم ، وإنما تحييد طهران في القضايا العاصفة في المنطقة.
إن التصريحات اﻷ-;-ميركية السالفة الذكر، مع اﻹ-;-حتماﻻ-;-ت المتزايدة حول اﻹ-;-تفاق على الملف النووي اﻹ-;-يراني هي، ضمن مؤشرات أخرى ، بشائر مرحلة جديدة في المنطقة ، تتحوّل فيها شعوبها من الدفاع الى الهجوم ؛ وهذا بالذات هو سر سعار حكام اسرائيل والخليج وتركيا.
#نعيم_الأشهب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لمصلحة من الإنتقاص من دور الشيوعيين الفلسطينيين؟
-
ساحة ملتهبة وطبقة سياسية مخدّرة
-
الهدف المعلن -داعش- والحقيقي سورية
-
تقديرات اولية عن العدوان الاسرائيلي على القطاع
-
اختطاف المستوطنين الثلاثة والتداعيات
-
مغزى انتخابات الرئاسة السورية
-
هجوم معاكس محكوم بالفشل
-
بداية انعطاف تاريخي في الشرق الأوسط
-
حكام السعودية والقضية الفلسطينية
-
هل بدأ الانعطاف التاريخي؟
-
الاسلام السياسي إلى أين؟
-
ماركس والتجربة السوفييتية (3-3)
-
اصرار على الركض وراء السراب
-
ماركس والتجربة السوفييتية (1)
-
ماركس التجربة السوفياتية ؟
-
لماذا تبديل الخيل الآن
-
محنة بعض المثقفين
-
تخبُّط المتآمرين المأزومين
-
رئاسة -النص كم- في مصر
-
مقدمة كراس بإسم - الحزب السياسي-
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|