|
استخلاصات من نتائج الانتخابات الإسرائيلية
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 4752 - 2015 / 3 / 18 - 14:45
المحور:
القضية الفلسطينية
كنا نعتقد أن النخبة السياسية الفلسطينية قد وصلت لدرجة من النضج السياسي تؤهلها لوقف مراهناتها على الانتخابات الأمريكية أو الإسرائيلية في إحداث اختراقات سياسية على يد زعماء جدد يمكن أن يغيروا من مجريات الأحداث على أرض الواقع والتي هي دائما لخدمة إسرائيل ، وخصوصا بعد تجربة المراهنة على الانتخابات الأمريكية التي جرت في نوفمبر 2008 وأتت بالرئيس أوباما ، حيث راهنت القيادة الفلسطينية ومعها بعض العرب على أن أوباما سيُحدث اختراقات مهمة في ملف الصراع في الشرق الأوسط ، وكانت النتيجة أن أوباما كان أسوء من سابقيه ، أو بالأدق كان أمينا وأكثر مصداقية في التمسك بالمصالح الأمريكية وبمصلحة إسرائيل ، وبعد تجربة المراهنة على انتخابات مارس 2006 في إسرائيل والتي أتت بأيهود أولمرت الذي خلف شارون . اعتقادنا كان مبنيا وما زال على حقيقة أنه بالرغم من التعددية الحزبية والمنافسات الانتخابية التي تتسم بالسخونة قبيل الانتخابات إلا أن قدرة القيادات المنتخبة في الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل تبقى محدودة في إحداث اختراقات كبرى في الاستراتيجيات المرتبطة في التوجهات الكبرى للدولة أو ما نسميها في خطابنا السياسي الفلسطيني بالثوابت والمرجعيات ، كما كان وما زال رفضنا المراهنة على هذه الانتخابات ينبع من إيماننا بأن قدرتنا على نيل حقوقنا يجب أن لا يرتهن بما تمنحه لنا واشنطن وإسرائيل من تنازلات بل بقدرتنا على إحداث تغييرات حقيقية في واقعنا وفي قدرتنا على إجبار الآخرين على الاعتراف بحقوقنا . إلا أن الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة كشفت أن هذه النخب السياسية سواء في غزة أو الضفة ما زالت تراهن على نتائج الانتخابات الإسرائيلية إما لتخرجها من مآزقها ، أو لتوكد صحة نهجها السياسي الذي كانت تروجه موشحا بالانتصارات ، سواء (الانتصارات) السياسية للسلطة ومنظمة التحرير من خلال التوجه للأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية ، أو (الانتصارات) العسكرية لحماس وفصائل المقاومة في غزة ، وجاءت نتائج الانتخابات لتوجه رسالة قوية لهذه النخب بأن تُعيد النظر بمراهناتها وبسياساتها . الانتصار الانتخابي الذي حققه حزب الليكود ليس فقط انتصارا لشخص نتنياهو بل انتصار لنهجه ورؤيته في السياسة الإسرائيلية الداخلية وفي سياسة إدارة الصراع مع الفلسطينيين ، وفي رؤيته لكيفية إدارة الغرب للملف النووي مع إيران ، وعليه فإن انتصاره في الانتخابات لا يشكل هزيمة للتحالف الصهيوني بزعامة هرتسوغ وليفني فقط بل صفعة لكل من راهنوا على هزيمة نتنياهو وكانوا يعدون العدة للاحتفال بهزيمته من منطلق أن هزيمته تعني انتصار لنهجهم ! . النسبة المرتفعة للمشاركة في الانتخابات ، وطبيعة الشعارات التي رفعتها الأحزاب الإسرائيلية ، و فوز نتنياهو بهذا العدد من المقاعد تتطلب من النخب السياسية الفلسطينية وخصوصا في منظمة التحرير وحركة حماس استخلاص نتائج وعبر, وأهم هذه الخلاصات : - 1- لأول مرة تنكشف وتبرز الشعارات التي تعبر عن العنصرية بكل جلاء، حيث كان الفرز واضحا ما بين العرب واليهود ، وكل الأحزاب الصهيونية كشفت عن عنصريتها ، وأن مطلب يهودية الدولة ليس مجرد شعار بل يعبر عن نهج وممارسة قائمة على الأرض . 2- كل القوى الحزبية تُجمع على ثوابت تتعارض كليا مع حقوقنا الوطنية الفلسطينية ، فكلها ترفض قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 ، وترفض تغيير الوضع القائم في القدس ، وترفض تفكيك المستوطنات . كون بعض رموز التحالف الصهيوني المعارض لنتنياهو يتهمونه بأنه أفشل عملية التسوية لا يعني انهم مع تسوية تتوافق مع الحقوق الفلسطينية ، فالخلافات بينهم حول كيفية إدارة الصراع مع الفلسطينيين وليس حول مخرجاته . 3- تشكيل الأحزاب العربية لتحالف انتخابي – نتمنى أن يستمر متماسكا ما بعد الانتخابات - للدفاع عن مصالح فلسطينيي الداخل خطوة مهمة نتمنى أن تستفيد منها الأحزاب والحركات الفلسطينية في الضفة وغزة ، بأن تبحث عن صيغة توافقية لمواجهة نفس العدو المشترك . 4- فوز نتنياهو بهذا العدد من الأصوات يؤكد أن المجتمع الإسرائيلي يتبنى موقف نتنياهو ورؤيته لكيفية إدارة الصراع مع الفلسطينيين ، سواء من خلال قوله بأنه انتصر على المقاومة في حرب غزة الأخيرة ، أو في مواجهته مع حزب الله في الجنوب ـ أو في كيفية إدارته للعلاقة مع واشنطن حول الملف النووي الإيراني ، أو في علاقته مع السلطة والمفاوضات ، وبالتالي تفويض له للاستمرار بنفس النهج . 5- سيعود نتنياهو للسلطة وهو أكثر قوة وثقة بالنفس وخصوصا إذا شكل حكومة ائتلافية مع التحالف الصهيوني ، وفي هذه الحالة لن تستطيع إدارة أوباما أن تفرض عليه أي شروط في حالة العودة للمفاوضات . وهذا ما يتطلب من منضمة التحرير الاستعداد لمرحلة عويصة وصعبة ستكون فيها واقعة بين خيارين صعبين : إما العودة لطاولة المفاوضات على أساس الشروط الإسرائيلية أو استمرار وقف المفاوضات مع استمرار الاستيطان والتهويد في الضفة والقدس . 6- كان سبب تلكؤ منظمة التحرير في الحسم في ملف التنسيق الأمني ومستقبل السلطة يعود للرغبة في انتظار نتائج الانتخابات على امل ظهور قيادة إسرائيلية جديدة يمكن مساومتها ، والآن لم يعد مبرر للانتظار ، لذا يجب على منظمة التحرير وضع قرارات المجلس المركزي الأخيرة موضع التنفيذ . 7- وفيما يتعلق بقطاع غزة ، فإن فوز نتنياهو بمثابة مباركة المجتمع الإسرائيلي لحروب نتنياهو على غزة ومباركة وتأييد لأية سياسة سيتخذها نتنياهو تجاه قطاع غزة وحركة حماس ، ونعتقد أن نتنياهو سيتخذ خطوات تعزز قيام كيان منفصل في قطاع غزة ، وسيستعمل في ذلك سياسة العصا والجزرة . فإما أن تنصاع حركة حماس وفصائل المقاومة والأطراف العربية والإقليمية المعنية بمستقبل غزة لشروط نتنياهو حول الهدنة طويلة المدى مع حركة حماس مقابل استمرار حماس في السلطة في القطاع ورفع الحصار وبناء ميناء ، أو سيخوض عدوانا جديدا لفرض هذا التصور بالقوة . 8- ستأخذ الإدارة الأمريكية وخصوصا الرئيس أوباما بعين الاعتبار الرؤية الإسرائيلية فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الملف النووي الإيراني ، ورؤية إسرائيل لطبيعة وأولوية المخاطر في المنطقة . 9- ردا على القائمة العربية الموحدة وبسبب انكشاف الطابع العنصري للمجتمع الإسرائيلي نخشى أن فلسطينيي الداخل سيتعرضون لممارسات عنصرية شديدة الوطأة ، الأمر الذي يتطلب منهم الحفاظ على الوحدة التي تحققت وقت الانتخابات ، وعدم العودة للفرقة مرة أخرى . 10- انكشفت واتضحت معالم السياسة الإسرائيلية المستقبلية ، فهل نتعلم درسا حتى من أعدائنا ، ونُغَلِب المصلحة الوطنية على خلافات الحزبية ، وتوقف النخب السياسية مراهناتها على الانتخابات الإسرائيلية أو الأمريكية أو المصرية ، كما نُوقف مراهناتنا على المشاريع والأجندة الخارجية التي لن تجلب لنا إلا مزيد من الخراب والدمار ؟ .
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عودة مشروع -غزة أولا- ولكن بثمن أفدح
-
لكل أمة مشروعها الحضاري القومي إلا الأمة العربية
-
مقاربة مفهومية لتفكيك ظاهرة الإرهاب
-
المطلوب من المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية
-
انقلاب هادئ وخطير في أراضي السلطة الفلسطينية
-
مشهدان متناقضان في فلسطين المحتلة
-
هل سيغطي إرهاب داعش على الإرهاب الإسرائيلي ؟
-
صناعة دولة غزة
-
هل توجد استراتيجية فلسطينية لمواجهة الحرب القادمة ؟
-
الحذر من تعويم مفهوم الإرهاب
-
كيف ستنجح حكومة التوافق الفلسطينية في ظل غياب التوافق !
-
المؤتمر السابع لحركة فتح : عليه المسؤولية والرهان
-
فشل التصويت على القرار العربي في مجلس الأمن (رب ضارة نافعة)
-
الفريضة الغائبة وطنيا
-
حول مشروع القرار المقدم لمجلس الأمن حول فلسطين
-
إسقاط صفة الإرهاب عن حركة حماس إنصاف لحق المقاومة
-
مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني بعد الحرب على قطاع غزة
-
اغتيال زياد ابو عين : حدث عابر أم لحظة فارقة
-
داعش فلسطينية ضرورة إسرائيلية
-
الاعتراف بفلسطين دولة تحت الاحتلال لا يلغي الحق بالمقاومة
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|